إذا لم تستطع أن تقلبها.. أبقها مطوية!

2011-07-26 15:31:14 ألطاف الأهدل


لا أدري ما الذي يمكن أن يكتبه المرء عن الحب في ظل التدخل السافر لحرف الراء الذي أصر أن يقحم نفسه متطفلاً بين هذين الحرفين، فحول عبير الورد إلى رائحة بارود وبدل كلماتنا المخملية الناعمة إلى زفرات حارقة.. لكنه الحب، نطفة تلقح قلوبنا بالسكينة، وقطرة أمل تسقينا الطمأنينة، ورذاذ أمنيات عذبة تعبر شرايين أجسادنا النحيلة من جديد.. إنه ذلك الشعور الذي يتسلل إليك عبرك، ويذوب فيك وعليك، يصقل أحاسيسك الفاترة ثائراً، ويشعل جذوتك الخامدة لتضيء أمامك الطريق إلى روحك، أنه الشعور الذي يبقي جوارحك يقظة وقلبك ساهراً وأناملك متوقدة لترشف من مدامه أعذب خمرة يمكن أن يحتويها كأس ليلك الحائر.
الحب هو الشعور الذي يدفعك لتكون صادقاً، جميلاً، عفيفاً مادام لقلبك أجنحة ومادام لصدرك سماوات رحبة، لا يمكن أن يكون المحب الحقيقي كاذباً دنيئاً؛ لأن الحب العفيف مدعاة إلى الفضيلة وليس مدعاة للرذيلة ولهذا فإن الحب يموت إذا أصابته فيروسات الكذب والخيانة والنفاق، وأجمل ما في الحب أنه بذرة يمكن أن تتعهدها يداك بالرعاية والعناية لتمنحك أروع شجرة زينة يمكن أن تغير في مجرى حياتك، والحب قد يدفع للتنازل ولكنه ليس تنازلاً جسدياً يدعوك إلى الخطيئة، أنه تنازل من نوع آخر.. ذلك النوع الذي يعلمك تقدير الحبيب كإنسان يمكن أن يهفو ويزل ويخطئ وينسى.
الحب شعور طاهر ولا يمكن أن يشقى في القلب إلا إذا كان كذلك، أما إذا شابه الكذب والخداع والتزييف فإنه يعيش كإعصار خارج حدود الجسد وبعيد جداً عن الذاكرة، الحب كلمة كبيرة أن تفهمها فقد أديت نصف ما عليك ويبقى النصف الآخر من واجب الحبيب الذي أسرته وأسرك.
وأما أن تدعي الحب فقد فشلت في رسم خطتك؛ لأن للحب علامات يعرفها المحبون فقط، فإذا شعرت يوماً بقدوم حبيبك ولم يلبث إلا أن وصل فأنت محب، وإن غفرت لشريك حياتك ؟؟؟؟؟؟ أسهرت عينك فأنت أيضاً محب، وأن وصل صدقك مع محبوبك إلى درجة المكاشفة والتجلي والسمو مع الأرواح فأنت فعلاً محب، وأن كنت ممن يتغاضى عن عيوب الخلق والجسد ويؤمن بجمال الفكر والذات فأنت حقاً محب، وأن كنت ترى أن رضى الحبيب غايتك وهناه جل سعادتك، وأن في ألمه وسقمه تنقض راحتك ويصير كدراً عيشك فأنت محب، وإذا كانت ابتسامة حبيبك شفاء وفرحة دواء وتوا؟؟؟؟ معك ترياق لكل داء فأنت أيضاً محب.. للحب علامات ووصوف وأوصاف ودلائل وسمات وومضات وإشارات وخلجات، وله إسقام وأوجاع ما بين أهات ت؟؟؟؟ وزفرات ترتاع!.
لكن للحب أيضاً حضوره ووقاره وهيبته، إذ أن الحب الجميل العفيف يحكمه العقل قبل الوجدان ويسيره الفكر الذي يعلم التغاضي والغفران، ووجدتني مرة أصف قلب المحب فقلت:
لقلب المحب وميضٌ..
بلا أي ضوء..
ونار بلا أي جمر..
وسكرة عقل..
بلا أي خمر..
يسير المحب..
 على كل درب..
ويغفو على أي جنب..
أسير بلا أي حرب!.
لقب المحب دواوين شعرٍ..
بلا أي شعر..
ومد وجزر..
بلا أي بحر..
ترى لو أن قيساً عاش في زماننا هذا هل كان سيقول ما قال في ليلى؟
 أم أنه سيكتفي بالاستحواذ على الريموت للبحث عن قنوات عريقة في بث ثقافة الجسد؟
 وهل كان سيجبر ليلى على الخضوع لعمليات تجميل بهدف الحصول على تقاسيم مثالية؟!.
في نظري أن الحب الحقيقي يولد في ظروف طبيعية بيئياً ونفسياً، بحيث يكون بعيد تماماً عن التعقيد ولا يخضع لأي نوع من الضغوطات وليس له أي أهداف وميزته الأكثر ظهوراً هي القدرة على الثبات والاستمرار.
وصلتني على بريد القراء أكثر من ثلاثين رسالة كلهم يستغيث بطريقة تجمع بينه وبين حبيب رحل ولم يعد أو منعت الظروف المادية والأسرية القاسية من الوصول إليه، أو وقفت الدراسة وحب إثبات الذات عائقاً في طريقة أو كان الاندفاع العاطفي والعبث بالمشاعر سبباً في أفوله قبل أن يبزغ هادئاً كخيوط الفجر، أو جاء السن والخبرة والفروق النفسية والاجتماعية في مهده قبل أن يصرخ أولى صرخاته الثائرة، تعاطفت مع رسائلكم لا أخفيكم ذلك لكني أريد أن أهمس في أذن الجميع بكلمة:
الحب لا يعرف المعوقات.. لكن إذا كانت تلك المعوقات عملاقة لا يستطيع الإنسان أمامها فعل شيء فيجب أن لا نصارع القدر، سنكون بذلك كمن يضرب برأسه عرض الحائط فيتحطم رأسه ويبقى الحائط كما هو، تعلموا كيف تضعون من جراح الحب وعلات القلوب دروساً في الصبر والقناعة، وتأكدوا أنه ما منا من أحد إلا وله محبوب لم يحظى به لكننا لم نسقط.. السقوط يعني أن تطأ أقدام الأيام على وجوهنا ونحن أكرم عند الله وعند أنفسنا من ذلك.
تعلموا شيئاً مهماً: أقلبوا الصفحة وإذا لم تستطيعوا أن تقلبوها فعلى الأقل أبقوها مطوية!.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد