البيئة في إب..

خطط وأفكار بعيدة عن واقع مليئ بمختلف الأخطار المهددة للأرض والإنسان

2010-12-11 01:56:46 تقرير/عبدالوارث النجري:


غريب أمر قيادة محافظة إب، والأغرب منه موقف الحكومة من هذه المحافظة، قيادة المحافظة بدلاً من أن تنزل إلى الشارع وتلامس هموم ومعاناة المواطنين ومشاكلهم وآلامهم ، في ظل غياب الأمن وسلطة المشائخ على الضعفاء من المواطنين وابتزاز الجهات الرسمية والغير

رسمية لهم بالقوة والفساد المستشري في معظم المرافق الحكومية، رغم أن هذه القيادة تتحدث في اجتماعاتها عن مشاريع وخطط وأفكار شبه خيالية للحلم ببناء المدينة الفاضلة، عادة ما تتبخر هذه الأحلام نهاية كل اجتماع ولقاء ومناسبة رسمية تستغل ما حبا الله هذه المدينة من مناظر خلابة في فصل الصيف ومعالم تاريخية وأثرية ـ لتتحدث عن السياحة وتصرف ملايين الريالات سنوياً تحت هذا المسمى، وتظل في نفس الوقت عاجزة عن إقامة استراحة عائلية في جبل بعدان، أو السياني أو سمارة وغيرها، وكذا حل الخلاف القائم مع مستأجر منتزه مشورة المغلق منذ عدة سنوات، والذي تم تأجيره بأرخص الأسعار، وفوق هذا وذلك تقوم هذه القيادة ببيع الماء في حارة السقاءين لتعلن عن تدشين مشروعها العملاق "شجرة بعدد البشر" في محافظة حباها الله بكثرة هطول الأمطار في فصلي الصيف والخريف وتنوع النباتات والأشجار والمزروعات، وفي الوقت نفسه تغض الطرف عن كل ما يلوث البيئة ويقضي على الخضرة في وديان وتباب مديريات المحافظة مثل انتشار الكسارات وأخطار محطة الصرف الصحي ومقلب القمامة والتوسع العمراني على الأراضي الزراعية وغيرها.
 هذا بالنسبة لقيادة المحافظة، أما بالنسبة لموقف الحكومة والجهات العليا تجاه إب فيلاحظ أنه في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن محافظة إب البطلة مخزن الرجال، وبلاد الثوار والمناضلين والشهداء ـ نجد تلك الجهات في نفس الوقت تغض الطرف عن العديد من البلاطجة والفاسدين، ممن يظنون أنفسهم فوق النظام والقانون وهم يمارسون أعمالهم الغير قانونية بكل حرية داخل هذه المحافظة من اعتداءات على حقوق المواطنين من أراضي وعقارات وغيرها بقوة السلاح ووفق شريعة الغاب وعلى مرأى ومسمع من الجهات ذات الاختصاص في المحافظة.
 والسؤال الذي يراود كافة أبناء هذه المحافظة هو إلى متى سيظل هؤلاء البلاطجة يمارسون نشاطاتهم داخل محافظتنا وعلى حسابنا؟! وإلى متى ستظل هذه القيادة التي انتخبناها تتجاهل واجباتها ومسئولياتها تجاهنا لتبحث عن أحلام ومشاريع خيالية، وتتناقض مع نفسها وكافة خططها وبرامجها التي يكشف الواقع زيفها؟.
 وبالأخص البيئة والسياحة في محافظة إب والبداية ستكون من البيئة ومشروع التشجير وحماية البيئة حيث تتشدق قيادة إب منذ قرابة العام عن مشروع التشجير وحماية البيئة (شجر بعدد البشر) وفي نفس الوقت تغض الطرف عما يجري في الواقع من أخطار بيئية تهدد الأرض والإنسان، ومنها الآثار البيئية لخلاطة الأسلفت والكسارات في منطقة ميتم والسحول، ففي الوقت الذي كانت قد أكدت لجنة من قبل الهيئة العامة للبيئة في تقرير سابق لها عن خلاطة الإسفلت المتواجدة في ميتم والأضرار التي صار يعاني منها سكان المنطقة والأراضي الزراعية هناك جراء انتشار الأمراض الخبيثة وغيرها وشددت على ضرورة نقل تلك الخلاطة إلى مكان آخر، إلا أن قيادة المحافظة عجزت عن ذلك رغم مرور أكثر من عام على ذلك التقرير والسبب كما يقال هي العلاقة الشخصية بين صاحب هذه الخلاطة وأصحاب الكسارات الأخرى مع قيادة المحافظة، كونهم مقاولين.
 وفي المؤتمر الدولي السنوي الذي أعدت له قيادة محلي إب (علوم وتكنولوجيا البيئة ) واستضافته جامعة إب بتاريخ:1-3 أغسطس من هذا العام قدم الدكتور/ عبدالسلام الإرياني ـ استاذ الجغرافيا المساعد في جامعة إب ـ ورقة حول الآثار البيئية لخلاطة الاسفلت والكسارات في منطقة ميتم خلاصتها ـ ما يلي: (إن النمو المتسارع لأعداد السكان، والذي رافقه تسارع تكنولوجي نتج عنه استنزاف للمصادر الطبيعية، مما ساهم بتدهور بيئي بشكل كبير، محركه الأساسي الإنسان، والذي تناسى بأن له شركاء في هذا المحيط الحيوي هما النبات والحيوان، وأسفر عنه فقدان للتوازن البيئي وإفساد لجمال البيئة وخلل في مكونات النظام البيئي.
 ويركز الدكتور الإرياني في هذا البحث على ملوثات الهواء في منطقة الدراسة وتحديد تأثيراتها البيئية، كما تناول هذا البحث الشروط والمعايير العلمية العالمية للمواقع التي تتموضع بها خلاطات الإسفلت وكسارات الأحجار وتطبيقها على منطقة الدراسة، وفقاً لهذه المعايير وبينت الدراسة الآثار السلبية على الإنسان والحيوان والنبات من خلال العينات المفحوصة من المياه والتربة والنبات والإنسان والتي تم تحليلها مختبرياً، وأبرزت النتائج ان هناك مؤشرات على وجود تلوث يوحي مستقبلا بأضرار كبيرة تلحق الضرر بالمنطقة وقاطنيها والمناطق المجاورة لها وانتشار عدد من الأمراض المختلفة وأهمها أمراض الرئة والالتهابات والربو وأمراض جلدية أخرى.
 وهنا نطرح القارئ الكريم أمام سؤال هام مع احترامنا طبعاً للجهود التي بذلتها رئاسة جامعة إب في عقد هذا المؤتمر ـ لكن ما هي الفائدة من إقامته، إذا كانت أوراقه وتوصياته لا تنفذ على الواقع؟ وأيهما أبقى لدى قيادة محلي إب أبناء وسكان القرى المجاورة لخلاطة الإسفلت والكسارات وحياتهم المهددة بالخطر أم مصلحة أصحاب الكسارات وعدم كسر خواطرهم؟! أم أن وراء الأكمة ما ورائها؟ أيهما أولى في الوقت الحاضر التوجيه بنقل تلك الكسارات والخلاطات التي غزت وديان إب فجأة وصارت بالعشرات وتهدد حياة مئات المواطنين والتربة والمزروعات، أم الحديث عن التشجير في الطرقات وشراء شجر بملايين الريالات لتوزع على مدراء العموم والمشائخ والشخصيات الاجتماعية لغرسها في أحواش منازلهم؟!.
الجانب الثاني هو ذلك الزحف العمراني والكسارات على المناطق الخضراء وأثرهما على البيئة السياحية، حيث يلاحظ عدم ضبط ذلك الزحف الخرساني الذي قضى على كثير من وديان إب الخصبة في ظل تواطؤ من قبل قيادات المحافظة المتعاقبة منذُ عشرات السنين، ولا يزال الزحف مستمراً مادام الأشغال يرخص والأوقاف يؤجر والمواطن يبيع والبلاطجة يواصلون مسلسل اغتصاب الأراضي وقيادة المحافظة تغض الطرف ، وفي نفس مؤتمر علوم وتكنولوجيا البيئة كانت الأخت/ برديس العقاب قد قدمت ورقة حول ذلك ملخصها ما يلي: ( يعتبر الغطاء النباتي جزءاً أصيلاً من بيئة الأرض التي يعيش عليها الإنسان وبدون هذا الغطاء فإن الحياة في الأرض تتحول إلى صحراء جرداء، يستحيل بقاء الحياة فيها، ومن هنا تنبع أهمية المناطق الخضراء كونها ضرورية للحفاظ على التوازن البيئي الذي يساعد البشر على الحياة، بالإضافة إلى توفير بيئة صحية، مما يمكن الإنسان من ممارسة أنشطة الحياة المختلفة، بالإضافة إلى الأنشطة الترفيهية والترويحية المعروفة بالسياحة البيئية والتي تعود فوائدها على البيئة وبشكل عام والفرد والمجتمع، فمقومات مدينة إب تؤهلها إلى أن تكون موقعاً ممتازاً لممارسة هذا النوع من السياحة، لكن الملحوظ في المناطق الخضراء في مدينة إب أن هناك ما يهدد البيئة بشكل عام والسياحة التي أدت إلى تناقص المناطق الخضراء في مدينة إب ومعرفة أثر ذلك على البيئة السياحية والوصول إلى مقترحات وتوصيات تفيد في معالجة المشكلة) .
يعني أنه ما دامت المقومات قد توفرت فإن الترويج للسياحة في هذه المحافظة بحاجة إلى مشاريع وخطط وبرامج تنفذ على أرض الواقع وليس مجرد إقامة ما يسمى مهرجانات محتواها فقط أوبريت ورقصة وافتتاح لا غير!! ومن هنا تقول القيادة (شجرة بعدد البشر).. فقط أوقفوا الزحف العمراني على الأراضي الزراعية وستكونون أحلى بشر في هذا لكون!!!.
 هذا إلى جانب ما يعانيه سكان ميتم من خطر محطة معالجة مياه الصرف الصحي، وكذا قيام بعض المزارعين بري مزروعاتهم والخضار من تلك المياه قبل المعالجة وخطر ذلك على الأرض والإنسان، ناهيك أيضاً عن أخطار مقلب القمامة في منطقة السحول والآثار الخطيرة لذلك المقلب على مياه وصحة سكان المناطق المجاورة له، وكذا خطر التلوث البيئي جراء الازدحام المروري داخل المدينة والكثير من المشاكل والهموم التي تحيط بعامة المواطنين الطيبين في هذه المحافظة الجميلة، والتي تؤكد وبما لايدع مجالاً للشك بأنه كان من الأولى على قيادة المحافظة المنتخبة النزول إلى الشارع والعمل بصدق لحل تلك المشاكل قبل رسم الأحلام الخيالية وغرس شجرة واحدة وما فائدة غرس الأشجار والكسارات والخلاطات واالزحف العمراني ـ كوارث تهدد الأخضر واليابس، فنأمل ألا تنسى قيادة محلي إب المثل القائل: [المخرب غلب ألف بناء].




الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد