كيف فشل الحرس والأمن في حماية الرئيس؟

2011-06-15 16:21:42 تقرير/ عبدالوارث النجري



صفعة قوية وجهتها جهة لا تزال مجهولة للحرس الجمهوري وقياداته قبل أن تصيب جسد الرئيس ومن معه من كبار رجالات الدولة، خاصة عندما يكون مكان الحادث مركز قيادة الدولة والحرس الجمهوري والحرس الخاص.
 سبق وأن كتبت قبل خمس سنوات مقالة للرئيس بأن من يريد الإصلاح عليه أن يبدأ بإصلاح البيت من الداخل، وهذا الأمر يعود بذاكرتي إلى انتخابات 1997م النيابية لعمل مقارنة بين حادثة وقعت في ذلك التاريخ وأخرى وقعت لي أيضاً مع الحرس الجمهوري عام 2009م، أما الأولى فقد كان طلب مني رئيس تحرير إحدى الصحف الأهلية عمل صورة للأخ الرئيس أثناء عملية الاقتراع والمكان بالطبع كان في المدرسة الفنية الدائرة "11" بأمانة العاصمة ومرشح الحاكم حينها كان نجله أحمد علي عبدالله صالح، وعند وصولي إلى بوابة المدرسة الفنية طلب مني أحد أفراد الحرس البطاقة الصحفية والآخر قام بتفتيشي والتقاط صورة له للتأكد من الكاميرا، ومن ثم سمح لي بالدخول إلى الغرفة المعدة لاقتراع الرئيس وهنالك وجدت عشرات المصورين من مراسلي القنوات والوكالات الإخبارية والصحف الرسمية والأهلية مع أنه من رأى صورتي من بعيد لا يصدق أني صحفي، شاب أشعث أغبر يرتدي ثوباً وجنبية، ومع ذلك دخلت والتقطعت صورة للرئيس.
 وفي عام 2009م أثناء المؤتمرات المحلية، كان المؤتمر العام للمجلس المحلي بمحافظة إب قد حضر افتتاحه الأخ رئيس الجمهورية، والمكان هو الصالة المغلقة ورغم حصولي على بطاقة اللجنة الإعلامية إلى جانب البطاقة الصحفية، إلا أنني خضعت للتفتيش ثلاث مرات، الأولى كانت في بوابة حوش الأستاد الرياضي وأصر المفتش على عدم دخولي بالتلفون وقام بمصادرته والثانية كانت وسط حوش الملعب والثالثة في بوابة الصالة المغلقة وأصر المفتش على عدم دخولي بالمسجلة والكاميرا وبعد وساطات تم السماح لي بذلك، وما لفت انتباهي، وأنا عند المفتش الأول هو قدوم أحد مشائخ المحافظة المعروف عنه بالبطش واغتصاب أراضي المواطنين بالقوة، ودخل ومعه جهازه المحمول وبدون تفتيش.
 ما أود قوله هو أن المشكلة ليست في التفتيش وإهانة الناس في البوابات والساحات العامة، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في الدور المخابراتي والمصداقية في صياغة ورفع التقارير عن الحالة الأمنية، وعملية التمويه والسرية التامة غيرها من الأمور التي تتعلق بحراسة الشخصيات الهامة.
 الغريب في الأمر أننا نسمع عن قيام الحرس بتأمين الطريق الذي سيسلكه الرئيس وكذا تفتيش المكان قبل يوم وتمشيط المنطقة بدقة وبصورة كاملة، لكن ما الذي جرى في جامع النهدين؟ وهل ستظل عملية الاغتيال هذه كسابقاتها من العمليات التي استهدفت الرؤوساء اليمنيين؟ هل فعلاً أن العملية فيها بصمات القاعدة تلك التي ظل الرئيس خلال الأشهر الماضية من عمر الثورة يحذر المجتمع الدولي من استيلائها وسيطرتها على ثلاث محافظات يمنية في حال سقط نظامه؟ هل فعلاً بدأ الرئيس يشعر من خطر القاعدة وخطر اختراقها للحراس الخاص به والحرس الجمهوري؟! هل ما وقع في جامع النهدين أثناء تواجد الرئيس وكبار قيادات نظامه قذيفة أم عبوة نسفة؟!.
أسئلة كثيرة تدور حول الحادثة ويطرحها الملايين من أبناء الشعب اليمني سواءً من يؤيدون الثورة الشبابية أو أنصار نظام الرئيس صالح وأصابع الاتهام التي يوجهها النظام صوب القاعدة توجهها الملايين اليمنية باتجاه الحرس الخاص والحرص الجمهوري والأمن القومي وجميعها يديرها أقارب الرئيس، المواطن اليمني العادي لا يهمه إن كانت القاعدة أو غيرها وراء محاولة عملية الاغتيال تلك بقدر ما يهمه حال تلك الأجهزة الأمنية والعسكرية التي ظل يوليها جل اهتمامه خلال سنوات حكمه، فنظام القذافي الذي تلاحقه قوات النيتو منذ عدة أشهر لم تستطع هي أو غيرها الوصول إليه أو حتى إصابته وهؤلاء بمجرد أن سمع سكان صنعاء دوي المدافع وقذائف الدبابات وهم يستهدفون منزل الشيخ/ الأحمر وأنصاره ـ يتم استهداف رأس النظام من جهة لا علاقة لها بما يدور في الحصبة، بأي وجه قابل هؤلاء القادة العسكريون والأمنيون رئيس النظام بعد إصابته في جامع النهدين؟ وأي مبرر قدموه له، وهم من أزعجنا الإعلام الرسمي والفضائية اليمنية عن بطولاتهم والتدريبات التي يقومون بها هنا وهناك ساعات وساعات والفضائية اليمنية تربطنا جوار التلفزيون لمشاهدة بطولات هؤلاء القادة والجنود الذين عجزوا عن حماية الرئيس؟ ولماذا فجأة ذهبت جهود المدربين الأميركان والعراقيين وغيرهم سدى؟.
أين يكمن الخلل، هل في الجندي الذي لا يحصل على استمارة التجنيد في الحرس الجمهوري والخاص والأمن القومي إلا بعد شق الأنفس وشروط في الطول واللياقة والمؤهل والأهم من ذلك كله الوساطة ولا يستطيع الالتحاق بالأمن المركزي إلا بعد دفع حق بن هادي التي تتجاوز المائة ألف ريال.. لا أظن أن الخلل في ذلك الجندي الشاب الذي يبحث عن لقمة العيش بدلاً من الانتظار في طوابير الخدمة المدنية، وما إن تتم فترة التجنيد حتى يقتاد إلى المعركة في صحراء مأرب أو بني حشيش وشبوة ويافع وغيرها هل يمكننا القول أنه بعد التعليم في أرقى الجامعات والأكاديميات العسكرية الأميركية والبريطانية، والاعتمادات المفتوحة والعناية الشخصية من رأس النظام واستقدام الخبراء والمدربين ومختلف أنواع الأسلحة الحديثة ـ يمكننا القول أن الخلل يكمن في القيادة وليس في الجندي؟ أو أنه من خرج إلى هذه الدنيا وفي فمه ملعقة من ذهب لا يمكن أن يكون مؤهلاً لقيادة معركة حامية الوطيس، مهما كان تدريب الجيش وخبرته الذي يقوده وحتى لو امتلك أحدث الأسلحة؟ وكما يقول المثل الشهير "إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت".
هاهو الحرس الجمهوري الذي فشل في حراسة الرئيس يستعرض عضلاته أمام أطفال تعز ونسائها وشيوخها، ويطبق تدريباته خلال السنوات الماضية في أرحب والحيمة ومدينة القاعدة وغيرها، وهاهو الأمن القومي يظهر خبراته اللوجستية والمخابراتية ويتفنن بها في اختطاف الناشطين المدنيين والصحفيين والجرحى والمصابين من المتظاهرين والمعتصمين في مختلف محافظات الجمهورية، لتعويض هزيمة وفشل النهدين بمزيد من القتل والدمار والدماء الزكية البريئة الطاهرة المسالمة في المحافظات السالفة الذكر.
هكذا اعتاد الشعب اليمني على هؤلاء تحمل فشلهم، فنحن من يدفع الثمن، وعند فسادهم في نهب ثروات البلاد وخيراتها نحن من يسدد تلك الفواتير في ارتفاع الأسعار والغلاء وتدني مستوى الخدمات وغياب الأمن والعدالة وتجاوز النظام والقانون وغير ذلك من المنغصات التي تعودناها من هكذا نظام.
المضحك والمبكي في نفس الوقت هو الحديث عن وجود تحقيقات جارية حول الحادثة وبمشاركة أميركية، ولكن من يحقق مع من؟ ومن استهدف جامع النهدين؟ هل هي القاعدة بالفعل، وإذا كانت هي ومن أوحى لها بتواجد صالح وبقية كبار دولته في الجامع، خاصة وأن قناة الـ"CNN" أوردت تقريراً إخبارياً حول الحادثة تضمن أنه بعد فحص شظايا المادة التي استخدمت في تلك العملية تبين أن ذلك النوع من السلاح قدمته أميركا لليمن بهدف مكافحة الإرهاب، ولم تستلمه أي جهة عسكرية يمنية سوى الحرس الجمهوري؟، ناهيك عن قول خبراء أميركان بعد زيارتهم لموقع الحادث بأنها ليست قذيفة، بل عبوة ناسفة تم زرعها بالمسجد؟.
أخيـراً.. وبكل صدق وأمانة نقول: إن هذه الحادثة لا يجب أن يلفها الغموض على طول، لأنها حصدت أرواحاً بريئة ويجب علينا جميعاً كل من موقعه فتح تحقيق شامل حول الحادثة وملابساتها وعناصر الاتهام فيها، كي نصل إلى الجاني وكل من تواطأ معه، لينالوا جزاءهم العادل جراء فعلتهم الشنعاء.
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد