أحد طلاب الشهيد محمد الثلايا يقبع في المعتقلات وعشرات يعتصمون في الساحات

2011-08-10 16:58:07 عدنان هاشم


رحل الثلايا القائد، رحل الثلايا الأب وهو أيضاً المربي والمعلم والأخ والصديق، وفيما رحيله أعده طلابه الذي درسهم طوال فترة من الزمن بداية انهيار النظام المتعالي على عرش الجبروت والطغيان، يواصلون اعتصامهم في ساحة التغيير وبذات الخيم الذي ناضل فيها أستاذهم، لتلهمهم روحة الثورية ما يتزودون به لمقارعة النظام "أخبار اليوم" زارت مخيم طلاب الثلايا الذين أنشوا حركة وسموها باسمه.
ابتدأ الشهيد محمد حسين الثلايا نضاله قبل ذلك بسنوات من خلال رفضه لظلم وجبروت مدير التربية في المحافظة من خلال قطع مستحقاتهم الشهرية، وفي النضال لبناء مدرسة في حيه، وفي رفضه لظلم مدير التربية على الطلاب، وفي يوم أستشهد الشهيد عبدالله الجائفي أواخر فبراير الماضي، أغلق الثلايا مدرسته معلناً لكل أبناء القرية بداية النضال، متحملاً سخط الظلمة عليه، حزم أمتعته متوجهاً إلى ساحة الاعتصام بعمران ويوم 13 من مارس فجر سبت اليوم الدامي،أصيب أخاه صدام في صنعاء ليذهب لزيارته وهو فخوراً بذلك طالباً الشهادة، أعطى وصيته امرأته وحزم أمتعته، بين استشهاده وبين حضوره أيام مرابطة، فقد وصف لي طلابه أنهم رأوا يديه سوداء، من جراء تثبيت مئات الخيام في ساحة التغيير بصنعاء،وهو ذلك الرجل الذي لا يمل حاملاً مطرقته ومساميره، وبابتسامته المعهودة رقص في قلوب كثيرين حباً وإخاء.
محسن الغرابي -أحد طلابه- وإن بعد منزله مئات الأمتار عن قرية الثلايا إلا أنه قطع المسافات الطوال حباً فيه وفي أخلاقه التي ربى جميع طلابه عليها،يتحدث عن الوقع الجلل الذي أصابه حين نبأ بان أستاذه قد أستشهد و ارتحلت روحة إلى من أحبه طوال حياته إلى ربه جل في علاه، يقول: لزمت ذلك المسجد الذي طالما احتضنني وأحتضنه أفتش عن باقي حياتي بدونه، لم أجد سوى الدموع تنهمر من عيني،كأنها سيل متدفق، لا أحد يستطيع إيقافه، نهضت وكأن صعقة طغت على جسمي،فكرت أن أنتقم له، فحزمت أمتعتي ووضعت سلاحي بعد تردد في خزانتي،كما وضعها أستاذي من قبل، رحلت إلى ساحة التغيير، أتحسس مكان استشهاده ومكان أكله ومشربه، أعاهده و أناجية ألا أرحل من الساحة،إلا وقد أعدم السفاحون والقتلة.
الطالب المدلل هكذا يصفه الآخرون، صاحب القلب المرح "أحمد الثلايا" طالب الثانوية العامة، تلقى نبأ استشهاد أستاذه يوم الكرامة، فأغمي عليه في الطريق فأخذه أصدقاؤه إلى منزله، فلم يفق إلا وقد صمت لسانه وحمرت عينيه، وهطلت دموعه، فلم يستطع أحد أن يخفف شعوره الأليم، عاهد ربه أن يأخذ بالثأر من القتلة، حدثني وعيناه حبلى بالدموع، يقول "تركت كتبي الدراسية، وحضرت إلى ساحة التغيير وصوب عيني الثأر لأستاذي، لم أحمل البندقية ولن أحملها، وسوف أسقط هذا النظام سلمياً، بالاعتصام في الساحات،فقد رباني أستاذي محمد على ألا نحمل السلاح إلا وقت الحاجة، وحارب فينا قضية الثأر بالسلاح، وعودنا على أن نأخذ حقوقنا بالاحترام والقانون، نعم أحبه أكثر من نفسي، فقد غير مجرى حياتي منذ أن التقيت به، علمني ألا أنجر وراء الدخان،علمني كيفية الصلاة".
أحمد أدى امتحانات الثانوية العامة وعاد اليوم التالي للساحة، حامياً وحارساً بقية الثوار عبر أحد مداخلها في ساحة التغيير، أحمد ومحسن من عشرات الشباب الذين رباهم الأستاذ/ محمد الثلايا في فترة زمنية كبيرة،علمهم الحب فيما بينهم، ساعد الثلايا الشهيد في بناء التكافل الاجتماعي.
لم يخلُ بيت من لمسات محمد الثلايا فهو الأستاذ والبناء ويفهم في تبليط البيوت، ويساعد في الأفراح، والمعاون في الأعراس، والأب للأيتام، والراعي للشباب، والمدرب الرياضي هكذا حدثني عبدالله مخبوت الثلايا أخو المعتقل حسن الثلايا.
حسن الثلايا أحد طلاب الشهيد محمد الثلايا كنت قد التقيته قبل اعتقاله في ساحة التغيير، وهو ذلك الشاب الذي لم تغادر الابتسامة شفتيه طوال حديثه، ولم تغادر السلمية شفتيه، كان يحدثني دائماً من أنه يريد أن يلحق بأستاذه الذي تعلق به ليلتقي به في جنات الخلد، خرج معظم المظاهرات تقدم الصفوف، حرس الثوار طوال الليل، ويوم النهدين اعتقلته أيادي الظلمة والغدارين، ليأخذوه إلى ظلمة أشد من ظلمة القبر.
حسن أحد مئات الآلاف الذين ثاروا ضد ظلم وجبروت نظام العائلة الحاكمة، يوم أختطف حسن في الثالث من يونيو الماضي كان في طريقه لزيارة أحد أقاربه في حدة، ويوم ثارات صواريخ الظلمة على منازل القياديين في حدة، وجد حسن أمامه رجلاً ينزف، لم يستطع قلبه الكبير أن يفارق الرجل وهو ينتحب من شدة الألم لأخذه على أحد السيارات وأسعفه إلى أحد المستشفيات، بعدها اختفى حسن، هذا آخر ما قاله أخوه حين أتصل به في نفس اليوم، لم يتناول حسن ذلك اليوم غداه عند قريبه، بل اختطفته أيادي الظلمة إلى دهاليز الظلام، حسن ليس جباناً ولم يكن يوماً كذلك، فالرجل الذي قام ليبنى مستقبل بلده لن يستطيع أحد أن يخيفه، أجزم أن حسن لن يركع لهم، وإن عذبوه وسجنوه، فهل يظن سجانوه الذي صاروا على شفى جرف هاو، سينهار بهم تمسكهم بالسلطة في نار جهنم أنهم سيخيفونه ويقتلون حلمه في بناء بلده، أنى لهم ذلك، لحسن أم وإخوة هل يتفقدون بقايا ملابسه يترأونه في منامهم، أم تحلم في يقظتها بأن حسن فتح بالباب الذي أمامها فتقبل جبينه ووجنتيه، أمه تريد أن تعرف أن حسن أستشهد، فتسعد فليس أغلى من أستاذه الشهيد، وليس أغلى ممن رحلوا جميعاً فداءً للوطن، أو أنه حي فتنتظر حضوره إلى منزله، وتبني به عروساً طال انتظارها لحسن، لك التحية يا حسن في سجنك المظلم، لك التحية لصمودك في سجون الظلمة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد