"دور الجيش الوطني أثناء الثورات السلمية".. ندوة بساحة التغيير بصنعاء

2011-05-31 15:31:02 أخبار اليوم / يحيى الشرفي


حدث جدل كبير إزاء الأحداث الأخيرة في كل من أمانة العاصمة بين السلطة وأنصار الشيخ صادق الأحمر ومديرية أرحب ومديرية نهم ومحافظة أبين وآخرها في محافظة تعز أمس وأمس الأول، وفي إطار هذا الجدل الواسع والأنباء المتضاربة ومواقف قادة الجيش خصوصاً بعد انضمام قادة المناطق الوسطى والذي تلاه إصدار البيان العسكري الأول لقادة الجيش، نظمت منظمة مساواة للتوعية والتنمية وملتقى المحامين والقانونيين اليمنيين أمس الأول ندوة بعنوان: "الدور الوطني للجيش والأمن في الثورات السلمية"، استضافوا فيها العقيد/ عبدالله الحاضري والدكتور/ صالح سميع – وزير المغتربين السابق والدكتور/ عبدالرحمن الولي، إلى التفاصيل..
استهلت الندوة بقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء الذين سقطوا منذ بداية الثورة بعد ذلك بدأ العقيد/ عبدالله الحاضري بالحديث عن شرعية النظام وجواز استخدام القوة ضد المعارضين وأنه لا يجوز استخدام القوة التي يمتلكها الحاكم ضد الأمة وضد المسلمين مهما كانت الأسباب وإذا لم يقوموا بنشر الفكرة أو بنشر المشروعية في القتال فإن فعل الدولة المسلح يعتبر فعلاً غير مشروع وبالتالي ما بني عليه من آثار تعتبر غير مشروعة.
وقال الحاضري: إن المشروعية وفق الشريعة الإسلامية تقول أنه لا يجوز ارتكاب أي فعل مسلح بأي شكل من الأشكال إلا وفقاً للمشروعية وأي فعل لا يستند إلى هذه المشروعية باطل، وقال بأن القوة تستخدم لصالح الفكرة وإذا استخدمت القوة في غير صالح الفكرة فهو استخدام باطل ويعتبر إفساداً في الأرض لأنها تستخدم في أفكار لا تخدم صالح البشرية، وذلك لأن القوة المسلحة هي عبارة عن استثناء في يد مجموعة من البشرية لا بد أن تستند في هذا الاستثناء إلى مشروعية عليا.
وقد مثل العقيد الحاضري لما يحدث الآن بما حدث أثناء الخلافة الراشدة قائلاً: أبو بكر رضي الله عنه لم يستخدم القوة إلا مرة واحدة فقط عندما كان هناك مجموعة تريد هدم ركن من أركان الإسلام وفي نفس الوقت حدث تمرد عسكري واضح على الشرعية فاستخدم أبو بكر قبل السلاح الحوار لما يخدم الصالح العام، وكذلك في عهد عمر بن الخطاب فلم يستخدم القوة العسكرية لمصلحته الشخصية ولا حتى لحمايته الشخصية وكانت تستخدم القوة العسكرية في عهدهم للمشروعية العليا ولحماية الأمة وصالح البشرية.
وأضاف: وفي عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه بنفس الشكل استخدمت القوة للمصلحة العليا ولذلك رفض عثمان رضي الله عنه أن يسخر حتى جندياً واحداً للدفع عن نفسه عندما جاء القتلة ليقتلوه في المدينة المنورة، فهو رفض أن يستخدم القوة لحماية شخصه.
وتابع: الإمام علي كرم الله وجهه لنا فيه مثل عظيم في كيفية مواجهة الثورات ومواجهة الأزمات السياسية في العالم وكيفية تغليب المبادئ والقيم على النزوات الطبيعية في الإنسان التي تميل دائماً للعنف، ولذلك الإمام علي كرم الله وجهه حدد مبادئاً للخوارج والذين يحملون السلاح فقال لهم بعد أن كفروه وحاربوه وقاتلوه لكم مني ثلاثاً ألاّ أمنعكم مساجد الله وألا أمنع حقكم من الفيد وألاّ أبدأكم بقتال إلا إذا قاتلتمونا وهذه الثلاث هي ما يمكن أن نسميها اليوم الحقوق المدنية والحقوق الشخصية وحرية الرأي والتفكير، ولم يمنعهم حتى من حمل السلاح لكن بشرط إذا قاتلتمونا أنتم فإننا سندافع عن أنفسنا، فهم يعتبرون له لكنهم أقلية قليلة جداً ومع ذلك فقد أعطاهم الإمام علي كافة الحقوق والحريات حتى حمل السلاح ولم يبح دماءهم فهو بهذا علمنا درساً قوياً في كيف نتعامل مع المعارضة المسلحة فضلاً عن المعارضة السلمية.

وأكد الحاضري أن المشروعية العليا لوجود القوات المسلحة والأمن هي مستندة إلى المشروعية العليا للقوات المسلحة في الشريعة الإسلامية، فلا تستخدم القوات المسلحة وفقاً للدستور إلا لحماية الأمة ولذلك توجد المادة (36) من الدستور اليمني والتي تقول "الدولة تنشئ القوات المسلحة والشرطة والأمن وهي ملك للشعب كله ومهمته الرئيسية هي حماية الجمهورية اليمنية وسلامة أراضيها وأمنها".
وأردف: إذاً هذه هي المشروعية التي تستند إليها القوات المسلحة والأمن في وجودها، وتنص المادة (40) في الدستور وهي المادة المكملة للمادة السابقة "لا يجوز تسخير القوات المسلحة والأمن لصالح فرد أو جماعة أو حزب".
إذاً فالمادة (40) تحدد مهام القوات المسلحة وكيفية عملها أما المادة رقم (111) تنص على أن "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة" إذاً لا يجوز للقائد الأعلى للقوات المسلحة بأي حال من الأحوال أن يأمر القوات المسلحة بأن تقوم بأي فعل عسكري ضد مصلحة الشعب اليمني أو أن تستخدم أسلحته ولا وسائطه البشرية ولا وسائطه المادية ضد مصالح الشعب العليا ولا حتى ضد فرد بما يبيح دمه إلا بموجب حكم قضائي.
وقد دلل الحاضري على جواز ومشروعية عدم تنفيذ أوامر علي عبدالله صالح والقادة العسكريين التابعين له بقوله: المادة (54) من الدستور هي عبارة عن قسم وهو "أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي وأن أحافظ على الجمهورية اليمنية وسلامتها وسلامة أراضيها وأن أنفذ أوامر رؤسائي الحقة" أما المادة (55) فتقول "يجب على القوات المسلحة والأمن أن تنفذ أوامر رؤسائها"، لكنها تنص أيضاً على أنه لا يجوز مطلقاً تنفيذ الأوامر من القادة إذا لم تكن حقة والمعيار المنطبق في الحق ودون الحق هو الدستور ممثلاً في المادتين (36، 40) والرؤساء المقصود بهم في الدستور اليمني هو الضابط وما فوق الضابط إلى رئيس الجمهورية، إذاً إذا صدر إلى الجيش أمر من أي ضابط أو من أي قائد مهما كان هذا الأمر إذا كان مخالفاً للمادتين (36، 40) فهو أمر باطل وغير حق ينبغي رفضه على الإطلاق.
مضيفاً: أما المادة السادسة من الدستور فإنها تنص على أنه في الجمهورية ينبغي أن نحترم ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية والقانون الدولي والقواعد الدولية ونحن ملتزمون في القوات المسلحة أن نحافظ على مسألة السلامة الإنسانية والحقوق الإنسانية، إذاً وفقاً للدستور لدينا التزامات في القوات المسلحة والأمن تجاه السلم والأمن العالمي ومن أمنها أن نحافظ على ثلاثة أشياء أولها: حقوق الإنسان الأساسية والتي من ضمنها حق الإنسان في الحياة.
مستدركاً قوله: لكن هناك أمر مهم يجب الالتفات إليه أن من ضمن القوانين الدولية وجوب الالتزامات الإنسانية من قبل الفرد في الجيش أو الأمن تجاه أخوه الإنسان وأن هذه الالتزامات تفوق الالتزامات بالأوامر العسكرية والقوانين الوطنية.
ونوه العميد/ عبدالله الحاضري إلى نقطة مهمة مفادها أنه ما دمنا التزمنا بالنظام الجمهوري والديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية فإنه يجب على القوات المسلحة أن تكون خارجة عن هذا النظام وخارجة عن هذا الالتزام الحزبي وأن تكون حزب الشعب كله.
وبالتالي فإن القوات المسلحة لا شأن لها مطلقاً بالمركز القانوني للرئيس سواء أكان في خلاف سياسي أو كان في خلاف مع الشعب، وإنما تستند في مشروعيتها للفعل وأداء مهامها للدستور مباشرة ولا شأن لها بالرئيس على الإطلاق، ولذلك نحن نعتبر أن انضمام الوحدات العسكرية للقوات المسلحة هو وفقاً للدستور والقانون وهو تطبيق للمادتين (36، 40) والوحدات التي بقيت سقطت عنها المشروعية لأنها لم تعد تستند في مهامها ووجودها للدستور والقانون وأنها تستمد في وجودها فقط من المركز الرئيسي من وجود الرئيس الشخصي الذي سقطت عنه المشروعية وهو بهذه القوات تعتبر قوات شخصية ولم تعد من أفراد الجيش.
وفي نهاية حديثه قال الحاضري: عموماً فإن القوات المسلحة يجب أن تكون مع الشعب ومع ثورة الشعب وأن تحمي الشعب، لكننا نلتمس العذر في بعض الأشياء منها جهل بعض المنتسبين للقوات المسلحة وهو عدم إدراكهم لمنصبهم القانوني وعدم إدراكهم لمركزهم الدستوري وعدم إدراكهم متى وكيف يقاتل ومع من يقاتل وليعلموا أن نظام علي عبدالله صالح يعمل على تجهيل المؤسسة العسكرية عمداً ولذلك نحن نلتمس لهم العذر بعكس الجيش المصري الذي كان واعياً ومدركاً تماماً ولذلك وقف مباشرة مع ثورة الشباب مع أنه كان في البداية محايداً وعندما شعر أن السلطة بدأت تستخدم الوسائط المادية من سلاح وقوات ضد الشعب أعلن انضمامه إلى الشباب.
بعد ذلك تحدث الدكتور/ عبدالرحمن الولي عن مواقف ونماذج من مواقف الجيش والأمن في بعض الأقطار العربية أثناء الثورات السلمية حيث مثل لذلك ما حدث في تونس ومصر وما يحدث الآن في ليبيا من انحياز الجيش للشعب، وقال بأن الثورة اليمنية أعظم بدليل أن من نزلوا إلى الشارع أثناء الثورة الفرنسية هم فقط 2% والثورة الإيرانية 5% والثورة المصرية 10% والثورة اليمنية خرجوا ستة ملايين من إجمالي 25 مليون أي ما يعادل 25% من إجمالي الشعب بأكمله، معتبراً أنها تعتبر أعظم ثورة في العالم باعتبار أن نسبة من خرجوا يشكلون أعلى نسبة في العالم وهذا يعطي مشروعية كبيرة جداً للثورة ويلغي مشروعية النظام.
وأوضح أن المشروعية التي كان يتعلق بها النظام السابق وهي المشروعية الدستورية قد سقطت بالمشروعية الثورية.
بعدها ألقى الدكتور/ صالح سميع – وزير المغتربين السابق ـ كلمة أكد فيها ما تناوله العقيد/ عبدالله الحاضري بشأن ما يجب على الجيش الوطني وما هو واجبه أثناء الثورات السلمية وكيف يكون الشكل الطبيعي لآلية تعامل الجيش مع قيادته ومتى ينفذ الأوامر التي يتلقاها.
مضيفاً خلال وصفه لطبيعة الحكم لدى الحكام العرب بأن الحكام العرب ما أعطوه باليمين يستردونه بالشمال بفساد، معتبراً ذلك هو ما أوصل الأوضاع في البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم.
وأكد د. سميع سقوط شرعية النظام بدليل قانون العقوبات النافذ في الجمهورية اليمنية والمسؤولية الجنائية أن من يسفك الدماء – دماء معارضيه المسالمين – شرعيته سقطت ولو بسقوط قتيل واحد.
وأضاف بقوله: كما أن شرعية علي صالح سقطت أيضاً بموجب المواد القانونية والتي تقول إحداها: "من واجب رئيس الجمهورية أن يحافظ على سيادة التراب الوطني وهيبة الدولة في كل مكان" فأين هي السيادة في ظل سقوط محافظات تشكل مساحتها ما يقارب 85% من إجمالي مساحة الجمهورية وهي صعدة، تعز، إب، عمران، بالإضافة إلى المحافظات الجنوبية وهي سبع محافظات وهذه المحافظات قد انتهت سلطة علي عبدالله صالح فيها ولم يعد يستطيع تعيين أي مسؤول فيها حتى على مستوى المحافظين لأن أي أمر يقوم بإصداره يرفض وهذا بحد ذاته يسقط شرعيته أيضاً.
وفي نهاية حديثه أكد الدكتور/ سميع على ضرورة التماس العذر للذين تأخروا في الانضمام للثورة بسبب الجهل وعدم الوعي بشرعية الشعب، ودعا من بقي من القادة العسكريين إلى الالتفاف مع الشعب والبقاء مع الشرعية الحقيقية وليس مع شخص يمتلك القليل من الصواريخ التي يهدد شعبه بها ويعتبرها شرعية دستورية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد