في اختتام الندوة التي نظمها مركز "مدار" للدراسات بعدن..

المشاركون يطالبون بحل القضية الجنوبية دون تجزئة

2011-05-25 06:02:00 أخبار اليوم/ علي الصبيحي


اختتمت أمس بعدن الندوة المتعلقة بالقضية الجنوبية "الأبعاد وآفاق الحل" نظمها مركز دراسات الرأي العام والبحوث الاجتماعية "مدار" خلال يومين، تم فيه طرح عدد من الرؤى والأفكار لعدد من المنظرين والباحثين وممثلي التيارات والتكوينات السياسية، حيث قدم د/ قاسم المحبشي مداخلة قانونية تناول فيها الآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية لحرب 94، وما بعدها، أشار فيها إلى ضرورة بلورة مفهوم الحق وتصنيفه وتعريفه كمبدأ عام، وتشكيل لجان متابعة وتحقيق لتقصي الحقائق وإصدار تقارير بالانتهاكات والإبادة الجماعية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
 وقال المحبشي: إن مجلس الأمن قد نظر في حالة الجمهورية اليمنية آخذاً بعين الاعتبار مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأبدى قلقه إزاء قتل المدنيين الأبرياء وقصف المدن.
وأضاف المحبشي: قام النظام الحالي بتطبيق جريمة إبادة جماعية في حق أبناء المحافظات الجنوبية، مشيراً إلى أن الإبادية الجماعية لا تعني فقط التدمير الفوري لجماعة ما، إنما هي أيضاً وضع خطة منظمة مركبة من طائفة واسعة من الأفعال المختلفة، تستهدف تدمير الأسس الضرورية لحياة الجماعة بهدف القضاء عليها وتحطيم مؤسساتها ومشاعرها الوطنية وامتهان كرامتها وحرمانها من حق الوجود ومن الحق في الحياة وهذا ما باشرت بفعله قوى النظام المهيمنة منذ العام الأول لاتفاقية الوحدة، حيث بدأت باغتيال أكثر من 150 كادراً وقيادياً من أبناء المحافظات الجمهورية.
 وتابع المحبشي: قام النظام باستخدام القوة المفرطة بدون تمييز قتل فيها مواطنين ومدنيين بلغ عددهم أكثر من ألف حتى فبراير 2011م كما قام بإلحاق الأذى الجسدي عدد كبير وتذويقهم الوان التعذيب واعتقال 52 ألف وتسريح أكثر من 560 ألف من أبناء المحافظات الجنوبية بالإضافة إلى عدم مراعاة الاختلاف بين ما كان عليه النظام في الجنوب القائم على أساس الملكية العامة، وهنا يكمن عمق جريمة النظام المادية والمعنوية حيث كان هناك فرقاً شاسعاً في المستوى المعيشي والاقتصادي للشعب الجنوبي الذي كان يعتمد على الوظيفة العامة أو ما يشابه الضمان الاجتماعي، ما أدى إلى زيادة الفقر في الوقت الذي دمر فيه النظام المؤسسات الاقتصادية والثقافية والتربوية والصحية المجانية ومؤسسات النقل وتعطيل 40 مضيفاً إنتاجياً و44 مؤسسة ما أدى إلى عجز الجنوبيين عن مواجهة تحديدات الحياة الجديدة، التكيف مع الوضع الجديد ترتب عليه حالات وفاة مبكرة بسبب تفشي الأمراض وارتفاع حالة الأرض النفسية والاكتئاب والقلق والفقدان والإحساس بقيمة الذات مع الافتقار إلى كل أنواع الموارد، ما أدى إلى اصطدام احتياجات الناس ومتطلباتهم.
وفي ختام مداخلته لفت المحبشي إلى نجاح المشروع الوحدوي الألماني فقط عند ما أقر البرلمان قانون التضامن مع الشرق وحصلت بموجبة الولايات الشرقية حتى نهاية 2002م على 94.50 مليار يورو من أجل إعمار الشرق اقتصادياً، وفي عام 2005م حتى عام 2019م ضمن القانون 156 مليار يورو للولايات الشرقية بالإضافة إلى إنشاء صندوق الوحدة الألمانية الذي استثمر في السنوات الأربع من عمر الوحدة 115 مليار مارك ألماني واعتماد صندوق التكافل الأول الذي هدف إلى تحقيق التساوي المعيشي والذي أنفق ما يقرب من 1.6 بليون يورو على صنادق التقاعد والقطاع العام وبناء الشوارع وإصلاح المدن وجذب الاستثمار.
 كما ألمح المحبشي في مقارنة بسيطة للمفارقات بين وحدة ألمانيا ووحدة اليمن، مشيراً إلى أنه 80% من مصادر الدخل تأتي من الجنوب.
وفي مداخلة أخرى قدمها الأكاديمي/ عبدالله ناجي، أشار فيها إلى أن فشل المشروع الوحدوي أنتج القضية تم قيامه من خلال مؤشرات سياسية واقتصادية واجتماعية، منوهاً إلى أن الاتفاقية الوحدوية كان يجب أن يكون النظام السياسي فيها نظاماً رئاسياً أي رئيس مجلس رئاسة وأربعة يشكلون مجلس الرئاسية ثم ما لبث أن تحول إلى نظام فردي.
وأضاف ناجي: أما المؤشر الاجتماعي للوحدة هو أننا توحدنا في عام 90 بالأحضان ـ مواطن جنوبي ومواطن شمالي ـ لكن النظام خلق مسافة اجتماعية ولدت نوعاً من ثقافة الكراهية بسبب ممارسات كثيرة، أفشل بها الجانب الاقتصادي والتي كان من المفترض أن التوحد يمثل قوة على اعتبار إجتماع إمكانية دولتين وصبها في وعاء واحد يتم فيه توجيه الموارد إلى التنمية، خاصة بعد اكتشاف النفط في سنوات الوحدة الأولى إضافة إلى بقية الموارد التي يجب أن توظفها الدولة في تحسين مستوى دخل الفرد وتحسين الخدمات والبنى التحتية، لكن النظام أوجد عكس ذلك.
وتطرق ناجي في ورقته إلى أسباب فشل المشروع الوحدوي منها التوجهات الوحدوية في مرحلة ما قبل عام 90م مبيناً الفروق بين مفهوم الوحدة بين الشمال والجنوب، إلى المرحلة الثانية في عام 90 بعد الاتفاق، حيث تنازل الجنوب عن العملة والنظام والعاصمة والأرض والثروة من أجل الوحدة، لافتاً إلى أنه يمكن غض الطرف عن ذلك والتركيز على ما بعد 94م وقال: لو كان هناك حد أدنى من التوجهات الوحدوية لدى الأخوة في الشمال كان باستطاعتهم أن يبنوا الوحدة من جديد وسوف يصنع الجنوبيون على رؤوسهم.
وتابع ناجي: من أسباب فشل الوحدة أيضاً أن تحقيق الوحدة تم كمقدمات بالعاطفة السياسية وليست بالعقلانية السياسية، حيث أن ورقة الاتفاق اقتصرت على ورقتين فقط، بينما الوحدة الألمانية كانت وثائق الاتفاق 45 ألف ورقة أسياسية و 45 ألف ورقة المحلقات والجداول المجموع 90 ألف، بمعنى أنهم عملوا حساب كل شيء، أما وحدة اليمن لم تراع الفوارق بين الشمال والجنوب من حيث العمل المؤسسي والإدارة وسلطة القانون والصرف القبلي حسب دراسة للمتوكل ورد فيها أن 80% من مشاكل المجتمع يتم حلها بالعرف القبلي.
ونوه ناجي إلى أن أهم أسباب فشل الوحدة أن الطرفين الموقعان على الوحدة كان كلاهما ينظر للمشروع من زاوية مختلفة عن الآخر وكان كل طرف له برنامج للإطاحة بالآخر فدخلت القيادات في مستنقع الفساد.
وفي ختام ورقته قال ناجي: ذكر أسباب ومؤشرات الفشل لا يعني بالضرورة أننا فقدنا الأمل في أي شكل آخر للوحدة، فهناك عدة خيارات منها ما جاء في لقاء القاهرة في 2010م، وهو الحل الأنسب لأن المركزية وعقلية الإقصادء تدمر أي مشروع وحدوي، منوهاً إلى أن الفشل ليس عيباً في الحياة، إنما العيب الاستمرار في طريق الفشل، داعياً قوى الحراك إلى حوار جنوبي لإنجاح مشروع الوحدة ـ حسب لقاءه القاهرة.
من جهته جدد اللواء/ حسين عرب في ورقته الدعوة إلى ضرورة ترسيخ مبدأ الشراكة للجميع في الوطن دون فضل لأحد على أحد.
وقال عرب: الشرعية المتاحة أمامنا الآن من أجل الوصول إلى أهدافنا هي الحفاظ على الاعتصامات ودعم الشباب في الساحات والوقوف معهم حتى يسقط النظام، بغير ذلك لا نستطيع أن نحقق أهدافنا، مشيراً إلى أن القضية الجنوبية هي أكبر من كل الأحزاب والتكتلات لأنها قضية مستقبل الأجيال، مشدداً على ضرورة تعزيز الحوارات وحسن النيبة تجاه الآخر وتعليم سياسية الصبر والنفس الطويل في إدارة قضايانا واحترام قبول الآخر واحترام التخصصات دون تطرف أو اجتهاد، منوهاً إلى ضرورة الاهتمام بمحافظة عدن التي قدمت الكثير ولم تحظ بأي اهتمام لا من قبل ولا من بعد.
وفي مداخلة للدكتور/ فضل الربيعي أشار فيها إلى أن بحث القضية الجنوبية ينطلق من رؤية منهجية شمولية لواقع المجتمع والتصرف على الظاهرة والآليات والمكونات المختلفة التي تتحكم فيها والإحاطة بجوانبها وإماطة اللثام عن جدليات العلاقة بين مكوناتها ليتمكن المتابع من الإلمام بخلفياتها والكشف عن أبعادها المختلفة.
وتطرق الربيعي إلى القصور والأخطاء في الوحدة الاندماجية وغياب مراعاة الفوارق واختلاف مفهوم الوحدة في كل من الشمال والجنوب بالإضافة إلى قيام النظام بعمليات سلب ونهب للموارد، وفقاً لقاعدة التوحيد السبئي "الحرق من الأساس" أدت إلى تداعيات سلبية ألقت بظلالها على أبناء المحافظات الجنوبية، تلاها إجراءات تعسفية ومظالم بحق شعب اليمن عامة وحرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية.
وتناول الربيعي في ورقته المفاهيم النظرية للحراك وعلاقته بالقضية الجنوبية والخلفية الثقافية والاجتماعية والسياسية للظاهرة الجنوبية.
وفي الندوة أيضاً تم طرح العديد من الرؤى والأطروحات في مداخلات متنوعة قدم خلالها المشاركون أراء ومفاهيم ومعالجات تتعلق بأبعاد وحلول القضية الجنوبية.
إلى ذلك صدر في ختام الندوة بيان عن مركز "مدار" للدارسات الاجتماعية، أشار إلى أن أبناء المحافظات الجنوبية جميعهم معنيون بالقضية الجنوبية وأن الحل القادم لا يجب أن يقوم على التجزئة.
كما أكد البيان على اعتزام المشاركين مواصلة مسيرة التصالح والتسامح التي أعلنتها جمعية ردفان عام 2006م من خلال إتباع منهج متكامل يحقق التصالح بين كافة القوى السياسية والاجتماعية التي كانت ضحية السياسة الخاطئة في الحقب السابقة واعتماد مبدأ الاعتذار في الخطابات السياسية والكتابات عن كل ما لحق بأبناء المحافظات الجنوبية من حرمان وإقصاء ومظالم خلال الفترات الماضية.
ودعا البيان كافة القوى السياسية إلى تبني قاعدة "الكل شركاء في الوطن" وقبول الآخر مهما كانت الآراء، والابتعاد عن أساليب التخوين والتشكيك والكف عن مهاجمة البعض وتوحيد الصف وتشكيل مجلس يضم كافة القوى السياسية، بعيداً عن الاختقانات والخلافات التي تؤثر على القضية، مشدداً على ضرورة إيلاء أهمية قصوى بالعمل الإعلامي لعكس الصورة الحقيقية للقضية الجنوبية كما ترحم البيان على جميع أرواح الشهداء.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد