د . فضل الربيعي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عدن في حديث لـ "أخبار اليوم ":

الثورة مستمرة والملايين الذين خرجوا بهذه الروح لا يمكن أن يرجعوا مهما كلفهم الأمر حتى نجاح الثورة

2011-08-16 12:57:39 حاوره / اديب الجيلاني


ــ ما يجرى من إصرار في تعز وصنعاء والحديدة على استمرار الثورة رغم ما يتعرض له المحتجون السلميون دليل كاف على مستقبل نجاح الثورة ولا تنازل على دماء الشهداء.
ــ النظام خطط لما يجري الآن في أبين وعمل على تصدير ما يسمى بتنظيم القاعدة
ــ عقدة النظام ظهرت من خلال تدمير البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتعميم الفساد وسياسة التجهيل.
القضية الجنوبية هي قضية شعب ليست قضية جماعة أو فئة أو حقوق كما يردد البعض أحياناً مع الأسف
في إطار مساعي الصحيفة لإفساح المجال في الحديث والتنفيس عن هموم وتطلعات جميع أبناء الوطن ، وبهدف معرفة وتعريف القارىء بالمزيد من المعلومات عن أراء الشريحة المثقفة في المجتمع ، أجرت ( أخبار اليوم ) لقاءً ضافياً مع الدكتور د . فضل الربيعي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عدن ورئيس مركز مدار لدراسات الرأي العام والبحوث الاجتماعية والذي فتح قلبه وتحدث مع الصحيفة عن الثورة التي يشهدها الوطن اليوم ..وعن الحراك وعدد من المواضيع والهموم والتطلعات و التي كانت خلاصتها في السطور التالية :

* في بداية هذا اللقاء د. فضل .. هل لكم أن تحدثونا عن انعكاس الثورة على واقع الصحافة اليوم في بلادنا؟؟

- بداية اسمح لي أن أحييكم انتم الصحفيين والإعلاميين على جهودكم التي تحاولون إيصال الكثير من الآراء والأفكار والمعلومات التي تتعلق بالشأن السياسي أو الاجتماعي رغم أننا نعرف أن هناك عدداً من الصحف ترتبط بالمركز أي بالسلطة إلاّ أن الثورة الشعبية وما أفرزته من مواقف قد أدى لتحرر عدد من هذه الصحف والصحفيين من ناحية ومن ناحية أخرى، فأن الثورة الشعبية العارمة كانت قد حركت الموافقة الشخصية لكثير من الكتاب والساسة والصحفيين الذين كانوا قابعين تحت الأوامر البوليسية أو ما خلقته في الأنفس من رقابة داخلية تنوب عن أجهزة البوليس، وبالتالي فتحت مجالاً رحباً للتحرر من التبعية المشينة التي كان يفرضها النظام عبر أجهزته البوليسية على أصحاب الرأي والساسة والإعلاميين.

* د. فضل لا تنسى انك كنت في السلطة يوماً ما .. واليوم أنت تهاجمها ؟

- نعم هذا هو موقفي أينما كنت، سيظل هو الموقف الذي يرفض الباطل وكل أساليب القمع والتعسف ، وسأظل توّاقاً للحرية والكرامة هكذا نشأنا .
 كما أن رغبتي كانت أن لا نترك الميدان للجلاد طالما تم محاصرتنا من جميع المجالات في السابق ولم يستطع احد ان يتنفس وأنت تعرف ظروف ما بعد حرب صيف 1994م إلى عام 2006م، كانت أسوأ ظروف وكنت ضمن مجموعة نحاول العمل على اختراق السلطة المحلية عبر دفع أعداد كبيرة للوصول إلى السلطة المحلية ومنها يمكن العمل تجاه لملمة الجهود،   الا اننا تجزئنا إلى جزء في السلطة وجزء خارجها وظل النظام يعمل على ترك مسافة بين الطرفين ويوظف كل طرف ضد الآخر بأساليبه المختلفة والمعروفة، وخلق الشكوك بينهم ومارس عدداً من أساليب التخويف، فلا احد كان يستطيع ان يتحدث عن المظالم وهو في السلطة فالتهمة جاهزة له، وهي نفس التهمة التي توجه للآخر خارج السلطة، وعندما بدأ الحديث عن عودة القيادات الجنوبية ومعالجة الاختلالات، كنا قد تقدمنا بمقترحات في هذا الشأن والحقيقة قد لمسنا تجارب محدودة من قبل بعض القيادات في تلك الفترة، وقد عرض علينا العمل في السلطة المحلية للعمل بالمقترحات التي تقدمنا بها في تصحيح الأخطاء، وضمن المحاصصة، فالنظام كان قد اقصي تماما مديريات ومحافظات من المشاركة وقبلت أنا ومعي آخرين العمل في إدارة شؤون بعض المحليات خدمة للمواطن في هذه المواقع، مع العلم أننا لم نكون منتمين إلى حزب المؤتمر أو أحزاب أخرى وهذا شرطنا أن نعمل وفقاً للقانون واعتقدنا أن تواجدنا في هذه المواقع ربما يساعد إخواننا الذين تعرضوا لكثير من المظالم والحمد لله والجميع شاهداً أننا كنا نعمل بكل ثقة في هذا الاتجاه وحاولنا إدخال صوت آخر إلى السلطة لم يكن متواجد. ورغم ذلك لم يتركوا لنا الأمر وتم التآمر علينا من أول يوم في محاولة تحريض البعض علينا والجميع يذكر تلك الزوبعة التي قاموا بها ضدنا بوصفنا خارجين عن سياسة المؤتمر واتهمونا باننا نعمل لصالح جهات أخرى وهذا كلام نشر في الصحف من قبلهم .

* في ردكم السابق قلتم تآمر عليكم ..واتهمت بالعمل لجهات خارج السلطة، هل لنا معرفة هذه الجهات ، ومن الذين تآمر عليكم؟؟


- الحقيقة كانت هذه التهم بأننا انفصاليون ونعمل لصالح الحزب الاشتراكي، لأنه لم يكن حينها قد ظهر مفهوم الحراك وفي فترات لاحقة كانوا يعتبرونا نعمل لصالح الحراك، وهي تهم نتشرف بها ما دام أنني أعمل في محاربة الفساد والظلم، وكان البعض في السلطة غير مرتاح لوجودنا لأننا لم نوافقهم على كل ما يريدون، بل في الأصح وجدونا نمط آخر لهذا حاربونا بكل شيء بل أقول لك كان الشيء الذي يزعجهم انك تعمل صح وتحظى باحترام المواطنيين.
* هذا الطرح والموقف ليس عندك، فهناك آخرون كما يعرف الجميع من أمثالكم في السلطة ؟؟
- صحيح أقول إن هناك مواقف أكثر وإجراء لبعض الأخوة في السلطة ويقولون ذلك علناً، بعضهم مازال حتى اليوم بالسلطة وأقول لإخواننا  في المحافظات الجنوبية أن يتفهمون لهؤلاء، فهم السند الرئيسي لهم وبالمقابل هناك أشخاص سيئون جدا ولكنهم بعدد أصابع اليد ومعروفون، وعموماً كل هذه الأمور لم تعد مخفية على احد.

* د . فضل يقال إنه بعد خروجكم من السلطة كنت قد هاجمت بعض القيادات وربما ذلك كان بموقف شخصي وكرد فعل على إقصاءك ؟؟

- بالعكس ليس موقفاً شخصياً فأنا وعندما كنت بالسلطة كنت أكتب وبوضوح عن الوضع العام وأشير إلى بعض الأفعال والمظالم ،كما كنا ندعو إلى إصلاح ذلك الخراب حتى إنه تم استدعائي وأكثر من مرة وهددت بالتوقيف عن العمل ولم اعر ذلك أي اهتمام ، وبقيت كما يقول المثل عظم بالحنجرة .

* هل لكم أن تحدثونا وبصراحة عما يقال بأنه لم تصرف لكم سيارة خلال فترة عملك كمدير؟؟ ..

- يا أخي النظام عمل على إنتاج هذه الثقافة لدى المسؤولين وجعلهم ينظرون إلى مصالحهم أو بالأصح ما يجنوه من الوظيفة وما يحصلون عليه من امتيازات وهبات وهي كفيلة بأن تصرفهم عن نشاطهم ومواقفهم المسئولة وبالتالي إذا تريد الامتيازات ممكن تحصل على الكثير، لكن ذلك مقابل سكوتك عن الحق ، وأذكر أن احد الأخوة ولا أحب أن أذكر أسمه هو الآن أعيد للعمل وقد قال لي ذات مرة هل تعرف ماذا يريدون منك وليش يخلقون لك مشاكل ولم تصرف لك السيارة؟؟
قلت أعرف لكنني لا يمكن أن أذهب إليهم واستجديهم وان يكون ذلك على حساب قناعاتي!
ولذلك فإني أقول لك إنني لست الوحيد .. بل إن معي آخرين كثر ظلموا ولم يحصلوا على حقوقهم المشروعة مثل الأخ العميد أحمد حسن الشيري مدير عام الشيخ عثمان وهو شخص فاضل ونزيه، أحبه جميع سكان المديرية ومع ذلك لم يستلم سيارة وهذا أمر عادي ومتوقع لأننا لسنا في حساباتهم الداخلية مع العلم أن قرار إقصائي في شهر مارس الماضي كان بسبب أن نائب الرئيس عندما زار عدن وأعجب بما نقوم به من أعمال في المديرية وجه المحافظة بشراء سيارة لي أسوة بالآخرين، وعليه تم إتمام كل إجراءات الشراء ولكن عند استلام السيارة قام نائب المحافظ ورفع تقرير إلى وزير الإدارة المحلية يطالب فيه بإقصائي لأنني أعمل مع الحراك ربما كان ذلك يهدف إلى عدم استلامي السيارة، وهذا واضح وأوراقها ومتابعتها معروفة لدى الجهات الرسمية واسألوا مدير المالية كيف تم إيقافها.. ومع ذلك لا يهمنا لطالما واننا خرجنا طاهرين بشرف ولم نتدنس بمال السلطة وامتيازاتها.

* أنت من النشطاء في القضية الجنوبية وكان مركزكم ( مركز مدار) أول من نظم ندوة حول القضية في ابريل الماضي، كيف تنظر إلى مستقبل القضية ؟


- أخي العزيز القضية الجنوبية هي قضية شعب وليست قضية جماعة أو فئة أو حقوق كما يردد البعض أحياناً مع الأسف لم يترك أي مجال للحديث عن ذلك، بل من يتحدث عن الجنوب هو جريمة لا تغتفر، وقد تم اعتقال الكثير واستشهد العديد من خيرت الشباب من اجل القضية ، أعود إلى مقالة كتبتها في 2006م في صحيفة الأيام قبل ظهور الحراك بهذا الشكل كنت حينها أول من تحدث عن الفدرالية كحل للقضية، وانتقدني الكثير واعتبروا أن هذا الطرح خطير وهو انفصال، وهذا كان ممكن في حينه، أما اليوم فإني اعتقد أن سقف الحل هو اكبر من ذلك .

* يرى البعض بأن الثورة ستعالج المشكلة الجنوبية ، هل ترون انه طرح ممكن؟؟


- نعم  كل أبنا المحافظات الجنوبية يؤيدون الثورة باعتبارهم يشاركون الجميع في إسقاط النظام، لان النظام هو السبب الرئيس لكل مشاكل اليمن وعلى وجه الخصوص المشكلة الجنوبية حيث تعامل مع  المحافظات الجنوبية كغنيمة حرب، وعمل على إقصاء قطاعات واسعة من المشاركة الأساسية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وترتب عن ذلك إلحاق المظالم بأبناء المحافظات الجنوبية وفقدانهم كثيراً من الحقوق، مطالباً الشباب في ساحات الحرية مواصلة النضال لا تنتهي بإسقاط النظام. وأنه مهما تبدل النظام فإن الجديد سيتعامل معهم بنفس العقلية كما يبدو، وبالتالي تصاعد الحراك السياسي الجنوبي ممثل في تلك اللقاءات المهمة التي جرت في الخارج أو التي تتم في الداخل ينبغي ان تخرج برؤية كاملة تحدد مستقبل اليمن عموما.

* لكن هناك انقسام في الوسط السياسي الجنوبي بين مؤيدين ورافضين للقاء القاهرة الذي حدد الفيدرالية ولقاء بروكسل الذي ينادي بفك الارتباط؟؟


- المتابع المتعمق لتلك اللقاءات سيجدها واحدة لا يوجد اختلاف وطالما ومضامينها هو التعبير عن الخروج من الوضع الحالي واعتبار الوضع الحالي ليس وحده إلاّ أن التباين - إذا صح التعبير - هو ناتج عن طبيعة ما جرى سابقاً من تدمير للبناء والهياكل السياسية والاجتماعية الجنوبية من قبل النظام الذي عمل على تجزءتها وتذررها . والتواصل الذي كان يتم مع القيادات السياسية مثل الرئيس علي سالم البيض والرئيس علي ناصر والمهندس حيدر العطاس لم يكن واحد ولا يتم عبر أطر سياسية واضحة، بل أخذ الطابع الشخصي في أكثر الحالات وبالتالي كان كل واحد منهم يبني رؤيته على ما يوصله من معلومات ولو كان الجميع متواجدين وقريبين من بعض أو هناك اتصال بينهم لما كان كل واحد أتى برؤية مختلفة ، وصدقني إذا حاول كل طرف التواصل مع الداخل بحيث يتم التبادل من كان يتصل بالبعض يتصل بالآخر والعكس لوصلوا إلى رؤية واحدة وهذا العمل مستمر بإذن الله. 
كما أنني أتصور أن أصحاب الفيدرالية كان خطاباً ليس للداخل الجنوبي ومهم في وقته لاعتبارات عديدة، ونحن متفائلون بأنهم جميعاً متفهمون للوضع وهناك تواصل بعد هذه اللقاءات بالتأكيد تصب على ما هدف إليه الاثنان نحو مؤتمر جنوبي للقوى السياسية دون استثناء لتحديد مسار العمل في اتجاه حل القضية أكيد لا يوجد تباين ولا خلاف لان المشكلة واحدة.
* إذاً بماذا تفسرون تراجع نشاط الحراك في الوقت الراهن وبحسب بعض المراقبين؟؟
- على العكس نشاط الحراك متصاعد .. وان ما يجري من نشاط في مختلف الاتجاهات في المحافظات الجنوبية من الثورة الشبابية إلى النشاط الإعلامي والثقافي واللقاءات العامة هو حراك بمعنى أن الحراك متقدم ، فالحراك بالمعنى السياسي هو انتفاضة شعبية عارمة بوجه النظام .
* مار أيكم بما يجري في أبين اليوم، وهل يشكل ذلك خطراً على مستقبل القضية الجنوبية برأيكم؟؟
- للأسف هكذا عمل النظام منذ وقت وخطط لهذه الحرب وعمل على تصدير ما يسمى القاعدة إلى الجنوب بهدف إلصاق التهم بالحراك الجنوبي السلمي وتشويه الصورة التي يعرفها العالم عن الجنوب بوصفه مجتمعاً مدنياً منفتحاً على العالم، واعتقد أن عقدة النظام هذه قد ظهرت من خلال ما قام به خلال السنوات الماضية التي استهدفت تدمير البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتعميم الفساد وسياسة التجهيل بمعنى أنه يرد على من يقول إن الجنوب متقدم في علاقاته، بل يحاولون تغيير تلك الصورة الايجابية التي عرفت عن الجنوب.. بالله عليك أي نظام يعمل هكذا يفسد جزء منه، هل هذا يمكن أن يدعي أنه وحدوي وحريص على الجنوب أم أن الأمر خلاف ذلك تماماً فمن هو الذي يعمل مثل هذه الأعمال ؟

* سؤالنا الأخير د . فضل .. كيف ترى مستقبل الثورة في اليمن؟؟

- هي الآن في محك حقيقي وأنا اعتقد أنه لا يمكن أن تنتهي هذه الثورة بهذه البساطة سواء حصلت على تأكيد خارجي أم لم تحصل عليه، فالثورة سوف تستمر وان الملايين الذين خرجوا بهذه الروح في المحافظات لا يمكن أن يرجعوا عن ذلك مهما كلفهم الأمر، وما يجرى من إصرار في تعز وصنعاء والحديدة على استمرار الثورة رغم ما يتعرض له المحتجون السلميون من مواجهة عسكرية لهو دليل كاف على مستقبل نجاح الثورة ، فلا أتصور أن يضيعوا هذه الفرصة أو يتنازلوا عن دماء الشهداء ، لا نهم يعرفون ما سوف يجري لهم .

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد