حذر من قذيفة ثالثة قبل استشهاده فكانت من نصيبه..

أصيل مهيوب.. حكاية طفل أُستشهد في تعز بقذيفة أنهت حياته قبل أن تبدأ

2011-07-28 16:09:34 أخبار اليوم/ وفاء الوليدي


أصيل مهيوب فيصل مرشد صبي بلغ الرابعة عشر عاماً من عمره كانت آماله كبيرة بالحياة، وكان حلمه لا يتجاوز حياة سعيدة يتقلب فيها بطفولته الطاهرة يمنياً وشمالاً فرحاً مسروراً وكل اهتمامه أن ينال رضا والديه، وكانت كرة القدم أحب الألعاب إلى قلبه الصغير خاصة وقد اعتاد على ممارستها منذ نمو أظفاره، وكانت الابتسامة لا تفارق محياه عندما يمارس هذه الرياضة مع أقرنائه من الأطفال في الحارة ولطالما تعالت ضحكاته زهواً بتحقيق أي هدف في مرمى وخصمه وهي ذات الابتسامة التي يطلقها يتلقى فريقه هدفاً من الفريق الآخر.
كان أصيل محباً لكل من حوله ويحبه الجميع وكان أكثر ما يؤرقه هو التصوير الذي كان لا يحبه ويرفضه دائماً.
تقول أم الشهيد أصيل: كان أول من يستيقظ في البيت لأداء صلاة الفجر وكان يوقظنا جميعاً لمشاركته الصلاة التي كان يؤديها في كل أوقاتها.
أصيل كان يترقب بفارغ الصبر قدوم شهر رمضان المبارك، كونه من أحب الشهور إلى قلبه ولطالما خطط مع أصدقائه عن كيفية قضاء رمضان بالصوم والعبادة وممارسة كرة القدم وخاصة بعد صلاة الفجر.
أحلام الصبي توقفت فجأة وبدون أدنى مقدمات ومع توقف أحلامه وآماله توقفت الحياة بأكملها أمام عينيه بتوقف نبض قلبه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد دوي انفجار عنيف لقذيفة هاون استهدفت حي المسبح بمحافظة تعز عصر جمعة الموافق 15 يوليو 2011م، قذيفة نسفت كل شيء حول الصبي أثناء ممارسته لعبة كرم القدم أمام منزل احد الجيران وذلك بعد تأديته صلاة عصر ذلك اليوم والتي كانت آخر شيء يعملها في حياته التي انتهت قبل أن تبدأ ومات قبل أن يعيش..
 أصيل حالة خاصة ضمن العديد من الشهداء الذين سقطوا بمحافظة تعز وقبل استشهاده بنصف ساعة دار بيننا حوار لا يزال صداه يتردد في أذني.
 أثناء تصويري لذات المكان والذي استهدف بعدة قذائف بعدة صلاة الجمعة مباشرة في ذلك اليوم، حاورني الطفل أنا ومن معي ببراءة مطلقة: روحوا قبل ما تجي قذيفة ثالثة ويجرى لكم أي مكروه، كان خوفه علينا يفوق سنه الصغير، وشاء القدر أن يموت هو بنفس القذيفة التي كان يحذرنا منها وكأن إحساسه يملي عليه ما سيحصل، حيث دو الانفجار الثالث بعد تركنا الحي بنصف ساعة، كان طفلاً ذكي ويحب الجميع ويخاف على كل من حوله.
تحكي أم الشهيد حبها لطفلها وكيف أخرته لمدة عامين عن الدارسة، خوفاً عليه وانتظرت حتى يكون لديه أخ رفيق في الدراسة كي لا يكون وحيداً في مدرسته.
أصيل دمعة حزينة في عيون أمه وأبيه الذي هجر وطنه من أجل أصيل وإخوانه ليعمل مغترباً في إحدى دول الجور من أجل توفير لقمه العيش وحياة كريمة لأطفاله.. هجر مهيوب وطنه ليسعد أطفاله ولم يكن يعلم أن رصاص الغدر وقذائفها ستسرق منهم الفرحة والسعادة وتزرع في داخلهم حزناً لا ينتهي، ويتكرر صداه في كل جمعة وكل يوم يمر بدون أصيل، إخوانه الصغار لا يدركون معنى الموت والفراق وكل ما يدركونه هو شيء واحد فقط: أن حياتهم أصبحت بدون أصيل وأن أصيل لم يعد موجوداً بينهم.
لماذا قتل أصيل؟ ما الذنب الذي ارتكبه هذا الطفل؟ أأصبح اللعب بالشارع ذنباً عقوبته الموت والقذائف؟.
هل أصبحت الطفولة البريئة لا معنى لها في نظر السلطة البائسة؟ ومن ضغط على الزناد وقتل "أصيل"؟.
ثمة أشياء تعجز العقل عن التفكير بمنطقها، ففي زحمة حزن الأهل وخاصة والدي الطفل الشهيد إذا بالجميع يصاب الصدمة عندما أقدمت بعض وسائل الإعلام الرسمية على تزييف الحقائق ونشر خبر وبجواره صورة أصيل وكتب أنه كان من ضمن المسلحين ولهذا قتل!.
 هل هي سخرية من أحزان الناس؟ أم هي محاوله فاشلة لدفن جرائمكم أيها البؤساء لا ولن تهربوا من العقاب وستطاردكم دماء الشهداء ما حييتم، شهداؤنا يحملون على الأكتاف ويظلون في قلوبنا وتاجاً على رؤوسنا وتاريخ نفتخر به ما حيينا..
أما أنتم ورصاصكم ستظلون دائماً عبيداً لمصالحكم ورغباتكم ولأشخاص يستعبدونكم والتاريخ الآن يسجل عنكم ويسطر أسمائكم في أسوأ صفحاته واحلكها سوداوية، أنتم في الصفحة السوداء لا بل في أرخص من ذلك، أنتم في مزبلة تاريخ هذا الوطن الغالي الذي سينبذكم ويتبرأ منكم وستصبح أسمائكم وألقابكم وصمة عار على جبين أبنائكم وأحفادكم، فلا بورك فيكم ولا في قذائفكم العمياء الصماء الغادرة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد