حتى لا تكن امرؤ فيك جاهلية!!

2011-01-31 14:34:11 هاني أحمد علي


اجتمع الصحابة في مجلس ولم يكن معهم الرسول عليه الصلاة والسلام ، فجلس خالد بن الوليد.. وجلس ابن عوف .. وجلس بلال وجلس أبو ذر ، وكان أبو ذر فيه حدة وحرارة فتكلم الناس في موضوع ما.
فتكلم أبو ذر بكلمة اقتراح: أنا أقترح في الجيش أن يفعل به كذا وكذا.
قال بلال : لا .. هذا الاقتراح خاطئ.
فقال أبو ذر : حتى أنت يا ابن السوداء تخطئني
فقام بلال مدهوشاً غضباناً أسفا وقال: والله لأرفعنك لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وأندفع ماضياً إلى رسول الله.
وصل للرسول عليه الصلاة والسلام وقال : يا رسول الله.. أما سمعت أبا ذر ماذا يقول فيَّ؟
قال عليه الصلاة والسلام : ماذا يقول فيك؟؟
قال : يقول كذا وكذا...
فتغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وأتى أبو ذر وقد سمع الخبر.
فاندفع مسرعاً إلى المسجد وقال: يارسول الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال عليه الصلاة والسلام: يا أبا ذر أعيرته بأمه.. إنك امرؤ فيك جاهلية.!!
فبكى أبو ذر رضي الله عنه وأتى الرسول عليه الصلاة والسلام وجلس..
وقال يارسول الله استغفر لي.. سل الله لي المغفرة!
ثم خرج باكيا من المسجد..
وأقبل بلال ماشيا.. فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب.
وقال: والله يا بلال لا أرفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك..
أنت الكريم وأنا المهان..!!
فأخذ بلال يبكي وأقترب وقَّبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا.
ترى كم من امرؤ منا فيه جاهلية، كم منا يخطئ في حق الآخر دون أن يكلف نفسه حتى بكلمة (آسف) وكأن هذه الكلمة ليس لها مجالاً في قلوبنا وحياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين.
مشاهد كثيرة نشاهدها عبر مسرح الحياة تمر من أمامنا مرور الكرام وكأنها عادية، فنرى ذلك الذي يخط بحق أبوه أو أمه أو إخوانه وأهله أو أصدقائه أو جيرانه أو زملائه دون أن يقوم حتى برد الاعتبار لمن أخطأ بحقه وتقديم

الاعتذار له لاعتقاده أن الاعتذار للآخرين ينقص من قدره وشأنه بل يظل متمسكاً بذلك الخطأ ومصراً عليه.  
أيضاً على الجانب الآخر نرى أشخاصاً تعرضوا للتجريح والإهانة والإساءة من قبل أناس فيهم جاهلية سواء كان عن طريق الشتم أو الهمز أو اللمز أو التمييز أو أي أسلوب يترك أثراً جارحاً في القلب، ولكنهم لا يزالون يحمولون

في صدورهم الحقد الدفين والكثير من الألم جراء ما تعرضوا له.
وقد ثبت علمياً أن من أهم صفات الشخصيات المضطربة والتي تعاني من الغضب والقلق المزمن هو أنها لا تعرف التسامح في حياتها ولم تجرب لذة العفو ونسيان الإساءة.
ما يحدث اليوم في مجتمعنا اليمني من اضطراب وقلق ناتج عن غياب مبدأ العفو والتسامح بين الناس، فنرى هناك الكثير من الأزواج المتخاصمين والأسر المتنافرة والأقرباء المتباعدين حتى الأحزاب السياسية في اليمن صارت

تشكل هاجساً مخيفاً ومقلقاً على حياة اليمنيين لعدم التوافق وبروز الخلاف والمشادات الإعلامية والكلامية بينهما وصارت حياتنا اليومية محل شد وجذب ومد وجزر وأصبح الآخر غير قادر على تحمل الآخر وصار الجميع يتربص

ببعضه البعض حيث صارت بعض المنازل مليئة بالمشاكل والخلافات وأصبحت حياتنا اليومية ساحة للصراع والذي قد يمر اليوم دون أن تجد الابتسامة طريقها إلى شفاهنا.
لماذا صار البعض منا يرفض الاعتذار والبعض الآخر يرفض التسامح؟
لماذا صار الكثير منا ينطبق عليه قول الله تعالى (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم)..
لماذا نتعمد نحن اليمنيين تشويه الصورة الجميلة التي رسمها لنا خير المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم عندما وصفنا بقوله: (جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية).
أوليس من الإيمان أن ننفض غبار الجاهلية من صدورنا بعد أن تزينا بالإسلام، أو ليس من الحكمة أن لا نفسح طريقاً للحقد والبغضاء أن يدب في نفوس بعضنا البعض.
أو ليس من رقة القلب ولين الفؤاد التسامح والتصالح ونشر الحب وحب الخير لبعضنا البعض.
هذه دعوة أوجهها عبر هذا المنبر الإعلامي الشامخ عبر الملحق المتألق (أخبار الأسرة) الذي نحاول من خلاله إيصال المعلومة الهادفة والكلمة المعبرة والتوجيه المؤثر لكل الأسر اليمنية لما من شأنه نشر المحبة ومد جسور

التسامح لبعضنا البعض للوصول إلى طريق الخير.
ولنبدأ بنشر الحب والتسامح بيننا من خلال تعاملاتنا اليومية ابتداءً من تبادل التحية والسلام بين الناس والترحيب بالجار أو الزميل وانتهاء بتقديم الاعتذار لمن أخطأنا بحقهم والعفو عمن أساء إليه فإن ذلك يطفئ نار الغضب المؤجج

في صدورنا ولنتحلى بأخلاق أهل الدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك".
وليحرص كل منا أن لا يسيء للآخرين أو يخطئ بحقهم وأن لا يكون (امرؤ فيه جاهلية )!!
وصدق الله القائل: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين".



المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد