دعا رئيس الوزراء التركي السيد/ رجب طيب آردوغان، الزعماء السياسيين والحكام في منطقة الشرق الأوسط أن يؤسسوا مستقبلهم بالاستناد على العدالة وليس الظلم، وأكد أنه لا يمكن البقاء في الحكم من خلال سفك الدماء..
وقال السيد آردوغان ـ في لقاء أجرته معه قناة "الجزيرة" وبثته مساء أمس، قال: من يستند على الدم في حكمه يذهب بالدم أيضاً، انظر ليبيا واليمن، هذا أمر يجب معرفته، وهكذا علمنا التاريخ وهذا ما حصل دوماً، وهنا يكمن جمال الديمقراطية، فالديمقراطية لا تأتي بكم إلى الحكم بالدم بل تأتي بكم من خلال التنافس الفكري.
واعتبرا آردغان أن الديمقراطية في معرفة الآية الكريمة التي تقول ((وشاورهم في الأمر))، وهي تعني أن يقوم الشعب بالتشاور والاستشارة فيما بينهم، وأن تتم إدارة شؤونهم بالاستشارة والتشاور هو في الأصل الديمقراطية نفسها، مؤكداً أن الوصول إلى الحكم نتيجة استشارة الشعب أقوى أنواع الحكم، مستدركاً بالقول إن تمد القاعدة "الشعب" قوتها لمساعدة السقف "الحاكم" هذا هو أصل الديمقراطية الحقيقة التي يجب أن تتحقق وهذه نصيحتنا لكل دول الشرق الأوسط، دعونا نبني الحقوق والحريات على أسس قوية من خلال الديمقراطية، دعونا ندمج بين الشعب والحكم، أصلاً لا معنى في أن يبقى الشخص في الحكم حتى الموت، فقد تبقى في الحكم "30" أو "40" عاماً، لكن ما النتيجة، ستذهب وكلنا سنذهب في نهاية المطاف، آردوغان سيموت والمكان الذي سيذهب إليه هو قبر من مترين، لا يبقى إلا وجهه الكريم وعلينا أن نفهم هذا.
 وعن الوضع في سوريا قال آردوغان: يمكننا أن نقول إننا أصبنا بخيبة أمل في سوريا، قبل "9" سنوات عندما تسلمت هذه المسؤولية كانك هنا استياء ومقاطعة لمدة "30" عاماً بين الدولتين وتساءلنا كيف يكون لدولتين شقيقتين أن تكونا منقطعتين وهما يتشاطران حدوداً مشتركة لمسافة " 10 ـ 9" كيلومتر، وحينها أدركنا أن علينا أن نزيل هذا الاستياء وبدأنا بتطوير علاقتنا مع سوريا ووصلنا إلى مستوى عال جداً، إلى درجة أننا صرنا نزور بعضنا البعض على المستوى العائلي، وفي هذه المرحلة قلنا للسيد/ الأسد مرات ومرات ارفع حالة الطوارئ هذه، وافرج عن المعتقلين السياسيين، انقل البلاد إلى حياة سياسية متعددة الأحزاب، الديمقراطية تعني اشتراك الشعب في الإدارة ونصحنا، أن يغير المادة الثامنة من الدستور التي تقنن احتكار حزب البعث العربي لإدارة البلاد، للأسف لم يتم تطبيق أي من هذه الإصلاحات، وقد تأخروا كثيراً في هذا الموضوع.
وأضاف: وقد قمت بزيارة إلى حلب ـ مطلع العام الجاري ـ وتباحثت شخصياً مع الأسد ومسؤوليه لفترة طويلة وقلنا لهم: إننا جاهزون لمد يدّ العون في كافة المواضيع..
قلت له: انظر في هذه اللحظة هناك توتر، وقد رأينا تحركات في تونس ومصر وهنا تطورات باسم الربيع العربي وبإمكان هذه الأحداث أن تأتي إلى هنا "سوريا" وقلت له أن يخطو خطوات سريعة جداً وبينما كانوا يقولون لنا لقد خطونا وسنخطوا وإذ بالأحداث تصل إلى سوريا، وللأسف رأينا الدبابات وهي تدخل إلى المحافظات، بدأوا بقتل الأبرياء العزّل وتعرفون أننا شهدنا هجرة باتجاه تركيا وبصفتنا أشقاء لهم كان واجباً أن نفتح أبوابنا لكل من جاء إلينا ولأننا وللأسف نرى أن آلاف البشر يتم قتلهم في سوريا، وما الذي يقولونه "النظام السوري" أن شعبهم إرهابي وإن لديهم سلاح، لذا يقتلونهم.
 وقال يا سيد أسد عندما تقوم بقذف اللاذقية من البحر كيف يمكنك تثبيت الهدف وتحرير نقطة تقصفها بدقة، والأمر نفسه جارٍ في حماة وحمص، إذاً نحن أمام أسد ألقى ضلالاً على مشروعيته وهو على وشك فقدانها.
 وأكد رئيس الوزراء التركي أن نظام الحكم في سوريا يثير رياحاً من الظلم وأن دماء المظلومين تهدر وآلاف الناس معتقلون سياسيون، موضحاً بأن دعوات هؤلاء لن تبقى مكانها دون أن تصل إلى السماء "انظروا الآن إلى تونس ومصر وليبيا واليمن" وهذه مشاكل لن تبقى محصورة في مكانها ولا بد من أن تنتقل إليكم.
وحول اعتقاد قيادات في إسرائيل بأن الربيع العربي قد يتحول إلى شتاء إسلامي قال آردوغان: أتمنى أن لا يتحول الربيع إلى شتاء قارس، بالتأكيد هناك غيث يكون رحمة وهناك مطر يتسبب في السيول، نتمنى أن يكون رحمة نريد أن لا يتحول إلى شتاء قارس ونريد أن نحصل على النسيم العليل للربيع.
كل مساعينا تهدف لتحقيق هذا ونحن في تركيا ابتلينا بالإرهاب، لكن والحمدلله ـ بشكل عام ـ دولتنا في حالة استقرار، هناك تركيا مختلفة جداً في نموها على مختلف الأصعدة سواء على المستوى الدولي أو الديمقراطي أو الاقتصادي.. تركيا الآن أحد اللاعبين الهامين في الساحة العالمية، لقد وصلنا إلى أهدافنا هذه من خلال الدولة العادلة الديمقراطية العلمانية الحقوقية الاجتماعية ونحن نهدف للوصول لمزيد من الأهداف من خلال اتباع نفس الطرق..
الموضوع المهم في الديمقراطية التركية التنافسية أن الانتخابات تجري في يوم وعند الساعة الخامسة توقف عملية الانتخابات وبعد "4 ـ5" ساعات يكون بالإمكان الإفصاح عن النتائج، هذا هو جمال الديمقراطية، ولقد بنينا هذه الأمر على مفهومين: أوله الاستقرار وهو أمراً هام جداً ورأينا جمال الاستقرار، والمفهوم الثاني: هو مفهوم الثقة ونحن نحصل على بركة هذين المفهومين، وأرجو منكم أن تنتبهوا إلى اسم الحزب "حزب العدالة والتنمية" وإن نظرتم إلى اختصاره التركية "آق بارتي" أي الحزب ناصع البياض، نعمل من خلال التنمية والسياسة النظيفة وسنبقى نعمل على هذا المنوال وإنشاء الله سنُرسي في الشرق الأوسط ، هذا الأسس، وأنا أعتقد أن كل أخواني في المنطقة سيمارسون السياسية على هذا الأساس وإنشاء الله شعوب المنطقة سترسي حجر الأساس في سياسية مثل هذه وأنا أؤمن بأن أخواننا في المنطقة سيؤسسون العهد القادم على هذه الأسس.