أيام العيد في طور الباحة..

حصاد جدد الماضي وأعراس بزوامل زراعية

2010-11-24 02:14:55 أستطلاع/ أبوبكر الجبولي


بهجة ارتسمت على الوجوده العابسة، وعزفت على أوتار القلوب الحزينة أنغام رائعة، فغدت بلسم لجروح نكئت دون وعي.. ومع إطلاله ويوم العيد، متطلباته زفرت ألم أطلقها الغالبية العظمى في بلادنا جراء الفقر وغلاء الأسعار.. الأعراس هي أيضاً من أثرت على نفوس الشباب فلاذوا بعيداً عن سماع طلقات الرصاص وزغاريد الولائم وغير ذلك الكثير من مظاهر العيد في طور الباحة.
الفرح والسرور هما الطابع العام في أيام العيد، وأبرز ما ميزها هذا العام هو وفرة المحاصيل الزراعية والأعلاف وعودة اللحاف الأخضر على جسدها الظاهر منذ سنوات..
"أخبار اليوم" كعادتها في كل عيد شاركت الناس فرحتهم بالعيد وشاركتهم ساعات الحصاد" الصراب" مع زوامل زراعية حماسية أضحت زغاريد أعراس، فصافحت أيادٍ زينت بالحناء وشاركتهم الأفراح والأعراف القبلية.
عيد وحصاد زراعي.

منذ ثلاثين سنة لم يحصد مزارعو طور الباحة ما حصدوه هذا العام وذلك لوفرة المحصول حيث لم يجد مالكو الأرض من يقوم بحصادها ـ بحسب ما أخبرنا به المزارعون.
تزينت موائد الطعام بحبوب: "الغرب، الدخن، الذرة" وعادت إلى الذاكرة الأكلات القديمة قبل الاعتماد على الدقيق والقمح، لذلك يفاخر الناس بما أكلوا، معتبرين تلك الأكلات مصدر قوة وصحة، أفضل بكثير من أطعمة اليوم التي يتناولوها بلا فائدة والتي تصنع أجساد هزيلة، أطل العيد فعزفت الأفراح على وقع زوامل الحصاد الزراعي.
"اليوم والله واليوم دائم هوبوا الدخن والذرة قائم يا عيد الأضحى عيد الشواهد عيد الأضاحي عيد العوائد" ألتقت شفرات الذبح مع عصي تحريك الحبوب من سنابلها " الملابج" فأضحت البلدة طيبة يحرسها رب غفور.
أعراس مثلت الأصالة المعاصرة
كالعادة يخصص عيد الأضحى في طور الباحة والمديريات المجاورة لإقامة مراسم الأعراس فتزخم فيه مكاتب الأمناء الشرعيون لعقد القران وتسارع العرسان لحجز الطباخين وخيم الولائم وكذا السيارات.
من باب الإحاطة بالموضوع تواصلنا مع معظم أمناء المنطقة لمعرفة عدد "الولائم" خلال الثلاثة الأيام الأولى لأيام العيد فبلغت 300 وليمة ـ عرس ـ هذه الإحصائية مع واقع إجراءات عقود القران لكل عريس، وعلى ضوء ذلك سيكون هناك 600 إحتفال حسب العادة، احتفال في بيت العرس وأخر في بيت العروس.
فما إن تبدأ تباشير صباح العيد حتى تسمع أزيز الرصاص في كل إتجاه وحين يحل الليل تتغطى سماء طور الباحة والمديريات المحيطة بنيران الرصاص وكثيراً ما ينجم عنها ضحايا، والتي كان أخرها ثلاثة جرحى هذا العام، ورغم أن هذه الظاهرة تواجه إنتقاداً شديداً من غالبية الناس إلا أنها ما تزال جزءاً من عادات الزواج في المنطقة.
عادات حافظت على بقائها في العيد سنوات كثيرة وأخرى ذهبت بفعل الأساليب العصرية إلا أنها تعاود الظهور بين حين وآخر الرقصات الشعبية وهذه من تلك العادات التي تلازم كل عرس وتتنوع من مكان إلى آخر بل حتى زمن تنفيذها يختلف.
فالبعض يفضل إقامتها وقت مقيل القات يوم العرس، وفي أماكن أخرى تقام ليلاً حتى الصباح ويصاحبها أغاني الدان الصبيحي ودقات الطبول والدفوف والتي يجني ضاربوها مبالغ مالية من الراقصين أو من العريس
الملفت للنظر في أعراس طور الباحة البساطة واليسر وزادها العيد يسراً، إذ تقل التكلفة إلى أدنى مستوى وبإمكان العريس أن يتقاسم مع أسرته المسكن ولو في غرفة متواضعة بسيطة وبقليل من الأثاث، بعكس المدن التي يشترك فيها تكلفة باهضة وإقامة مخادر ومنزل مستقل وأثاث فاخرة، وغيرها الكثير والتي يعجز كثير من الشباب على فعلها، فيضطر للتوجه إلى الريف أو البقاء دون زواج.
وما يجدر الإشارة إليه أن المنطقة محرومة من مشاريع الزواج الجماعي التي تقيمها بعض المؤسسات والجمعيات الخيرية ،الأمر الذي يضع أسئلة عدة، منها هل قدر لأبناء طور الباحة الحرمان من كل شيء؟.
زيارة السفراء
يربط أبناء طور الباحة أواصر نسب ومصاهرة مع إخوانهم في باقي المحافظات.
ومنذ اليوم الثاني لأيام العيد تتوافد الأسر من تلك المحافظات لزيادة أقاربهم في طور الباحة وتلك الأسر كما يسميها سائقو الأجرة في طور الباحة "سفراؤنا في المحافظات" ـ أي من باب الفكاهة ربطوها بالسلك الدبلوماسي.
وعن هذا التوافد والترابط سألت أثنين من القادمين من أبين وشبوة، فقال الأخ/ محمد العولقي "نحن تربطنا مصاهرة مع أبناء الصبيحة منذ فترة لتوافق عرفها القبلي معنا"، لكن الكثير يقول أنه هروباً من تكاليف "مليون ريال وأكثر" ونحن لا نقدر بينما في طور الباحة 300 ألف وأضاف رغم ذلك نجد صعوبة في الزواج من طور الباحة كون كثير من الأسر ترفض ذلك لعدم معرفتهم بالقادمين بطلب الزواج".
وفي هذا السياق يجدر بنا الإشارة إلى دور وسطاء الزواج والقادمين إلى طور الباحة طبعاً بحثاً وراء مردود مادي مقابل النجاح، فتراهم يقيمون علاقات تعارف هنا وهناك وحلقات اتصال أو علاقات عامة، وهذه الظاهرة ينتقدها أبناء طور الباحة ويعتبرونها عيباً وخصوصاً مع الأشخاص الغير معروفين وكثيراً ما يطلقون عليهم ألقاب تحط من قدرهم.
وما يسرق البهجة لديهم هو انعدام الوقود، فمن يوم العيد أغلقت المحطة الوحيدة في المديرية أبوابها، بحجة عدم وجود الوقود فيها ولكن في الحقيقة هم يذهبوا ليبتاعوا فيه بالسوق السوداء بأسعار باهظة جداً تصل إلى 2000 ريال للدبة "20 لتر" من البترول، مما أثار استياء الناس وغضبهم أن هؤلاء حاولوا في اليوم التالي إحداث فوضى أمام المحطة متهمين مالكها بالتلاعب بالكمية وإخفاءها، لكنه يقول" صاحب المحطة" بأن الكميات التي تمنح له لا تكف وخصوصاً وأن طور الباحة يرتبط بها أربع مديريات مجاورة.
أسعار أضحية العيد هي أيضاً من المنغصات حيث بلغت الأسعار ذروتها، فصنعت فرحة ناقصة بأثر رجعي إلى ما بعد أيام العيد.
وكذلك انعدام الخدمات في العيد وفي غير العيد، إلا أن الناس في طور الباحة هذه ينتظروا ما وعد به مدير المديرية من وصول الكهرباء بعد العيد وعودة المياه، فهل سينجز الوعد أم لا؟
عموماً مهما كانت حجم الأحزان فإن الله يدخل مباهج الفرح في كل قلب وينزل الطمأنينة على كل بيت فهو المرتجى أولاً وأخيراً.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد