شباب مبدعون في ساحة خليج الحرية بإب يتحدثون عن الثورة، وتطلعاهم للمستقبل:

2011-10-09 03:54:34 أخبار اليوم/ عبدالوارث النجري


حين بدأ شباب محافظة إب اعتصامهم المفتوح في ساحة خليج الحرية للمطالبة بإسقاط النظام... كان عددهم لا يتجاوز العشرات، تجمعهم خيمة أو اثنتان، ورغم مما واجهه هؤلاء الشباب من مضايقات من قبل أصحاب فرزة الباصات في البداية، وكذا أنصار النظام وبشكل متواصل، إلا أنهم صمدوا في تلك الساحة وظلت الساحة في توسع مستمر وازدياد عدد الخيام والمعتصمين، خاصة بعد أن دعا تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض أنصاره للانضمام إلى المعتصمين في ساحات الحرية والتغيير بمختلف محافظات الجمهورية، وقد اكتظت ساحة خليج الحرية في مدينة إب بالمعتصمين بعد قيام بلاطجة الحزب الحاكم بمخالفة خط سير مسيرة المؤتمر والاتجاه صوب المعتصمين في خليج الحرية، والاعتداء عليهم بالضرب بالعصي الحديد، والحجارة وإطلاق النار، وقد أصيب في هذه الحادثة أكثر من خمسين معتصماً.
وعلى مرور الثمانية الأشهر الماضية، ورغم هطول الأمطار بشكل شبه يومي على المحافظة، ورغم الاعتداءات المتكررة من قبل عناصر بقايا النظام بالقتل وإطلاق النار واعتراض المسيرات، إلا أن هؤلاء الشباب لا زالوا صامدين، تكتض بهم الساحة، وتمتلئ بهم الشوارع وتهز أصواتهم جبال بعدان، وسمارة، والتعكر، وفي الساحة تقام يومياً مختلف الفعاليات الثقافية والرياضية والثورية دون كلل أو ملل.
ومن يزور ساحة خليج الحرية في إب يجد أن المعتصمين معظمهم من فئة الشباب ومن مختلف مديريات المحافظة يجمعهم هدف واحد هو إسقاط بقايا نظام صالح وتحقيق كافة أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية ومن ثم محاكمة كل من تلطخت أيديهم بدماء الشهداء في مختلف المحافظات.
وخلال فترة الثورة برزت في الساحة العديد من النجوم الشبابية الثورية في مختلف المجالات، وحاولنا في هذا الموضوع التعرف إلى البعض منهم والتحدث إليهم حول إبداعاتهم ومشاركاتهم في الفعاليات وشهادات بعض زملائهم عنهم، حتى يتسنى للقارئ الكريم التعرف عن قرب على بعض هؤلاء المعتصمين وسلوكياتهم وطاقاتهم الإبداعية التي كانت مكبوتة في عهد ذلك النظام للعديد من الأسباب، خاصة وأن إعلام النظام وبقاياه ينسبون لهؤلاء الشباب أقذع الصفات ويتهمونهم - ظلماً وبهتانا- بالعديد من الممارسات الخاطئة وأنهم مغررّ بهم إلى غير ذلك من الاتهامات الباطلة؛ بهدف الإساءة إليهم وزرع الحقد والكراهية في قلوب الآخرين تجاههم في الوقت الذي يدرك الزائر لهؤلاء الشباب أنهم نجوم شبابية ثورية وإبداعية تفتخر بها وتشرف كل يمني مخلص لشبعه ووطنه.
والبداية كانت مع الأخ/ عبدالرحمن صادق أحمد الوحش - في سنة رابعة حقوق - والذي يقول فيه أصدقاؤه: إنه من أكثر الشباب الملتزمين داخل الساحة، سواء من حيث التواجد بصورة مستمرة في الساحة أو المشاركة في الفعاليات والمسيرات ومختلف برامج العمل الثوري، كما يتمتع بالتواضع وحسن السلوك.
وحول بداية مشاركته في الاعتصام المفتوح لشباب الثورة في إب قال عبدالرحمن: خلال الفترة الماضية، وفي بداية الاعتصامات كان الوضع بين مد وحزر، فكلما ساد الهدوء والخمول والحديث عن مبادرات وغير ذلك، كلما ضاق بنا الحال، فكلما زاد الغموض زاد بنا الضيق، وكلما استمرت الأعمال الثورية السلمية والتصعيد الثوري كلما بدأنا نتفاعل أكثر بحيوية ونشاط، أما بالنسبة لدوري داخل الساحة فهو مثل أي معتصم.. فالعمل الثوري تكافلي، ونتمنى أن يصل تكاتفنا داخل الساحة على المستوى المطلوب.
وأضاف بالقول: أنا مواطن يمني عانى خلال السنوات الماضية الكثير من ممارسات وفساد ذلك النظام وكل يوم كان يمر ببطء في نفس كل مواطن شريف، وكانت ولا تزال الثورة في قلوب الجميع، وعندما بدأت الاعتصامات كان لدينا اختبارات في الجامعة، ولم أشارك وأدخل الساحة إلا بعد قيام بلاطجة الحزب الحاكم بالاعتداء على المعتصمين، حينها فقط أدركت أنه ضروري أن يكون لكل مواطن دور أساسي وفعلي داخل الساحة.
وعندما سألته، ألا تشعر حالياً بالخوف من الاعتداءات المتكررة على الساحة بأن تصاب مثلاً لا قدر الله؟ رد بالقول: هل قدري ورأسي أغلى من قدر ورأس من سبقونا في نيل الشهادة؟ خاصة عندما يسقط أخ أو صديق لك في الساحة أمام عينيك، حينها لا توجد بقلبك أي ذرة خوف أو تراجع إلى الوراء، لذا صار من الواجب علينا التضحية من أجل عزة وكرامة ورفعة هذا الوطن، فأي شخص خرج إلى الساحة تحرر من الخوف وميزة هذه الثورات الشعبية الشبابية السلمية التي تشهدها العديد من البلدان العربية، أن المواطن كسر ولأول مرة حاجز الخوف، ونزل إلى الشارع لمواجهة قوات النظام وآلياته الإجرامية بالصدور العارية، لذا الجميع مستعدون لبذل الغالي والنفيس في سبيل نجاح الثورة وتحقيق أهدافها السامية والنبيلة.
ويرى الشاب عبدالرحمن - من وجهة نظره كحقوقي – حسب قوله- أن الحلول الدولية لا تجدي إلا لما يصب في مصالح تلك الدول التي معظمها تكمن في بقايا النظام العميل لهم، فلا يمكن أن يبدأوا في تغيير وجهة نظرهم إلا عند إحساسهم فعلاً بأن الشعب مصمم على انتصار الثورة، وباتجاه الحسم النهائي، حينها يبدأون بالتفكير في تغيير مواقفهم لتأييد الثورة؛ لكسب تعاون الحكومة القادمة، بهدف الحفاظ على تلك المصالح، صحيح لدينا علاقات مع دول الجوار أو الغرب وغيرها، يجب الحفاظ عليها بقدر المستطاع، لكن في نفس الوقت لا تهمل الجانب الثوري.
فإن جاء من المجتمع الدولي والحلول السياسية والوساطات خير لخدمة الوطن وتحقيق أهداف الثورة، كان بها وإلا فأنت مستمر في طريقك نحو الحسم وحتى لا تواجه صعوبات لم تكن في الحسبان.
وحول حظ محافظة إب من فساد وعبث وتخبط ذلك النظام، قال عبدالرحمن: لقد كان لها النصيب الأكبر من فساد وظلم ذلك النظام مقارنة ببقية المحافظات الشمالية، حيث كانت البقرة الحلوب لكل النافذين وعناصر النظام، حيث تحولت إلى غنيمة لهؤلاء المسؤولين، ولعل أبرز ذلك هي قضية اغتصاب الأراضي رغم أن أعضاء العصابة معروفين لدى الجميع وبالاسم، أما الداعم الأساسي لهم فهو النظام وكل شخص يدعم الآخر ويدافع عنه وصولاً إلى رأس النظام، هذا فيما يخص الأراضي، ولو فتحت كل مجال وكل مشكلة على حده لاحتجت إلى مجلدات، ولو عملنا بحثاً دقيقاً في شتى شؤون الحياة فإننا لن نجد مبرراً واحداً لبقاء هذا النظام.
وفي نهاية الحديث وجه عبدالرحمن رسالته إلى الشريحة الصامتة من أبناء شعبنا وبالأخص فئة الشباب قائلاً: يا أخواني، اليمن وطن الجميع والثورة للجميع، فليست لفئة معينة أو حزب معين أو قبيلة معينة، ويجب على كل واحد منا الدفاع عن حقوقه، فالناس الذين خرجوا بذلوا الغالي والنفيس، وبذلوا دمائهم في سبيل الحصول على حياة كريمة مثل بقية شعوب العالم، وفي الوقت الحالي بالذات يجب عليكم نصرة أخوانكم المعتصمين وتأكدوا أنه لولا صمتكم ما ظل النظام يراوغ ويقتل خلال هذه الفترة الطويلة، فلا تشاركوه بصمتكم تلك الجرائم.
أما النجم الثاني من نجوم ثورة الشباب في خليج الحرية - وسط مدينة إب - فهو الأخ/ رزق علي - "30" عاماً، وخريج بكالوريوس أصول من جامعة الإيمان – حيث يقول زملاؤه أن لدى هذا الشاب طاقة ثورية غير عادية في الساحة، حيث يشارك في مختلف الفعاليات ومنها صياغة الهتافات، وعند حدوث أي اعتداء على الساحة ينطلق رزق إلى المنصة ويأخذ الميكروفون ويدعو الشباب لترديد العديد من الهتافات وسط إطلاق النار، هذا إلى جانب ما يتمتع به من أخلاق وسلوك حسن بين زملائه، وهو في نفس الوقت نائب رئيس اللجنة الإعلامية في الساحة.
وحول اختياره كلمات الهتافات والجمل، قال: الثورة علمتنا كيف نصيغ الشعارات دون الجلوس لانتقاء العبارات والجمل، وهذا ما كنا نقوم به من قبل، لكن اليوم وبعد مرور ثمانية أشهر في ظل هذه الأحداث المتعاقبة والمتسارعة ومعايشة العمل الثوري وسياسات القمع والقتل التي تتخذ ضد المعتصمين، يجعل الشعارات تخرج تلقائياً، ومع ذلك هنالك أيضاً لجنة لصياغتها، بالتعاون مع شعراء الساحة.
ويقول رزق: إنه وبتوفيق من الله قد دخل هذه الساحة من أول يوم نصبت فيها خيام المعتصمين، وبكل قناعة بأن هذا النظام قد صار عبئاً على الوطن والمواطن، ومن جانب ديني بأن تغيير المنكر واجب على كل مسلم، ونشعر بأننا كشباب لا نقل شأناً عن شباب مصر أو شباب تونس، وأن خروجنا أصبح واجباً وفرض عين على كل شاب وشابة، ولا توجد مبررات أو مطالب شخصية، لكنا خرجنا تلبية لنداء الواجب والثورة واليمن الجديد، وقد حان الوقت لتحقيق أحلامنا ابتداء من الساحات، والثورة بلا شك تمر بمراحل، وكل تذمر يذهب ويبقى في الأخير إيماننا وقناعتنا بالثورة التي صارت عقيدة، ولا يمكن أن تهزنا الرياح أو نتأثر بالوقت وطول الاعتصام يزيدنا إصرار، وهذا ما لم نكن نتوقعه، وبطول الفترة خرجت الكثير من المواهب والإبداعات التي لم تكتشف من قبل.
ويضيف رزق: بالنسبة للمبادرة فأنا ضدها، وهذا رأيي شخصي؛ لأننا نزلنا إلى الساحات كثوار ومطالبنا كلها مطالب حق ومشروعة ولا يمكن في يوم من الأيام أن نعطي ضمانات للجلاد أو للقاتل، فالمبادرة الخليجية تعني السياسيين والأحزاب، لكن بالنسبة لنا كشباب ثورة فهي لا تعنينا؛ لأن هنالك شهداء سقطوا، كنا قد جلسنا معهم وقضينا أجمل أيام الثورة، وماتوا ونحن ننظر إليهم، فلا نستطيع القفز على مشاعرنا أو أن ندوس على دماء إخواننا، وهذا موقفنا معلن من أول يوم، وخصوصاً ضد إعطاء الضمانات لعلي صالح وبقية أسرته في مسألة المزايدة على دماء الشهداء.
وحول الثورة في المحافظة يقول رزق: إن محافظة إب قد شهد لها الجميع وهي متميزة في كل شيء، وخاصة بأعداد الشهداء الذين سقطوا منذُ بداية الثورة في مختلف ساحات الحرية والتغيير، وهي محافظة تمتاز بالزخم الثوري، وكذا بسلمية الثورة، ويكفي هذه الحشود الهائلة والمسيرات المليونية.
وفي رسالته للشباب الذين لازالوا يلتزمون الصمت اختتم رزق حديثه بالقول: الصمت عار، والصمت اليوم أصبح أداة من أدوات الجريمة، في السابق كنا نقول إن الصمت موقف، لكن اليوم الصمت أصبح جريمة، وأقول للشباب: إن لدينا مشروع وطني سواء كانوا متحزبين أو غير متحزبين، ونريد منهم الخروج عن ذلك الصمت ويداً بيد مع لكي نبني اليمن الحديث، فالثورة واليمن بحاجة إلى جهد كل شخص، فهيا جميعنا نبي الوطن بعيداً عن خلافاتنا الحزبية، فالصمت اليوم يشجع القاتل لارتكاب المزيد من الجرائم بحق إخوانكم المعتصمين.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد