مقاربة أولى في مسيرة نضال أحزاب المشترك.. التجربة وآفاق التحول

• ما حدث للاشتراكي من إدانة وإقصاء انتقل إلى الإصلاح والأحزاب القومية وفق معطيات الواقع وتحولات النصر والهزيمة • الذين أرادوا الديني إرهابياً والاشتراكي إلحادياً والناصري انقلابياً هم الذين مأزقوا الواقع لينكشف التمرد الحوثي والحراك الانفصالي بآلية

2011-01-01 03:08:32 الشموع /تحليلات


لا شك أن أحزاب المشترك قد دفعتها تحديات الراهن بكل اعتمالاته السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية إلى أن يكونوا في مستوى هذا التكوين السياسي المعبر عن حال المعارضة في الوطن اليمني وما تلاقيه من تحديات يفرضها الواقع السياسي الذي يدفع في كل الأحوال إلى المزيد من الاحتقانات وصناعة الأزمات سيما بعد حرب صيف 1994م التي خرج على إثرها الحزب الاشتراكي اليمني مثخن الجراح ليتم إقصاؤه عن الخارطة السياسية رغم أنه الشريك الأول في انجاز يوم النصر العظيم 22 مايو 1990م، ومع ذلك فإن هذا النصر ما لبث أن وقع في المؤامرة لينتج على إثر إقصائه أو على الأقل تحجيمه اختلال كبير في المعادلة السياسية التي كانت صمام أمان الديمقراطية بفعل التوازن على كافة الصعد، وما إن استطاع المتآمرون عليه هزيمته حتى اختل أحد أهم مقومات الوحدة الوطنية وهي التعددية السياسية والحزبية ليبقى عقب حرب صيف 1994م حزباً مدانا متهماً بالانفصال وتتحول الأيديولوجيا الوطنية إزاء هذه اللغة الاقصائية إلى لغة تحد وتعالٍ بإسراف شديد وإلى وضع عوائق وحواجز أمام التعددية السياسية والحزبية وإلى أن يتحول الشعبي العام من شريك في الوحدة إلى خصم يدين ويعمل على التفرد والانفراد والذي تحقق بقوة في 27 أبريل 1997م وهي الانتخابات النيابية التي جرت في غمرة التنافس بين حزبي الإصلاح والشعبي العام بعد أن قدم المؤتمر مبادرة التنافس عبر صناديق الاقتراع باعتبار أن الشراكة السياسية لم تعد مجدية وأنها مثلت تجربة فاشلة ولا بد ان يتحمل المسؤولية الفائز في الانتخابات التي تسمح له بتشكيل الحكومة، ولم يكن التنافس في هذه الانتخابات بمستوى واحد فالشعبي العام استغل كامل امكانيات الوطن المادية للحصول على الأغلبية وقد كان له ذلك إلا ان ما اعتمده من لغة اقصائية إدانية إتهامية مع الحزب الاشتراكي اليمني.. هو ذاته المعتمد في خطابه السياسي والإعلامي مع الإصلاح والذي حاول أن يضعه بين هلالين ((...)) إرهابياً أصولياً ضد التطور والحداثة كما أنه حزب قمعي يتخذ الأيديولوجيا الدينية منطلقاً لتكريس سلطته وتقديم القمع ثقافة لم تعد من العصر في شيء وبذات اللغة الاتهامية فإن ثمة قوىً في الشعبي العام قد أخذتها نشوة النصر لترفع شعار "لن نهزم اليوم من أغلبية" لتعمم هذا الشعار على كافة الدوائر الرسمية والسياسية.. وبحيث تطل منها رسالة داخلية وخارجية تتوحد في مضمون واتجاه واحد الحزب الاشتراكي انفصالي والتجمع اليمني للإصلاح إرهابي والقوى الأخرى رجعية أو يسارية متطرفة وانقلابية كما حو حال الوحدوي الناصري.
ومثلما حدث للاشتراكي من استلاب لحقوقه السياسية وإمكانياته المادية كان يراد لبقية الأحزاب بعد الانتخابات النيابية التي جرت في 27 أبريل 1997م أن تبقى محاصرة مدانة تتهددها الأخطار والتحديات الخارجية قبل الداخلية باعتبار أن الغرب المتوحش كان في ذات المسار يعمل على إحداث خلخلة في الاتجاهات الدينية أو الأحزاب الدينية والقومية على السواء باعتبارها العائق الأول أمام المشروع الصهيوأمريكي في طمس الهوية الحضارية للأمة وتمكين إسرائيل القضاء على الدولة الفلسطينية..
على هذا الأساس كان يجد الخطاب الاقصائي الاداني الاتهامي من قبل الشعبي العام على الإصلاح والوحدوي الناصري والبعث صدىً في الدوائر الغربية الصهيوأمريكية ورأت في هذه الأحزاب أخطاراً شجعت الحزب الحاكم على المضي في ذات المسار ما دام يحقق أغراض المؤامرة التي يحاول إخراجها إلى حيز الوجود القوى الليبرالية المحلية ذات التوجه الأمريكي والصهيوأمريكية ذاتها التي آزرت وساندت ودعمت اللغة الاتهامية عبر إعلام خارجي مارس الإرهاب والضغوطات.
ولعل هذا التحدي قد استوعبه تحديداً حزب التجمع اليمني للإصلاح حينما طور من خطابه الإعلامي وانتهج أسلوب التفتح مع الآخرين وقدم رؤى وتصورات حداثوية وعلى وجه الخصوص في الجانب الثقافي والسياسي وكان عليه بإتقان جيد أن يقصي إلى حد ما الجانب الديني باعتباره المستهدف من القوى الليبرالية في الداخل والصهيوأمريكية في الخارج ويبرز من خلال مطبوعاته ومحاضراته وعلاقاته حزباً قادراً على التكيف مع الواقع ومواجهة التحديات.. وإذاً فإن ثمة ضرورة جمعت أحزاب المشترك وهي ان الشعبي العام مثّل لهذه الأحزاب التحدي اللامتكافئ والقائم على ثروة شعب وسلطة وطن.. وأمام هذه الموازين المختلة لم يكن أمام الأحزاب التي جرى إقصاؤها من الشراكة الوطنية وتحولت إلى مستهدفة إلا ان تنشد القوة والقدرة على مواجهة القادم بكل اعتمالاته في الداخل والخارج وانجاز خطوة تكون ذات أثر ووزن يسحب البساط من تحت اقدام الشعبي العام لصالح التعددية السياسية وإن في حدودها الدنيا فكان تكتل أحزاب المشترك هو الثقل الذي يمنح الجميع الصمود والتحدي.. ويبدو ان هذا الانجاز أقلق إلى حد كبير الشعبي العام وعلى وجه الخصوص القيادات التي كانت تبحث عن مناخات خصومة تمكنها من ان تكون حاضرة سياسياً ومستفيدة اقتصادياً إلى تقديم خطاب سياسي إعلامي يستنكر تقارب الديني مع الإلحادي مع الشوفيني من وجهة نظر الشعبي العام وهي محاولة تشويه صورة رائعة لمستوى التطور الديمقراطي والوعي السياسي والحداثوي الذي شكلته أحزاب المشترك وربما أنها بهذا الفعل قد فاجأت الدوائر الغربية ذاتها التي رأت في هذا التطور السريع والواعي مناخاً صحياً يبطل أي دعاوى تراهن على لغة اتهامية كإرهابي وانفصالي وانقلابي...الخ.
ولم يكن أمام الشعبي العام إلا ان يبقى منفرداً يبحث عن أحزاب كارتونية هلامية يحقق من خلالها ما ينشده من تفرد في السلطة تصل إلى حد الالغاء لكل انتصارات 22 مايو 1990م بالادعاء ان ثمة متآمرين على الوطن ووحدته وليس سوى الشعبي العام صانع التحديات والاشراقات الوطنية والانتصارات الرائعة..الخ هذا الخطاب التمجيدي والتحريضي في نفس الوقت.. ويبدو ان خطابه وصل إلى مرحلة العجز عن الفاعلية والتأثير وأخفق من حيث انتصرت أحزاب المشترك في كونها حققت توازناً سياسياً فاعلاً هذا أولاً، وثانياً أنها شطبت على اللغة الادانية الاتهامية التحريضية للداخل والخارج على حزب كالإصلاح بأن إرهابي إذ لم يعد من المقبول وثمة لقاء بين العلماني "الاشتراكي" والأحزاب القومية.. وكذا الديني الإصلاحي.. الخ ضمن نسق وطني واحد يقبل بالتعددية السياسية ويراهن على المستقبل ويصنع له توجه قائم على الثقة المتبادلة والوفاء العميق، الشرطان الأساسيان لمنع أي وقيعة يعمل على تصديرها الاتهاميون وهو فعلاً ما حقق سياجاً منيعاً أمام أية رهانات تحاول ان تضع عوائق أمام أحزاب المشترك وتزرع حالة من فقدان الثقة وخلق تساؤلات ارتيابية ما كان لها ان تتم وثمة مبدئية عميقة يبن أحزاب المشترك تأسست على خلفية ما قدمه الشعبي العام من مقالب سياسية واخلال بالوعود والعهود مع شركائه ليتحول من حزب له شركاء حققوا معه انتصارات كبيرة إلى حزب اقصائي يريد استلاب الآخرين انتصاراتهم ويحاول أن يجعلها حكراً عليه وراية بيده الأمر الذي كشف عن توجه نحو الزيف والتلفيق ورغبة في الاستحواذ والقهرية والتسلط، وهو الأمر الذي فتح أبواباً أخرى برزت منها قوى تتربص بالوطن المنون وتدفع نحو المزيد من التباينات بين القوى الوطنية وهي أمور أظهرت مقدار هشاشة الشعبي العام في تحمله السلطة لوحده وفاعلية المشترك كقوى وطنية..
على هذا الأساس ومن ذات القطيعة بين شركاء الأسس وفرقاء اليوم ظهر التمرد في صعدة كقوة ميليشاوية أجبرت النظام على الاعتراف بها ومحاورتها واستجدائها في أمور كثيرة، وفي الجنوب برز الحراك الانفصالي السلمي الذي تحول إلى عنف في بعض أعماله، وأمام هذا وذاك برزت قوى أخرى داخلية وخارجية لتدفع بالمواقف إلى مستوى المواجهة وإلى إحداث خلخلة في الحياة السياسية والمدنية عامة.
لنجد ان التحديات التي واجه الشعبي العام بها أحزاب المشترك تتحرك إلى الأمام لتشمل وطناً بأسره يقع اليوم أمام مفترق طرق فيها الحوثي والبيض والعطاس وما بعد كل هذا وفيها اشتراطات أخرى لحوارات أخرى وتقارب مع البعيد وإبعاد القريب.. ويغدو المشترك بكل تجاذباته واقعاً بين نارين، الوطن وما يعتمل فيه من تحديات ينبغي مواجهتها بمسؤولية، والسلطة بكل تجلياتها مع التمرد الحوثي وحواراتها مع اللاوطني من أجل هزيمة الوطني.
هكذا ظهرت على الساحة أكثر من معادلة سياسية ومثل ما وحد الشعبي العام أحزاب المشترك ثمة توحد اليوم بين قوى الانفصال والتمرد الرجعي واعتراف سياسي بها.. ولكن هل هذا يفتح نافذة أخرى لتجارب ينبغي أن يستوعبها المشترك؟!! وهل عليه ان يدرك بأن تحالفات الأسس هي تقاطعات اليوم وان عليه بهذا التباين الشديد ان يقدم من خلال تجربته ما يؤسس مستقبلاً حقيقياً لمعارضة لديها مشروعها الوطني المتكامل والبديل والقادر على أن يسد أي فراغ سياسي يهدد الوطن في القادم من الأيام؟!! هل بمقدور أحزاب المشترك ان تصل إلى برنامج عمل وطني يدرك الواقع بكل إمكانياته ومكوناته ويدفع باتجاه المتغير إلى الأفضل دونما أية فوضى يعمل من أجلها الآخر الشعبي العام وينشدها بقوة ليتمكن من انجاز لغته الادانية الاتهامية التحريضية؟!
هل لدى أحزاب المشترك رؤية.. متى تبدأ وأين تنتهي، وما الذي عليها ان تعمل من أجله؟!! أسئلة لا بد من الوقوف عليها لاستكمال التجربة واغنائها وطنياً..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد