أكد أن عائدات اليمن من الغاز لن تزيد على "6" مليار دولار مقابل خسارة "16"مليار دولار .. النائب الوجيه يطالب بمحاكمة الذين شاركوا في صفقة بيع الغاز اليمني وتدارك هذه الكارثة

2010-07-06 06:19:20


أخبار اليوم/خاص

نظم منتدى الشيخ /عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله أمس بصنعاء ندوة لمناقشة صفقة الغاز المسال وكيف تم تمريرها وفي الندوة ألقى النائب البرلماني صخر الوجيه - عضو لجنة التنمية والنفط - محاضرة شرح فيها ملابسات وخلفيات تمرير تلك الصفقة من قبل الحكومة وكيف أنها ضللت البرلمان والرئيس والرأي العام. . حيث أوضح الوجيه أن حكاية صفقة الغاز بدأت في تسعينيات القرن الماضي، عندما ادعت الشركات النفطية العاملة في اليمن ملكيتها للغاز اليمني وفي مقدمتها هنت ، وهو الأمر الذي دعا الحكومة اليمنية إلى إبرام اتفاقية تطوير الغاز مع شركة توتال الفرنسية، وكان من أهم أهداف هذه الاتفاقية تأكيد ملكية اليمن للغاز الطبيعي،إلا أن تلك الاتفاقية وفي ظل سعي اليمن لإثبات ملكيتها للغاز قبلت بشروط مجحفة ، الأمر الذي أثار حفيظة الشركات النفطية الأخرى (هنت، أكسن، ويوكونج)، فاضطرت الحكومة إلى تعديل هذه الاتفاقية بهدف إدخال شركاء آخرين، وتمت المصادقة على هذه الاتفاقية وتعديلها من قبل مجلس النواب في مارس 1997.

وبموجب هذه الاتفاقية التي أصبحت قانوناً ملزماً، منحت الشركات النفطية الداخلة في الاتفاقية مهلة لثلاث سنوات، لاستكمال جميع الدراسات ولترتيب السوق والتمويل اللازم لمشروع تصدير الغاز، واشترطت أن يحقق بيع الغاز اليمني أفضل المصالح لليمن، وحددت الحدود الدنيا المقبولة لأسعار البيع، لكن هذه الاتفاقية والتي منحت توتال فرصتين الأولى مرحلة تسويق الغاز ومدتها 3سنوات ،لكن المدة انتهت - بحسب الوجيه - عام2000م وبدلاً من أن يتم إنهاء الاتفاقية قامت الحكومة بالتجديد مرة أخرى لذات الشركة ولمدة ثلاث سنوات أخرى ، وانتهت الثلاث سنوات في العام 2003م ، وكان يجب إنهاء الاتفاقية ولكن الحكومة قامت وللمرة الثالثة بالتمدية لذات الشركة ولمدة ثلاث سنوات أخرى.

لكن الحكومة لم تلتزم بهذه الاتفاقية،و باعت الغاز وفقاً لرغبات الشركات الداخلة في الاتفاقية، ، أن بمبرر هذه الاتفاقية هي التي أعطت للشركات الداخلة فيها حق تسويق الغاز، غير أن الحكومة عند توقيعها على عقود البيع لم تلتزم بالشروط المحددة في الاتفاقية، حيث أن الاتفاقية تنص على أن أسعار الغاز تتصاعد مع أسعار النفط وفقاً لما تنشره وزارة التجارة اليابانية في جمرك اليابان، ولكن عقد البيع للشركة الكورية تم فيه تثبيت السعر لكل مليون وحدة حرارية بثلاثة دولارات فاصل اثنين سنت، ويظل هذا السعر ثابتاً حتى وإن زادت أسعار النفط إلى ما لا نهاية.

وأشار الوجيه إلى أن هذه هي المخالفة الجسيمة التي وقعت فيها الحكومة، مؤكداً بأن الاتفاقية تنص على أن هناك حداً أدنى للبيع يسمى السعر التحويلي الأدنى، ويعرف بأنه أقل سعر يجوز للحكومة أن تبيع به، وهذا السعر مرتبط بصيغة رياضية تخضع لمؤشر الاستهلاك الأميركي للسنوات التي يباع فيها الغاز، وعند تطبيق هذه الصيغة يعتبر سعر الثلاثة دولارات الذي هو أعلى سعر بيع لكوريا أقل من السعر التحويلي الأدنى لمعظم سنوات سريان عقود البيع (عشرين عاماً)، بمعنى أن الحكومة بالإضافة إلى مخالفتها الأولى في تثبيت السعر، جعلت السقف الأعلى للسعر أقل من السعر الأدنى الذي اشترطته الاتفاقية.

وأضاف الوجيه أن المخالفة الثالثة التي ارتكبتها الحكومة تكمن في بيعها للغاز لشركة توتال الفرنسية وشركة سويس، وفقاً لمؤشر هنري هب، لأن هذا المؤشر متذبذب وغير ثابت، الأمر الذي تسبب في أن يكون أفضل سعر يمكن أن تحصل عليه اليمن عندما يكون النفط بستة دولارات، هو خمسة فاصل عدة سنتات، بينما ينخفض السعر إلى دولارين فاصل عدة سنتات عندما ينزل مؤشر هنري هب إلى ثلاثة دولارات.

وقال الوجيه إن بيع الحكومة لشركتي توتال وسويس لم يضمن أن يكون سعر البيع عند الحد الأدنى الذي حددته الاتفاقية، وهو ما يحصل اليوم، حيث أن مؤشر هنري هب وهو مؤشر متذبذبفي المكسيك لا يكمن القياس عليه ، انخفض خلال هذه الأيام إلى أربعة دولارات، وهو ما جعل سعر الغاز ينخفض إلى دولارين فاصل عدة سنتات. .

عندما اعترض مجلس النواب على هذه الصفقة حاولت الحكومة أن تقنع مجلس النواب من خلال إغرائه بالعائدات التي ستحصل عليها اليمن من هذا المشروع، وزعمت حينها بأن عائدات المشروع السنوية ستتراوح بين 700 إلى 1300 مليون دولار سنوياً على مدى خمسة وعشرين عاماً، ولكن هذه العائدات كانت مجرد أمنيات لا أساس لها.

حيث وصف النائب صخر الوجيه هذه الأمنيات الحكومية بالكذب الصريح والتضليل الكامل ، فوفقاً لإحصائية حكومية صادرة من وزارة المالية - عرضها الوجيه في المنتدى - لعائدات الغاز منذ بداية تصدير الغاز في نوفمبر 2009 إلى مارس الماضي (2010)، أي لمدة خمسة أشهر لم تتجاوز حصة الحكومة من إيرادات الغاز 18 مليون دولار، بالإضافة إلى مليوني دولار إتاوة للحكومة.

وأضاف النائب صخر الوجيه أن هناك 10 مليين دولار إضافية للحكومة كمنحة إنتاج تعطى لمرة واحدة فقط، أي أن ادعاءات الحكومة لم يكن لها أي أساس من الصحة، لكي تمارس مثل هذا التضليل أو تزعم انها ستكسب إيرادات كبيرة جراء تلك الصفقة.

مشيراً إلى انه وفي 29 يوليو 2005، حضر رئيس الوزراء آنذاك عبدالقادر باجمال إلى مجلس النواب، والتزم أمام البرلمان بعدم التوقيع على اتفاقية البيع النهائي للغاز، حتى توافي الحكومة البرلمان بتقرير مفصل يثبت للبرلمان بأن أسعار البيع لشركة كوجاز الكورية تفي بمعايير الوصول إلى أفضل سعر، وفقاً لما اشترطته اتفاقية تطوير الغاز، والالتزام بعقود البيع الخاصة بالسوق الأوروبية وفقاً لمؤشر هنري هب والتي تنص صراحة على أن أدنى سعر للبيع لن يقل عن السعر المحدد في اتفاقية تطوير الغاز، ومع هذا فإن أعلى عائد للغاز لمدة عشرين عاماً وفقاً لهذا المؤشر لن تزيد عن 6مليار دولارولو كانت وفق مؤشر آخر فإن العائدات لن تقل عن 13 مليار دولار و236مليون دولار.

ورغم الالتزام بهذه التوصيات، إلا أن الحكومة إمتنعت عن تقديم إيضاحات وتفاصيل كاملة للبرلمان وعمدت إلى حيلة لم يتنبه لها البرلمان ، حيث أوضح صخر الوجيه أن حزب الأغلبية في البرلمان ألغى من التوصيات أن تقدم الحكومة ما يثبت أنها نفذت توصياته، قبل التوقيع على عقود البيع النهائي.

وأضاف الوجيه أن هذه الحيلة جعلت رئيس الوزراء ورغم التزامه بالتوصيات يوقع في اليوم التالي على العقود النهائية للبيع، ضارباً بتوصيات مجلس النواب عرض الحائط، مع أن تنفيذ الحكومة لهذه التوصيات يحتاج إلى شهرين على الأقل.

وتطرق الوجيه إلى ما قال إنها خسائر تتكبدها اليمن جراء حقن الغاز المنزلي للدفع بالنفط في قطاعي 18 وقطاع 5 ، وكذلك الفاقد من ذلك الغاز وهو يكلف اليمن أكثر من 5مليارات دولار خلال العشرين سنة القادمة وهي مدة العقد الذي أبرم مع تلك الشركات.

وبحسب صخر الوجيه فإنه لو كان تم إبرام إتفاقية الغاز وفقاً لاتفاقية تطوير الغاز فان عائدات المشروع كانت ستصل إلى اكثر من 90مليون دولار، لكنها وبالاتفاقية التي تمت بالطريقة الحالية وفقاً لرغبة الشركات فإن العائدات وفي أحسن حالاتها لهذا المشروع لن تزيد عن 32مليار دولار.

كما ان عائدات اليمن من الغاز المسال كانت لن تقل عن 22مليار دولار في حال تم بيع الغاز ب12دولار ل(المليون وحدة حرارية ) ، لكن عائدات اليمن ووفقاً لهذه الاتفاقية التي مررتها الحكومة ولم تستجب لأية نصائح أو تحذيرات لن تزيد - وهذا في أحسن أحوالها- عن 6ملياردولار خلال العشرين سنة القادمة وهي مدة الاتفاقية.

وتعليقاً على توجيهات رئيس الجمهورية الأخيرة بإعادة النظر في اتفاقية بيع الغاز، أوضح الوجيه أن المطلوب حالياً هو أن تتم دراسة قانونية وفنية لعقود البيع لمعرفة مدى إمكانية تجاوز هذه الصفقة المجحفة، وقال إن القيادة السياسية إذا كانت جادة في هذا الاتجاه فعليها أولاً أن تحاسب من وقعوا على هذه الاتفاقية.

وكشف الوجيه في محاضرته عن الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي في اليمن والتي ب(10. 2) ترليون قدم مكعب، وفقاً لتقرير الشركة الاستشارية "دوجليز أند مك نوتن"، وقد باعت الحكومة منها (9. 2) ترليون قدم مكعب، وخصصت (1) ترليون قدم مكعب فقط للاستهلاك المحلي، وهذه الكمية وفقاً لوزارة الكهرباء في ردها على مجلس النواب لن تكون كافية لإنتاج (600 إلى 700) ميجاوات من الكهرباء. .

كما أن اليمن تحتاج إلى (5. 2) ترليون قدم مكعب من الغاز لإنتاج (3000) ميجاوات من الكهرباء لمدة عشرين عاماً، وفقاً لتقديرات وزارة الكهرباء. . و تحتاج أيضاً إلى (2) ترليون قدم مكعب من الغاز للصناعات الثقيلة والتحويلية بحسب تقديرات وزارة التخطيط. .

كما تحتاج إلى كميات كافية من الغاز لتشغيل محطات لتحلية المياه في العديد من المدن اليمنية (وفقاً لتقرير لجنة النفط والتنمية في البرلمان).

لكن احتياطي اليمن من الغاز لايزيد عن تريليون ، ومع هذا فقد أقدمت الحكومة على بيع الغاز المسال وهو سينعكس سلباً على الغاز المنزلي الذي بدا المواطن اليمني يعاني من انعدامه هذه الأيام ، ولا يعلم الوضع الذي سيصار إليه بعد عشرين عاماً، وقد وصف الوجيه هذه الصفقة بالكارثة والجريمة التي تتطلب من رئيس الجمهورية أن يقدم الذين أبرموها ووقفوا خلفها إلى المحاكمة ، لأنها جريمة فساد لا يكمن التستر عنها أو إخفائها.

حضر الندوة عدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب والأكاديميين والمثقفين والسياسيين وقادة الرأي وغيرهم وقد طالب جميعهم بإعادة النظر في هذه الصفقة ومحاكمة من يقفون خلفها وقاموا بتمريرها وتكوين رأي عام ضاغط للتحرك لإلغاء هذه الاتفاقية<

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد