الغاز.. البنزين.. الديزل..

أزمات خانقة تشهدها إب وأصابع الاتهام تشير نحو المسؤولين وملاك المحطات

2011-06-16 15:19:08 تقرير/ عبدالوارث النجري


من يصنع الأزمة هو المستفيد الوحيد من آثارها، لذلك لم يقبل أي مواطن ما تروج له وسائل الإعلام الرسمية بأن المعتصمين في الساحات أو أحزاب اللقاء المشترك وراء أزمات انقطاع التيار الكهربائي أو انعدام الغاز ومادتي البنزين والديزل.
ومحافظة إب كغيرها من محافظات الجمهورية تعاني من تلك الأزمات منذ قرابة الثلاثة أشهر بالنسبة للغاز، وقرابة الشهر بالنسبة لبقية المشتقات النفطية، فسعر أسطوانة الغاز في السوق السوداء لا تزال بـ"3000-3500" ريال، ودبة البنزين وصلت مؤخراً في السوق السوداء أيضاً إلى "5000" ريال.
لعل الزائر حالياً لمدينة إب تصيبه الدهشة، فطوابير السيارات والدباب موجودة أمام كل محطة بنزين، وكذلك هو الحال بالنسبة للغاز، وفي السوق السوداء يمكنك الحصول على تلك المشتقات بسهولة، ولكن بمبالغ خيالية كما ذكرنا سابقاً، حاولنا أن نفتش عن السبب وأين تكمن الأزمة ومن هو المسؤول عن ذلك ومن المستفيد.
في البداية اتجهنا إلى محطة "مارح" للغاز على خط إب-جبلة، وهناك تصيبك الدهشة، النساء والرجال والأطفال بانتظار رحمة صاحب المحطة وزبانيته لبيع الغاز لهم، داخل المحطة بسعر وخارجة حوشها بسعر مختلف.
 التقينا في البداية مع أحد وكلاء البيع ويدعي/ علي الورافي والذي تحدث قائلاً: إن المستفيد من أزمة الغاز بعد تكليف قيادة المحافظة للمجالس المحلية بالإشراف على توزيعها هم مدراء المديريات وأعضاء المجالس المحلية وصاحب محطة الغاز الذي يبيع الأسطوانة بنظر عقال الحارات والمجالس المحلية بزيادة "250" ريالاً عن السعر الرسمي المحدد، أي أنه يربح بعد القاطرة الواحدة أكثر من "500" ألف ريال، وطبعاً مدير المديرية وعاقل الحارة لا يهمهم تلك الزيادة ما دام نصف الكمية المحددة لكل حارة تباع في السوق السوداء بمبلغ "3000-3500" ريال للأسطوانة والنصف الآخر يباع لأهالي الحارة بمبالغ تترواح بين "1500-2500" ريال، لذلك فإن الأزمة لن يتم حلها حتى لو تم إمداد المحافظة بأنبوب غاز من مأرب إلى محطة "مارح" ما دام هنالك مستفيدون من هذا الوضع.
ويرى الورافي أن الحل بتدخل قيادة المحافظة ممثلة بالمحافظ وإلزام شركة الغاز وملاك المحطات بتوفير الكمية المطلوبة للمحافظة والعودة لبيع الغاز عبر وكلاء البيع وبالسعر الرسمي، وفرض عقوبات جسيمة على كل من يسعى للتلاعب واختلاق الأزمة لتحقيق مصالح شخصية بحتة وثراء مهول على حساب قوت واحتياجات عامة المواطنين.
وبعد حديث الورافي حاولنا التواصل مع الحاج/ مارح للرد على ما تم طرحه، لكنه لم يتجاوب، رغم أننا قد عهدناه منه التجاوب في السابق، وبعدها غادرنا المكان، وكلام الورافي يبحث عن إجابات شافية، هل نحن فعلاً كنا بحاجة إلى ثورة منذ زمن طويل لفرض هيبة الدولة وتطبيق النظام والقانون على الصغير والكبير؟، هل نحن اليوم في مواجهة عصابة فاسدة تربطها المصالح الشخصية على حساب تعبنا وقوت يومنا، خاصة عندما نتذكر أزمات انعدام الغاز مع قدوم شهر رمضان المبارك من كل عام.
وأصبح المعتصمون في الشوارع مبرراً مثل شهر رمضان وغيرها من مبررات تجار الأزمات، واحد يفتعل الأزمة والآخر يرفع الأسعار والأرباح في الأخير تقسم للطرفين بالتساوي.
وقبل أزمة الغاز وحكاية السوق السوداء كذلك هي أزمة البنزين والديزل وفي محطة شركة النفط بشارع العدين التقينا بالمواطن/ أكرم العديني وهو ينتظر دوره لتعبئة حافلته التي تعد مصدر رزقه الوحيد وسألناه ما رأيه بهذه الأزمة؟ هل هي من افتعال المعتصمين وأحزاب اللقاء المشترك، فرد قائلاً: يا أخي اسمع أنا لست مع هؤلاء أو غيرهم جميعنا نعرف أن هنالك فساداً والثورة تأخرت كثيراً اليوم أربعة أشهر والأزمات تقع على رأس المواطن البسيط والاقتصاد في تدهور وصناع الأزمات يزدادون ثراءً فاحشاً كل يوم، وبالنسبة لأزمة البنزين والديزل أنا أبسط لك القضية، في البداية كانت هناك أزمة وعند قدوم أول قاطرة وجدت الطوابير، طوابير خاصة بالسيارات وأخرى طوابير أصحاب البراميل والدباب وكان الشخص يضطر للانتظار أكثر من "12" ساعة حتى يأتي دوره، طبعاً الكثير منا لديه أعمال ولا يستطيع الانتظار ويبحث عن وسيلة أخرى وهي الدباب الجاهزة والتي قام أصحابها ببيعها في السوق السوداء بمبالغ تجاوزت الخمسة آلاف ريال، قيادة المحافظة اكتشفت ذلك وجهت بمنع البيع لأصحاب الدباب والبراميل، لكن أصحاب المحطات التزموا بهذا التوجيه خلال النهار ويخالفونه خلال الليل، رغم وجود مندوب من شركة النفط في كل محطة، وظهر سماسرة هذه الأزمة، فقاطرة يتم تفريقها إلى المحطة وأخرى ربما إلى البراميل، وصارت هنالك محلات لبيع البترول والديزل في شوارع المحافظة وعلى مرأى ومسمع شركة النفط وعندما تسألهم من أين لكم هذا البترول ما دام قد تم منع البيع لأصحاب الدباب يردون قائلين: أتينا به من عدن، وآخر يقول من الضالع والمضحك أن أحدهم قال: أتينا به من زنجبار أبين، ولو سألته لماذا يتوفر في تلك المحافظات ولا يتوفر في محافظتنا يتعلثم في الكلام ويقول هنالك طوابير أعظم من هنا وحصلنا على هذه الكمية بصعوبة وهكذا، ومع ذلك يظل في رأسك سؤال واحد: ما دام البنزين والديزل يتوفران في كل محطة من المحطات ولا ينقطع بشكل تام والطوابير مستمرة أمام كل محطة، فأين تذهب هذه الكمية كلها؟، سؤال نطرحه نحن في الصحيفة بكل صراحة على طاولة القاضي/ أحمد الحجري –محافظ المحافظة- ومدير شركة النفط الأخ/ أحمد المجاهد، عسى أن نجد الجواب الشافي ويكفي فضيحة الغاز التي كشفها الورافي.
ورسالة ثالثة وهي هامة جداً، نوجهها للإخوة شباب الثورة والمعتصمين في ساحات الحرية والتغيير إلى متى؟، خاصة وهنالك من يستغل هذه الأوضاع لاختلاق الأزمات ونحن وأنتم فقط من يدفع الثمن؟ يكفي مسيرات ومظاهرات واعتصامات نريد حلاً سريعاً وسلمياً لانتصار ثورتكم وتحقيق كافة الأهداف المرجوة، هنالك من يعبث اليوم بخيرات الوطن ومقدراته، هنالك من يتلاعب بالأسعار، هنالك من يفتح الأزمات، هنالك من يثير الفوضى ويزرع الرعب والخوف في قلوب الناس، هنالك من يشوه كل شيء جميل في هذه البلاد، هنالك عبث وفوضى في مختلف المرافق الحكومية والمحافظات، في الأسواق والشوارع، والكل يوجه أصابع الاتهام إليكم، فكيف لكم أن تكشفوا الحقيقة للعامة وتدافعوا عن أنفسكم وتوقفوا جميع هؤلاء السماسرة عند حدهم.
أظن أن التعجيل في الحسم واستمرار طابع السلمية هو الطريق الوحيد لذلك، فهل ننتظر في القريب العاجل إن شاء الله حتى لا تتفاقم الأزمات ونسمع عن أزمة انعدام الدقيق والقمح والسكر والأرز؟ نسأل الله أن لا نصل إلى هكذا وضع إنه سميع مجيب.
الشعب اليمني.. هذا الشعب الطيب الصابر على فساد المفسدين وبطش الباطشين منذ عقود لم يعد لديه الصبر ليتحمل أكثر من ذلك، وليس على استعداد للدخول في مواجهة مع من خرجوا إلى الشارع للمطالبة نيابة عنه بتلك الحقوق المنهوبة والأرضي المغتصبة والثروات المسكوبة إلى جيوب المسؤولين عن صرفها في طرقها المشروعة وحمايتها من الطامعين.
على من لا يزالوا يكابرون بتصرفاتهم الرعناء ويتشدقون عبر الإعلام الرسمي أن يدركوا جيداً أن الشعب اليمني اليوم لم يعد "شعب أحمد يا جناه وقطران ولي الدين"، لقد صار اليوم أكثر وعياً وإدراكاً، يميز بين الغث والسمين، والحق والباطل، والخطأ والصواب.
الشعب اليوم يدرك تماماً ما له وما عليه، يعرف أين حقوقه وما هي واجباته، ولا يمكن أن ينجر وراء كلام سذج مل منه الصغار قبل الكبار، فالوطن غالٍ علينا جميعاً والحفاظ عليه واجب مقدس.
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد