نستكمل بقية الحوار الذي أجرته صحيفة "أخبار اليوم" مع شيخ قبيلة آل بلعيد المراقشة الشيخ/ عبدالله سعيد بلعيدي الذي أجاب على جميع الأسئلة بمنتهى الصراحة وبرحابة صدر وليس ذلك بمستغرب من شخص بدرجة وكيل ويحمل مؤهلات أكاديمية من عدة دول عربية ويتقن اللغتين الانجليزية والفرنسية بطلاقة، بالإضافة إلى عدة مؤلفات نشرت له فإلى بقية الحوار:

× عندكم يا شيخ عبدالله في محافظة أبين من هم رموز في الدولة كنائب الرئيس ووزير الدفاع وغيرهما، لماذا برأيك لا يكون لهؤلاء موقف لحسم أحداث أبين؟.

ـ أنا لا أريد أن أقول لك بأن من ذكرت لا يملكون الرأي والقرار، لكن ماذا يعني عندما نقول لوزير الدفاع أوقف الطيران يقول لنا قصف الطيران قرار من صنعاء؟، وحقيقة أنا لا أريد أن أقول إن هؤلاء عبارة عن "كوز في طاقة" وأنت افهمها كما تريد لكن يبدو أن القرار ليس بيدهم، ثانياً هناك انقسام داخل الجيش وربما، المعارض يعمل عرقلات وممكن أيضاً صاحب النظام لأن هناك أوراق كثيرة مخلوطة داخلنا وأنا أرى أن العقل السياسي اليمني عجز في الوصول إلى نتيجة، لذلك أطالب أن تكون هناك مرجعية من نوع آخر ويقوم كواد من مجلسي النواب والشورى باختيار رموز مؤهلة بالاستعانة بالجامعات وتأخذ من كوادرها الأكاديمية وينزلوا إلى المحافظات وتستخلص الرأي وتكون مرجعية باسم الشعب.

× ما موقفكم تجاه سقوط زنجبار في أيدي العناصر المسلحة؟

ـ عندما كنت في أبين دعوت للحوار وطالبت كل من له تأثير سواء على السلطة أو على أنصار الشريعة حتى جلال بلعيدي وقفت ضده وقلت له أنت ومن معك خارجون عن القانون والآن أقترح أن يتم اختيار شخصيات مؤثرة من آل فضل للحوار مع تلك الجماعات لأنهم ادعوا أن اللجنة التي تم تكشيلها للتحاور معهم أنها مناصرة للسلطة لذلك هم لا يثقون بهم.

× أقصد دوركم أنتم المراقشة وآل فضل؟

ـ نحن تحاورنا مع أنصار الشريعة وقالوا لنا اختاروا شخصيات منكم ومن آل فضل وسوف نتحاور على مسألة أبين وعلى اللواء ولكن بشروط ينسحب اللواء ونحن سوف ننسحب من أماكننا في شقرة ومن الخط العام ومن الملعب ثم نتفق على زنجبار، بعدها ذهبت أنا شخصياً ومعي أبو جلال لمقابلة وزير الدفاع ولم نستطع مقابلته فعدنا وحاولنا مع جلال وقلت له يا جلال هل مأساة أبين وما فيها من جثث وكلاب وأسر مشردة هل هذا طريق الجنة أم طريق النار؟.
 والآن بصفتي شيخ قبيلة بلعيد أدعو كل الشخصيات المؤثرة منا ومن آل فضل لتقوم بالحوار وفي حالة فشلها يجتمع آل فضل وقبائل أبين على قرار جماعي ومعهم قوة السلطة لأننا لا يمكن أن نضحي بقبائلنا ليأتي الجيش يضربها بالطيران.

× أعذرني يا شيخ عبدالله، لكن أنتم المراقشة وآل فضل وقبائل أبين لا تستطيعون حماية أبين من عناصر قليلة؟

ـ يا ابني، أبين خليط من كل الأجناس فيها اليافعي والحضرمي وغيرهم، هل تعتقد أن يكون دورنا إيجابي ونحن لا نملك السلاح للدفاع عن أنفسنا وقد طالبنا اللواء أن يوزع أسلحة على القبائل فرفض وبقينا عزل وبيوتنا تحترق ولا يمكن لأي إنسان عاقل يشاهد بيته يحترق ويقول إنه راض وأنا واحد احتراق بيتي الذي بنيته بجهد في سنوات طويلة تحطم أمام عيني ولو كنت مثلاً من القاعدة لما تحطم بيتي؟.

كيف تقيم دور اللواء "25" ميكا تجاه العناصر المسلحة؟

أنا أحترم صمود اللواء ولكنه محاصر ولا أجد مبرراً مقنعاً بأن الجيش لا يستطيع أن يدعمه، فعندك مثلاً البحرية وعندك الطيران الا يستطيعان فك طريق لدعم اللواء وهذا ما جعلنا في حيرة.

× هل هناك معينة يمكن أن توجه إليها الاتهام؟

ـ اسمع يا إبني.. صحيح أنا بدرجة وكيل إلا أنني في المعاش وأنا خارج السلطة وأنا من أرى أن توجه هذا السؤال إلى أصحاب السياسية أو إلى ناصر منصور ووزير الدفاع.
× على ذكر ناصر منصور ـ وكيل الأمن السياسي في محافظات "عدن ولحج وأبين"، ووزير الدفاع كيف تقيم موقفهما تجاه أحداث أبين؟
ـ ربما قاموا ببعض المحاولات، لكن بالنسبة للذين اختاروهم للحوار مع العناصر المسلحة اعتبرهم الطرف الثالث أنهم مناصرون للدولة وينبغي أن يعيد النظر وأن يختارا من المشائخ المؤثرة.

× ماذا عن إغلاق طريق عدن ـ أبين عبر نقطة "العلم"؟

ـ والله نحن مشائخ أبين حددنا موقفنا في تصريح سابق في صحيفتكم وقلنا: إن هذه الخطوة مأساة تضاف إلى مأساة أبين وحملنا الجيش المسؤولية لأنه هو من أغلق الطريق وعمل حاجز بل لاعتقادهم
ربما تأتي جماعات مسلحة وتهجم عليهم وهذا خطأ استراتيجي وقد أساء ذلك لسمعة الجيش عند الشعب.

× مقاطعاً: من الذي يعطي الأوامر للجيش؟

ـ الجيش عنده وزير دفاع ولديه قيادات فرعية ودائماً يقولوا في علم الإدارة مركزية التخطيط لا مركزية التنفيذ، ونحن نطالب الجيش بفتح الطريق لأن الناس اليوم لكي يصلوا أبين يمروا من لحج والحبيلين وبعدة مديريات منها الحرور وكلها طرق وعرة تستغرق ساعات وهذا بحد ذاته عذاب.

× يا شيخ عبدالله لو استعدنا الذاكرة قليلاً في خليجي "20" فقد عاشت اليمن في استقرار وأمن ولم نسمع بظهور القاعدة بماذا تفسر ذلك؟

ـ وكأنك بسؤلك هذا تريد مني أن أقول إن الرئيس عندما كان هنا استطاع إبعاد القاعدة.
× مقاطعاً: هذا تساؤل عند كل يمني ولست أنا من يقول لماذا تنشط القاعدة في ظروف معينة فقط؟
ـ أولاً خليجي "20" حدث وطني ويتعلق بسمعة اليمن والكل كانت تهمه بلاده.

مقاطعاً: هل تقصد بأن القاعدة عندها حس وطني أيضاً؟

ـ يا إبني، لا يمكن أن تكون القاعدة عمياء تقود عميان وربما لديها قيادات عندها بعد استراتيجي إن لم يكن حساً وطنياً، ثانياً: ما يحصل الآن في البلاد من أزمات مع وجود "80" من القيادات خارج البلاد وعندك أزمة الكهرباء والنفط والانفلات الأمني من المسؤول عن كل هذا؟ ألا يعني هذا فشلاً في غياب الرئيس وأريد أن أقول لك حقيقة بأن من يفتعل الأزمات لشعبه لا أعتقد أنه يصنع تاريخاً كائناً من كان رئيساً أو رموز دولة أو معارضة، لذلك يجب أن نبحث في المدفون وأنتم أهل الصحافة أول من يفترض بهم أن يقوموا بالبحث أما نحن ندين كل من يقف خلف ذلك وندعوكم لأن تساعدونا لنعريهم على حقيقتهم لأن اليمن أكبر ومصلحته أهم من كل شيء بصرف النظر عن المكايدات السياسية وتأثيراتها.

× هل هناك مخاوف من اندلاع حرب أهلية في اليمن؟

ـ إذا بقي الحال هكذا ربما تكون حرب أهلية، ولكي نجنب اليمن الحرب علينا أن نطلب السعودية والخليج والأمم والمتحدة، أن يرجعوا للشعب ويحتكموا إليه ليقرر ماذا يريد عبر انتخابات حرة ونزيهة داخل البلاد وتشرف عليها السعودية والأمم والمتحدة لأن اليمنيين مزورين ثم بعد ذلك أي أحد يحاول أن يحكم بالقوة على غير ما أراد الشعب يقف العالم ضده ويتخذ فيه قرار جماعي.
× ما رأيك بثورة الشباب؟
ـ أنا بصراحة أعتقد أن ثورة الشباب هي الطاهرة التي ما زالت يدها بيضاء ونظيفة، لكن يجب أن يكون لثورة الشباب رؤية ونحن سوف ندعمها ونؤيدها، أما أن تكون الثورة عبارة عن فوضى وتقليد دون وجود أي مشروع وطني ناجح، فهذا لم يحقق أهدافها وعلى ثورة الشباب أن تدعم من السعودية والعالم لإقامة انتخابات سريعة للوصول إلى حل، أما إذا استمر الوضع هكذا سوف يعاني الشباب وأولهم أنت، لأن الحرب الأهلية إذا قامت سيصل معها العقل إلى اليمني إلى الجنون دون تحقيق أي هدف لأن الشعب اليمني شعب مسلح وستكون هناك ازدواجية وثأر قبلي وثأر سياسي، لذلك لا بد من وجود مرجعية جديدة تستطيع إخراج اليمن من هذا التخطيط وأن تكون مرجعية متجانسة تؤمن بالانتماء الوطني الشامل وترضى بانتخابات حرة تحت إشراف دولي.

× نعود لأحداث أبين، هل من مصلحة أحد إطالة الحرب فيها مثلاً قيادة المجالس المحلية؟

ـ أنا لا أعتقد أن من مصلحة المحافظ والمجالس المحلية إطالة الحرب لأنهم ماذا يريدون أكثر مما كانوا فيه، فهم في أحسن حال وفي مراكز حساسة وعندهم المال والسلطة والنفوذ؟.

× ما مدى قوة العناصر المسلحة في أبين؟

ـ أنا لا أعتقد أنها تمتلك أي قوة لأن الظاهر أنها ضعيفة ولا وجود أي علامات لإمكانيات لا في العدة ولا العدد، لكن ضعف الجانب الأمني والتراخي هو من جعل منها قوة على الأرض.

× باعتقادك هل ستطوى أحداث أبين؟

ـ فيما يتعلق بأحداث أبين هي انعكاس للواقع السياسي العام في اليمن وإذا كان هناك مخطط خارجي وأدرك الشعب اليمني ذلك واتفق واتحد فإن القاعدة سوف تفشل وتخرج بسهولة، أما إذا كان هناك من يعمل في الداخل على توسيع الفوضى وإلحاق الضرر بالشعب والوطن لتنفيذ مخططاته وقراراته وتحقيق أهدافه بشتى الوسائل، فإن معنى ذلك أن هناك جانباً شيطانياً يؤمن بمقولة الإمام أحمد "جوع شعبك يتبعك"، فإذا وجد من يفكر في هذا المنطق نعتبرهم خارج التاريخ وإذا لم يقف الشعب ضدهم فإن اليمن ستصير إلى الهاوية مادام فيها من يفكر بتحقيق أهدافه على حساب الشعب.

× كيف تنظر لأوضاع النازحين وما رأيك بدور المجالس المحلية والوحدة التنفيذية؟

ـ الملاحظ أن هناك كثيراً من النازحين لم يحصلوا على أي مساعدات وإن كان البعض حصل على اليسير وأنا أرى أن يكون هناك مكاتب مرجعية لكل الناطق وأن يكون هناك إحصاء دقيق لكي تصل المساعدات إلى جميع النازحين حسب الاحتياج لأن هناك من هو مظلوم ولا يجد حتى فراشاً، وأدعو كل القائمين من مجالس محلية ووحدة تنفيذية أو أي جهة تهتم بشؤون النازحين أن يتقوا الله في النازحين ويراعوا الأمانة في تأدية الواجب.

× هل هناك مخارج يمكن أن تحسم أحدث أبين؟

ـ أولاً: على جميع قبائل أبين أن تقرر بشأن الأفراد الذين هم منها وتعلم بانتمائهم للقاعدة فإما الانسحاب من التنظيم أو تهدر القبائل دماءهم.
ثانياً: على السلطة أن تقبل الشخصيات المؤثرة المتوازنة من مختلف القبائل والتي تمتلك كفاءات وقدرات وتجعل منها مرجعية تقوم بالحوار مع القاعدة بشرط أن يكون هناك توازن في الحوار حتى لا تعتبرها العناصر المسلحة من الطرف المعادي لها.

× كلمة أخيرة توجهها لقبائل أبين بشكل عام ولـ "آل فضل" بصفة خاصة؟

ـ على قبيلة "آل فضل" حماية مناطقها أولاً من أي اختراق ويتركوا أبين للجيش ويكفي ما قد راح منا بسبب قذائف الجيش، وإن كان لا بد من المشاركة فيجب أن يكون هناك اجتماع من كل القبائل، الأمر الثاني: على قبائل آل فضل أن يتحروا من مسألة التأثيرات السياسية وأن يتحدوا على أساس ومنطلق وطني قبلي ويتفقوا على رأي واحد يبحثوا في آليات التوحد أما بالنسبة لقبائل أبين عليهم القيام بالواجب بما يمليه العقل والدين لأن هذه أراضيهم وهم أهلها.