ثق بالله وتوكل عليه

2011-05-11 22:35:07 هاني أحمد علي


لا يختلف اثنان على أن ابتعادنا عن الخالق وركوننا على المخلوق هو من أوصل حالنا اليوم إلى ما نحن عليه ، أصبحنا اليوم نثق في الناس أكثر من ثقتنا برب الناس ، وصار المخلوق هو الموثوق به أكثر من الخالق ، فعندما نوكل أمورنا الحياتية إلى أناس مثلنا لا يضرون ولا ينفعون هو حتماً ما يجعلنا خائبين ، وقد أحببت أن أنقل إليكم قصة واقعية لامرأة لجأت إلى الله وتوكلت عليه حق توكله.
حيث تقول إحدى الأخوات ، ونحن في انتظار المولود الجديد فإذا بالدنيا تضيق بنا بسبب دخول زوجي السجن ظلماً وبهتاناً ، وأثناء وجوده في السجن رزقنا الله بطفلةً جميلة فحمدت الله وشكرته ، وتمر الأيام وأنا وطفلتي داخل شقتنا الصغيرة ولا أحد يدري بنا وكأن هذا الحكم الظالم على زوجي شملنا جميعاً وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ".
وفي ذات ليلة تصاب طفلتي بمرض شديد وتصرخ وتبكي من شدة الآلام وأنا لا استطيع أن أفعل لها شيئاً .. فأخذت أناجي إلهي "من لي سواك ربي ، ومن أتوكل عليه غيرك ومن حسبي غيرك" ، وأخذت أتوسل إليه وأتضرع ليشفي طفلتي ، فأنا لا أملك أي شيء ، لا مال للطبيب ولا مال للدواء وأنام بدون عشاء معظم أيامي.
جلست إلى جوار طفلتي ، لتجتمع أحزاني وآلامي مع ظلمات قلبي فتكون السحاب في عيني اللتين أخذتا تمطران الدمع كالسيل على خدي ، وفي ظلمات الليل ومع أنين القلب والساعة تقترب من الثانية بعد منتصف الليل والقلب الحزين ما زال يناجي ربه إذ بي أسمع طرقات على الباب.
فأسرعت نحو الباب وقلت من؟
فقال: أنا الطبيب.
وبدون شعور فتحت الباب وإذا بطبيب يحمل حقيبة ويقول: السلام عليكم ، أين الطفلة المريضة؟
وأنا في خضم دهشتي وفزعي أقول له إنها بالداخل .. إنها بالداخل.
فدخل الطبيب وكشف عن طفلتي وكتب الروشتة ووقف خارج باب الشقة وأخذ يقول: هيا يا أختي أسرعي.
فقلت :ماذا تريد يا دكتور؟.
قال: ماذا أريد !!.
أريد الأجر.. أجر الكشف يا أختي.
فقلت له: لا أملك شيئاً والله لا أملك.
فقال الطبيب: أما عندك حياءً ، توقظيني من نومي وتخرجيني من بيتي في هذا الوقت، ثم تقولين إنك لا تملكين أجرة الكشف؟.
فقلت له : والله ما أيقظتك .. والله لم أتصل بك ، إنني لا املك تليفون في بيتي.
فتعجب الطبيب وقال : أليس هذا منزل فلان بن فلان؟.
فقلت :لا يا دكتور إنه بالشقة التي بجوارنا، فدمعت عينا الطبيب وقال ما الحكاية؟.
ماحكايتك يا أختاه؟.
فرويت حكايتي للطبيب ، فخرج والدموع تنهمر من عينيه وأحضر الدواء والعشاء وجعل لي راتباً شهرياً حتى فرج الله سبحانه وتعالى كرب زوجي وخرج من السجن.
يالله ما أعظم من تناجي ربها وهي على ثقة بأنه سيلبي دعاءها ، وهذه المرأة نموذج حقيقي لتلك المتمسكة بحبل الله الذي سخر لها الطبيب الذي دخل المنزل عن طريق الخطأ بعد أن كادت ابنتها تموت بين يديها ولكن ثقتها بالله هي من أعادت لها الحياة.
كم منا اليوم يدعو وهو على يقين أن الله سيستجيب له ؟ من منا اليوم يتوكل على الله في كل أموره ؟ الكثير منا للأسف لا يرفع يديه إلى السماء إلا عند المحن والمصائب ، حتى طلاب المدارس باتوا يحافظون على الصلوات والدعاء لله والتوكل عليه قرب الامتحانات فقط بينما البعض لا يدخل المسجد طوال العام.
ما أعظم أن نتوكل على الله في كل جوانب حياتنا ونثق كل الثقة أننا لن نخيب ونحن قد توكلنا على جبار السموات والأرض ، فكم هو جميل أن يقدم الرجل على الزواج وهو متوكل على الله واثقاً بأن الله قد وفقه ببنت الحلال وشريكة حياته التي ستعينه على مشاكل الحياة وستكون سنداً وعوناً له .
يالله ما أجمل أن يخرج الرجل من منزله لطلب الرزق وهو متوكلاً على ربه بأنه لن يعيده خائباً وأن هناك الخير الوفير في انتظاره.
يالله ما أجمل أن يتوكل المريض على الله قبل أن يدخل إلى الطبيب ليخرج بعدها معافى ، لأن ثقته بالله كبيرة ودخل إلى الطبيب وهو يعلم أن الشافي هو الله والطبيب ليس سوى سبب من أسباب الشفاء.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ".
ويقول أبن القيم رحمه الله : " التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد مالا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم}.
 فلنجعل ثقتنا بالله كبيرة فهو من بيده الخير والشر وهو على كل شيء قدير.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد