خبير اقتصادي لبناني يتحدث عن مأزق النظام التاريخي ويؤكد أن..

ثورة اليمن ترعب أميركا وحكام الخليج لأنها مفتاح التغيير في الجزيرة

2011-05-05 18:20:14 حاوره/ عبدالحافظ الصمدي


اعتبر ما يجري من حلول وسط في اليمن يهدف لإيقاف مد العملية الثورية التغييرية الشاملة وأكد أن تهديد الحكومة اليمنية لشعبها بالإفلاس ورسم صورة قائمة للأوضاع المستقبلية لا يمكن لها أن توقف الثورة.. الخبير الاقتصادي اللبناني / غالب أبو مصلح في حوار هاتفي مع "أخبار اليوم" أشار إلى اتفاق أميركي – سعودي يقضي بحماية حكم العائلة في المملكة مقابل استمرار تدفق النفط على أميركا وحلفائها..
وقال إن إدارة واشنطن أكثر حرية في إنفاق الأموال السعودية، كونها لا تخضع لموافقة الكونجرس كالأموال الأميركية، كما أن رضوخ نظام صالح للضغوط السعودية والأميركية في إدارة الاقتصاد أوقعه في مأزق تاريخي وتدهور الأوضاع وهاهي شرارة الثورة اليمنية تثير مخاوف الخليج والغرب - حسب تعبيره..
وفيما يلي نص الحوار:
 
* كيف تقرأون الوضع في اليمن في ظل ما ينشر من وثائق رسمية تكشف عن نفاذ احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة خلال عام واحتمال توقف ضخ النفط والغاز..؟.
** النظام اليمني أساء إدارة الاقتصاد منذ زمن بعيد، وتحت ضغوط إقليمية ودولية من قبل الولايات المتحدة والسعودية اتبع النظام السياسة الليبرالية إلى حد بعيد جداً وأخذ بتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين.. هذه السياسات كفيلة بأن تدفع بالأمور إلى مأزق تاريخي، وهذا المأزق لم يكن يتمثل بالإفلاس، بل في إفقار الجماهير وزيادة معدلات البطالة وتعطيل الإنتاج ..الخ، طبعاً هذه الأمور دفعت بالجماهير إلى الثورة.. ولا نستطيع القول إن التهديد بالإفلاس يمكنه إيقاف الثورة باليمن؛ إذ أنها من المفترض أن تهدف إلى إصلاحات جذرية على الصعيد الاقتصادي كما على الصعيد السياسي، لكن لا ندري إذا كان للثوار أي برنامج من هذا النوع.. هناك برنامج لإسقاط حكم رئيس الجمهورية ولكن هل هناك تصور بديل للسياسات التي قادها علي صالح، هذا سؤال كبير وحدها المعارضة من تستطيع الإجابة عنه..
النظام يواجه الثورة بتهويل الأزمات:
** يواصل أبومصلح.. طبعاً إفلاس اليمن، يعني إفلاس الحكم الحالي وليس الثوار، كونهم لم يحكموا بعد وحتى لو وصلوا إلى الحكم حتماً سيواجهون أياماً صعبة نتيجة السياسات الطويلة التي اتبعها الحكم الراهن ونتيجة تضامن الولايات المتحدة والسعودية ودول الخليج مع هذا الحكم الراهن.. هذا في تقديري..
* يعني بالإمكان القول أن ما ورد في الوثيقة لم يكن فزاعة يستخدمها النظام..؟.
** ربما هناك مبالغة فيما حوته الوثيقة وتستعمل كتهويل على الثوار لرسم صورة قائمة لمستقبل اليمن والمسؤوليات الكبيرة جداً التي سيتحملها الثوار في حال نجاح ثورتهم، هذا توقعاً، لكن من المؤكد أن اليمن يعاني أزمة حقيقية على الصعيد الاقتصادي؛ الموازنة في أزمة ، النفط يتراجع إنتاجه، البنية التحتية مهترئة أو على الأقل لا تلبي حاجات الاقتصاد الحديث، فهناك مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية بلا شك..
إرهاب السلطة للجماهير لن يوقف الثورة:
* مقاطعة.. لكن الحكومة مصرّة على سياسة التهديد بالإفلاس وتحرم مواطنيها من مادة الغاز والوقود لتمارس سياسة تجويع اليمنيين..؟.
** نعم تحاول الحكومة ذلك ومن الطبيعي في ظل هذا الصراع التي تخوضه السلطة الحاكمة للإبقاء على الحكم، أن ترهب الجماهير بشتى الوسائل، ليس بالسلاح فقط بل على الصعيد الاقتصادي أيضاً، ولكن الأمور لا يمكن إصلاحها في ظل هذا النظام الذي يجب أن يسقط ليتسنى للثوار طرح بديلهم الشامل وهو ليس فقط على الصعيد السياسي والإداري، بل أيضاً على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، جميع السياسات؛ الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية إذا صح التعبير يجب أن تتبدل في اليمن ومما لا شك فيه أن تمر البلاد بمراحل صعبة، فليس من السهل أن تكون هناك قوى تقدمية وتغييرية في اليمن في ظل الهيمنة السعودية والخليجية وهيمنة دولار النفط على السياسات في تلك المنطقة وخاصة تدخل الولايات المتحدة بقيادة أسطولها الخامس في البحرين، لها قواعد حقيقية في المملكة العربية السعودية، وأيضاً حكم العائلة في المملكة بحماية أميركية.
هناك لجنة بين وزارة الخزانة الأميركية والسعودية لإدارة أموال النفط والإنفاق للملكة من أجل الوصاية على دول الخليج أو إمارات الخليج بالأحرى.. طبعاً أعتقد أن الولايات المتحدة والأنظمة في الخليج لا يمكن أن تكون متاحة لتغيير ديمقراطي يمكن أن يعيشه اليمن ويغير سياساته ليتبع اليمن سياسات تحررية مركزة حول الداخل في أفق تقدمي أو شبه تقدمي، يهتم في القضايا العربية والإقليمية والتغييرية في اليمن مفتاح التغيير في الجزيرة وهذا ما يرعب جميع الحكام في شبه الجزيرة العربية..؟.
أميركا أكثر حرية في إنفاق أموال السعودية:
* بالمناسبة .. لماذا تتخوف دول الخليج من التغيير في اليمن..؟.
** خشية الزعماء في حكومات الخليج أولاً أن بريطانيا قامت كدولة على كل بئر نفط في منطقة الخليج والسعودية، منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، فالمملكة موضوعة تحت الوصاية الأميركية، إذ في سنة 73 تم الاتفاق على إنشاء لجنة على أساس أن الولايات المتحدة تحمي حكم العائلة في السعودية مقابل عدة أشياء، منها استمرار تدفق النفط على أميركا وحلفائها وإنفاق أموال النفط من قبل لجنة سعودية – أميركية مشتركة، مستشهداً بقول أحد أعضاء الكونجرس الأميركي بأن "وزارة المالية الأميركية" هي أكثر حرية في إنفاق أموال السعودية من إنفاقها الأموال الأميركية، لأن إنفاق الأموال الأميركية يحتاج إلى موافقة الكونجرس، بينما إنفاق الأموال السعودية لا يحتاج لموافقة أحد.. طبعاً هذا الواقع الأميركي – العربي في السعودية ودول الخليج واقعاً مؤلماً، حيث هناك ثروات هائلة عربية هي من حق العرب ككل وحق الأمة العربية، تحتكرها قلة وحتى هذه القلة لا توزع عائدات النفط بشكل عادل بين أبناء الشعب في دول الخليج، مثلاً في السعودية معدل الراتب للفرد 850 دولاراً وهو لا يغني من جوع ، نسبة الفقر مرتفعة، بينما هناك فئات لأعضاء العائلة المالكة الذين يتجاوز عددهم ستة آلاف شخص، تتراوح الرواتب للعائلة المالكة أكثر من مائتين وخمسين ألف دولار حسب تقرير مجلة لندنية.. فهذا الواقع مع وجود " انتريجنسيا" ومعدلات مرتفعة من التعليم في السعودية، هناك نقمة وإرادة للتغيير ولكن هناك قمع يمنع أي إمكانية للتغيير أو التفكير في التغيير، فمن هذه الناحية كان النظام السعودي بحاجة إلى حماية خارجية، وبالأخص حماية أميركية من تطورات الداخل والخارج وبالتالي يرون في الثورة اليمنية تشجيعاً على التغيير في السعودية ودول الخليج.. من هنا مثلاً: الهجمة الشرسة على البحرين، برأيي ليس لأن البحرين فيها أكثرية شيعية، كون ما طرح هو تغيير الملكية المطلقة في البحرين إلى ملكية دستورية، حيث تصبح السلطة لممثلي الشعب وهذا ما يرعب السعودية ودول الخليج ولعل التغيير في اليمن كما يرى العديد من المراقبين السياسيين – أنه بداية التغيير في السعودية والمنطقة فالشعب اليمني شعباً نشيطاً تغلغل في السعودية ودول الخليج وبالتالي يمكن أن يصبح لساناً لثورة الجماهير وللتغيير وهذا ما يرعب كل الحكومات العربية ويرعب الولايات المتحدة..
* هل تعتقد أن لهذه الأسباب تقدمت دول الخليج بمبادرة لاحتواء الثورة اليمنية..؟.
** طبعاً دون أن يقطعوا رأس الثورة كما حاولت الولايات المتحدة في مصر بإبدال حسني مبارك بعمر سليمان وهو ظل لمبارك، يعني التغيير مجرد قناع وحاولوا بإصرار أن يبقوا على نفس النهج كما فعلوا في تونس أيضاً ولكن الجماهير أصرت على التغيير وأحدثت تغييراً كبيراً والتغيير لم ينته بعد، فعندما تمسك الجماهير بزمام أمورها وتصر على أن تراقب وتحاسب وتطور، فهذه هي الثورة الحقيقية التي لا تنتهي بين ليلة وضحاها، بل هي عملية تغيير مستمرة يمكن أن تأخذ سنوات، المهم أن تبقى الجماهير على يقضتها إرادتها في التغيير، أن ترسم مستقبلاً لذاتها، أن تحدد أهدافها وتعمل من أجل تحقيق هذه الأهداف .. فما يجري من حلول وسط في اليمن هي لإيقاف هذه العملية الثورية التغييرية الشاملة، فذلك من مصلحة الأنظمة في الخليج ومصلحة الولايات المتحدة..
انقسام القوى خطر على الثورة:
* برأيك.. دول الخليج هل بمقدورها احتواء الثورة..؟.
** أعتقد أن ذلك مستحيل، إلا في حال إحداث انقسام عميق بين قوى الثورة وبالتالي يستطيعون قطع الطريق على هذا التغيير والتطور المستمر الذي يمكن أن ينقذ اليمن ويبني يمناً جديداً على صعيد السياسات المتبعة، البنية الإدارية والسياسية على صعيد الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، نأمل أن تنجح الثورة في اليمن ووضع البلد على طريق التطور المستمر والثابت الذي يخدم أهداف الجماهير..كأكثر من
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد