الطفل ومناطق محرمة في اللغة..

كلمات لا يفقه معناها ولا تستحق العقاب

2011-06-21 14:53:08 أحلام المقالح


ربما يشعر الطفل باللذة عندما يتفوه بكلمات ممنوعة مبتذلة، غير أنه لا يفقه كثيراً المعاني الكامنة في هذه الألفاظ سوى كونها تشكل وخزاً وإثارة للمقابل وربما للأبوين.
والطفل في مثل هذه الحالة يتعمد انتهاك الأرض الحرام لأسباب عديدة، فهو يحاول امتحان ردود فعل الأبوين أو الآخر الذي يفوقه سطوه، وهو يريد إثبات وجوده من خلال عرض قدرته على ممارسة هذا الانتهاك.
وتظل مثل هذه التصرفات لمن يأخذها بحكمة وسيلة لإماطة اللثام عن شيفرة الدوافع السلوكية عند الطفل، شريطة التصرف معه بلباقة وحذق شديدين لإمتصاص أي انحراف مقصود قد يثيره لديه العقاب الصارم.
وعادة ما تبدأ الصرخات الدالة على المعارضة من قبل الطفل حين بلوغه الستين من عمره ويتلفظ بأول كلمة (لا) تعبيراً عن العناد بعد ذلك بقليل وحين ينفذها، فهو يشعر عندها بنشوة انتصار المتمرد إنه يريد إفهام المحيطين به رفضه لسطوتهم وقدرته على الإفلات مما تفرضه عليه إرادتهم، إنها أولى إرهاصات توكيد الذات لدى الكائن البشري.
وما بين السنتين الثالثة والرابعة يبدأ الطفل عادة بتفوه كلمات نابيه التي التقطها من محيطه اللغوي والتي تمثل بلا شك جزءاً من تطوره السيكولوجي وأسلوبه في امتحان طريقة استخدام الكلمات الممنوعة وحدود تصرفات أبويه.
وإذا كان من غير المفيد تحميل الأمر أكثر مما يحتمل في مثل هذه الحالات واتخاذ مواقف جد شديدة ومتشنجة تجاه الطفل، إلا أن ما لا غنى عنه ردعه عن مثل هذا الفعل مع ضرورة تقديم الاعتذار، أما إذا استمر في غلوائه وكرر الفعلة مرات أخرى يتوجب بلا تردد معاقبته عقوبة معنوية مثل حرمانه من أشياء يحبها أو إجباره على دفع جزء من مصروفه وعلى الأبوين مراقبة درجة ميل الطفل إلى استخدام نوع معين من الكلمات دون سواها مع أخد العلم بأنه مجبول على ترديد ما يسمع من كلمات الآخرين.
وهناك جملة من العبارات مثل (ابتعد) أو (لا أحبك) أو (إليك عني) أو لا يمكن اعتبارها من المفردات المجرمة بل نوع من التنفيس اللغوي عن حالة غضب تنتاب الطفل يجدر بالأبوين دراستها والبحث عن أساليب أخرى أكثر رقياً للتعبير عن الغضب وأساليب لجمه والسيطرة على النفس.
ومثل هذه القدرات النفسية لا يمكن أن تأتي مرة واحدة، بل هي تبني باستمرار تطور الطفل، كما يتوجب حل شيفرة العديد من العبارات التي قد لا يقصد الطفل معناها الدقيق، فمثلا كلمة (أكرهك) التي قد لا تعني الكره حصراً بقدر ما تشير الى حالة تمرد ونزق راجعة اساساً إلى شعور بالإحباط تجاه موقف ما لا أكثر وهي حالة عابرة بكل تأكيد، ذلك أن مشاعر الطفولة ليست قصدية كما أن أفعاله ليست مصممة مسبقاً لإلحاق الأذى.
ومع ذلك يجدر بالأبوين إفهامه بأن مثل هذه المساحات التعبيرية غير مرغوب فيها وتمس شخصيته قبل أي شيء، كما يستحسن الحديث معه بجدية وبتركيز النظر في عينيه مباشرة لإثبات حضور السلطة الأبوية التي تمر أولاً وقبل كل شيء عبر النظر وقبل أي وسيلة تقريع أو عقوبة.
 وما إن تهدأ ثورة الطفل ويذهب غضبه إزاء موقف ما يتعين على الأبوين العودة إلى أس المشكلة والتحدث معها هذه المرة بلطف مع التأكيد له أن هذه الكلمات التي نطق بها تعد من هذه التعبيرات الجارحة وأن مثل هذا الفعل يمكن ارتكابه من قبل الجميع ولكنه فعل لا يجدر بأمثاله الإتيان به.
إن من شأن هذا النمط من المعالجة أن يحط من قيمة الكلمات النابية في نظر الطفل وهذا هو الهدف من أي نوع من أفعال التربية والإرشاد ولكن يجدر بالمتحدث من باب آخر أن يكظم غيظه.
وحديث أن علاقة الطفل بمحيطه بما فيه الأبوان، علاقة تبادلية يتوجب على الطفل التحلي بالإقدام مثلما يتوجب إحاطة شخصيته بذات الاحترام ويمكن لهذا الاحترام المتبادل أن يؤتي أكله كلما نجح المحيط العائلي في تحديد هوية الأشياء والكلمات إلى درجة تجعله يفهم معنى الانتهاك وتأثير الممنوع عند الإتيان به وبعكس ذلك فإن الطفل الذي ينتظر الحصول على ما يريد بعد أن يصفق باب المنزل بقوة أو ذلك، يستخدم كلمات الشباب النابية سيكون عرضة إلى فقدان بوصلة حسن التبادل والمنفعة المشتركة مع الآخرين.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد