في حلقة نقاش وندوة حول الدولة المدنية والقضية الجنوبية..

سياسيون بعدن: مقومات الدولة المدنية جوهرها التسامح وحماية الاخر ليشعر بالانتماء الوطني

2011-04-23 00:17:27 تقرير/ علي الصبيحي


نظمت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني بعدن يوم أمس الأول حلقة نقاش موسعة حول الدولة المدنية، شارك فيها عدد من الأكاديميين والنشطاء السياسيين من مختلف التيارات، وقدموا خلالها أطروحات لأسس ومقومات الدولة المدنية المستقبلية.
حيث قدم الأخ/ عبدالناصر باحبيب ـ الأمين العام المساعد للجنة الحوار الوطني ـ الورقة الرئيسية، أشار فيها إلى أن الدولة المدنية هي التي يسود فيها القانون على أساس قاعدة الفصل بين السلطات الثلاث بمعناه الحقيقي والقائمة على مؤسسات المجتمع المدني في ظل مواطنة متساوية تمنح فيها الحقوق والواجبات والحريات الأساسية دون تمييز في العرق أو اللون وتضمن حق الأفراد في التداول السلمي للسلطة التي تستمد شرعيتها من اختيار الجماهير وتخضع للمحاسبة من قبل الشعب أو نوابه.
وقال باحبيب: إن الدولة المدنية تختلف عن الدولة العسكرية التي يحكمها الجيش والتي تتفرع منها الدولة البوليسية وأجهزتها الديكتاتورية التي تعمل على عسكرة الحياة المدنية كما، أنها تختلف عن الدولة الدينية النيوقراطية القائمة على حكم رجال الدين والتي يحكم فيها الحاكم باسم الله ويكون نائباً عنه في حكم المجتمع.
وأضاف باحبيب: إن من مقومات الدولة المدنية المواطنة، التي جوهرها التسامح واحترام الآخر، بحيث يشعر بالانتماء الوطني في دولة ديمقراطية تتيح الحرية التامة للأحزاب والصحافة المعارضة في إبداء رأيها مع الالتزام بالحقيقة والمنطق في النقد الذي يخدم مصلحة الوطن دون مصادرة حق أي صحيفة أو كاتب بأمر قضائي مستشهداً بممارسات النظام الحاكم ضد صحيفة الأيام ومصادرة حقها.
من جانبه قال الأخ/ عبدالواحد المرادي ـ عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي ـ في مداخلته إن الدولة المدنية لا يمكن أن تتشكل إلا بعد خروج أدوات القوة والجيش والأمن من السياسة وتكون مؤسسات وطنية حامية للمجتمع وتشكل لكل منها قيادة وطنية خارج السياسة، مستشهداً بدولتي الهند وباكستان، فعلى الرغم من وجود ديانات متعددة في الهند إلا أنها تعيش ديمقراطية مزدهرة، فقط لأن القوات المسلحة والأمن خارج السياسة، بينما في باكستان العكس فالحكم بالقوات المسلحة أكثر من صناديق الاقتراع.
وفي مداخلة د.جعفر الشلالي أستاذ القانون ـ فقد أوضح أن إقامة الدولة المدنية في اليمن يتطلب قبل مناقشة دستور جديد وضع حلول للإشكاليات التي خلفها النظام من سياسة الإقصاء والتهميش وكبت حرية الرأي والقمع الفكري وثقافة الخوف، كما يتطلب الوقوف أمام ثورة الشباب وتبني قضيتهم وبلورة أفكارهم إلى جانب حل القضية الجنوبية ومعرفة ملامح الدولة التي يجب أن تقام هل ستكون دولة اتحادية أم دولة مستقلة للجنوب أم الدولة القائمة، مؤكداً أن هذه الخيارات الثلاث لا يمكن أن تحل إلا بموقف أخلاقي وإنساني سياسي يضمن بشكل ديمقراطي الحرية والاستفتاء للجنوبيين وتقرير مصيرهم، غير ذلك فإن أي صياغة لدستور مدني في ظل الدولة العسكرية الحالية غير مقبول قانونياً.
وفي حلقة النقاش أيضاً قال الأخ/ رشيد عجينة ـ المنسق العام للجنة العليا لحزب جبهة التحرير ـ إن الوطن العربي يقوم على الحكم العسكري ولم يطبق قوانين الدولة المدنية، مشيراً إلى أن حكومتي صنعاء وعدن سابقاً همشتا دور الشخصيات السياسية الوطنية التي تعمل لمصلحة البلاد، فالحزب الاشتراكي كان وجوده في عدن دون تمثيل وطني لكل المحافظات وكذلك في صنعاء كان الحكم مركزاً على العسكر.
وأضاف عجينة: لكي نتخلص من ذلك الركام ونبني دولة مدنية يجب أخذ العقول الاقتصادية المفكرة لتسيغ هي دستوراً تحت الاستفتاء من شخصيات وطنية قيادية تشرك فيها كل المحافظات مع مراعاة خصوصية كل محافظة.
من جانبه أكد الإعلامي عبدالله ناجي على ضرورة إسقاط الدولة المدنية على واقع اليمن في ظل مستويات مختلفة، على اعتبار أن هناك مناطق مهيئة لاستقبال الدولة المدنية وهناك مناطق لازالت المفاهيم القبلية مسيطرة عليها، مما يشكل صعوبة في تطبيق الدولة المدنية، مستنداً إلى دراسة أثبتت أن (90%) من مشاكل المجتمع اليمني لا تحل في المحاكم بل تحل بالعرف القبلي.
وقال ناجي: نحتاج إلى عشر سنوات وأكثر لتطبيق القانون المدني وإلغاء خصوصية المستويات المختلفة، لافتاً إلى أن من الأولويات تعزيز ثقافة التصالح والتسامح وثقافة قبول الآخر وتحرير الناس من ثقافة الإقصاء.
من جهته قال الناشط السياسي محمد عفيف إن إيجاد دولة مدنية يتطلب إقامة نظام سياسي تعددي، ينقل التبادل السلمي للسلطة وتغيير نظام الحكم على قاعدة النظام البرلماني والدولة الاتحادية والحكم المحلي كامل الصلاحيات واستقلالية القضاء والأمن والجيش ومؤسسات الدولة بعيداً عن سيطرة أي جهة وحظر تولي أقارب المسؤولين.
وأضاف عفيف: لا بد من توفر المساواة وسيادة القانون وتشكيل آليات لضمان الحقوق المدنية للمواطن وللمرأة في حق التعبير.
كما تم في حلقة النقاش طرح العديد من الرؤى والأفكار لعدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والأكاديمية، تركزت في مجملها على كيفية إيجاد دولة مدنية ومشروع جديد يستفيد من كل الأخطاء ويكون مشروع دولة مدنية عادلة تلبي طموحات الشعب ولا تلبي طموحات النخب السياسية أو القبلية ويسود فيها القانون وتثبت فيها مفاهيم المواطنة وتحقيق الانتماء الوطني.
إلى ذلك اتهم العميد/ ناصر صالح الطويل ـ أمين عام الحراك الجنوبي بعدن ـ النظام القائم بممارسة الأفعال الانفصالية خلال فترة حكمه التي أعقبت الوحدة اليمنية المباركة.
وأوضح أن القضية الجنوبية هي تركة ثقيلة أوجدها النظام الفاسد في إطار ممنهج وأن السلطة هي من قضت على الوحدة حين خضبتها بالدماء في حرب 94م.
وأضاف خلال مشاركته في ندوة سياسية عن القضية الجنوبية أقيمت مساء أمس الأول الخميس في ساحة الحرية بكريتر ـ أضاف أن أبناء الجنوب جميعاً مع الوحدة التي تضمن كرامة وشرف الجنوبيين.
وحذر أمين عام الحرك الجنوبي بعدن من أي محاولات تهمش الجنوب خلال الفترة القادمة، مؤكداً أن حل القضية الجنوبية لا يأتي عبر الترقيع وهي قضية تهم كل شرفاء اليمن.
من جانبه قال المناضل/ حسين عبده عبدالله ـ أحد مناضلي حزب التحرير: إن معاناة الجنوب تمتد إلى فترة ما بعد الاستقلال في عام 1967م، مشيراً إلى بطولة أبناء عدن التواقين لاستنشاق الحرية والكرامة.
وأضاف: ليست عدن وحدها تعاني من الظلم والتهميش، بل كل اليمن، داعياً شباب الثورة للعمل المنظم وتنسيق المواقف لمواجهة المستقبل، محذراً من محاولة الالتفاف على الثورة وجعل القضية الجنوبية لصالح مصالح شخصية وقطع الطريق أمام تلك المحاولات لوضع رؤية مشتركة وتنسيق المواقف وتوحيد الصفوف لشراكة حقيقية وأن تكون عدن هي منطلق الشراكة الحقيقية وأن يتقدم أبناءها صفوف الثوار.
وفي السياق ذاته أكد الناشط الحقوقي والسياسي نبيل النقيب أن الشباب هم من صنع الثورة وتبعهم الأحزاب، داعياً جميع ساحات الحرية والتغيير في الجنوب لوضع رؤية واضحة لأهداف الثورة.
 وأشار إلى أن مصطلح القضية الجنوبية تم رفعه لأول مرة من قبل الحراك الجنوبي، ثم تلته أحزاب اللقاء المشترك، ثم شباب التغيير، مؤكداً أن القضية الجنوبية أصبحت محل إجماع لكل اليمنيين.
وأكد على ضرورة إيجاد تعريف واضح لمصطلح القضية الجنوبية من خلال حوار جنوبي جنوبي، محذراً في الوقت نفسه من انفراد أي طرف بالقرار الجنوبي دون بقية أبناء الشعب وأن يكون الحوار عميقاً وشفافاً، مطالباً بالاعتذار من الشعب الجنوبي على كل الإساءات منذ الاستقلال، مؤكداً بأنه ليس لأي أحد حصانة أمام هذه الثورة.
 
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد