المركز الوطني للأورام بصنعاء .. الهروب من الموت إلى الموت

2010-06-10 04:15:47 تقرير / هاني أحمد علي



لايزال مرضى السرطان في بلادنا يعيشون ضمن دائرة الإهمال وعدم اللامبالاة وأصبح أمل العيش يتضاءل يوماً بعد يوم نتيجة لتحول ملائكة الرحمة والمسئولين في المركز الوطني للأورام السرطانية بصعناء إلى ملائكة للموت لانتزاع الإنسانية والشفقة من قلوبهم تجاه هؤلاء المرضى الذي يجب أن تولي لهم الدولة كل الرعاية والإهتمام .
من يزور المركز الوطني للأورام بصنعاء يتلقى صدمة شديدة ومؤلمة جراء منظر مرضى السرطان التي باتت ترتسم على وجوههم ملامح الموت ، فأمام باحته الضيقة يصطف مئات الأشخاص وهم في حالة ميئوس منها، يفترشون الأرض لأيام في انتظار بصيص أمل ربما يوفره مركز وحيد في اليمن يقصده الناس لتلقي العلاج من جميع القرى والمحافظات.
فبين من يقف مزاحماً أمام البوابات الخاصة بالأشعاعات الكيمائية ينتظرون وصول أدوارهم للعلاج الإشعاعي بالمركز الوطني
للأورام السرطانية الذي يقع في ساحة المستشفى الجمهوري بصنعاء، وبين من يفترش الأرض يكون الموت هو سيد الموقف .
فالعشوائية وعدم النظام وحالات التخبط الذي يعيشها المركز الوطني للأورام يدل على عدم الاكتراث بحياة المواطنين وكأن المرضى مصابون بعدوى الزكام أو حالات الإسهال ، ناهيك عن استخدام بعض مسئولي المركز لألفاظ لا تمس لمهنة الطب أي صلة ولا ترتبط بأخلاقيات الطبيب والطب ، فقد وصلت الجراءة وعدم الحياء بأحد الأطباء والمسئولين من الدرجة الأولى بالمركز أن يتطاول على إحدى المريضات لديه وبالحرف الواحد : (هل لا زلتي على قيد الحياة ، كنت أفتكر بأنك في عداد الموتي).
فهل وصلت بهذا الطبيب المتجرد من الانسانية الكبرياء والغرور بأن يعترض على قضاء الله وقدرة ؟وهل مهمة هذا الطبيب هو انقاذ حياة مرضاه المصابين بالسرطان أم احتساب عدد الموتي الذين يفقدون أرواحهم من تحت يدية ؟
يجب أن يدرك المسئولين في الدولة وعلى رأسها وزارة الصحة بأن بلد مثل بلادنا أصبح مرتفعاً وأصبح هاجساً يهدد باكتساح ثلث السكان حيث يشير الأطباء إلى أن واحداً في كل ثلاثة أفراد معرض للإصابة به.
وفيما ترتفع الإصابة بمرض السرطان بمعدل 22 ألف حالة إصابة سنويا مخلفاً المأساة على أسرهم وذويهم تشير الإحصائيات إلى أن 40% منهم يتمكنون من التشافي في حين 60% يلقون حتفهم.
فمنذ تأسيس المركز الوطني للأورام بصنعاء في العام 2005م  لايزال الكثير من المرضى والقادمين من عموم محافظات الجمهورية غير راضين عن مستوى الأدء الذي يقدمه هذا المركز ناهيك عن غياب الإدارة والذي يظل فيها المدير خارج المركز نتيجة لسفرياته المتكررة ، أما بقية الأقسام فيتحكمها بها أفراد الحراسة الواقفون على أبوابها وأصبح بأيديهم التحكم بحياة المواطنين وأصبحوا يمتلكون كامل الصلاحيات في دخول ومنع أي مريض وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على العبث الذي يعيشه هذا المركز الوحيد في اليمن .
وكانت دراسة علمية أكدث في وقت سابق أن نسبة مرضى السرطان في اليمن بلغت 22 ألف إصابة في السنة، وأن حوالي 12 ألف شخص من المصابين يموتون سنويا.
وأوضحت الدراسة أن هناك ما لا يقل عن 118 نوعاً من المبيدات نسبة كبيرة منها تسبب مرض السرطان والتي يتم استخدامها في اليمن خصوصاً من قبل مزارعي شجرة القات المصنفة دوليا بأنها مخدرة.
وخلصت الدراسة أن متوسط الإنفاق الشهري لمريض السرطان في اليمن يبلغ حوالي 70 ألف ريال يمني (350 دولار أمريكي) في حين يبلغ متوسط التكلفة الإجمالية لمعالجة مريض السرطان الواحد 350 ألف ريال(1750 دولار امريكي).
ويعتبر اليمن بحسب المنظمات الدولية من الشعوب الفقيرة وجاء في المرتبة 133 من أصل 162 دولة نامية ، ويعيش 18 في المائة من سكان اليمن الذين وصل عددهم إلى 21 مليون نسمة بحسب تعداد عام 2004م بأقل من دولار في اليوم فيما يعيش 49 في المائة بأقل من دولارين.
ويضطر آلاف اليمنيين الذين يعانون من أمراض خطيرة كالسرطان للسفر إلى الخارج للعلاج خصوصا إلى الأردن ومصر نظرا لضعف تشخيص وتحديد ماهية المرض إضافة إلى عدم وجود معدات طبية حديثه في المستشفيات الحكومية والخاصة في اليمن .

أخيراً ..
صرخة استغاثة نبعثها لكل المسئولين الشرفاء في هذا البلد وكل من يعمل في حقل الصحة أن يتم إعادة النظر والتقييم لأداء المركز الوطني (للأموات)السرطانية ، كون حياة الناس ليست بالأمر الهين وكون هؤلاء المرضى يستحقون العناية وأخذ كل مريض منهم بعين الأعتبار خصوصاً وأن هناك المئات من الوافدين إلى هذا المركز يأتون من عموم محافظات الجمهورية .
كما أن التخاطب مع مرضى السرطان يجب أن تتم بكل لطف واحترام من قبل الأطباء والمسئولين في هذا المركز بعيداً عن التعجرف واهانة المريض واستخدام الفاظ قد تعجل بوفاته وتسبب له ألماً يقابل الألم والمرض الذي يحمله .
وكان الله في عون مرتادي المركز الوطني للأورام ومرضى السرطان في بلادنا ومن لا يرحم الآخرين لا يرحمه الله ..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد