مستشفى طور الباحة يندب حظه ويشكو آلامـــه (1-2)

2008-08-05 04:23:16 تحقيق/ أبوبكر علي


للطب منزلة سامية وللخدمات الصحية موقع الريادة في اهتمام المجتمعات وبالبديهة لا عمل ولإنتاج و لارقي في مجتمع عليل لذا كان على الطبيب أن يضع قسماً غليظاً قبل مزاولة عمله ليؤكد تمسكه بإتقان مهنته الإنسانية والتفاني فيها من كل جانب، ومطالب بحفظ الأسرار كيف لا ونحن نرمي بأجسادنا المنهكة بين يديه نتلمس اكاسير الشفاء، فالأطباء ومساعدوهم والممرضون هم وحدهم من يجسد الرحمة والضمير الإنساني في صورة مهام جليلة جلالة ما يحملوه. المستشفيات والمرافق الصحية تستمد قدسيتها من قدسية النفس البشرية التي كرمها ربنا جلا وعلا. لذلك كان من الواجب أن نراعي تلك القدسية طالما والأمر يتعلق بالحياة والموت.

المعيب أن تنتكس الضمائر وتستبدل الرأفة بالقسوة فترخص النفس البشرية وتتحول ديار الشفاء إلى ثكنات صراع تمنح الموت يومياً أكثر مما تمنح العلاج.

مستشفى طور الباحة يحكي واقعاً مريراً ويصف مشاهد مؤلمة جعلت منه(خرابة) بعد أن كان ذائع الصيت. (أخبار اليوم) ولجت إلى داخله وبحثت عن أسباب تدهوره، وهاهي تضع القارئ أمام صورة متكاملة عما يجري فيه.

وسائل منهارة!!

يعتصرك الألم وتتقطع نياط قلبك حزناً وأنت تسمع أنين مريض وصياح جريح أو ملدوغ مرمي في قسم حوادث المستشفى بينما يقف الأطباء عاجزين عن تقديم ولو وصفة علاج، فالمصباح اليدوي وسيلة للإنارة في المستشفى وقسم الولادة غرفة تفتقر لأبسط التجهيزات الحديثة وفوق ذلك زادها الظلام سوءاً، المستشفى تحول إلى مكان استقبال وتفويج فقط فما أن تصل الحالات المرضية لقسم الحوادث حتى يسارع الأطباء بمنحها رسالة نقل لمستشفيات عدن ولحج دون تدخل لعدم قدرة المستشفى على التعامل حتى مع أبسط الحالات وكل ما يجري فيه فقط ( شاش و مطهر أو حقنة حمى فقط)، والذي يحز في النفس كثيراً أن يظل المريض مرمياً لساعات يبحث أهله عن سيارة لنقله إلى عدن أو لحج وكثيراً ما يموت المريض في الطريق لنقص الأكسجين أو النزيف الدموي. تعطلت سيارة الإسعاف في عام 2005م ولم يتم إصلاحها أو توفير بديل حتى اليوم رغم أن المستشفى يخدم أكثر من 170 ألف نسمة. أقسام الرقود فيه ثلاثة أقسام" نساء، رجال، أطفال" وتتسع ل "180" سريراً ولكنها زنازن انفرادية يستوطنها البعوض والقطط. زادت الأوضاع سوءاً منذو تعطل مولد الكهرباء الخاص بالمستشفى في شهر نوفمبر 2007م ودب الخلاف من يومها بين مدير المستشفى الذي يصر على توفير مولد بديل ومديري الصحة بالمحافظة والمديرية اللذين يشترطان تخلي المدير عن الإدارة مقابل توفير المولد الأمر الذي رفضه المدير الحالي واعتبره استهداف، فعلى ما يبدو أن تردي أوضاع المستشفى لاتهم طالما والمسئلة صراع. تدهورت خدمات المستشفى كثيراً فلم يعد قادراً على نقل الدم وإجراء الفحوصات لعدم وجود الكهرباء. نفدت كل الوسائل وصدت السبل أمام الناس في طور الباحة ولم يعد لمناشداتهم جدوى فبقيت ألسنتهم تلوك أسئلة لم تجد الإجابة بعد فمن يا ترى يعرف سر هذا التدهور المرعب؟ ولصالح من انهيار خدمات المستشفى ومحاربته بهذه الصورة ؟

المستشفى من الداخل

لدى مستشفى طور الباحة طاقم وظيفي مكون من " 8 أطباء، 6مساعدو أطباء 26ممرضاً، 7إداريين، 4 حراس"، حاولنا اخذ آراء عدد منهم حول ما يدور في المستشفى لكنهم مع الأسف اظهروا رعباً من نقل كلامهم في الصحافة مع تأكيدهم على سوء أوضاع المستشفى وتوجيههم مذكرات قبل شهر تصف ما يجري من تدهور فلا ندري هل كانوا بحاجة إلى رخصة بالحديث من مدير المستشفى أم من مدير مكتب الصحة في المحافظة ؟ أم أنهم يعتبرون الوضع المزري مناسباً لهم ؟

سلطان الحميدي مساعد طبيب قال: في الحقيقة المستشفى في حالة يرثى لها، وهناك عدة أقسام توقفت عن العمل إلى جانب معدات وأجهزة أخرى أصبحت خارج الخدمة منها تعطل سيارة الإسعاف والمريض يتكبد مشاق السفر ويدفع مبالغ خيالية لإسعاف مريضه إلى مستشفيات لحج وعدن، إضافة إلى تعطل مكينة الأسنان، والأشعة تفتقر للمحاليل والأفلام لعدة أشهر لعدم وجود آلية للتنظيم.

ومغادرة البعثة الروسية (أخصائية نساء وولادة وتخدير) ناهيك عن توقف العمليات الجراحية فاضحى المريض يتكبد المتاعب لابسط العمليات الصغرى. وفوق هذا وذاك عدم وجود "مولد كهربائي بعد تعطل السابق ".

افتتر مكرد رئيسة قسم الولادة تحدثت على عجل بأن الأوضاع صعبة فقد وصل الأمر إلى الاستعانة بالمصباح اليدوي في التوليد وكذلك أزمة الماء وأضافت: علمنا بأن الأوضاع ستتحسن في قسم الطوارئ التوليدية قريباً.

عادل برغوش فني أشعة انتقدنا بشدة في إحدى الليالي المظلمة عن عدم نقلنا لما يعانيه المستشفى قائلاً: "انظر نحن في ظلام والأشعة متوقفة والمعاينة بمصباح يدوي والأوضاع سيئة جداً وأضاف: انقلوا يا جماعة لعلنا نجد من يسمع"

أجهزة تعفرها الغبار

قدمت منظمة جايكا اليابانية في عام 2004م بعض الأجهزة الطبية الحديثة والتي أحدثت نقلة نوعية في الارتقاء بعمل المستشفى وخففت على المرضى أعباء السفر لكنها فرحة لم تستمر وعادت المعاناة اثر توقف تلك الأجهزة عن العمل لعدة أسباب احدها الكهرباء ونقص الصيانة لتبقى أسيرة الأقسام تعفرها الأتربة. الأشعة توقفت وجهاز الموجات فوق الصوتية لا يعمل والترساوند وأجهزة الشفط (السكر).

حقاً لم يعد لدى المستشفى ما يقدمه لمرتاديه ويبقى السفر وتكاليفه الباهظة هي قدر مريض طور الباحة والمديريات المتاخمة.

على طاولة المدير

وضعنا المعاناة على طاولة مدير المستشفى الأخ/ د. وهيب المنصوب وفي ثناياها أصابع اتهام تشير إليه كمدير لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون بعيداً عن هذه الماسي، ومعه مدير الصحة بالمديرية ومدير مكتب الصحة بالمحافظة.

مدير المستشفى ارجع تدهور أوضاع مستشفى طور الباحة بدرجة أساسية إلى افتقار المستشفى للتيار الكهربائي الأمر الذي أدى إلى توقف عمل جميع الأجهزة فيه، ورغم وجود توجيهات عديدة من محافظ لحج والأمين العام للمجلس المحلي للمحافظة ووكيل المحافظة ياسر اليماني لكنها توجيهات تجاهلها مكتب الصحة في محافظة لحج دون معرفة الأسباب رغم علمنا بوجود المولدات الكهربائية في عاصمة المحافظة، هكذا قال مدير المستشفى. . وأضاف في الجانب الآخر المستشفى بحاجة إلى تجهيزات أخرى، فأقسام الرقود بحاجة إلى تأثيث، وجميع الأجهزة اليوم باتت خارج الجاهزية، المستشفى بحاجة إلى أجهزة تعقيم، ومكرسكوبات، غسالة ثياب، اسطوانات أكسجين، معدات نقل مرضى، معدات مجارحة، وفوق هذا المستشفى بحاجة ماسة جداً إلى سيارة إسعاف فمنذ توقف سيارة الإسعاف والمرضى في معاناة متواصلة وينقلون الحالات الطارئة بسيارات أجرة. وعن الميزانية التشغيلية للمستشفى قال مدير المستشفى: تبلغ الميزانية التشغيلية للمستشفى أربعمائة وعشرة آلاف ريال، يخصم منها ثلاثمائة وخمسون ألف ريال للتغذية، تسلمها المالية للمقاول مباشرة والباقي لتغطية بقية النفقات' مبالغ ضئيلة جداً زادت الأوضاع سوءاً ومكتب الصحة في المحافظة يقف موقف المتفرج، ولا ندري لماذا؟رغم أن مستشفى طور الباحة بحاجة إلى اهتمام كبير كونه يخدم خمس مديريات مترابطة مع بعضها واقرب إلى أن يكون مستشفى عام. وعن أزمة إدارة المستشفى أوضح مدير المستشفى أن مكتب الصحة في المحافظة يصر على إيجاد أزمة في الإدارة رغم عدم وجودها، وقد وضعنا مراراً أمامهم مقترحات بتوفير ما يلزمه المستشفى ثم يأتون بمن يريدون، المهم أن لا يتخذوا من أخطائهم ذريعة لتشويه سمعة الآخرين.

وحول الخدمات العلاجية أشار إلى أن هناك متعهد عليه الأدوية وهو المسؤول عن قيمتها، وكانت القضية قد أثيرت أمام المحافظ ووجه بإعفاء حالات الولادة لكن المتعهد عاد ليشكو بتحميله قيمتها مرةً أخرى.

وهي في الأساس أدوية لا تفي بالغرض، فمثلاً: ما تقدمة المحافظة لا يتجاوز قيمته سبعون ريالاً، بينما حالة الولادة الواحدة تحتاج ستمائة ريال.

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد