أصابت امرأة وأخطأ عمر !!

2011-03-16 15:09:34 هاني أحمد علي


يقال إن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه صعد يوماً على المنبر وخطب ضد المغالاة في المهور
وأراد أن يجعل الحد الأعلى مهور أمهات المؤمنين ـ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقاطعته امرأة بقولها: يا عمر يعطينا الله و تحرمنا؟
أليس يقول الله: ((وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا )).
فنادى عمر وهو على المنبر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
رضي الله عنك يا أمير المؤمنين (أبا حفصة) إنها امرأة من عامة المسلمين , أما هو، فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ـ صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأحد المبشرين بالجنة.
إن أخلاق المؤمن جعلت أمير المؤمنين يعترف بخطئه أمام الجميع ، فهذا الاعتراف لم يخجل سيدنا عمر ولم يقلل من شأنه ولم ينتقص من هيبته ، بل جسدت معاني جليلة بات يفتقر لها اليوم الجميع بما فيهم حكام المسلمين.
لا أعلم لماذا يعتبر البعض الاعتراف بالخطأ تقليلاً من الشأن؟ ونجد البعض يتكبرون على أخذ النصيحة من غيرهم؟
الكثير منا اليوم صار يتمسك برأيه حتى ولو علم أنه على خطأ، بل يرفض أن يقوم أي شخص كائن من كان بتصحيح رأيه أو تعديله ليجسد بذلك قول المولى جل وعلا (وإذا ذكرته بالله أخذته العزة بالإثم).
لم نعد نلتمس هذه الفضيلة في مجتمعنا اليوم كون الاعتراف بالحق فضيلة ، فالحاكم صار متمسكاً برأيه الخاطئ ولن يقبل العدول عنه مهما كلف الثمن لاعتقاده بان ذلك ينقص من هيبته وشأنه أمام الناس ، وبعض الآباء لا يقبل على نفسه أن يعترف بخطأه أمام أبناءه , والمدرس يرفض الاعتراف بخطأ ارتكبه أمام تلاميذه ، والمدير يصر كثيرا على موقفه الخاطئ دون أن يعترف أمام موظفيه بخطأه ، وهكذا صارت حياتنا اليوم بعد أن أصبح الكل يظن أنه على الصواب بينما الآخرون هم على خطأ ، وإن وجد فيما بعد أنه كان خاطئاً فهو لن يكلف نفسه حتى الاعتراف بهذا الخطأ .
لقد نسي الجميع اليوم أن الإعتراف بالخطأ هو من أساليب التربية بالقرآن الكريم ويعد فضيلة يفتقر إليها الكثير من الناس ، بل إنه شجاعة يقدم عليها المنصف الجدير بالاحترام ، فمن اعترف بخطأه أقر بإنسانيته . فالإنسان خلق من عجل ، وفيه عنصر الخطأ ، ومن أقر بخطئه فهو قادر أن يصلح ما أفسده ، أما الذي يخطىء ويدعي العصمة ولا يقر بما اقترف ففيه لؤم ولا أمان له .
فهذا أبونا آدم وأمنا حواء ، حين انجرا وراء إبليس بعد أن أقسم لهما أنه صادق ، فأكلا من الشجرة ، وبدت لهما سوآتهما اعترفا بالخطأ ، فأقرّا بذنبهما: (( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) ، وقد عفا الله تعالى عنه وزوجته حين أقرا بالخطأ : (( فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى )) .
وهذه امرأة العزيز حين أبى يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن إلا إذا بُرِّءَت ساحتُه ، يستدعيها ، وصاحباتها الملكُ ويسألهن : (( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ، قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَـنْ نَفْـسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ )) .
الآن وبعد كل هذه الآيات القرآنية التي توضح لنا أنه يجب على كل من أخطأ الاعتراف بخطئه دون حرج أو خجل أو تردد سواء كانت هذه الأخطاء صغيرة أو كبيرة .
فهل تمتلك الجرأة أن تعترف بخطئك؟

??

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد