مشروع مياه (الجبل) في شغادرة حجة..

معاناة لا حدود لها .. ونداءات لم تجد من يسمعها

2011-01-02 01:34:31 تقرير/عبدالواسع راجح


ـ أكثر من 150 مليون ريال موارد المشروع لا يُعرف مصيرها.. ليتوقف بنهاية محزنة
ـ الأهالي : نجلب الماء من قعر الوادي ويكلفنا الكثير
ـ وجهاء : إدارة المشروع منتهية الصلاحية منذ 2006 ولم نجد من يوقف نزيف العبث بالمال العام.
 
مائتان وخمسون يوماً ، وثمانية أشهر ـ إذا أردتم حسابها بالساعات ـ منذ توقف مشروع مياه الجبل عن العمل لتسلط شخص واحد فقط عليه، لتنقطع شربة الماء على أكثر من "اثنى عشر ألف نسمة"، يعانون طيلة هذه الفترة قسوة الفقر والبحث عن قطرة ماء من ناحية أخرى خاصة وأن جلب الماء إلى قرى المنطقة يكلفهم الكثير من الأموال في ظل الأوضاع المتردية التي يعيشونها ،كل ذلك على مرأى ومسمع من جهات الاختصاص المختلفة ، وإدارة المديرية ومجلسها المحلي الذي أعطى الأهالي "أذن من طين وأخرى من عجين " .
تلك هي حال منطقة الجبل وقراها المحكوم عليها بالعطش بمديرية الشغادرة محافظة حجة ، وكما يقول الأهالي "بأن المشروع منذ أن تم تنفيذه قبل سبع سنوات يمتص خيراته أحد النافذين "مدير المشروع سابقا" والذي جعل من المشروع ملكية خاصة له، يجلب خيراته وينفقها بطريقته لدرجة أنه منذ انتهت فترة الهيئة الإدارية للمشروع في 2006م على وجه الخصوص يقوم بشراء الخضار من صاحبه مقابل إعفاءه من رسوم الماء ومن البقال كذلك ومن بائع البر وووو إلخ.. فيما باقي المبالغ التي يجمعها لا أحد يدري أين مصيرها ،سوى الراسخين في محلي المديرية ونافذيها المستفيدين .
(أخبار اليوم) زارت المنطقة والتقت الأهالي ونقلت جانبا من معاناتهم وحال مشروع قدمت فيه الدولة الملايين لخدمة الناس ليتوقف بعد سنوات قليلة دون سبب مقنع .. وما يمكن الخروج به من هذه الزيارة "سيطرة الضعف والوهن في سلطة الدولة بالمديرية ، والفساد الظاهر في ضمير مسؤلي المديرية والمحافظة " .... إلى تفاصيل التحقيق ..

 عبث واضح .. ومحاباة أضاعت المشروع /
من خلال الاطلاع على ملف المشروع والمتابعة من قبل الأهالي وفي مقدمتهم الشيخ/أحمد قحطان ،لعدد من الجهات ما بين (المجلس المحلي بالمديرية ومحلي المحافظة ولجنة المياه بمجلس النواب وأمن المديرية والهيئة العامة لمياه الريف ومكتب الشؤون الاجتماعية ..... وغيرها من مؤسسات الدولة المعنية )، كل تلك الجهات عجزت عن إيقاف مدير المشروع"رئيس
الجمعية الذي يديره رسمياً إلى 2006م وغير رسمي على مدى أربع سنوات" أو حتى مسائلته رغم ان محلي المديرية شكل لجنة لذلك في مطلع عام 2009م والتي بدورها وجهت عدداً من المذكرات له للحضور والمحاسبة غير أنه رمى بكل تلك التوجيهات عرض الحائط ولم يستجب لها – بحسب تقارير اللجنة- وما تلا أعمال تلك اللجة من نزول ميداني للجنة المياه من مجلس النواب إلى المحافظة والمديرية وبحضور أمين عام المحافظة "أمين القدمي " وقبل ذلك يظهر في مقدمة قائمة لجنة الرقابة على المشروع عضو مجلس النواب حميد الجبرتي والسؤال أين دوره في هذه القضية والعبث الذي يجري في مقدرات المشروع حتى وصل إلى مرحلة التوقف ، أضف إلى ذلك السؤال الذي يفرض نفسه هل عجزت سلطة المديرية بأمنها وقضائها وإدارتها عن إيقاف شخص واحد أو ضبطه على الأقل للحضور إلى اللجنة التي شكلها المجلس لمحاسبته ، لماذا كل هذا العجز ؟؟؟
 
* كرازمية الفاسد ..ألغت البقية
من خلال اطلاعنا على حيثيات المشكلة وأين تكمن وجدنا أنها في إقامة انتخابات جديدة للهيئة الادارية الخاصة بالجمعية التي تدير المشروع ورغم موافقة كافة أعضاء الجمعية العمومية مع الهيئة الادارية -غير الشرعية – سوى رئيسها الذي رفض التجاوب مع كافة أجهزة الدولة بالمديرية ، لكن الملاحظ أنه استطاع أن يعبث بالمشروع ويديره بطريقته الخاصة به على مدى
فترة طويلة دون أن يوقفه أحد حتى (بنشر) المشروع من التعب والعمل بانفرادية ، ولكن السؤال الذي لم نجد له جواباً "كيف استطاع مدير المشروع هذا أن يلغي كافة أعضاء الهيئة الادارية من مهامهم رغم أنهم جميعا بقرار واحد ؟؟!" .
وبحسب المسؤول المالي للمشروع ـ أحمد ديده ـ بأنه لم يتسلم أي مبلغ من دخل المشروع منذ بدأ وذلك لأن كل شيء في يد رئيس الجمعية .
 
* كلٌ يلقي اللوم على الآخر
وعن مسؤلية بقاء الهيئة الادارية بجمعية إدارة المشروع منذ أن انتهت فترتهم القانونية في 2006م أوضح مدير الجمعيات بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة عزيز الشهاري بانهم جهة إشرافية على عملية الانتخابات التي تجرى بين أعضاء الجمعية العمومية التي تدير المشروع فقط ولا علاقة لهم بإيقاف الهيئة الادارية عن عملها وأن هذه مسؤولية فرع الهيئة العامة
لمياه الريف المشرفة على المشروع ،كما أضاف عزيز بأن هذه الهيئة الإدارية لم تقم بفتح حساب خاص بالمشروع في البنك أو تقدم حسابات ختامية نهاية كل عام ولم تقم بالتواصل مع مكتب الشؤون الاجتماعية منذ أن انتخبت في 2003م ، مؤكدا ضلوعهم في مخالفات قانونية كبيرة وعلى إدارة المديرية أن يكون لديها موقف من كل ذلك ...
 
* عشرات الملايين تهدر..
عند سماع الأرقام التي يتم جمعها سنوياً كموارد للمشروع سنوياً كانت الصاعقة ، إذ كيف يتم السكوت على مثل هذا العبث بالمال العام دون أن يتم ضبط العابثين ،بل وحتى اللحظة وكأن الأمر لم يكن ، فبحسب إحصاءات المجلس المحلي بالمديرية ـ إن إيرادات المشروع سنوياً تصل إلى (إثنين وعشرين مليون ريال) وبمجموع إيراداته خلال السبع السنوات الماضية من 2003م حتى 2010م، تصل لأكثر من (مائة وأربعة وخمسين مليون ريال) ، مع العلم أنه لا يوجد رقم حساب للمشروع في أي بنك ، وعند السؤال عن هذه المبالغ لا وجود لها !! ، وبحسب الأهالي الذين التقيناهم فقد أكدوا بان مبالغ كبيرة يتم أخذها منهم مقابل رسوم متعددة من اشتراك وربط وعمال شبكة وغيرها من المسميات لتصل غرامة الفرد منهم عند الربط إلى أكثر من خمسة عشر ألف ريال ، أما رسوم الاستهلاك فتصل إلى معدل عال حيث تباع للأهالي بخمسمائة ريال
، وكما يؤكد ذلك عضوا المجلس المحلي بالمديرية عبدالإله الغيلي ومحمد قحطان .
 
*معاناة لا حدود لها
تظل هذه الإشكالات التي أدت لتوقف المشروع ـ بعد سلسلة من العبث بمقدراته حتى الإفلاس ـ هي أساس المعاناة التي يقاسيها الأهالي في جلب شربة الماء التي كان قد وفرها لهم وجود المشروع ، حيث بلغت المعاناة لجلب الماء من أسفل الوديان على الحمير وفوق رؤوس النساء ، وعلى قلابات بأسعار مرتفعة في ظل حالة الفقر التي يعيشها المواطنون هناك ، لضعف مصادر الدخل وغيرها من الأسباب ، ويتسائل الناس من سينقذهم من الوضع المأساوي الذي يعيشونه
خاصة بعد ان تعبوا كثيراً في متابعة الجهات المعنية في الدولة لاعتماد وتنفيذ المشروع ليصل في النهاية إلى أيدي العابثين ، حيث يقول الشيخ/ أحمد قحطان "أحد وجهاء المنطقة" بأنهم قد باحت أصواتهم لدى قيادة المحافظة وصولاً إلى هيئة مكافحة الفساد التي لازالت الأمل الخير في إيقاف مسلسل إهدار المال العام ، موضحاً بانهم يتابعون كافة مؤسسات الدولة بالمحافظة ابتداء من المديرية منذ 2006م وشكوى وراء أخرى ولم يصلوا إلى نتيجة عملية ، مطالباً الأهالي في الحفاظ على مقدرات المشروع وما تبقى منه وإعادة انتخاب هيئة إدارية جديدة أو إحالة المشروع إلى المؤسسة العامة للمياه خاصة وأن المشروع يضم أكثر من "ألف وخمسمائة مشترك" ، وإغاثة المواطنين بشربة الماء دون أي تعسفات أو ممارسات قسرية على الناس سواء في رسوم أو توصيل أو غيرها من معاناتهم .
 
* خلونا متفائلين .. ولو طالت السنين!!
وفي حديثنا مع أمين عام المديرية أحمد الصقر "الذي يعد احد أعضاء هيئة الرقابة في المشروع" عن عدم اتخاذ القرارات الحاسمة والحازمة إزاء المتلاعب بالمشروع قال بأنهم قد عملوا ما في وسعهم كمجلس محلي ، وأضاف بأنهم قد تواصلوا مع قيادة المحافظة وإن شاء الله سيتم تصحيح الاختلالات ، وإعادة تشغيل المشروع من جديد ، لكنه لم يفصح عن إجراءات عقابية ضد
المتلاعبين مكتفيا بذلك .
طبعاً من جهتي أنا –محرر المادة- كنت قد تواصلت مع الأمين العام بالمديرية خلال فترات متقطعة ومنذ بداية مشكلة المشروع وعلى مدى السنوات الأربع الماضية إلا أن لهجة البرود التي يتم التعامل بها مع المشروع هي السائدة ولازال الأمر كما هو عليه بعد مرور سنوات .. فهل من نهاية لهذه القضية ؟؟!!
*نداء المواطن الأخير.
وامام هذا المشهد من اللامسؤول ـ بحسب وصف المواطنين من أهالي بيت الولي والسلعة والشرفي والبحري وغيرهم ممن التقيناهم ـ يتسائلون أين المسؤولية يا محافظ المحافظة؟، أين هيبة الدولة يا رئيس الجمهورية ؟، أين ضبط العابثين يا جهاز مركزي ويا نيابة أموال عامة ويا ... ويا ..... ويا.... إلى مالانهاية من مؤسسات دولة لا تهش ولا تنش "أقل ما يمكن أن يقال عنها ؟؟! ويوجهون ندائهم الأخير للمهندس فريد مجور المسؤول الأول بالمحافظة، هل لقضيتهم الإنسانية من نهاية ؟!.


الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد