حبان.. حكاية مدينة طواها التجاهل والنسيان بعد أن كانت مقراً للمجد والسلطان

2011-01-16 01:59:54 تقرير / جمال شنيتر


مدينة حبان مدينة ثقافة وعلم وتراث ومجتمع مدني بامتياز، هكذا تقول لنا كتب التاريخ وأبناء المنطقة الذين التقيناهم أثناء زيارة "أخبار اليوم" للمدينة .
تجولنا في المدينة القديمة ذات العمارات الطينية بمبانيها الشاهقة، برفقة الأخ مدير السياحة في حبان، فمررنا بجوامعها ومساجدها العتيقة،وصولاً إلى الكريف والنفق الحباني ،ثم نحو حافة اليهود وقصة التعايش السلمي والمدني

الذي تميزت به حبان، ثم مكتبة الزهراء الحبانية ،ولم ننس أن نعرج على مصنعة حبان وسور المدينة وأبوابها الثلاثة.
إنها حكاية مدينة عاشت ازدهاراً ثقافياً ومدنياً وحضارياً، كانت سترتقي إلى في مصاف المدن التاريخية محلياً ودولياً. لو أنه تم الاهتمام بها "أخبار اليوم" زارتها واستطلعت معالمها التاريخية وتلمست أوضاعها المعيشية

وخرجت بالحصيلة التالية:

علم وثقافة
مكتبة ومدرسة الزهراء الحبانية هي أحد معالم حبان الثقافية والتعليمية ولا تزال هذه المكتبة تمارس دورها الثقافي والتنويري رغم قدمها .
زرنا المكتبة والتقينا بواحد من أعلام مدينة حبان المشهورين ،وهو السيد/ محمد عبدالله الحوت المحضار وهو خطيب جامع حبان منذ نحو 35 عاماً ومدير مدرسة ومكتبة الزهراء الحبانية ،وهو ومؤلف كتاب (ماجادت به

الأزمان من أخبار مدينة حبان) ، وبعد أن رحب بـ"أخبار اليوم" تحدث عن المكتبة الحبانية بالقول: مكتبة الزهراء الحبانية يزيد عمرها عن المائة والثلاثين عاماً وقد أوقفها الحسين بن محمد ابريق الحباني ،وكانت تحتوي

على 400 كتاب ومخطوطة مهمة ،ولكن المكتبة تعرضت في فترات مختلفة للمد والجزر وخاصة في فترة الحكم الشمولي، حتى كادت أن تنتهي ولكن مع بزوغ عهد الوحدة تم إعادة إحياءها من جديد وهي الآن تحتوي على

عدد غير قليل من الكتب والمخطوطات القديمة والهامة في مجالات الفقه والتفسير واللغة وغيرها ،ومن مخطوطاتها المهمة فتح الباري ،شرح البخاري ،إحياء علوم الدين وفتاوى بامخرمة وغيرها.
وتطرق السيد المحضار إلى الجانب التعليمي الذي شهدته حبان في أيام مجدها حيث قال : كان التعليم في البداية عبر المساجد والكتاتيب، مثل كتاب الحسين الحباني وكتاب الشبلي ،ومع بداية القرن الرابع عشر الهجري رحل

بعض من أهالي حبان إلى حضرموت لأخذ العلم ، ثم عادوا وافتتحوا مدارس في حبان مثل مدرسة آل المحضار والزهراء وتم في هاتين المدرستين تعليم القراءة والكتابة لأبناء حبان وضواحيها ، كما تأسست أربطة العلم التي كان

لها دور تنويري وتربوي كبير كرباط الشقاع ، أما بالنسبة للتعليم الحكومي فقد بدأ هنا في عام 1962 م.

مساجد عامرة
من بعيد تراءى لي جامع مدينة حبان وهو أهم وأقدم مساجد المدينة، فقد تأسس عام 266 هجرية ، وتم تجديده أكثر من مرة في القرون السابقة، غير أن الجامع بحاجة الآن إلى اهتمام ورعاية من قبل وزارتي الثقافة والأوقاف

،أما مسجد باسيلان فقد أسس في القرن الثامن الهجري ويقال أن مؤسسيه آل باسيلان ـ أسرة قديمة انقرضت شأنها شأن الكثير من الأسر الحبانية ، ومن المساجد التاريخية الأخرى مسجد النور والهدار وعقيل والعمودي.

قلعة ومصنعة وسور
 كان لابد لنا ونحن نزور هذه المدينة التاريخية الاستثنائية أن نعرج على قلعتها الحصينة وما تحويه من سور ومصنعة ،فاقتربت كثيراً منها .
إنها قلعة حاقر بالواقعة في أعلى ارتفاع لمدينة حبان وواديها ،وهي تتوسطها وتشرف على مداخلها وطرقها وأزقتها ،كما أنها تتصل بالجامع ، وفي أعلى ارتفاع الهضبة تقع المصنعة وفيها كان يقع مقر الحاكم ،ويوجد حول القلعة

سور من الطين والحجارة ،وأبراج حراسة ومراقبة عسكرية وجابية لجمع المياه ،ويوجد أسفل القلعة مركز صغير يعتبر مدخلااً للقصر ، كما أن المصنعة كانت مقر للسلطنة الواحدية وآخر سلاطينها السلطان حسين بن عبدالله

الواحدي عام 1351 هجرية .
ويحيط بالمدينة القديمة سور لا تزال أثارة موجودة وله ثلاثة أبواب في أماكن مختلفة وقد تم بناؤه لمنع دخول أي شخص في الليل وكذا لأجل إجراء أعمال الضرائب والجمارك، غير أن الملاحظة الأبرز هي أن المصنعة وما

حولها بحاجة إلى الترميم والتوثيق والاهتمام من قبل الجهات المختصة .

حارة اليهود
نزلنا من مصنعة حبان فإذا بنا نمر في حارة اليهود وهي عبارة عن مجموعة من البيوت الطينية المتجاورة تقدر بحوالي خمسين بيتاً.
سالن السيد الحوت عن اليهود وقصتهم في حبان فقال : إن اليهود كانوا يسكنون حبان وكانوا يشكلون قبل حرب فلسطين عام 1948م ثلث سكان حبان ،وكانوا يدفعون الجزية للسلطان مقابل الرعاية والحماية وكانت حبان

المركز الرئيسي لليهود وكانوا يتعاملون مع المسلمين بشكل ودي ، ولهم مدارسهم وحرية إقامة شعائرهم ،وكانت مهنتهم صياغة الفضة و يتنقلون في المناطق ولا يتعرضون للأذى من احد .

الكريف والنفق
من المعالم التاريخية في حبان كريف الماء والنفق ،وحول ذلك يقول الأخ/ محمد حامد المحضار مدير مكتب السياحة : لقد أبدع الإنسان الحباني وتمكن من التغلب على مشكلة المياه من خلال بناء كريف كبير لجمع المياه

الاتيه من الوادي ولكن من خلال إصلاح ساقية للماء تمر في نفق صخري طوله حوالي سبعين متراً ،وقد استفاد الناس في القرون الغابرة من هذا المشروع، فكانت المدينة تتغذى من هذا الكريف طوال السنة .
حضارة وحياة مدنية
عرفت حبان الحضارة والمدنية في وقت مبكر مقارنة مع كثير من المناطق ،ففي العام 1962م انشأ الأهالي مشروع للكهرباء بدعم من الشيخ علي محمد ذيبان ،وفي العام 1966 م تأسس أول مشروع حديث للمياه وآخر

للصرف الصحي ،كما تكونت في الستينات اللجنة الوطنية الحبانية لإصلاح ذات البين ثم تكون مجلس آخر وهو المجلس البلدي وكان أول رئيس له السيد أبوبكر محسن فدعق .
انعدام الإمكانيات
كل هذه المعالم وغيرها التي لا يتسع الحيز هنا لاستعراضها تحتاج إلى من يهتم بها ،وفي هذا الصدد يقول الأخ/ محمد المحضار مدير السياحة : نعم هناك كثير من المعالم التاريخية الممتدة إلى عصور تاريخية مختلفة ،ولكن

هذه الآثار والمعالم بحاجة إلى حماية واهتمام ،ونحن في مكتب السياحة لازلنا في طور النشء فمكتبنا أنشي، قبل عامين فقط ونبذل ومعنا الأخ مدير عام المديرية اهتماماً ولكن انعدام الإمكانيات يجعلنا نعجز عن فعل شي ،ماعدا

مبادرات ذاتية، فمثلا أسسنا متحفاً بحبان عام 2006 م خاصاً بالموروث الشعبي للمنطقة ولكن أغلق المتحف لعدم وجود الإمكانات ،ولذا نطالب عبركم الجهات المركزية المختصة اعتماد حبان كمدينة تاريخية مثل زبيد وشبام

وغيرها .

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد