انتخاب المحافظين من وجه نظر أكاديميي جامعة صنعاء

2008-04-23 03:51:36

استطلاع/ إياد البحيري

الابتعاد عن المركزية حلم راود اليمنيين كثيراً في المنام واستيقظ مع كل شعاع نور يبزغ من وراء السحاب لكن سرعان ما يتبدد هذا الشعاع مع تكثف السحب السوداء.. الشعاع الجديد الذي أيقظ الحلم مجدداً هو انتخاب المحافظين الذي أثار جدلاً واسعاً بين طبقات القوات السياسية في اليمن تارة بالتأكيد وتارة أخرى بالرفض والمطالبة بإعادة النظر.. في ظل هذه العشوائية التي يعيشها العقل اليمني ارتأت "أخبار اليوم" أن تجري هذه الحوارات مع الأكاديميين المثقفين السياسيين للدخول إلى عمق الفكرة.

حكاية انتخاب المحافظين في اليمن

حكاية الانتخابات يتشدق بها أبطال الديمقراطية في دول العالم الثالث ومنها اليمن ولم يقتصر هذا الأمر على انتخاب رئيس الجمهورية فقط بل وصل الأمر إلى انتخاب المحافظين أيضاً وهذه الجزئية الأخيرة من الجملة هي موضوع حوارنا وحديثنا في هذا الاستطلاع خاصة وأنه حديث الشارع اليمني حالياً.. فبين مؤيد ومعارض ومحايد توزعت آراء الجميع فالبعض يصف هذه الانتخابات بالمستعجلة والبعض الآخر يرى فيها صورة جديدة ومتطورة في التنمية الديمقراطية والتوجه نحو الحكم المحلي بمعنى الابتعاد عن المركزية، والثالث يقول إن هذه الانتخابات استغلت نفوذ البعض في المجالس المحلية والحصول على الأغلبية ودفعها إلى تأييد القرار لكن للإطلاع أكثر وقراءة العمق لابد من متابعة السطور التالية والحديث للأكاديميين.

الحديث حول الانتخابات كان متشعباً حيث بدأ الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع السياسي المشارك في جامعة صنعاء حديثه عنها بالشيء الجيد أن تعتمد الدولة أسلوب انتخاب قيادات السلطة المحلية بشكل عام لكنه انتقد الطريقة التي تم فيها تنفيذ هذا المشروع ووصفها بغير الملائمة والتي لا تخدم التطور الديمقراطي مع المآخذ الكثيرة التي تؤخذ عليها.

وأكد أنه لابد من المزيد من المشاركة الشعبية حتى تترسخ الديمقراطية ولابد من توسيع التمثيل السياسي في صنع القرارات العليا في السلطة المحلية وأن اللامركزية جزء أساسي من ترسيخ العملية الديمقراطية لكن إخراج هذه العملية إلى حيز الوجود يتطلب رؤى عقلانية ومنطقية، منوهاً إلى أن هذا ليس اختراع عجلة جديدة بل لابد من الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال وخص بالذكر التجربة الهندية التي تعتمد على السلطة المحلية واللامركزية وأحزاب معارضة للنظام الهندي ترأس هذه الحكومة المحلية.

وأضاف الصلاحي: في البداية كان يجب أن يكون هناك حوار وطني بين الحزب الحاكم والمعارضة على إعادة تغيير أو تعديل قانون السلطة المحلية وتحديد مهام المحافظ الجديد وإعادة تعديل مفهوم الناخبين للمحافظ الذي يجب أن ينتخب من المواطنين أنفسهم وليس من أعضاء المجالس المحلية وأن يكون المحافظ من أبناء المحافظة مع وضع اشتراطات متعددة في طبيعة المحافظ التعليمية والمهنية وكذلك العمر، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون من الذين لم يسبق أن مضى على كونه محافظ عشرون سنة، متسائلاً لماذا سيضيفه شخص له أكثر من عشرين سنة محافظ وكل الدلائل تشير إلى أنه لم ينجح في إدارة محافظته ولم يقدم أي جديد وهذا الشخص بكل تأكيد لا يملك أي جديد يقدمه فلماذا ينتخب؟

وطالب الصلاحي أن يكون المحافظ قد سبق وأن شغل وظائف متعددة غير منصب المحافظ وأن يكون من المؤسسة المدنية وليس من العسكر.

وأكد الدكتور فؤاد الصلاحي أن اختيار المحافظ من أبناء المحافظة ضرورة لأجل زرع الثقة بينه وبين المواطنين، مشيراً إلى أنه في إطار دولة المواطنة المتساوية تنتهي فكرة المناطقية.

أما فيما يخص المجالس المحلية ودورها فقد أكد أستاذ علم الاجتماع المشارك أنها لم تحقق أي نجاح، موضحاً أن هذا ليس لضعف فيها ولكن لأنها لم تمكن سواء من قبل وزارة المالية أو الأجهزة المركزية في صنعاء، وأن هذا ليس لعجز ذاتي لكن فشل المجالس المحلية تمت بإرادة المؤسسات المركزية.

وبخصوص أغلبية الحزب الحاكم في المجالس المحلية قال الصلاحي: إن انتخاب المحافظين عن طريق المجالس المحلية خطوة رئيسية للحزب الحاكم سيستفيد منها في ترتيب أوضاعه في إطار الانتخابات النيابية الرئاسية القادمة.

المؤتمر ليس بصمة عار

وحول نفس فكرة انتخاب المحافظين أكد الأستاذ الدكتور/ محمد عبدالجبار سلام عميد كلية الإعلام أنها جزء من منظومة برنامج رئيس الجمهورية وأنها تمثل خطوة مهمة جداً، وقال كان الناس يطالبون بأشياء بسيطة جداً في الحكم المحلي ولكن حينما جاء هذا القرار تفاجئوا به ولم يستطيعوا استيعابه أو تصديقه لأنه حلم بالنسبة لهم، وهذا ما أكده سلام أن سبب المعارضة والرفض له لأنه أبسط شيء يمكن أن يقوم به إنسان متفاجئ.

وأضاف الدكتور/ سلام أن هذه الخطوة تحول كبير ليس على المستوى الوطني فقد وإنما على مستوى المنطقة العربية كاملة، وتداخل في حديثه بين نجاح الفكرة ومعارضتها حيث أشار إلى أن المعارضة وأصحاب المصالح يقفون دائماً أمام الصالح العام وهم بطبيعة الحال يبحثون عن أي مصدر للتشكيك.

وأشار إلى أن النقاش حول هذا الموضوع وخاصة حول كون المحافظ من أبناء المنطقة أو غيرها نقاش عقيم مفضلاً الاختيار من أبناء المنطقة أو المحافظة لكن يعارض أن يساغ هذا في قانون لأن هذا سيكون لصالح المحافظة.

وأكد أن مطالبة البعض بأن يكون المحافظ من خارج المحافظة ليس لمصلحة غير تثبيت أشخاص معينين، منوهاً إلى أن هؤلاء لا يريدون أن يحسب لرئيس الجمهورية هذا المشروع الإستراتيجي، وأضاف سلام: إن هذا المشروع مشروع حضاري ومن يشكك في ذلك فهو إنسان لا يريد لمصلحة الوطن شيء، مؤكداً أن مشروع انتخاب المحافظين يساوي الكثير من المنجزات ومنها الوحدة، وحول المجالس المحلية أكد سلام أن هذه خطوة نحو المشاركة الشعبية وفشلها ليس في كل شيء وإنما فيما كنا نطلبه منها لكنها حققت شيئاً جميلاً، حيث أوجدت أرضية لنظام الحكم المحلي.

وعن حديث البعض أن المؤتمر استغل نفوذه وأغلبيته في هذه المجالس في إصدار هذا القانون قال د/ عبدالجبار سلام: إن المؤتمر وصل إلى هذا المستوى لأنه حقق مكاسب بعكس الآخرين وهذه المكاسب بقيادة رئيس الجمهورية والمعارضة زايدت وبالغت في الخروقات التي رافقت انتخابات المجالس المحلية ، مشيراً إلى أن بعض الخروقات تحصل خاصة في مجتمع ناشئ في الديمقراطية وقبلي لكن ليست خروقات كبيرة.

الانتخاب أفضل من التعيين أو التزكية

رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء د/ محمد الظاهري شاركنا هذا الموضوع بالقول: فكرة انتخابات المحافظين خطوة إلى الاتجاه الصحيح لكنها بحاجة إلى أن تكتمل لكنها أكثر تطور من فكرة التعيين أو التزكية وإن كانت التجربة اليمنية لا تجد فرقاً بين التزكية أو الانتخاب والتعيين.

وكان يتمنى الدكتور الظاهري في سياق حديثه أن تكون هذه الانتخابات في إطار أوسع أي ينتخب المحافظ من قبل المواطنين مباشرة ولا تحصر على مستوى المجالس المحلية، وأرجع الظاهري فكرة الانتخاب عبر المجالس المحلية إلى أن المؤتمر الشعبي العام يريد أن يعظم النتائج التي حصل عليها بالانتخابات المحلية في سبتمبر ويريد تعظيم هذه الفائدة بحيث يحصل على أغلب المحافظين في أغلب المحافظات وهذا يهز قوانين الوحدة السياسية في حياة اليمن السياسية.

وأضاف: كان قد طرح من المؤتمر أنه سيتم النزول إلى المديريات والمحافظات ويتم عرض الفكرة بوضوح على الرأي العام لكن من الملاحظ أنه تم الاستعجال في هذه الخطوة رغم أنها ضمن برنامج الرئيس الانتخابي.

وقال الظاهري: إن مزاج الشعب اليمني يحتاج إلى خفض الأسعار ويحتاج إلى محاكمة الفاسدين قبل الانتخابات، مشيراً إلى أن هذه الانتخابات ليست هدفاً في حد ذاتها وأبدى خشيته من الوصول إلى مرحلة يفقد فيها المواطن اليمني ثقته بالانتخابات.

وأكد أن الانتخابات خطوة صغيرة في طريق طويل والحاجة الماسة هي إيجاد رؤية لأولويات الحياة السياسية اليمنية كما يحتاجها المواطن وخاصة إلى إرادة سياسية في محاسبة الفاسدين كما ظهرت فكرة المحافظين.

وتمنى الظاهري من الانتخابات القادمة أن تحدث مرحلة انتقالية لإيجاد انتخابات على أساس مشاركة المواطن اليمني وليس أعضاء المجالس المحلية فقط لأن النتائج هنا معروفة مسبقاً لصالح المؤتمر.

وأكد أن الحياة السياسية اليمنية بحاجة إلى تقييم لأن هناك من سمع عن تعديلات تلو التعديلات لكن دون فائدة فعملية التقييم مفقودة، وعن تجربة السلطة المحلية قال الظاهري: إننا شبعنا في هذا الجانب لكن للأسف نحن بحاجة إلى تقييم مستمر لتجارب هذه المجالس لأن بعضها لم تأت أكلها ولم تأت ثمارها لأنها قصيرة الصلاحيات، حيث لا تزال ثقافة المركزية هي الطاغية وهذا ما يشكوا منه كثير من أعضاء المجالس المحلية.

هذه الخطوة استعادة لما فات في السابق

جميعهم بدأوا حديثهم عن إيجابية الخطوة لكن سرعان ما يتم التنازل عنها لما تحتويه من عرض للسلبيات والخروقات، ومن الذين تحدثوا عن الإيجابية الدكتور محمد أحمد النهاري رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة صنعاء، حيث قال: إن خطوة انتخاب المحافظين بداية موفقة وأرجوا أن تتحول إلى حقيقة في المستقبل القريب، حيث قد يتحول الحلم إلى حقيقة، وأضاف إن هذه الخطوة تمثل استعادة لما فات الإنسان اليمني في القديم واستدراكاً لكثير من الأمور التي كان ينبغي أن يحصل عليها الجميع سابقاً.

وأشار إلى أن هذه الخطوة تحسب لرئيس الجمهورية الذي أطالبه بالنظر إليها بكثير من الرعاية وأن يدفع بها إلى الأمام.

وطالب من الهيئة الأكاديمية الاختصاصية أن تطرح المزيد من الأطر على هذا الأمر حذفاً أو إضافة لأن هذه الخطوة تسير بالمجتمع اليمني إلى الأمام.

وأكد أن المحافظ من أبناء المحافظة أفضل لأن المنطقة أدرى بشعابها وأعرف بشخصياتها لكن توسيع ذلك إلى خارج المحافظة فيه تأثير لأواصر الوحدة اليمنية، ولكنه نوه أن عندما يتم تجريب هذه الخطوة فإذا أحسن هذا الإنسان الذي يأتي من حضرموت ليكون محافظاً في تعز أو العكس سيكون أمراً طبيعياً وإذا لم يحسن فيتم إعادة التجربة بشكل آخر.

وعن فشل أو إخفاق المجالس المحلية في بعض الأمور أكد النهاري أن العصبيات القبلية ومخلفات الماضي هي من كان وراء هذا الفشل حيث شكلت عراقيل أمام تنفيذ خطط المجالس المحلية لكن التجربة بشكل عام موفقة إلى أبعد مدى

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد