الشرعية/ اللاشرعية في تحولات ما بعد الانتخابات البرلمانية بين أساليب الحزب الحاكم ومواجهة المعارضة

2010-12-18 04:52:49 الشموع /تحليلات



القوى المعادية للثورة والوحدة تجد نفسها أكثر فاعلية وقدرة على إحداث الضرر من خلال القطيعة بين القوى الوطنية حين تلجأ إلى الإقصاء والإلغاء والتفرد
 
اللجوء إلى ثقافة اللامواطنة متساوية إفلاس حقيقي يقدمه من يريد الفوضى بديلاً عن الحوار والاتهام بديلاً عن الاعتراف بالآخر وحقه في التعبير

المعارضة الوطنية مطالبة بأن تستحضر العقلاني الرشيد في أسوأ الظروف وأقساها لتنأى بنفسها عن الوقوع في فخ الانفعال الذي تريده قوى التآمر على الثورة والوحدة

الوصول بالحالة السياسية إلى مستوى القطيعة بين الشعبي العام والمشترك ليس في صالح الوطن اليمني بكل تأكيد، كما أنه تعطيل للحياة التي يجب أن يعيشها المواطن في أبسط معانيها دونما ترهيب وإقلاق أمن وسكينة والذهاب إلى صنع الأزمات على حساب مستقبل كان يمكن وبكل سهولة أن يرتاده الجميع ويعملون من أجله ويقدمون معاني الانتماء لو أن ثمة تفاهماً مبنياً على استيعاب معنى الشراكة مع الآخر دونما إقصاء وجاهزية دمار وفوضى، ولو أن قيماً ديمقراطية حقيقية يؤمن بها الجميع ولا تخضع لغير سلطة النظام والقانون وفوقهما الدستور بدلاً من الخضوع لرغبة التسلط والتفرد وتحقيق المصالح الذاتية، ويبدو أن ما تحتاجه الفعاليات السياسية هو الوعي العميق بممكنات الحوار وتغليب جوانب الالتقاء على القطيعة والإدراك لهاجس الإنسان اليمني الذي لم يعد يثق بالسياسة وقد تحولت من حل مشكلات بطرق منتظمة إلى خلق مشكلات بطرق مخادعة واحتيالية ولعبة شد الحبل.. ولعل الأزمات الكبيرة أن مربع السياسة تلاشى تماماً ولم يعد ذاته صالحاً بذات القوى، لأنه يقدم ما يفتح شهية الإنسان في التفاعل مع الواقعة من أجل المستقبل، لذلك كله ينظر إلى الحالة السياسية الراهنة عند أي مواطن بسيط وتعليمه متواضع أنها لم تعد عملاً وطنياً قدر ما هي ابتزاز وبحث عن تفوق ضد الآخر حد شطبه من التواجد الوطني، وبهكذا وعي لدى الإنسان نتاج التصدير اليومي له من قبل الفعاليات السياسية لكل ما هو مرهق وموجع، تنعدم الثقة في مد جسور تفاهم وشراكة بين الفعاليات السياسية والجماهير وبين الجماهير ذاتها والسلطة، أكانت أحزاب معارضة أم حزب حاكم وانعدام الثقة لا ينتج غير التربص والكيد واللانظام.
انعدام الثقة تعطيل قدرات شعب وإفقاده جوهر الانتماء إلى الأرض وإلى هويته، باعتبار أن الانتماء هنا مبني على الفعل الخلاق، على روح المبادرة، على الإبداع في إحداث تحولات لصالح الوطني، بدون ذلك يحتل السلبي مكانة ويحضر المتخلف ليكون فاعلاً ويستند إلى هذا التخلف واستحضاره السلطة والمعارضة على حد سواء.
إنهم يلجأون إليه حينما يصابون بالعجز عن التعاطي مع الحاضر وبناء المستقبل..
هذا العجز يجر بقوة الطرفين إلى الاحتماء بالتخلف والبقاء فيه وجمهرته على مستوى وطن وحين يصير له الغلبة فإن ذات القوى المتخلفة تستطيع أن تقدم نفسها كحالة أفضل بروح انتقامية وباعتبار أن الفعاليات السياسية باتت عاجزة أن تقدم النافع المفيد إن لم تكن عائقاً للتطور الذي من أجله قامت الثورة وتحققت الوحدة.
ومن هذا المنحنى فإن قوى التخلف والرجعية تستطيع من خلال تجربتها الماضوية أن تنال من الإنجازات الوطنية وأن تلحق بها أفدح الضرر بضرب القيم أولاً وهي أخطر تحدٍ وأكثرها قوة إن تم ضربها ولعلها قد ضربت تماماً وإلا ماذا يعني لجوء الإعلام الرسمي لحزب الحاكم في هجومه الشرس على "باسندوة" بأن عليه أن يهتم بالقضية الصومالية على خلفية حرية رأيه وموقفه من الحزب الحاكم.
نقول ماذا يعني هذا الاستحضار السيء لثقافة عنصرية ونزعة تدميرية، غير انتصار التخلف تماماً وتمترسه في وجه الرأي المستقل الحر الباحث عن وطن في سياق تفاعلات انتحارية يخلقها الطرفان المشترك والشعبي العام؟!.
ماذا يعني اللجوء إلى هكذا أسلوب "شوفيني" غير انحطاط ثقافي سيء ينتج الشهية لكل من يريد أن يخلق هذا النزوع الإقصائي والاستعلائي والتهرب الذي يجب الاحتراز منه جيداً، لكونه يعادي الحياة كلها ويقدم ثقافة الكراهية بسهولة ويسر ينشرها الأعداء ويروج لها من يستندون إلى هذا الخطاب الإعلامي المفلس الذي يفرض على الجميع من القوى الوطنية إدانته بقوة والنظر إليه بأنه قبيح وبغيض إلى الله والتاريخ.. ومالم يقف المعنيون بالوطن حراً كريماً أمام ثقافة انهزامية مفلسة تستهدف القيم الإنسانية أولاً فإن الأذى سيلحق بالجميع ولن يستثني أحداً، فإذا كان أحد أهم رجالات اليمن وله باع طويل في قوى مناصب حكومية متعددة يتعرض لهكذا خطاب انحطاطي فاشل.. إذاً مالذي تبقى من أهداف الثورة والجمهورية وهي في الأساس انبنت على إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات وعلى تجاوز هذه الأفكار الديماغوجية والسلوك الانحرافي الذي تشير بوصلته إلى سلطة ما أو فئة ما تريد الفوضى هي العنوان الكبير عبر ثقافة الإقصاء والإلغاء والاستعلاء والادعاء واحتكار الوطني، وهو الخطر الذي لا بد من التصدي له إن كان ثمة قوى ما تزال تؤمن بالعدالة الاجتماعية والحرية في إطار الوحدة الوطنية.
وكيف للوحدة الوطنية أن تكون فاعلة وثمة من يسيء إلى الإنسان في وجوده وتواجده وحقوقه في المواطنة المتساوية التي يتأكد يوماً بعد يوم تغييبها وتعطيلها في الوطن بأسره بما يعزز مطالب من ينادون بالمواطنة المتساوية وإصلاح مسار الوحدة وهي مطالب بالنظر إلى الخطاب الإعلامي السلطوي والإقصائي عادلة تماماً، بل وينبغي النضال من أجلها كواجب ديني وطني لا مناص منه.
والأمر إذاً بيد المشترك الذي عليه أن يواجه أي خطاب تأزيمي في إطاره الصحيح وتعريته ورفض منطق الاستعلاء والإلغاء رغم أن جزءاً من هذا الضرر المشترك هو المسؤول عنه حين تخلى عن الدفاع عن القيم لصالح تجار الأزمات والحروب والإلغاء.
والأولى لمن يتكئ إلى خطاب يقطر إفلاساً وحقداً أن ينظر إن كانت لديه جراءة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فماذا يقول الحزب الجمهوري لسيد البيت الأبيض "أوباما" وهو الأفريقي تماماً، حتما لن يقول له سوى أنت الرجل الأول وعليك أن تتحمل المسؤولية بمعزل عن أية ثقافة لا عصرية ومستهجنة وقبيحة إن لم تكن النتانة كلها.
فيما نحن لم يتحمل الحزب الحاكم رأياً عابراً ومتواضعاً وبسيطاً ليذهب إلى مواقع التخلف ويرمي بها دفعة واحدة، ليقدم أسوأ صورة للعمل السياسي في بلادنا الذي ينساق إليه الوطن بتداعيات مستمرة هي في المحصلة هدم لكل المعبد بمن فيه ودونما استثناء.
وهنا يغدو من الضروري التعاطي مع الأزمة السياسية للحالة اليمنية بكثير من التبصر والإدراك لحجم القضية، فثقافة الاستحواذ والسيطرة والتعالي وحدها من يوقع بالآخر لأن يحتمي بالعنف ويسير إليه كملجأ أخير وهو عنف ينبني على ثقافة إلغائية استطاع أن يدفع بها إليه من يريدون الوطن خالصاً لهم من دون شراكة بناء وتنمية.
 بمعنى آخر إن الصراع السياسي اليوم بين المشترك والحزب الحاكم والحالة التي وصل إليها الطرفان من القطيعة وتأكيد الحزب الحاكم أنه سيمضي منفرداً إلى الانتخابات ويقرر ما الذي يجب عمله للتفرد.. إن كل هذا يجعل المواجهة معه حتمية في حين أن لا شيء في الواقع سيساعده على ذلك إن لم يكن ضده، فبدون شراكة مع أحزاب المشترك فإن ثمة سيناريو آخر يقدم نفسه كبديل لما بعد الانتخابات على فرضية أنها تمت كما يرغب الشعبي العام ويعمل من أجله ليفوز بكل المقاعد بعد أن فضلت المعارضة الوطنية المقاطعة..
هذا السيناريو يتمثل في عدم إقرار المعارضة بشرعية النظام واعتباره مغتصب سلطة، بمعنى أن خلو البرلمان من المعارضة تماماً لا يمكن أن يحقق ما يسعى إليه الشعبي العام غير ما ليس في صالحه، فالجميع سيكون في خانة المواجهة لسلطة غير شرعية متفردة، وهنا سيكون من حق المعارضة أن تتحالف مع كل القوى الأخرى حتى تلك التي لم تكن تريد الاعتراف بها، ستتخذ المعارضة كافة أشكال النضال السلمي وغير السلمي، فحين كان الحزب الحاكم يتمتع بالشرعية لوجود معارضة معه في البرلمان كان التفاعل سلمياً وبطرق سلمية حتى في ظل القطيعة بين الشعبي العام والمشترك، أما في حالة غياب المعارضة تماماً وتفرد الحاكم بجميع المقاعد كفرضية ،فإن ثمة تحولاً في طرق وأساليب المواجهة، حيث اللجوء إلى مقاومة السلطة غير الشرعية هو الذي يمنح المعارضة قوة اللجوء إلى العنف وتحريك الشارع.. إلخ من الأساليب التي ستلجأ إليها في مواجهة سلطة غير شرعية، والأكثر إيلاماً للوطن أننا سنجد الوطن على مفترق طرق في انتخابات 2013م الرئاسية، إذ كيف لها أن تتم وثمة من لا يعترف أساساً بنتائج ما بعد انتخابات أبريل 2011.. هنا فقط يحدث التحول الكبير والإرباك الحقيقي لوطن بأسره حين تكون أحزاب المعارضة في تحالفاتها تمت بصلة المواجهة وبقوة كي لا يحدث أي شرعنة للسلطة أو إكسابها أي فاعلية سياسية ولها في ذلك خيارات عديدة مع التمرد الحوثي والحراك الانفصالي وقضايا الفساد وسوء الإدارة .. إلخ من السلبي المتعدد والذي ستحاول من خلال إبرازه وتقديمه كواقع للانتصار على سلطة غير شرعية وللوصول إلى حالة جماهيرية عنيفة يتداخل فيها الوطني باللاوطني والذاتي بالموضوعي لتغيير ما لا أحد يعلم إلى أين سيؤدي ؟! وما الذي سيسفر عنه؟!!.. ويبدو أن أحزاب المشترك ستجد نفسها في خندق التعامل مع الحراك في الجنوب ومع الحوثية في الشمال لتحقيق مكاسب ربما أن الأطراف الأخرى هي أيضاً قابلة بهذا التعامل لتحقيق أهداف تخصها.
 بمعنى أن البحث عن الوجود والتواجد في سياق المواجهة مع سلطة غير شرعية هو الذي سيبرز لمواجهة ما بعد الانتخابات النيابية القادمة وحتى لا تكون الانتخابات الرئاسية، باعتبار أن إنكار الشرعية يمنح الآخرين المواجهة التي يريد استثمارها أعداء الوطن لخلق الفوضى والاضطرابات وتعطيل النظام والقانون ليجد كل مبتغاه إن حدث وتمت الانتخابات النيابية القادمة دونما توافق مع أحزاب المشترك التي هي وحدها الأقدر على الفعل سلباً وإيجاباً.. وهي الأقدر على استثمار قضايا الفساد والتفرد بالسلطة وغياب النظام والقانون لتحريك فعل المواجهة مع الجماهير مضاف إليها التدخلات الخارجية ومن لهم علاقة ارتهانية بالقوى المعادية للوطن اليمني "الحوثية، الحراك" وذلك قابل للتسويق الخارجي والداخلي حين تبدو حقيقة الحزب الحاكم أنه يسطو على السلطة ولا يمتلك له أي شرعية بعد أن استحوذ على كل مقاعد البرلمان وعليه أن يذهب إلى الانتخابات الرئاسية بمفرده، أي بدون شرعية ليتعالى الصوت المعارض حد الانفجار الكبير..
من هنا ينبغي للحزب الحاكم أن يستحضر بقوة العقل في التعامل مع أحزاب المشترك وأن يدرس خيارات الحوار والقطيعة بحس وطني وحتى مصالح ذاتية ليصل إلى استنتاجات تغلب جانباً على آخر بعيداً عن الانفعالية وثقافة الإلغاء وتأزيم الحالة اليمنية والبحث عن احتقانات سياسية هي في نهاية المطاف عامل مساعد وقوي لأحزاب المشترك في المواجهة حد العصيان.
على الشعبي العام من هذا المنطلق أن لا يكون عديماً في فهمه للواقع بكل مكوناته وأن يستحضر مهام الحاضر والمستقبل وفي تقديره أن كل الاحتمالات مفتوحة ليصل إلى المستوى المطلوب في فهم المعطى ومن ثم البناء عليه بعيداً عن القفز إلى مناطق الإلغاء التي ستكون هي الشرارة الأولى على أرض الهشيم السياسي وفي المقابل يغدو ضرورياً للمعارضة أن لا تلجأ إلى المخطط الباحث عن توريط الحزب الحاكم للوصول إلى مرجعة اللاشرعية.
إن هذا ليس له أي نتيجة سوى الضرر الكبير على الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق وحريات الإنسان، في حين أن ثمة ما يمكن التمسك به والعمل من أجله "الحوار" بعيداً عن المغالاة والشطط والزعيق والوعيد والمكايدات السياسية، فالحوار في حدوده الدنيا والمقبولة يمكن أن يجنب الوطن أسوأ الاحتمالات وأكثرها ضرراً وينأى به من أن يقع في فخ المؤامرة التي تسعى إلى تحريكها القوى المعادية للثورة والوحدة بتوسيع شقة الخلاف بين شركاء الوطن وفتح مناطق أخرى للإقصاء والإلغاء وتوسيع دائرة الفساد، وهي أمور بمقدور القوى الوطنية جميعها أن تناضل من أجل تجاوزها وإحباطها كطرق وأساليب عمل للقوى اللاوطنية، وفي الواقع فإن ما يحدث اليوم من مأزق للسياسي وجعله رهن قرارات انفعالية وتحديات قاسية وتمترس ضد الآخر وتحشيد الجماهير واللجوء إليها كخيارات للمواجهة ، أمر لا بد من استيعاب تداعياته على الحاضر والمستقبل، سيما وأن ما يعانيه الوطن من أزمة اقتصادية خانقة وتأزيم أوضاع سياسية وعسكرة المدن وحراك انفصالي وتمرد حوثي، كل ذلك وغيره لايساعد على أن تجر العاطفة الفعاليات السياسية إلى مواقع قد تكون في المحصلة ضرراً طالما تمناه أعداء الوطن.
والحال إذاً أن التفكير العقلاني الرشيد في معالجة قضايا الوطن هو الذي ينبغي الإيمان به وبشجاعة والاحتكام لما هو مصيري، لا بد أن يكون في كل مستوياته نابعاً من ضمير ديني ووطني حتى لا نجد السياسي المأزوم وقد استطاع أن يحدث الشرخ الكبير لانكسار وطن وهزيمة ثورة طالما كانت شعلة تضيء مساحة الوجدان لكل الشرفاء من القوى الخيرة النضالية والوطنية والتي لم تكن في كل اعتمالاتها تراهن إلا بالنصر وكيفية إلحاق أكبر الضرر بالقوى ؟؟؟ والاستعمارية التي تراهن على الخارج وتأتي من بوابة الخارج في كل مؤامراتها والتي فشلت على مر السنين وينبغي أن تفشل اليوم من خلال حوار جاد ومثمر وتنازلات يكون الوطن فيها هو المنتصر.



1
  

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد