الناشطة/ بسمة عبد الفتاح تؤكد فشل النظام بخلق ثورة مضادة وتقول:

استهداف المرأة بدأ برش الغازات السامة وانتهى بالقتل ونرفض جر الثورة للعنف

2011-11-17 04:35:42 حوار/ فهد سلطان


اعتبرت الكاتبة والباحثة الأكاديمية والناشطة في الثورة الشبابية الشعبية/ بسمة عبد الفتاح، استهداف النظام للمرأة في تعز وسيلة ضغط اجتماعية يريد من خلالها خلق ثورة مضادة في المنزل والشارع على المرأة المشاركة في الثورة, خاصة وهو يعلم مدى قوة العامل الاجتماعي التقليدي الذي يمكن أن يطوق المرأة بقيد من السلاسل الاجتماعية... مستدركة بالقول: لكن..!! هيهات أن يحدث ذلك.
 وأشارت ـ في حوار لـ"أخبار اليوم" ـ إلى أن المرأة قد كسرت حاجز الصمت والخوف من أول قطرة دم سالت على يد من يُسمون بـ(بلاطجة) النظام على أرض ساحة الحرية في تعز وسقط على إثرها أول شهيد في تعز الشاب/ مازن البذيجي ـ رحمة الله ـ لافتة أن التاريخ الذي سيخلد شهداء الثورة سيخلد دموية هذا النظام في حكمه لأكثر من ثلاثين عاماً والذي مازال يحاول حكمنا الآن بالمعدلات ومدافع الهاون وكافة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة..
وفيما يلي نص الحوار:

- أستاذة بسمة عبد الفتاح، كونك كاتبة وباحثة أكاديمية وناشطة في الثورة الشبابية الشعبية، كيف تتابعين الأحداث الأخيرة من استهداف النظام للنساء وفي تعز بوجه خاص, ما تأثير ذلك على المسار السياسي والاجتماعي, وما الذي يمكن أن يخلده في التاريخ تجاه هذا النظام؟
- استهداف النظام للمرأة في تعز هو استهداف ممنهج ومنظم, تسلسل ابتداء من التعمد برش الغازات السامة على النساء في المسيرات، وتسليط خراطيم المياه عليهن وما فيها من مياه مجاري ومواد كيماوية أثرت على أجساد الكثير منهن بالحساسية بعد الرش مباشرة.! ثم تطور الأمر إلى رميهن بالأحجار في المسيرات من قبل (بلاطجة) النظام،ناهيك عما حدث من اعتداء بالضرب ونزع الحجاب لأحدى الناشطات في شارع وادي القاضي من قبل قوات من الأمن العام والأمن المركزي, كان ذلك عندما تجمعت ما يقارب سبعين ناشطة للانطلاق في مسيرة بعد محرقة ساحة الحرية بيومين، ثم تطور الأمر أكثر إلى القنص بالرصاص الحي وكانت الشهيدة (عزيزة المهاجري) ـ رحمها الله أول ثائرة تقتل بالقنص في المسيرات.! أضف إلى ذلك الاستهداف الجماعي للنساء في يوم الجمعة الماضية وبذلك المشهد المروع الذي تناقلته وسائل الإعلام بتاريخ 11-11-2011م من خلال توجيه قذيفة مباشرة إلى مصلى النساء في ساحة الحرية من الثكنة العسكرية المتمركزة في مستشفى الثورة، كذا مطاردة بعض رجال الأمن أو من يوصفون (بالبلاطجة) للناشطات اللواتي يحملن الكاميرات، وقد حدثت أكثر من محاولة اعتداء على زميلات يحملن الكاميرا من قبل رجال الأمن و (بلاطجة )النظام على حد سواء، حتى أنا كنت في إحدى المسيرات هدفاً لرصاصة وكان بيني وبين الموت بضع ثوان لولا ستر الله.
 أما الشق الآخر من السؤال حول التأثير في الجانب الاجتماعي: فأقول إن كل هذه الطرق لاستهداف المرأة هي وسيلة ضغط اجتماعية يريد من خلالها النظام خلق ثورة مضادة في المنزل والشارع على المرأة المشاركة في الثورة, خاصة وهو يعلم مدى قوة العامل الاجتماعي التقليدي الذي يمكن أن يطوق المرأة بقيد من السلاسل الاجتماعية... لكن..!! هيهات أن يحدث ذلك في تعز، فالمرأة هنا قد كسرت حاجز الصمت والخوف من أول قطرة دم سالت على يد من يُسمون بـ(بلاطجة) النظام على أرض ساحة الحرية في تعز وسقط على إثرها أول شهيد في تعز الشاب مازن البذيجي ـ رحمة الله ـ وكما أن التاريخ سيخلد شهداء الثورة فإنه سيخلد دموية هذا النظام في حكمه لأكثر من ثلاثين عاماً ومازال يحاول حكمنا الآن بالمعدلات ومدافع الهاون وكافة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
* احترقت عدستي يوم المحرقة:

* هناك من يرى أن خطاباً ثورياً نسوياً في تعز يختلف قليلاً عن الخطاب النسائي العام في بقية الساحات، جعل النظام يمارس ذلك الأسلوب الهمجي كي يحد من حضور النساء الثائرات في الساحة، ما دلالة ذلك الخطاب إن كان هذا التوصيف صحيحاً؟
** إذا كنت تقصد الاختلاف في الخطاب الثوري النسوي وظهوره بشكل أكثر رقياً في تعز، فهذا بالتأكيد له دلالة وهي دلالة تُقرأ من واقع الحياة الثقافية (للمدينة نفسها ), والمدنية التي تعيشها تعز أكثر من أي محافظة أخرى في اليمن باستثناء عدن.

* إلى ماذا يعود هذا التطور؟

** تكملة للسؤال الأول أقول كيف لا تقرأ خطاباً ثورياً راقياً في مجتمع نشأ أغلب أبناؤه على حمل سلاح واحد.. هو العلم والمعرفة والابتعاد عن العصبية وحمل شعار التعايش؟ كيف لا يكون خطاب المرأة في تعز أكثر رقياً وقد ترعرعت المرأة في تعز لأب مثقف وأم متعلمة، المرأة في تعز أكثر وعياً بقضيتها وقد فطن لذلك النظام مبكراً فلجأ إلى التهميش ويكاد يكون واضحاً لمحافظة تعز على وجه الخصوص.

 ولكن الرقي في الخطاب الثوري ظهرت به المرأة الثائرة في كل ساحات اليمن وليس في تعز فقط؟
* بالطبع مشاركة المرأة وخطابها في تعز خصوصاً واليمن عموماً كان عفويا وصادقاً وراقياً بالتأكيد ويحمل دلالات، فالمرأة الثائرة التي خرجت إلى الساحات تحمل وعياً بأهمية الثورة وضرورة التغيير السلمي والمطالبة ببناء دولة مدنية قوامها العدل والمواطنة المتساوية وهي مصرةٌ على البقاء حتى تحقيق كل الأهداف التي خرج لها الجميع رجالاً نساء.

* لو طرحنا سؤالاً آخر.. كان لك مشاركة من خلال عدسة (كاميرة تصوير) الخاصة بك في توثيق جرائم النظام في ساحة تعز وفي محرقة تعز بوجه خاص ممكن نعرف أكثر.؟

** كما تعرف التوثيق من أهم الوسائل التي تفضح جرائم النظام وتغضبه كثيراً وتفقده السيطرة أحياناً وهي وسيلة هامة أمام المحاكم الداخلية والخارجية إن شاء الله، كما أنها الوسيلة التي ستحفظ للأجيال القادمة تفاصيل مسار الثورة السلمية وأنشطة الثوار داخل الساحات وخارجها.. وللأمانة هناك زملاء لهم الصدارة في توثيق جرائم النظام، أسأل الله أن يحميهم جميعا من قمع النظام وقناصته، أما أنا فقد احترقت عدستي يوم المحرقة يوم ملأت دماء الشهداء والجرحى مستشفى الصفوة" المجاور لساحة الحرية في تعز، الدماء التي رأيتها ومشاهد الموت التي مرت أمام عدستي، أحرقت عدستي كما أحرقت قلبي تماما، وما عدت بعدها أستطيع أن أرى الدماء حتى على شاشة التلفاز، وإذا وثقت بعدها فتوثيقي لأنشطة داخل الساحة أو مسيرات فقط.

* ما هي أهم المعوقات التي لا زالت تواجه المرأة اليمنية في المشاركة بفاعلية أكثر في مسار الثورة؟
* *ربما الواقع الاجتماعي لبعض النساء الكائن في خوف الأسر على بناتهن من التعرض للسوء من قبل من يوصفون (بالبلاطجة) إذا خرجن للمسيرات، ومع ذلك فأعتقد ـ وهذه نظرتي الشخصية ـ أن المرأة الثائرة في اليمن قد كسرت كثيراً من المعوقات وشاركت وتشارك بفاعلية وأسمعت صوتها للعالم كله وسمعها بالفعل، وأعلنت من تعز يوم الثلاثين من يوليو يوماً للثائرة اليمنية، تحتفل به المرأة في اليمن في كل عام، وأكبر مثال لنا الأستاذة الثائرة/ توكل كرمان.

-   ممكن تذكري لنا أهم صورة أو مشهد تشعرين أن عدستك قد التقطتها...؟

-   أهم صورة أشعر أن عدستي التقطتها هي لحظة حزن إنسانية أثرت بي كثيراً وهي لطفل بكى بحرقة لحظة معرفته خبر استشهاد والده، طفل كان يحضر بعض المسيرات وهو على كتف والده، هذه الصورة للطفل ( راشد خلدون العبسي)، التقطتها والدموع تملأ عيني والحزن يمزق قلبي على رحيل خلدون ـ رحمة الله عليه ـ وعلى بكاء راشد على أبيه، وكان الموقف قاسياً جدا عليّ لأن خلدون قريبي ولم يكن الموقف يحتمل أكثر من صورة بعدسة الكاميرا وعدسة القلب معاً.

** ما الذي يمكن أن تساهم به المرأة مستقبلاً بعد هذا الحضور الفعال في الثورة؟
* بعد الثورة لا ننتظر أن تساهم المرأة بل تشارك في الفعل السياسي والاجتماعي والفكري لا نريد أن تُتخذ المرأة ديكوراً مرة أخرى، المرأة يجب ألا تتنازل من جديد عن حقها في الحضور الدبلوماسي والسياسي، وعلى كافة الأصعدة، والدور الأهم للمرأة أن تعي أنها شريكة أساسية في صنع القرار الاجتماعي والسياسي وألا تعتقد أن شراكتها تتوقف عند نجاح الثورة فقط.
•   إرهاب النظام زاد من زخم الثورة:

-   اليوم بعد تسعة أشهر هل تقوى المرأة على الصمود أكثر والبقاء في الساحات مدة أطول مع كل هذا الجرائم التي يمارسها النظام تجاهها؟
** نعم.. تقوى على الصمود أكثر، وأنا شخصياً أعرف بعض النساء لم يكن مقتنعات بالثورة وعندما شاهدن دموية النظام في الأحداث الأخيرة التي استهدفت المرأة في مصلاها بشكل جماعي في ساحة الحرية بتاريخ 11-11-2011م قررن الخروج إلى الساحات وخروج المسيرات، وفي كل يوم يسقط فيه شهيد أو شهيدة تخرج أسرته وكل محبيه الذين لازموا الصمت طوال الفترة السابقة إلى الساحات والمسيرات، ليس رغبة في إسقاط النظام فقط بل ومحاكمته على كل جرائمه.

* هل يمكن السيطرة وتجاوز المشكلات الاجتماعية التي زرعها النظام في جسم اليمن طول فترة بقائه في الحكم بشكل عام وخلال مسار الثورة بشكل خاص؟
** من المبالغة بمكان عندما نقول إنه يمكن السيطرة وتجاوز المشكلات الاجتماعية التي زرعها النظام طوال فترة بقائه بما فيه فترة مسار الثورة على وجه خاص، ولكن دعنا نقول إن كل شيء سيأخذ وقته، وكلما كان الشعب واعياً كان فترة التجاوز أقصر.

* كيف تنظرين إلى المستقبل بعد هذا النظام وهل أنت متفائلة بعد رحيله؟
* * الثورة علمتنا الكثير، وعرفتنا على قدرات الشباب الثقافية والفكرية، وقدرتهم على التحمل أيضاً وإصرارهم على التغيير السلمي، ووعيهم بقضيتهم، وهذا الأمر يبشر بمستقبل أفضل بكثير من الحاضر، وأكيد أنا متفائلة بعد رحيل النظام ويكفي أن أبناؤنا قد تعلموا من الثورة قدرة التعبير عن الرأي و لن يصمتوا كما صمت آباؤنا.

* ماذا تتمنين أن تبدأ به الثورة بعد رحيل هذا النظام؟

** تطهير كل المؤسسات الحكومية من رموز الفساد فيها، والاهتمام بالمؤسسة التعليمية والتعليم العالي بشكل يناسب هذه المؤسسة، فالعلم أساس التغيير والتحضر.
* لن يقرر مصيرنا شخص واحد وعائلة واحدة:

* ما الذي تتخوفين منه اليوم؟

** إصرار النظام على الاستمرار في إراقة دماء الشباب، والاستمرار في تدخل الآلة العسكرية بشكل مفرط، وهو ما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية في اليمن عموماً ومحافظة تعز خصوصاً، وتدمير المساكن، وإثارة الرعب في أوساط السكان لمنعهم من حق التعبير عن الرأي، ومن جهة أخرى هذه الدموية وهذه الآلة العسكرية الشرسة أثرت على نفسيات أطفالنا، بإفزاع أمنهم وسكينتهم وأقلقتهم وحرمتهم من حق اللعب حتى أمام منازلهم.
* كلمة أخيرة:
** اليمن هي بيتنا الكبير والشعب كله بكل فئاته هم سكان هذا البيت، ومن حق أهل البيت أن يعبروا عن رأيهم في تحسين البيت وتغييره، وليس من حق شخص واحد أن يكون له حق تقرير المصير لكل أهل البيت، وإن صمت آباؤنا، فهذا شأنهم، لكن من حقنا أن نقول "لا لن يقرر مصيرنا شخص واحد وعائلة واحدة"، وكما أننا لم نصمت على هذا الظلم فلن يصمت أبناؤنا، وكلمة أخرى وهي رفضي كثائرة جر الثورة إلى مربع العنف من خلال الاستفزاز اليومي المنظم التي تقوده مليشيات النظام العسكرية في أبين و صنعاء وتعز خاصة، فاليمن أغلى من أن يُقتل أبناؤها وتُدمر بنيتها، ويُفزع أطفالها، وتُهدم منازل سكانها، وتُشرد أسرها من أجل شخص واحد.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد