أبين.. أحداث يلفها الغموض وفرضيات تقبل جميع الاحتمالات؟!

2011-06-16 15:31:34 تقرير/ نايف زين


تنام أبين على قصف المدافع الذي يطال عدداً من مناطقها وتحديداً زنجبار وخنفر جعار.. وتصحو على المعاناة والألم الذي أصبح العنوان الرئيسي لأبنائها.. هكذا هو حالها وهذه هي معاناتها في ظل تزايد أعداد النازحين مع استمرار المواجهات بين قوات الجيش والجماعات المسلحة وسط قصف مدفعي جوي وبجري وبري يستهدف مواقع يقال أن المسلحين يتمركزون فيها:
إمكانيات تسليحية كبيرة:
الناظر بعين فاحصة لعملية سير المواجهات المسلحة خلال الأيام القليلة الماضية يعرف وبما لا يدع مجالاً للشك أن سقوط العشرات من الجانبين "الجيش والمسلحين" يؤكد أن هناك معارك ضارية ومواجهات عنيفة بين الطرفين في ظل عمليات كر وفر واستخدام أسلوب حرب العصابات في ظل إمكانيات تسليحية لا يستهان بها تتوزع بين الأسلحة المتوسطة وقاذفات الصواريخ المحمولة بالكتف، إضافة إلى صورايخ "الآر بي جي" وعدد من مضادات الطيران مع وجود عدد كبير من السيارات التي استطاع هؤلاء المسلحون الحصول عليها خلال سيطرتهم على زنجبار يوم 27/ 5/2011م.
ولعل السؤال البارز الذي يطرح نفسه هو.. كيف حصل هؤلاء المسلحون على الذخائر؟ وإلى أي مدى تستطيع هذه الجماعات المسلحة القتال والاستمرارية في مواجهة الجيش على ضوء ما تمتلكه من أسلحة وذخائر؟.. الإجابة على هذا التساؤل مخيفة، بل مرعبة إذا عدنا قليلاً إلى الوراء وإلى ما قبل سيطرة هذه الجماعات على زنجبار صباح 27/5/2011م وتحديداً إلى يوم سقوط خنفر جعار بيد عشرات المسلحين الملثمين الموافق 26/3/2011م وما حصل في اليوم التالي أي تاريخ 27/3/2011م عندما قام هؤلاء المسلحون بالسيطرة على مصنع الذخيرة والاستيلاء عليه وعلى معداته وما به من أسلحة وذخائر ولعل ما حصل عليه المسلحون من هذا المصنع كفيل بمواجهة الجيش والإستيلاء على مواقع المعسكرات.

خسائر كبيرة تكبدها المسلحون:
من الأمور المهمة والبارزة التي يجب الإشارة إليها هنا هو مقدار الخسائر الكبيرة التي تكبدها المسلحون بعد عمليات القصف المستمرة على مواقعهم في زنجبار وخنفر جعار، خصوصاً في ظل التعزيزات العسكرية سواءً في شرق زنجبار أو في منطقة دوفس، حيث تشير عدد من المصادر الموثوقة إلى أن هؤلاء المسلحين لجأوا إلى ترك كثير من مواقعهم والانتقال إلى مواقع أخرى بعد أن أصبحت مواقعهم السابقة مكشوفة ومعروفة وعرضة للقصف المستمر من قبل قوات الجيش، ما حتم عليهم استخدام أساليب تكتيكية والانتقال إلى مواقع أخرى.. هذا من جهة ومن جهة أخرى أشارت عدد من المصادر إلى أن هناك خلافات بدأت تظهر بين عناصر هذه الجماعات المسلحة بشكل واضح وجلي وهو ما كنا قد أشرنا إليه في الجزء الأول من هذا التحقيق والمنشور بتاريخ 12/6/2011م، حيث قامت الجماعة المسلحة الموجودة في زنجبار ونواحيها باتهام جماعة جعار بنهب المرافق الحكومية ومخالفة رؤى وأيدلوجيات وتوجهات الجماعة المسلحة الجهادية الموجودة في زنجبار والتي يؤكد كثير من المتابعين عزمهم وتوجههم إلى إقامة إمارة إسلامية.
 وإن كان هناك من شيء يجب الإشارة إليه هنا هو أن هذه الخلافات والتباينات يقرأها المواطن البسيط في جعار وزنجبار بمزيد من الترقب والحذر من هذه الجماعات المسلحة وإن كانت حدة المواجهات المسلحة قد خفت نوعاً في الساعات الماضية، فيما يرى مراقبون أن هذا لا يعني بأن المواجهات بين الجماعات وقوات الجيش قد انتهت بل يرون بأنها تأجلت قليلاً وخلال هذه التأجيل سيحاول المسلحون ترتيب صفوفهم وإعادة تنظيم أنفسهم، خصوصاً وأنهم يتحركون في مساحة جغرافية كبيرة بين زنجبار وخنفر جعار، وكذا في المناطق الشاسعة النائية التي تربط هاتين المديريتين بمناطق ومحافظات أخرى.
 وإن سلمنا جدلاً بأن الجماعات المسلحة قد تكبدت خسائر كبيرة في عناصرها فهذا لا يعني أبداً بأي حال من الأحوال أنها عجزت عن المواجهة والاستمرارية مع ما تمتلكه من قدرة على التجنيد واستقطاب عناصر جديدة، إضافة إلى أن هذه الجماعات تمتلك السلاح والذخائر، بل والإمكانيات المالية، مع سيطرة هذه الجماعات قبل أيام على البنك المركزي بأبين والاستيلاء على مبلغ 2 مليار ريال حسب المصادر.
مؤشر خطير:
المأساة الموجودة في جعار زنجبار هي انتشار الجثث وسقوط عشرات القتلى من الجانبين، ما يعطي مؤشراً خطيراً ومخيفاً من إمكانية توسع دائرة المواجهات، بل وانتقالها إلى مناطق ومحافظات أخرى، خصوصاً وأن هناك تهديدات ومخاوف حقيقية وكبيرة من انتقال هذه المواجهات إلى محافظتي عدن ولحج وليست عملية التفجير التي حصلت في محافظة عدن في الأيام القليلة الماضية ومع ما تشهده لحج من تهديدات لهذه الجماعات المسلحة سوى مؤشرات بأن هذه الجماعات المسلحة تحاول جاهدة السيطرة على لحج لتصبح عدن الهدف الذي لن تتوانى عنه هذه الجماعات المسلحة والتي مع ما يكتنفها من غموض تظل خطراً مرعباً وحقيقياً لدى أبناء المحافظات الثلاث.
اختلافات الجماعات:
الاختلافات الأيدلوجية والتباينات بين هذه الجماعات المسلحة يطرح بقوة وجود عدد من القيادات المحركة لهذه الجماعات ولعل هذا ما يجعل من قراءة أهدافها شيء صعب ومعقد من جهة ومن جهة أخرى خطير جداً مع ازدياد مأساوية الأوضاع في مديريتي زنجبار وخنفر جعار اللتين تسودهما الفوضى والتخريب مع تفاقم زيادة عدد النازحين من مناطق وقرى ومدن المديريتين.. وأياً كانت السيناريوهات والاجندة الموجودة لدى هذه الجماعات وأياً كانت الأهداف المبررات التي أدت إلى تمكن هذه الجماعات المسلحة من التمدد في مديريتي خنفر وزنجبار وأبين بشكل عام.. يظل الوضع وانفراجه مرهوناً بالواقع العام الذي يعيشه الوطن.. ويرى كثير من المتابعين أن حصول أي انفراج في المشهد السياسي سيؤدي بكل تأكيد إلى تقويض وإضعاف هذه الجماعات المسلحة التي تستغل وجود الفوضى والتوترات وتنشط بشكل كبير أثناء الاحتقانات والمشاكل.. ولعل الكثيرين يرون أن هناك حاجة ماسة اليوم إلى وجود انفراج في الأزمة السياسية وعودة إلى الحياة طبيعتها وفي زيادتها تدهور في الأمن الاستقرار وحضور للفوضى والتخريب والممارسات الخاطئة التي تضر بمصالح المواطنين في شتى الجوانب الحياتية.
النازحون معاناة مستمرة:
تتجلى صور المعاناة في أبين وفي مديريتي زنجبار وخنفر جعار تحديداً في استمرارية النازحين الذين يتدفقون إلى محافظتي عدن ولحج وغيرهما بشكل كبير ومتواصل في ظل غياب الاهتمام الحقيقي من قبل جهات الاختصاص، وإن وجد هذا الاهتمام فهو اهتمام بسيط لا يرتقي إلى حجم المأساة والكارثة التي حلت بأبناء أبين، كما أن من صور المعاناة تدهور الوضع الصحي لبقية السكان المتواجدين في مديريتي زنجبار وجعار، فمع تطورات الأوضاع هناك والأحداث المؤسفة الجارية وغياب النظافة وحصول تلوث في مياه الشرب ووجود عدد كبير من الجثث الموجودة تحت الأنقاض.. تظل مشكلة زيادة حالات سهالات من المشاكل الكبيرة التي ترتقي إلى حجم كارثة حقيقية، فمنذ الأول من يونيو 2011م إلى يوم الأربعاء، 15/6/2011م بلغ عدد حالات الاسهالات والقي الوافدة والمسجلة لدى مستشفى الرازي العام أكثر من 540 حالة، فيما تم رصد حالتي وفاة لطفلتين.. وفي ظل الجهود الكبيرة والجاهزية العالية والقصوى لهذا المرفق الصحي، تظل المشاكل الموضوعة أمامه كبيرة في ظل العجز الكبير في توفير الأدوية وانعكاسات تطورات الأوضاع في زنجبار وخنفر وجعار وصعوبة المواصلات والتنقل بين عدن وجعار المدينة التي يقع فيها المستشفى الوحيد الذي ما يزال يعمل حتى اللحظة.
صعوبات متعددة:
مشاكل كثيرة وصعوبات متعددة يواجههات هذا المستشفى أبرزها غياب ونزوح عدد من العاملين فيه نتيجة للأحداث الجارية ومع تطورات الأحداث كانت ومازالت إدارة المستشفى تؤدي رسالتها بمعية عدد من العاملين من الإدارة والأطباء والممرضين ولا صحة لأية أحاديث وإشاعات حول سيطرة جماعات مسلحة على المستشفى الذي ما يزال يؤدي مهامه ورسالته الإنسانية في علاج عشرات المرضى يومياً ولعل ما يؤسف له مصادرة قبل أيام قليلة شحنة أدوية من منظمة الصحة العالمية كانت مرسلة له، فتم مصادرتها في نقطة العلم من قبل أمن محافظة عدن وفي المساء تم نقل هذه الشحنة وتفريغها في مستشفى النصر عدن، إضافة إلى منع سيارات المستشفى من التزود بمادة الديزل تحت ذرائع أن المستشفى يقع تحت سيطرة مسلحين والأدهى من هذا كله هو قيام وزارة المالية بإيقاف المخصصات والنفقات التشغيلية على المستشفى وأمرت بصرف رواتب الموظفين فقط بإيعاز من وزارة الصحة العامة.. وأمام كل هذا ناشدت الشخصيات الاجتماعية والمنظمات الصحية والإنسانية في محافظة أبن جهات الاختصاص والمنظمات الصحية سرعة إغاثة مستشفى الرزاي العام أمام ما يعاني من ظروف ومشاكل واحتياجات ومعوقات.
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد