دور الأسرة في بناء الأجيال

2011-04-26 14:33:06 هاني أحمد علي


سرق رجل مالاً كثيرًا، وقُدّم للحد فطلب أمه، ولما جاءت دعاها ليقبلها، ثم عضها عضة شديدة، وقيل له ما حملك على ما صنعت؟
قال: سرقت بيضة وأنا صغير، فشجعتني وأقرتني على الجريمة حتى أفضت بي إلى ما أنا عليه الآن.
تحمل هذه القصة القصيرة دلالات عظيمة ودروساً كبيرة تبين لنا من خلالها دور الأسرة في تربية الأبناء التربية الصالحة التي تستقيم على الأخلاق الحميدة والسلوك الحسن والتربية الصالحة من خلال الأسرة.
لعلها فرصة أن أخوض ولو قليلاً حول دور الأسرة في تربية الأولاد من خلال ملحق "أخبار الأسرة" الذي نعتبره محطة نصف شهرية يحمل في طياته الكثير من الدروس الهادفة نسعى من خلاله أن نصل إلى كل أسرة يمنية في ربوع هذا الوطن، خصوصاً ونحن مجتمع لازال محافظاً على قيمه متمسكاً بتعاليم الدين الحنيف.
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع ودور الأسرة في تربية الأبناء يحتاج ذكره إلى مؤلفات ضخمة، فلن أستطيع من خلال المساحة هذه أن أسرد كآفة التفاصيل ولكن لا يمنع أن أقطف الزهور لعلها تجد طريقها للفائدة والاستفادة من سطورها.
تربية الأولاد ليس أمراً هيناً، فهي أمانة تقع على عاتق كل أب وأم لقوله تعالى (إنَّا عرضنا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ والجِبَالِ) وقد جاء ضمن معاني الأمانة ، أمانة الأهل والأولاد، فيلزم ولي الأمر أن يأمر أهله وأولاده بالصلاة، ويحفظهم من المحارم واللهو واللعب كونه مؤتمناً ومسئولاً عما استرعاه الله .
ويجب أن تتضافر جهود الآباء والأمهات في المنزل للمحافظة على بناء الأسرة الصالحة في المجتمع، فهم مسئولون عن ذلك أمام الله ، قال تعالى (يأَيُّهَـا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة).
يبذل الوالدان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم وتنشئتهم وتعليمهم، ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة، فالأبناء أمانة في عنق والديهم، والتركيز على تربية المنزل أولاً، وتربية الأم بالذات في السنوات الأُوَل، فقلوبهم الطاهرة جواهر نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهم قابلون لكل ما ينقش عليها، فإن عُوِّدُوا الخير والمعروف نشأوا عليه، وسُعِدوا في الدنيا والآخرة، وشاركوا في ثواب والديهم، وإن عُوِّدُوا الشر والباطل، شقُوا وهلكُوا، وكان الوِزْرُ في رقبة والديهم.
ويمكن القول بأن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية الأولاد - منذ ولادتهم - وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وما أجمل مقولة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- "الصلاح من الله والأدب من الآباء" .
وما أجمل عبارة : " إن وراء كل رجل عظيم أبوان مربيان"، وكما يقول بعض أساتذة علم النفس : "أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء".
وكما قيل : "الرجال لا يولدون بل يُصنعون".
فدور الأسرة ليس محصوراً على كسب الرزق والطعام والشراب والملبس، بل إن الأسرة هي التي تكسب الطفل قيمه فيعرف الصح والخطأ والحق والباطل والخير والشر، لذلك فإن مسؤولية عائل الأسرةِ في تعليمِ أهله وأولاده القيم الرفيعة، والأخلاق الحسنة، لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم).
ويقول ابن القيم -رحمه الله: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أَساء إليه غايةَ الإساءة، وأكثر الأولادِ إِنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوها صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا) .
ونذكر هنا قصة الرجل مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي جاء يشتكي عقوق ابنه إلى أمير المؤمنين، فطلب عمر: أن يلقى ابنه، فسأل الابن عن عقوقه لوالده، فقال: إن أبي سماني جُعُلاً، ولم يعلمني آية واحدة .
 فقال عمر للرجل: لقد عققت ابنك قبل أن يعقك.
ولذلك ينبغي تعويد الأولاد منذ صغرهم على التحلي بمكارم الأخلاق والآداب العامة، فدور الأسرة في رعاية الأولاد هو أقوى دعائم المجتمعِ تأثيرًا في تكوين شخصية الأبناء، وتوجيه سلوكهمِ، وإعدادهم للمستقبل.
كما أن هناك أمور خطيرة يجب على الأسرة أن تتنبه لها من خلال التربية ، فبعض الآباء والأمهات يناقضون أنفسهم بأنفسهم، فتجدهم يأمرون الأولاد بأمور وهم يخالفونها، وهذه الأمور تسبب تناقضاً لدى الأولاد، فالأب الذي يكذب، يعلم أبناءه الكذب، وكذلك الأم التي تخدع جارتها بمسمع من بنتها تعلم ابنتها مساوئ الأخلاق.
وأخيراً الأولاد نعمة من الله أنعم بها على عباده وكلف الخلق بشكرها ورعايتها وحفظها الناس وحسن توجيههم يصلح أبناءهم، فيجب وقايتهم بتعليمهم ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم وتأديبهم الأدب الحسن وفق تعاليم الإسلام أمراً ونهياً وفعلاً وتركاً ، والتربية مهمة جسيمة وغاية عظيمة، فالتربية الصحيحة تثمر لنا جيلاً يرفع راية هذا الدين ويخلق لنا مجتمعاً صالحاً مبنياً على الطاعات والأخلاق الحميدة.
مدير التحرير

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد