من صور الاستبداد

2011-03-16 15:15:06 عصام قاسم


إن أمتنا العربية والإسلامية اليوم تشهد إعصاراً اسمه ثورة الشباب ضد الظلم والاستبداد على مستوى النظم والحكومات .
ولست هنا بمعرض النظر في الأسباب والدوافع والنتائج المتوقعة لهذه الثورة , ولكن أريد أن أشير إلى بعض صور الاستبداد في حياة الأسر والمجتمعات والتي تحتاج إلى ثورة أكبر من ثورة الشباب اليوم , ثورة من العلم والمعرفة والثقافة والتنمية .
من صور الاستبداد :
* صورة الطفل الرضيع الذي ما أن يشرق في سماء الأسرة اليمنية إلا وسارعت هذه الأسرة لتكبيله وتربيطه ( تقميطه ) وكأنها خائفة منه أن يولي هاربا , وإذا بهذا الوليد الذي كان ينعم بحرية الحركة في رحم أمه رغم ضيقه إذا به مقيد الحركة في دنيا الله الواسعة .
* ومع مرور الأيام تخف مقاومة هذا الصغير ثم يستمرئ القيود ويستمتع بها ولا يستطيع النوم إلا وهو مقيد الحركة مكتوف اليدين والقدمين.
* أيضاً صورة رب الأسرة الآمر الناهي الذي لا يوجد إلى جوار رأيه رأي ولا يُناقش فيما يقول وبحضوره لا تسمع إلا همسا .
هذا الوالد المستبد يصبح قيداً على حرية أفراد الأسرة وحين يغيب عن المنزل تشرق في وجوه الأطفال أجمل الابتسامات وتتعالى الضحكات ويتراكضون هنا وهناك , هذا المستبد تفقد زوجته وأبناءه وبناته مقدرتهم على التفكير واتخاذ القرار مستقبلاً، نظرا لتسفيهه لأرائهم في كل وقت وحين .
 وبالإضافة إلى العنف اللفظي هناك العنف الجسدي الذي يولد الكراهية في النفوس .
ورغم كون هذا الصنف غالباً من الرجال لكن هناك نماذج كثيرة من استبداد الجنس الناعم ليس على أطفالهن في طفولتهم فقط بل وحتى بعد زواجهم ورحم الله الإمام أحمد حميد الدين .
* الاستبداد في مجتمع المدرسة، فهناك من مدراء المدارس ومدرسيها مستبدون , الضرر العائد على أطفالنا من سلوكهم المستبد أكبر بكثير من حفنة المعلومات التي يلقنونها لهم .
ويظهر هذا الصنف من خلال استخدام العنف اللفظي والجسدي ضد الطلاب وكأنه قد أصبح جلاداً لا علاقة له لا بالتربية ولا بالتعليم .
هذا المستبد لا يقبل رأياً غير رأيه , وبالتالي يقتل الإبداع والابتكار والحوار في نفوس الطلاب والمدرسين على حد سواء , وكم يثير
السخرية تكلم هؤلاء عن الإبداع والحرية وينسوا أنه لا يمكن المصالحة بين الحرية
والاستبداد وهذا هو السر في عجز كل المستبدين في التاريخ عن توفير الحرية للناس .
* الاستبداد الديني وتصور بعض أولي العلم أنهم يملكون الحقيقة المطلقة وتصرفهم مع الآخرين على هذا الأساس , وبالتالي فهو يفسر الكون والحياة على ضوء كوة النور الصغيرة التي ينظر منها وينسى شمولية هذا الدين ومرونته وكلياته الخمس .
فهذا مؤذن يتحول إلى مستبد يتلذذ بتأخير الناس عن الإفطار في رمضان رغم مرور الوقت ورفع الأذان في جميع المساجد المجاورة , وهذا يتأخر في الإقامة حتى تتعالى الأصوات المطالبة منه بالتفضل بإقامتها , وهذا مستبد يغلق الحمامات ويمنع الماء وغيره وغيره من هذه الصور التي تتكرر أمامنا كل يوم .
* إن بعض دكاترة الجامعات يتحولون إلى مستبدين يطربهم المدح بما ليس فيهم والنفاق
ويكيلون الدرجات لحملة المباخر من الطلاب والطالبات ويشهرون سيف الرسوب على أعناق المجتهدين والمتميزين والمناقشين وأصحاب الرأي المخالف إذا لم يقدموا الولاء والطاعة ويسبحوا بحمد الدكتور ويلغوا شخصياتهم ورؤاهم .
وينسى هؤلاء أن السجان
ليس أكثر حرية من ضحيته، فالقيد الذي يضعه في يد السجين يتقيد به هو أكثر مما يقيد به ضحيته .
ختاماً:
يجهل المستبدون قوة الحرية ولذلك لا يتورعون عن الدخول في حرب ضدها .
*في الأخير هذه بعض صور الإستبداد عرضتها لأحرك شريط الصور الموجود في ذاكرة القراء والذي أعلم أن فيه الآلاف من صور الإستبداد التي تعرضوا لها في حياتهم والتي أرجوا أن نعمل على عدم تكرارها مع من نعول ، من نُعلم ، من ندير ، حتى نحاصر ونجفف منابع الإستبداد في مجتمعنا اليمني , وكما تكونوا يولى عليكم .
عصام قاسم احمد
esamkasem2010@gmail.com

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد