غصة الوضع اليمني تخنقها..

سيلين: الشعب يعتبر الرئيس صالح جزء من المشكلة ورحيله حلاً وخيار التعنت والرفض لا يخدم أحداً

2011-11-21 05:07:26 تقرير/ إبراهيم مجاهد


تعشق صنعاء القديمة وتأسف لأنها لم تعد قادرة على التجوال في شوارعها.. الباحثة و المحللة السياسية الفرنسية سيلين الهام جريزي تتكلم بلهجة أبناء تعز، إلا أن آلة الدمار والحرب حالت دون زيارتها.. فرنسية.. لكن يهمها ما يحدث في اليمن ظهرت مستاءة حد الندم، تبدو من خلال طرحها كمواطن مخلص يتعامل مع قضايا بلده بوطنية محضة..

الداخلين على خط الثورة:

في تقييمها لثورة الشباب السلمية في اليمن.. الدكتورة/ سيلين إلهام جريزي تشير إلى أشياء وصفتها بالدخيلة على الثورة، عملت على تأخر الحسم الثوري في إسقاط نظام الرئيس صالح..
الدكتورة الفرنسية "جريزي" المحللة السياسية المقيمة في اليمن منذ عامين والتي تتقن اللهجة التعزية كما لو كانت أحد أبناء تعز وتتمنى أن تزور تعز لولا ما يحدث من قصف من قوات النظام والدمار الذي يحل بالمحافظة - لدى حديثها لصحيفة "أخبار اليوم" التي استضافتها صباح أمس عزت عرقلة الحسم وتأخر إسقاط النظام في اليمن إلى أسباب عدة أبرزها تدخل الأحزاب وبعض القوى السياسية والاجتماعية وبعض رجال الأعمال في ثورة الشباب ورغم هدف الثورة السلمي الذي ينشده شباب يتوقون إلى التغيير إلا أن جزءاً من الداخلين على خط الثورة لديهم أهداف خاصة – حسب سيلين.. وهذا في رأي الدكتورة الفرنسية جعل الثورة اليمنية تطول وتتخذ مساراً غير المسار الذي قامت من أجله.

ارحلوا جميعاً:
وفي سياق حديثها تشير سيلين إلى احتجاجات في صنعاء القديمة بمنطقة السائلة ظهرت في جمعة أطلقها "ارحلوا جميعاً".. وذلك لدى إجابتها على سؤال: الثورة اليمنية إلى أين؟ وإلى أين يسير بنا الوضع في اليمن في ظل التدخلات بالثورة؟، حيث لفتت إلى تيار ثالث غير الحكومة والمعارضة وقالت: هذا التيار قد أصبحت له شعبية كبيرة، لأن المجتمع اليمني قد ضجر بعد مرور أكثر من عشرة شهور من هذا الصراع المرير، هناك أشياء دخيلة على المجتمع وأمور يتم تسييرها من المطبخ السياسي تشوهها تماماً، موضحة بأن ثمة من كانوا يرون في الثورة تمثله حسوا بأنهم لا يعودوا ممثلين من أحد.
وتضيف بأن هناك مفاوضات ومداولات يقودها المبعوث الأممي السيد/ جمال بن عمر الذي يحاول مساعدة الأطراف اليمنية على حلحلة الأزمة، متمنية أن يكون الحل إيجابياً وسريعاً خلال هذه الأيام.

دخلاء في ثورة السائلة:

وقيما استبعدت سيلين جريزي أن تكون "ثورة السائلة" من أدوات المطبخ السياسي التي أشارت إليها مسبقاً، إلا أنها تؤكد أنه في كل ثورة وكل توجه يوجد دخلاء للأسف.
وقالت: ممكن تغير من طبعه ومن طعم الطبخة التي يريد الشعب أن يطبخها بالأخير - حد قولها.. مستدركة بأنها قد قابلت أناساً من هذا التيار، مشيرة إلى حضورها مقيل للنساء ليس لديهن أي علاقة في السياسة وبعضهن طبيبات وشخصيات مرموقات توقفت أشغالهن بسبب ما يحصل حالياً في اليمن، إذ أبدين قلقاً وأفصحن عن رغبتهن بالهجرة من اليمن.. وقالت: كل واحدة تريد حماية أسرتها بالطريقة التي تريد.. وتضيف سيلين بأن كل من قابلتهم يؤكدون استعدادهم لتكملة المشوار مع التيار الثالث إذا ما كان جاداً، مستشهدة بقول إحدى النساء التي جرحت من طرف الحكومة لتكتشف أن تيار المعارضة لا يمثلها وكذا تفاجأت بالأمر لدى انتقالها للحكومة، لذا اخترمت فكرة التيار الثالث برأسها وتظن أن تيار "ارحلوا جميعاً" حلاً جذرياً لما يحصل في الساحة اليمنية.
وأكدت بأن النظام يواجه ضغطاً كبيراً وأن الحلقة بدأت تضيق على عنق النظام وكل الأطياف.

مصير اليمن في يد الرئيس:
وإن كانت لا تحبذ القول بأن الحل بيد شخص بعينه، إلا أن الدكتورة سيلين تشدد على النظام اتخاذ قرار صائب وواضح في موضوع اليمن، كما ترى في محاولات بن عمر بهذا الشأن وطالما أن الرئيس علي عبدالله صالح قد وعد وقرر أن يرحل فإن الأمور في يديه من حل سلمي جذري أو حرب أهلية قد لا تحمد عقباها.
الشعب جعل من صالح مشكلة:
وتعتبر د. سيلين طالما أن الشعب يطالب برحيل الرئيس الذي أصبح بالنسبة لهم جزءاً من المشكلة وأن المشكلة قد تحتل برحيله وقالت: أظن أن الرئيس صالح قد فهم هذا الكلام ووصلته الرسالة بطريقة واضحة وعبر عن ذلك بقوله أكثر من مرة: أنا سأرحل.. أظن الآن قد افتهم للرئيس أن الشعب قد جعل من وجوده في السلطة يمثل مشكلة للذين ضده وللمعارضة.

الوضع.. مرحلة اللاعودة:

وتضيف المحللة السياسية "جريزي" أن الرئيس قد وعد بالرحيل والتوقيع على المبادرة الخليجية ونفى للقناة الفرنسية أن يكون قد رفض التوقيع عليها، مستبعدة أن ينكث الرئيس بوعده هذه المرة كعادته، حيث وجود الصراع جعله يشعر بأن اليمن وصلت لمرحلة اللاعودة، فإما أن تتخذ قرارات حاسمة، باتجاه الحل السلمي فتحاول اليمن استجماع أنفاسها وتستمر في بنائها وإما خيار التعنت والرفض والنتيجة معروفة وهذا لن يخدم أي أحد.
أعشق صنعاء وعاجزة عن التجوال:
وفي رسالتها للأطراف اليمنية خاطبتهم "سيلين" بأن ما يحصل باليمن يحز بالنفس وقالت: أنا عرفت اليمن منذ (12) سنة تقريباً وأظن عندما يدخل أحد منا اليمن ويرى الحاصل فيها يشعر بغصة لا يستطيع معها الكلام.. أنا قبل 3 أيام نزلت صنعاء القديمة بعد وقت المغرب رغم أنه أظن محظور عليا في هذه الظروف أن أنزل إلى شوارع ليس فيها كهرباء ومريت على حارة "داوود" والسائلة وكل المناطق هناك، فقابلت شيخاً مسناً وقوراً وقال لي أني أول أجنبية يرونها بهذا الحال منذ بداية الثورة، فشعرت حينها أن منطقة السائلة التي كانت متاحة لي قبل سنة أن أخرج فيها بالليل وأتجول بشوارعها لأستمتع بنفس صنعاء القديمة وبعبق روائحها لم يعد كذلك، فأنا أعشق صنعاء القديمة حيث كنت أتمشى في أزقتها ليلاً دون خوف أو وجل - أصبحت أشعر أني لم أعد قادرة على زيارة أي منطقة من دون خوف.. لذا أوجه نصيحة لكل يمني حر بغض النظر عن انتمائه السياسي ومعتقده الديني أن يفكر باليمن قبل ما يفكر بمصلحته الخاصة وأهدافه الشخصية وأن يفكر أنه بتعامله مع قضية اليمن ممكن أن يعلو اليمن أو يغرق بالأسفل وأن على كل يمني يحب بلده أن يساهم في حل الأزمة ولو بالكلام لمن لا يستطيع إلا ذلك بدلاً من إشعال النيران والأحقاد، حيث لا بد من تحكيم العقل بدلاً من العاطفة والأهواء الشخصية، فأنا أتمنى لليمن السلم والسلام والأمن والأمان.
وتنوه الدكتورة "سيلين جرجوري" بأنه ورغم أن اليمن قد خرج من أزمات أعمق من هذه، إلا أن مشكلة الأزمة هذه المرة قد طالت.

احذروا استفزاز المجتمع الدولي:
وقالت إن تدويل قضية اليمن قد يخدم الأزمة و يعقدها في الوقت ذاته، فقد يخدمها إذا كان الإعلام يوصل معلومات صحيحة ويتوجه للناس وللجهات المختصة التي يمكن أن تخدمه وإذا كانت المعلومات تنقل مغلوطة هذا يستفز المجتمع الدولي، ما يجعله يتخذ قرارات ممكن تؤثر على الاقتصاد والمجتمع اليمني وترى أن المشكلة في كيف يسوق الإعلام اليمني نفسه خارجياً.
وأخيراً
أشكر صحيفة "أخبار اليوم" وأتمنى لليمن أعياد سعيدة وسلم وأمان دائم إن شاء الله.
سيلين في سطور:

الدكتورة سيلين إلهام جريزي باحثة فرنسية, تعشق اليمن حد الخوف عليها من الانزلاق إلى مربع العنف، والغصة التي تعتصر بداخلها تكشف لأي شخص ذلك مجرد حديثها عن اليمن بكلمات بسيطة، رغم عملها الزهيد في هذا البلد إلا أنها جعلت من حضارته وأمكنته ومحطاته التاريخية تربة خصبة للبحوث والدراسات، فقد حصلت من خلاله على شهادة الماجستير في الدراسات المعمقة بالمعهد الفرنسي على دراسة متخصصة بـ (جزيرة سقطرى)، وهي الآن تعكف على تنفيذ دراسة أخرى بعنوان (الأبعاد الإستراتيجية للوحدة اليمنية). وعملت منذ سنوات مدرسة في القسم الفرنسي بكلية آداب جامعة تعز. احتضنتها مدينة تعز منذ مجيئها اليمن، وكان لهذه المدينة الحالمة بالغ الأثر على الدكتورة (سيلين) التي زرع بقلبها حب اليمن واليمنيين..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد