مدانة حتى تثبت براءتها

2011-02-14 14:33:51 الدكتورة/ ندى قنبر


العزيزة أحلام القبيلي
من منطلق الرأي و الرأي الآخر و حتى يكون للموضوع بعد آخر، إليك رأي فيما كتبتيه تحت عنوان( المرأة بلا أخلاق كالشجرة بلا أوراق).
أثار العنوان انتباهي و لكني تفاجأت بالمحتوى و أنا أعهدك مع حقوق بنات جنسك.
أولا، القول بان المرأة هي سبب انحراف الرجل قول فيه مغالطة كبيرة و ظلم عظيم للمرأة و الرجل على حد سواء.
المرأة ليست "ناقصة" تكريس لدونيتها و التقليل من شأنها بأقوال مجحفة كهذه و لسنا بحاجة لأن نقول بأن المرأة هي أساس الحياة و لا يستقيم بيت من دونها و هي مربية الأجيال و صانعة الرجال.
 هذه الأفكار ما هي إلا وليدة موروث اجتماعي و خطاب ذكوري يقصي المرأة و يصورها كشيطان، و الأدهى و الأمر هو تضليل العامة و التدليل بقوله تعالى:"إن كيدكن عظيم"
 و للعلم فان الله قال هذه الآية على لسان عزيز مصر، أي إن ليس هذا هو ما يقوله الله في المرأة.
 هذه الآية كمن يقرأ "و لاتقربوا الصلاة".
 و هناك من الآيات و الأدلة ما يكرم المرأة و يعلي من مكانتها و لا ننسى إن الحبيب لم يمت في ساحة الوغى و إنما لقي ربه في حضن امرأة.
و بالنسبة لما قصدته عن الظلم الواقع على الرجل في كون المرأة سببا لانحرافه، لأن في مثل هذا الادعاء تجريدا لشخصية الرجل و اتهاما له بصميم قواه العقلية، و تسطيحه و إعطائه الصلاحية في انتهاك حرمة المرأة ، لأنه " ياحرام" مش بيده .
 و لمثل هكذا ادعاء أقول، لماذا لم ينحرف الياباني و هو محاطا بنساء مثل( القشطة)
و لماذا لم ينحرف الهندي عابد البقرة و قد أصبحت الهند من القوى الكبرى في العالم بفضل رجاله و الهندي محاطاً بنساء ما يرتدينه يظهر خصورهن و بطونهن و ظهورهن و أكتافهن و شعرهن
، و لماذا لم ينحرف الصيني و نحن نعرف الآن أين أصبحت الصين، و لماذا لم ينحرف الروسي و الأمريكي و الهولندي و الألماني و باقي إخوان الرجل اليمني في الذكورة.
 لماذا لا ينحرف إلا اليمني؟ و نقص إن نقول لولا المرأة اليمنية و ما ترتديه ، لأصبح الرجل اليمني من أعظم المخترعين، ولأصبحت اليمن في مصاف الدول الكبرى.
 أهذا هو الشاب الذي نراهن عليه لتنهض به الأمة؟.. رجل يقع فريسة سهلة بمجرد أن يقع نظره على(نقاب طيحني)؟، لماذا لا نسمي الأسماء بمسمياتها و نضع النقاط على الحروف و نواجه انفسنا بشجاعة و نقول إن سبب انحراف الرجل (اليمني) هو فراغه و خواء روحه و انعدام ثقافته و بطالته و (بعسسته) و قلة دينه و انعدام ضميره و غياب أخلاقه..
هذه الأسباب إلى جانب أسباب أخرى كانعدام مؤسسات تستوعب الشباب، و فعاليات تحتويهم إلى جانب الفقر و الأمية و التخلف تؤدي بالضرورة إلى انحراف الرجل.
و إن كان اللوم يقع على المرأة في تبرجها، فالآية الكريمة واضحة وضوح الشمس"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" ، و هناك حديث شريف فيما معناه إذا خرجت المرأة متعطرة فهي زانية ، و لم يأمرنا الحديث بالاعتداء على المرأة والتحرش بها و من ثم إيجاد مبرر سخيف للرجل كسخف فعلته.. أي إذا خرجت المرأة متبرجة فهذا شأنها مع الله، لكنه لا يعطي الحق للرجل في إيذائها واستغرب أيضا عند طرح فكرة خروج المرأة للتنزه مع مجموعة نساء، ما وجه الغرابة؟ و ما بها إذا خرجت "تشم هوا"؟، أليس من حقها؟، هل هذا حكماً شرعياً؟ و كأنها ارتكبت جريمة نكراء، حتى "شم الهواء" تتهم فيه؟ و ماذا إذا انقلبت الباصات و لا يوجد رجل؟ هل القصد هو أن وجود الرجل سيمنع ملك الموت –استغفر الله- من الدخول؟، أيضا كان الشرع واضحا بخصوص سفر المرأة دون رجل و ليس تنزهها دونه. هذا الخطاب ضد المرأة ينتهك كرامة المرأة و يزيد من كونها "مكلف" بامتياز، ماذا في أن تقضي المرأة حاجتها إذا كانت تستلزم اختلاطها بالرجل.
 المبدأ هو كيف تقدم المرأة نفسها و كيف تتحدث مع الرجل و ما الموضوع؟ ، مثل هذه الخطابات كانت سببا في حرمان كثير من البنات من التعليم، و كم أتألم عندما استفسر عن طالبة تسربت من الجامعة و أجد أن أخوها حرمها بسبب اختلاطها في الجامعة. و لماذا لا يحرم الولد من التعليم بسبب اختلاطه هو في الجامعة؟، السبب هو أن المرأة تكون دائما كبش الفداء، وهي الحلقة الأضعف. و قد صدر حكم ضدها بالإعدام الاجتماعي منذ عهود قديمة.
 والعجيب أن من يتصدر لهذه الأفكار هي المرأة نفسها .
 نعم المرأة نفسها. و أود هنا أن أورد هذه القصة: كنت قد قررت تنظيم حملة توعوية في مدينة تعز عن المعاكسات ضد النساء، و الذي اسميه التحرش اللفظي و هو شكل من أشكال العنف الجنسي ضد المرأة.
 و السبب كثرة ما تتعرض له المرأة من عنف لفظي في الشارع ينتهك إنسانيتها و يخدش حياءها، و بدأت عرض فكرتي على طلابي في المحاضرة. طبعا 99و99% من إخواني الطلاب و الطالبات كانوا مع فكرة أن المرأة هي السبب و أن (الكلب ما يجي إلا مدعي)، و لم استغرب من موقف الطلاب ، بل من بنات جلدتي الطالبات. و عندها ألقيت سؤالا، (و بالمناسبة أطرح السؤال الآن على القارئات أيضا)، من منكن لم تتعرض لتحرش لفظي بالشارع بألفاظ نابية و مخلة بالأدب؟
 فوالله لم أجد أي يد ترفع، جميعهن اجمعن على تلقيهن ألفاظ خادشة من رجال، و هذا ما أدى إلى السؤال الثاني: من منكن ترتدي ثياب متبرجة و مثيرة؟
 والله لم أجد أي واحدة ترتدي لباساً خارجاً أو فيه أي نوع من الإثارة، فأصبحت القضية لديهن واضحة. وضعت المرأة في قفص الاتهام وهي دائما مدانة حتى تثبت براءتها، هذا هو الدور الذي رسمه مجتمعنا للمرأة و الواضح أنها تؤديه بإتقان.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد