الأستاذ/ عبدالحليم قنديل لـ"أخبار اليوم": الوحدة اليمنية إنجاز للأمة ولا يمكن النقاش فيها ومن ينادون بالانفصال يخونون تاريخ اليمن والأمة ومن المفارقة أن تتوسط قطر في اليمن

2008-05-15 08:31:45

ما الجدوى من انعقاد المؤتمر القومي العربي؟ وهل أصبح المؤتمر القومي العربي ظاهرة صوتية؟ والوحدة اليمنية في ذكراها ال"18" الشعارات والدعوات الانفصالية في بعض المحافظات الجنوبية، والتمرد الحوثي بصعدة والتغيير والنضال السلمي في الوطن العربي. . !

هذه المحاور وغيرها كانت هي نقاط حوارنا مع المحلل السياسي والكاتب الصحفي المصري عبدالحليم قنديل رئيس تحرير صحيفة الكرامة المصرية أحد القيادات البارزة في حركة الكفاية المصرية فإلى نص الحوار.

حاوره/ إبراهيم مجاهد

> كيف تنظرون إلى انعقاد "المؤتمر القومي العربي" في اليمن في ظل الوضع العربي الذي يعاني التمزق والتشتت؟

- أنا تقديري للمؤتمر القومي العربي في ال"19" كان يجب أن يراجع أوراقه وأفضل إنجاز للمؤتمر إلى الآن هو أنه ما يزال يعقد وأتصور أن المؤتمر وصل إلى عمق تجاوز فيه عقبة الشباب وأظن أن المؤتمر يحتاج إلى تحديد هويته يعني الفرد عادة يستخرج بطاقة شخصية أو بطاقة هوية في سن ال"16" عاماً وأظن أن المؤتمر محتاج لتحديد هويته لأن الحقيقة أن هويته موزعة ما بين "فكرة الموالاة وفكرة المعارضة"، وهو أقرب لتجمع أو حفل سنوي يلتقي فيه قوميون عرب من عدد من الأقطار ربما لكي يبحثوا القضايا ذاتها وربما لكي يعرضوا حال الأمة ذاته و ربما لكي ينتهوا إلى البيان الختامي ذاته، وتقديري أن هذه الحالة فيها خطورة شديدة على المؤتمر إذ أنها تخزن الآمال المعلقة عليه بحكم تسميته وأنا شخصياً هذه رابع مرة أحضر فيها المؤتمر ولم أجد لدي رغبة كبيرة في المساهمة في مناقشاته لسبب بسيط وهو الشعور بالغربة وأنا أظن أننا قوم عرب والمؤتمر القومي العربي ولا تفسير لهذه الحالة من الغربة سوى أننا ليس كذلك.

> أستاذ/ عبدالحليم قنديل قلتم أن المؤتمر لم يحدد هويته بعد فما المقصود بذلك؟

- المقصود بتحديد الهوية أن منطقة الأمة العربية في أزمة شديدة وأنه لابد من تحديد توجهه بمعنى هل أنك كمؤتمر في موقع الناصح الأمين للنظام العربي؟ إذا كان البعض يتصور أن هذا هو دور المؤتمر وأن هذه هي هوية المؤتمر، فأعتقد أنهم ينسون أن العنوان الموجه إليه النصيحة غير قائم وأن النظام العربي عليه رحمة الله، إذا كان المؤتمر يتصور كما تقول أوراقه التأسيسية أنها مرجعية فكرية وسياسية فأظن أن هذا تجاوزاً لحقيقة المؤتمر لأن قضية المرجعية مرتبطة بالمزج بين الأقوال والأفعال والمؤتمر يبدو معزولاًً عموماً عن فكرة الفعل، صحيح أنه يتضمن في عضوياته عدداً من القوميين العرب الذين يقودون حركات سياسية تتفاوت في تأثيرها في الأقطار العربية لكن السؤال المعلق إجابته هو: هل نحن بصدد إحياء نظام عربي مات بالفعل، بصدد النصح أم بصدد التغيير؟ في تقديري أن القومية العربية ليست مجرد عطف على الماضي، القومية العربية يجب أن تكون تتطلع إلى المستقبل فيجب أن ترتبط أساساً بفكرة التغيير للنظم العربية التي انتهت لوضع انحطاط مملوكي والانحطاط المملوكي أبعد من فكرة الاستبداد، تحولت إلى نظم سارقة بالإكراه وتحولت إلى حالة من فقدان الحساسية الاجتماعية والسياسية، اختيار الآخر لتحديد هذه النظم يبدو مسدوداً في الأقطار العربية الأساسية أولاً الأقطار العربية، أما أن لا يوجد فيها انتخابات أصلاً أو يوجد فيها انتخابات يعتريها عوار أو يشوبها تزوير إذا أغلق أيضاً طريق التغيير السلمي، في تقديري أنه لا يفكر أحد في قضية العنف على الأقل لكن لابد أن نحدد الهدف في أن إعادة النظام العربي يستلزم تغييراً جوهرياً في قطب عربي أو أكثر من البداية في القلب العربي وأن هذا التغيير يجب أن يكون شاملاً ومن الرأس وإذا كان هذا هو الهدف فالطريق هو فكرة تطوير العصيان والمقاومة المدنية السلمية وهذا هو السبيل السلمي الوحيد المتاح واستنهاض قوة الناس في ظل وضع اعتقد أنه وضع مواتي، أشهر إفلاس النظم العربية ثم المتغيرات الدولية الخاصة بزيادة أسعار الغذاء ومنتجات الطاقة الاقتصادية، متغير خارجي ضاغط على اقتصادات هشة مما يفاقم أزمة هذه النظم التي تحولت إلى مجرد أسس معلقة تسند على عصى أمنية، لا يكسر العصا الأمنية سوى قوة الناس وقوة الناس الآن يمكن استنهاضها أكثر من ذي قبل، يعني مع انكشاف الاقتصاد وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، نتصور أنه كهذا التغيير بهذه الطريقة هو الوحيد المتاح الذي يمكن أن يعيد بناء النظام العربي وأتصور أن هذا التغيير لابد أن يتجه في الأساس إلى الأنظمة العربية في القلب وبالذات في مصر، وأتصور أن القضية القومية العربية الأولى هي استعادة مصر، أتصور أن مؤتمراً من هذا النوع إذا أراد أن يسمي نفسه قومياً عربياً فيجب أن يضع نفسه موضع الداعم لحركة التغيير السياسي الاجتماعي الجارية الآن في مصر بدون ذلك أظن أن الكلام عن القومية العربية سيفقد صفته؟.

> هل أفهم من كلامكم أن هذا المؤتمر ظل حتى هذه اللحظة ظاهرة صوتية؟

- فكرة الظاهرة الصوتية عموماً وصف قديم والعرب كفوا حتى أن يكونوا ظاهرة صوتية وتحولوا إلى ظاهرة جغرافية، تطورات العالم في الثلاثين السنة الأخيرة هي أكثر تطورات ثورية في الخمسة القرون الأخيرة بمعنى أنه وخلال الخمسة القرون الأخيرة من سقوط غرناطة واكتشاف الأميركتين مر العالم بثلاثة مراحل المرحلة الأولى هي سيادة الغرب جغرافياً وحركة الاستعمار وقد كنا كغيرنا ضحايا للغرب، المرحلة الثانية هي مرحلة تحدي الغرب ما نعرفه بحركة التمرير الوطني في المستعمرات وقد كنا في هذه المرحلة في طليعة حركات التحرر الوطني وفي تجارب التنمية الأولى إلى درجة أن بلداً كمصر كان حتى 73م رأساً برأس مع كوريا الجنوبية في معدلات التقدم والتنمية والاختراق المطلوب، بعد ذلك لم ينتقل العرب من تجربة إلى تجربة ولم تنتقل مصر من مرحلة إلى أخرى، ننتقل إلى المرحلة الثالثة التي هي مرحلة تجاوز الغرب، تجاوز الغرب يعني امتلاك ذات المقدرة الاقتصادية والتقنية والمادية وزرعها في بيئات ثقافية أخرى وهي ظاهرة واضحة جداً في آسيا وأميركا اللاتينية، وكان هؤلاء جزاءاً من ظاهرة عدم الانحياز الذي كان جمال عبدالناصر في طليعتها ليس تعبيراً عن نفوذ شخص ولكن تعبيراً عن نفوذ أمة في عملية جريئة في التاريخ، الوطن العربي سقط في ثقب أسود ولذلك نجد أن المنطقة بالذات هي حقل للرامية الأفضل لمحاولات الهيمنة الأميركية كقرن آخر بعد نصف القرن الذي أعقب الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين وفي ظل هذا المشهد يجب أن نفهم أن أوضاعنا غير مبررة وأن انسحاب الفكر القومي بالذات يعني أنا أفهم أن المشروع القومي العربي تعرض لانتكاس جوهري بسبب سقوط وتد الخيمة أو القلعة الأساسية في مصر، وأيضاً الحل لابد أن يكون جزءاً له علاقة بفكرة السقوط وأين سقط، واستعادته، مصر بهذا المعنى هي العنصر الجوهري، أما المؤتمر القومي العربي إذا تصور أنه ناصح أمين فلن يجد أحداً ينصحه، إذا تصور أنه ساحة للتأمل، فأنا من الناس الذين يعتقدون أن الإغراق في التأمل على حساب الفعل انتهى بالقومية العربية إلى تضخم في العقل وضمور في الأيادي فلا بد من رد اعتبار لأسبقية الفعل الذي هو أصدق أنباء من الكتب في لحظة اليأس العامة وقضية التغيير بلا "تهتهه" هي التي يجب أن نتوجه إليها.

> أستاذ/ عبدالحليم المؤتمر ينعقد في شهر مايو وبعد أيام تحتفل اليمن بتحقيق الوحدة اليمنية في ذكراها ال"18" ولكن الوحدة اليمنية اليوم تواجه تحديات، فكيف تنظرون أنتم إلى مستقبل الوحدة اليمنية؟

- الوحدة اليمنية غير قابلة للتفريط فيها، هي إنجاز للشعب اليمني وإنجاز للشعب العربي بعامته، فلا يجب أن نضع موضوع الوحدة اليمنية في مقايضة مع أي شيء آخر، فوحدة القطر اليمني إنجاز تحقق لا ينبغي التراجع عنه لأني أنا سمعت بعض الأصوات التي تطالب بانفصال الجنوب من جديد، يعني هذه الأصوات حتى وإن رفعت أكثر الشعارات بريقاً فهي خائنة لتاريخ اليمن وخائنة لتاريخ الأمة، أما الوضع اليمني والنظام اليمني فينطبق عليه الوصف العام لحالة الأنظمة العربية خاصة غير النفطية يعني فيه كمية كبيرة من الفساد، فيه كمية كبيرة من نهب المال العام وتحويل القضية الديمقراطية إلى إجراءات شكلية، أيضاً فكرة الاحتباس والاحتجاز الذي يواجهه التطور اليمني سواءً في الاقتصاد أو في السياسة ظاهرة عامة اعتقد أنه يمكن إيجاد أمثلة لها في مصر وفي سوريا أيضاً وفي ليبيا حيث المستقبل السياحي المرتبط بفكرة استنساخ النظم أو فكرة التوريث، فإذا كان تطوير الوضع اليمني في تقديري يتعلق بنضال وكفاح سياسي من أجل البحث عن سبل سلمية للتغيير فلا بأس به، أما طرح موضوع الوحدة اليمنية كموضوع للنقاش أو المجادلة أو المقايضة فهذا ضلال مطلق لأنه لو قدر الله انفصل الجنوب من جديد فلن يكون حال الجنوب وحال دولة الجنوب أفضل من الآن في الدولة الحالية، مؤكداً أن الوحدة خلقت شعباً أكبر وأرضاً أكبر وإمكانية أكبر للتطوير الحضاري الاجتماعي السياسي وعلى هذه القاعدة يجب العمل وأنا ضد فكرة الانفصال أياً كان واعتبر أن هذا نوع من الدوران في حلقة مفرغة إذ أن اليمن كان منفصلاً بالفعل ولم تكن الأحوال موحدة.

> سؤال أخير. . كيف تقرؤون قضية صعدة والوساطات القطرية الأولى والثانية دون الخروج بموقف معين والذهاب والعودة دون إيضاح أي رأي والوصول إلى اتفاق معين؟

- فيما يخص صدام النظام اليمني مع الحوثيين لا أظن أنا كمراقب أن هناك دعماً خارجياً لتمرد الحوثيين سواءً من إيران أو ليبيا ، ولا أظن أن ما يتردد بصدد هذا الموضوع صحيحاً، اليمن بظروفه الجغرافية وظروفه القبلية وظروف ميراث معين من العقائد والتفسيرات وتحمل وجود مثل هذه الاختناقات لكن في تصوري مثل هذه الاختناقات تحدث في أي مجتمع أما عن الوساطة القطرية اعتقد أنه كوسيط دولة مثل قطر يعتبر من مفارقات الأقدار لأن اليمن أكبر من قطر حضوراً في الأوضاع المطلوبة في المنطقة بشكل عام، وفي اعتقادي أنه يجب ألا تحصر قضية صعدة بين النظام و المتمردين بل لابد من اعطاء دور أكبر للمعارضة من المشترك وغيرها للدخول كطرف جدي أكثر لوضع تسوية لهذا النزاع ولا جدوى لدخول طرفي لان اليمن غني بناسه ورجاله وليعرفوا اليمن جيداً سياساتها وتضاريسها.

> كلمة أخيرة أستاذ قنديل؟!

- أنا متفائل لسبب بسيط ليس لأنه لا يوجد شيء يبعث على التشاؤم بل لأن هناك أشياء كثيرة في المنطقة والواقع تبعث على التشاؤم لكن نحن تشائمنا بما فيه الكثير، وهناك حكمة صوفية تقول عند التمام يبدأ النقصان، ونحن شبعنا يئساً ووصلنا إلى الحافة واعتقد أنه حين يصل اليأس إلى الحافة لابد أن يسيل ماء اليأس الأسود وينفتح الطريق. أنا متفاءل لأن المنطقة تنضوي على إمكانات كبيرة ظاهرة بالمقاومة بالسلاح في العراق ولبنان وفلسطين وتثبت للنظام بأن هذه الأمة مجاهدة وقادرة على استحضار ميراثها الثقافي والروحي وثقافة الاستشهاد وهذه الثقافة أثبتت مع تطورها أنها قادرة على منازلة العدو الاستعماري الأميركي والإسرائيلي ويجب أن تشفع مقاومة السلاح بالمقاومة السياسية وتكتسب ذات الروح وإن اختلف طريقها بمعنى أن تسلك طريق العصيان السلمي القابل للتطور إلى عصيان مدني وهذا أمر معترف به كحق إنساني يجب أن نكرسه لا بطريق التسول بل بطريق الضغط وممارسته فعلياً وسلمياً والممارسة الفعلية للحقوق هي التي تكسبها قيمتها حينما تكون قوة الناس في الشارع أعلى من المجالس التمثيلية يمكن القول حينها أن هناك ديمقراطية، أما تحويل الديمقراطية لمجرد إجراءات تشكيلية فهذا يضعفها والديمقراطية لا تمارس في الانتخابات فقط وإنما طوال الوقت.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد