لأول مرة في الجزيرة العربية.. يمني في الثمانين من عمره يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة عدن

2010-08-11 02:43:38

أخبار
اليوم/ نصر باغريب- يسرى الشرعي


15 حفيداً وخمسة أبناء، وعمر تجاوز
الثمانين عاماً لم تثني محمد عبدالله محمد بن سلم عن مواصلة مشوار العلم والبحث
والمثابرة، حتى حصل على شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز، ليسجل اسمه بأحرف من نور
كأول من يحصل على هذا اللقب باستحقاق في هذا العمر على مستوى جامعة عدن واليمن
والجزيرة العربية.

فالجدية
والتحدي والاحترام هي علامات جلية تكشفها سمات الرجل الثمانيني الذي يمكن أن
يلاحظها المرء منذ الوهلة الأولى في سحنة الدكتور محمد عبدالله محمد بن سلم، فالعين
لا يمكن أن تخطئ تلك التعابير الغائرة في ملامح رجل لم يدع للعمر وعقوده الثمانية
مجالاً لوأد الطموح وتحقيق الأحلام، بل حقق ما يعده البعض مستحيلاً. . !!،
نعم. . مستحيلاً. . ، فالرجل أنجز نصراً إنسانياً يتحقق لأول مرة في جامعة عدن واليمن
بل والجزيرة العربية، وقليلاً ما تحقق في بلدان العالم قاطبة.
ففي يوم السادس من
يوليو 2010م، صمت الجميع عن الكلام المباح، ونطق الشيخ الذي بلغ من العمر عتيا
(1930م/2010م)، وصال وجال بالحديث المتاح وأفاض بأثمن الكلام وأندر الأفكار، ورد
بالحجة والبراهين على كل من راودته نفسه أن يسأل أو يفند ما جادت به الدراسة
العلمية للرجل الثمانيني الذي يتوكأ على عصا ليس له منها مآرب أخرى.
انبرى محمد
عبدالله محمد بن سلم، في ذلكم اليوم شامخاً يطاول السماء، متمنطقاً أوراق دراسته
العلمية، صائلاً في قاعة كلية التربية بجامعة عدن يستعرض بحثه ويجادل ويناقش رسالته
العلمية لنيل درجة الدكتوراه بكل ثقة واقتدار، ولم يستطع البروفيسور العراقي خليل
إبراهيم القيسي الأستاذ بكلية التربية بالمهرة جامعة حضرموت وهو رئيس لجنة المناقشة
والهيبة العلمية تحيط به من كل جانب، وبجواره المشرف والمناقش للرسالة الأستاذ
السوري الدكتور المشارك علي أحمد حسن الربيع الأستاذ بكلية التربية بالمكلا جامعة
حضرموت، ويحاذيهما الدكتور العراقي طالب محمود الخفاجي الأستاذ بكلية التربية
بجامعة عدن، أن ينفذوا إلى مواضع اعتقدوا أن الباحث قد تخطاها عنها، فبحثه محكم،
ودراسته موثقه، واستنتاجاته منطقية.
فالقلق والخوف والارتباك لم يجدوا طريقاً كي
يتسللوا لنفس الرجل ذو العقود الثمانية، كأسوة بمن سبقه في هذا المقام المهيب،
فخبرة الرجل العلمية والحياتية الطويلة زودته بمناعة العالم المتمكن الذي لا يرهبه
الموقف والحدث والشخوص، وما هي إلا بضع ساعات نضحت بدرر الأفكار وأطياف الإبداع،
حتى أعلنت لجنة المناقشة، إجازة الرسالة المثبتة أركانها ومعاييرها الأكاديمية بعد
أن بذل الباحث سنوات من البحث والجهد والدراسة وتتبع أمهات الكتب والمراجع ونزل إلى
الميدان يلاحظ ويدون ويحصي لينجزها على النحو المكتمل التي قدمت عليه
للجنة.
صفقت اللجنة والحشد الشاهد الحاضر على مناقشة رسالة الدكتوراه ل محمد
عبدالله محمد بن سلم بحرارة، صفق وهلل الجميع دون استثناء، وكأننا لم نرى يوماً
تصفيقاً بهذه الحرارة والحماسة، وتهليلاً بهذا الفرح والزهو في أروقة كلية التربية
بعدن، وانهالت التهاني تتوارد وتنساب على الدكتور من كل حدب وصوب، لعل أصدقها
وأعظمها تلك التي جاءت من الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن، كيف لا
و"محمد بن سلم" حقق ما يشبه المستحيل في زمن انتهت فيه المعجزات ووهنت الهمم وخارت
العزائم إلا من رحم ربي.
تدافع أصدقاء وزملاء وأقارب ومحبي وتلاميذ الدكتور بن
سلم مهنئين ومباركين، فنجاحه يزودهم حي بمثال يحتذا به، وفخراً يعتز به، وحكاية
ستقص على الأبناء وستسطر في سفر تاريخ الرجال الرجال الذين قهروا الصعاب وحققوا
النجاح في قرن مدخن بالإحباطات وفي بلد يتلمس طريقه للغد.
محمد عبدالله بن سلم
قال كلمته ولكنه لم يتركنا، وبعد أن اصطحبناه معنا (نصر مبارك باغريب، منير محمد
الصلوي، يسرى عبدالرحمن الشرعي)، عقب حصوله على اللقب العلمي (الدكتوراه)، لنحتفل
بنصره الإنساني المتميز ولنتناول المرطبات وشرب الشاي في مكتب الإدارة العامة
للإعلام بجامعة عدن قال: "أشعر بالثقة في النفس التي كانت زادي طوال حياتي، لا يوجد
شيء مستحيل إذا أرد المرء أن يحقق هدفه شرط توفر العزيمة والإرادة مع بذل الجهد"،
وشدد بالقول: "بقدر ما تبذل من جهد ستحصل على نتيجة".
ونصح أبناءه من جيل اليوم
بالقول: "تحدوا الزمن ولا تجعلوه عائقا أمام العلم والدراسة، والكبر في السن لن
يشكل عائقاً أمام الشخص الذي يمتلك إرادة التعلم، فكلما حدد المرء طريقه بوضوح،
كلما وصل إلى هدفه. . ، وركزوا على الهدف مباشرة وتعمقوا فيه ولا تتشعبوا بقضايا
عديدة أو جانبية لان ذلك يبعدكم عن الهدف الأساس ولا يوصلكم لمرمامك
المقصود". . ويعيد محمد عبدالله بن سلم ذاكرته إلى سنوات شبابه الأولى وبعد أن تم
تعيينه كمعيد عام 1981م في كلية التربية عدن، عندما نصحه الأستاذ المصري كامل
سعيفان الذي كان يعمل محاضراً في كلية التربية عدن جامعة عدن، بضرورة الاستمرار
بطريق العلم ومواصلة الدراسة. . ، غير أن الظروف لم تسنح له آنذاك على الدراسة جراء
رفض طلباته العديدة للأبتعاث للدراسة العليا في الخارج.
وأضاف قائلاً: "عندما
فتحت الطريق بين صنعاء وعدن في العام 1989م، قبيل تحقيق الوحدة اليمنية بعام ذهبت
إلى جامعة صنعاء لدراسة الدبلوم العالي مساءاً والعمل مدرساً بكلية التربية بجامعة
صنعاء صباحاً، وحصلت على شهادة الدبلوم العالي عام 1990م، تم واصلت مشوار الدراسة
في أجواء الوحدة اليمنية في جامعة عدن حتى حصلت عام 2004م على شهادة الماجستير من
كلية التربية عدن تخصص مناهج وطرق تدريس من كلية التربية عدن، والدكتوراه من كلية
التربية عدن". . ومابرح محمد عبدالله محمد بن سلم يطمح بتحقيق المزيد من الطموحات في
مشوار حياته المديدة إن شاء الله، بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه، فثمة قاعات
دراسية لازال يحن لها لمواصلة تقديم المحاضرات العلمية فيها لطلابه، وثمة كتب يتطلع
لانجاز تأليفها في علوم العروض والتفعيلة ومهارات اللغة العربية.
وكشف لنا
الدكتور محمد عبدالله بن سلم في سياق حديثه لنا أن الرغبة والإرادة هما مفتاح السر
الذي يدلل كل معاناة قد يواجهها المرء فهما تحققان الآمال. . ، وحث الجيل الحالي على
الاستمرار في تحصيل ما يريد تحقيقيه من درجات العلم وان لا يكل مهما تعب أو تعرض
لمعوقات وعراقيل، وأن لا يقف في المكان الذي يصل إليه. . ، بل يواصل تحقيق مزيد من
النجاحات والانجازات في حياته، لان من جد وجد. . ،مشيراً أن العلم يحتاج للبحث
المستمر وللصبر والمواصلة من المحبرة إلى المقبرة.
الجدير بالذكر أن الدكتور
محمد عبدالله محمد بن سلم من مواليد العام 1930م، بمحافظة حضرموت، تلقى العلوم
الدينية والشرعية برباط غيل باوزير "نظام أربع سنوات على نمط الأزهر الشريف"،وعين
في العام 1948م، كمدرس في مدرسة ابتدائية في مدينة المكلا، تم عين مدرساً في رباط
باوزير (معهد متوسط) بحضرموت، تم عمل مشرفاً للتعليم بمديرية بيحان بمحافظة شبوة،
تم مراقباً للتعليم بمحافظة شبوة، تم مساعد ضابط تعليم بالإدارة العامة للمحميات
"قبل الاستقلال"، تم عين عام 1975م، مسجلاً بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة عدن،
وفي العام 1981م أنضم لعضوية هيئة التدريس بكلية التربية جامعة عدن.
حصل الدكتور
محمد عبدالله محمد بن سلم على شهادة البكالوريوس عام 1981م، من كلية التربية عدن
تخصص لغة عربية، وحصل على شهادة الدبلوم العالي من جامعة صنعاء عام 1990م، وحصل على
شهادة الماجستير من كلية التربية عدن تخصص مناهج وطرق تدريس عام 2004م، وحصل على
شهادة الدكتوراه من كلية التربية عدن جامعة عدن عام 2010م بتقدير امتياز على بحثه
الموسوم ب "بناء معايير تأليف كتاب التربية الإسلامية للصف الثالث من التعليم
الأساسي".
ويتكون بحث رسالة الدكتوراه ل محمد عبدالله بن سلم من تسعة فصول شملت
العنوان والتعريف بمشكلة البحث (الإطار العام)، ومما جاء تحت هذا العنوان أن
المجتمع اليمني بطبعه مجتمع متدين ويحتكم في كل شئونه إلى الدين الإسلامي، وينطلق
في كل تصوراته ومبادئه من العقيدة الإسلامية السمحاء، لذلك فإن لمادة التربية
الإسلامية مكانة كبيرة في نفوس اليمنيين كافة لأنها تستمد محتوياتها من المنهج
الرباني الإلهي المتكامل الموافق لفطرة الإنسان.
وتطرق الباحث إلى ذكر الهجوم
العدواني الكبير الذي تعرضت له الأمة الإسلامية في مناهجها و كتبها الدراسية من
العدو الأمريكي وحلفائه حيث وصفوا تلك المناهج بأنها عدوانية تدعو إلى
الإرهاب.
ووجد الباحث رغبة ملحة للتأكد من سلامة هذه المناهج من هذا الاتهام
وذلك بعرض هذه المناهج على المعايير الأساسية لبنائها مستعينا بآراء الخبراء
والموجهين التربويين والمدرسين حيث أسفرت النتائج عن أصالة هذه المناهج وبراءتها من
ذلك الاتهام الذي يخفي في طياته هجوما عدوانيا على الأمة المسلمة.
وهدف البحث
وحدوده ومنهجه وأسئلته التي حددها الباحث في السؤالين الرئيسيين ما المعايير التي
يتم تأليف كتب التربية الإسلامية في ضوئها؟، وما مدى مطابقة كتاب التربية الإسلامية
للصف الثالث الثانوي للمعايير التي يتم في ضوئها التأليف

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد