أبرز الأسباب التي تحوّل دون خروج آمن ومشرف للحكام العرب

2011-11-27 03:44:36 استطلاع/ماجد البكالي


ثمة تساؤل هام يشغل الرأي العام اليمني والعربي عموماً وربما العالمي..مصدره الغرابة والتعجب من مواقف الحكام العرب، الذين لم يتفقوا طوال العقود الماضية من أجل مصلحة الشعوب وقضايا الأمة، لكنهم اتفقوا في رفض التغيير وعدم القبول بترك الحكم تلبية لطلب شعوبهم وثوراتها,وعدم اتعاظ من بقي يصارع شعبه قتلاً, وتدميراً بمصير من سبقه من الحكام,والإصرار على الانتحار..
ولتقديم إجابات على هذا التساؤل وتفسيرات حقيقية وواقعية حالت, وتحول دون خروج الحكام العرب بأساليب وطرق آمنة ومشرفة من الحكم ـ مع وضع اليمن كأنموذج..التقت "أخبار اليوم" عدداً من الأكاديميين,والمثقفين, والمهتمين بالشأن السياسي ويكشف الاستطلاع التالي عن حصيلة تلك اللقاءات:


العمالة والثروة
في البدء كان الحديث مع د.محمد الحسيني ـ أكاديمي مهتم بالشأن السياسي ـ والذي تحدث قائلاً: إن معرفة أسباب رفض الحكام العرب للتخلي عن الحكم وتلبية طلبات شعوبهم,وإصرارهم على مواجهة شعوبهم ومحاولة الاستمرار في حكم الشعوب بقوة الحديد والنار..ورفض القرارات الدولية واتخاذ الانتحار بوابة لتوديع ثلاثة عقود أو تزيد من حكم أحدهم..نهايات مؤلمة ومهينة يختارها الحكام العرب وغير متناسبة مع صفاتهم..ولكننا بالعودة إلى تفاصيل حكم وأداء الحكام العرب..نجد أسباباً وموانع شخصية،ومجتمعية محلية,ودولية,وسلوكيةو..وجميعها تصب في زاوية(المصالح),والتي جعلها الله القاتلة لهم وخاتمة أقدارهم، فالجزاء من جنس العمل، وكما يبعث المرء مع من أحب,فنهايته تكون مع ما أحبه أو بسببه.
موضحاً أن أبرز أسباب رفض الحكام العرب للخروج الآمن والمشرف عدة منها:رؤوس الأموال, والتجارات,والعقارات التي حصدها الحاكم طوال حكمه مستغلاً سلطته ومركزه ومسخراً جل جهده ونشاطه لتجميع تلك الثروة..والتي من المستحيل أن يحافظ عليها ويستمر بإدارتها بعد تحوله إلى موظف عام أو مواطن عادي..وقد تتسبب في تعريته ومحاكمته تنتهي معها حياته بصورة مؤلمة...فيما ثاني تلك الأسباب هي العمالة التي حكمت الحكام العرب تتحكم أيضاً في مصائرهم ونهاياتهم.. مشيراً إلى أن الحكام العرب طوال عهدهم وخصوصاً في اليمن يدرك الحاكم أنه عميل لعدد من الدول التي ترتبط مصالحها باليمن, كالسعودية والولايات المتحدة,و..وعميل محلي لعدد كبير من مراكز القوى من مشائخ وغيرهم والذين يعينونه ويستند عليهم في تنفيذ إملاءات القوى الخارجية وكذا في استمرار حكمه..وبالتالي فعند اندلاع ثورات الشعوب يحاصر الحاكم بين عمالته الداخلية والتي تضغط عليه بسبيل نجاة جماعي ليس هو سوى أحد عابري ذلك السبيل أو نهاية يكون هو أول المنتحرين فيها علها تشفع لأعداد أخرى بالبقاء ويقابل في الوقت ذاته ضغوطات خارجية تدفعه للبقاء,وتدعمه بمواقفها السياسية في المحافل الدولية والإقليمية,وكذا تمده بالدعم المادي من قوى خارجية لم يكمل مشروع العمالة المقرر عليه..فيحاول الحاكم العربي إرضاء الخارج ومراكز الداخل لأنه لم يعد أمامه من سبيل سوى هذا الخيار..وهو الخيار الذي يتحول الحكام إلي كباش الفداء لشبكة العمالة التي مثل مرتكزها وهمزة وصلها..لذا فعمالتهم حالت دون خروجهم المشرف..ودفعهم عيب سمعة العمالة وتاريخها,رغم ممارستهم لها طيلة حكمهم إلى اختيار اسم مقتول أو مسجون؛لكونه مجرماً وقاتلاً لشعب أعزل كنهاية يفضلونها عن أن يخيبوا ظن القوى الخارجية تحديداً فيهم وإثبات صدقهم بالموت على العمالة ومن أجلها,وبالتضحية به تحافظ شبكة العمالة على بقائها ومصالحها.
أسباب عدة
أما الأخ/ياسين العزيزي ـ قانوني ـ فيرى أن أهم أسباب قبول الحكام العرب بالمخارج الآمنة والمشرفة وإصرارهم على البقاء تتمثل في طريقة وصول الحكام للسلطة,والتي يصفها بالطرق غير الديمقراطية وفي أحسن الأحوال ديمقراطية منقوصة أو شكلية..يلي ذلك بقاء الحكام لفترة طويلة تخلق شبكة من المصالح والمنافع مع شبكات الفساد والتي تمثل جماعات ضغط على الحاكم للبقاء؛ لأن رحيله سيلحق الضرر بمصالحهم,ومصالحه..علاوة على أن الموروث الثقافي والديني يلعب دوراً في قناعات المحكومين ـ بالولاء والطاعة ـ الأمر الذي جعل الحاكم يوظف ذلك لصالحه وتوليد الشعور لديه بأنه خير من يحكم.
ويضيف: أنه ومع كل ما سبق فإن سياسات الدول وحساباتها ومصالحها وتداخلاتها تعد أهم العوامل في إذكاء وإخماد تلك الانتفاضات,وإنعاشها,وتحالفاتها مع الداخل لاسيما بعد ثورتي تونس ومصر والبحرين وليبيا..خير دليل على ذلك.      
ثقافة الشعوب
من جانبه يرى الأخ/محمد صالح الحجال ـ مثقف ومحامي ـ أن ثقافة الشعوب العربية المحدودة إزاء العلاقة بين الحاكم والمحكومين والمتسمة بالانقياد والطاعة والخضوع والإنابة والتصديق,و..لكل ما يقوله الحاكم ويصدر منه، والاعتقاد اليقين بأنه النافع، الضار،والمنجي,و..غيرها من الصفات التي ليست سوى من صفات الله تنزهت أسماؤه.. شعوب لا تفقه حقوقها ولا ما يجب على الحاكم تجاهها..حتى أن من يريد الحصول على فتات من حقه لا يجيد سلوكاً لبلوغ ذلك سوى التقرب من الحاكم بعشرات القصائد الشعرية,أو الرسائل التمجيدية,أو المؤلفات التبجيلية،أو الرسوم التجميلية الخيالية لشخوص ملائكية..وإيصالها عبر نافذين ومراكز قوى تسرق العامة وتكذب على الحاكم,وفي الخطابات العامة والاحتفالات الكرنفالية بين يدي الحاكم يجد شعب كل من تحدث في هذه المناسبات يمدحه ويمجده,ويقول فيه ما لم تقله العرب في وصف الأنبياء والرسل من قبل,رغم معاناة وجوع جميعهم، إلا أنهم يعتبرون ذلك مقابل ما يدفعه لهم عملاء الحاكم بالأجر اليومي لفرش الأرض وروداً.. هذه الثقافة السلبية من مجتمع أمي لحاكم لا تختلف أميته عن أميتهم قد تزيد تغرس في عقلية الحاكم ومخيلته جنون العظمة من لا شيء نتيجة تكرار الأوصاف الكاذبة وكثرتها..بمعنى أن الشعوب كذبت وكذبت على الحكام أنهم عظماء وأجلاء وزعماء فلم يطيقوا ذلك الوصف؛كونه مخالف لأدائهم وواقعهم وإنما استحبوا ذلك واستغلوه فأصيبوا بجنون العظمة..وبدأو يطلقون على أنفسهم ألقاب ناجمة عن هلوسة العظمة لم تقتصر على عظمتهم على الشعوب بل طال الجنون الحكام وتعظم بعضهم على بعض مابين عميد القادة العرب وفارس العرب.
علاوة على ذلك فطول فترة بقاء الحاكم العربي في الحكم مع أن بعضهم يدرك جيداً أنه وضع في الحكم كديكور لعدم أهميته وعدم طمع الآخرين في النيل منه,.. ويدركون أيضاً أن ذات البيئة الجاهلة التي مجدتهم وألهتهم استغلوها لشرعنة بقائهم في الحكم بأساليب ديمقراطية جديدة على المواطن العربي وخصوصاً اليمني الذي لا يعرف غالبيتهم من كل شيء سوى الأجر اليومي,همه فقط حملوني التي طبع عليه إلى قبل غروب الشمس وكمل اليوم...فذات بيئة التأليه أكسبتهم البقاء بديمقراطية حملني..تلك الكذبة الأخرى دفعت الحاكم للجنان مرة أخرى..مردداً بجنون" يعوا والشعب العرطة"..فإنها الفطرة التي فطر الله هذا الشعب عليها وقدره الذي لا مفر له منه....و..وبعد كل ذلك الجنون والممارسات التي يعلمها كل إنسان عربي..وتجدر اعتقادات الحاكم بما وصلت إليه مخيلته... فإنه عندما يسمع عن ثورة في الشعب الذي حكمه ويهينه طيلة 3أو4عقود من الزمن لا يصدق ذلك ويراه مجرد حلم أو سحابة صيف عابرة وأمام إصرار الشعب على رحيله واستمرار ذلك الإصرار لا يصدق أيضاً ويبدأ برمي الثوار والشعب بتهم العمالة للخارج التي ارتداها طوال حياته,ثم بتهم الحبوب وغيرها من السلوكيات والممارسات الخاطئة وهو لم يصدق بعد أن حكمه إلى زوال وإنما مازال متخوفا،وظناً بأن الثوار والشعب يتبعون سلوكه ويقلدونه ليصبحوا جميعاً عظماء وزعماء مثله،وفي استمرار وتمادي جنون العظمة تأتي ساعة النهاية للحاكم وفق سنة الله وهو في غفلة وتمادي يبني القصور ويبطش بالبشر فإذا به يفاجأ أنه مسجون أو مشنوق في لحظة خاطفة وعابرة يراها حينها صدفة تذكره بصدفة توليه حكم البلد, مؤكداً على أن الرئيس اليمني هو الوحيد من أتيح له فرصة الخروج بشكل ملائم من خلال المبادرة الخليجية.  
المخرج الوحيد
من جانبه يرى الأخ/ راشد دحوان ـ مهتم بالشأن السياسي ـ أن الخروج غير المشرف والآمن للحكام العرب حكم ثابت ومسلمة لا حياد عنها وكذلك الشعوب العربية فليست كل الشعوب العربية تطالب برحيل قادتها,والمشكلة حسب ما هو موجود في اليمن مثلاً فإن ما أخر خروج الحاكم, هو ذلك الجزء من الشعب الذي يجعل الحاكم يشعر أنه ما زالت له شعبية، وقد يكون وجود ذلك الجزء المؤيد كياناً جمع بتزييف للرغبات والحقائق وجمعته مصالح ليس إلا وذلك جائز..وقد تكون شعبية حقيقية،وذلك ممكن..وفي كلا الحالتين فإن الجزء المؤيد أياً كانت حقيقته يعطي الحاكم إلى جانب الشعور ببقاء شعبيته مبرراً للاستمرار في الحكم والصراع،والنظر إلى الطرف الآخر وإن غدا غالبية الشعب على أنه طرف متمرد ومجموعة قليلة يمكن إزالتها,وقمعها ؛لذا فالشعوب لها الدور الأساس في رسم قرارات الحكام،فعندما يرفض الحاكم الرحيل يستدل بذلك الجزء المشجع له ولاستمراره على شرعية قراره،بخلاف إن غاب ذلك الجزء بعد أيام من قيام ثورة الشعب كما حدث في مصر..عندها يصبح القرار هو قرار الشعب وليس أمام الحاكم إلا أن يرحل أو يُرحل؛لأن أي قرارات للحاكم لم تعد ذات جدوى ولم يعد له دليل أو حجة من الشارع تدعم قراره أمام العالم..الأمر الآخر هو ثقافة الإنسان العربي وعقليته المقيدة بـــ(لا)، فكلمة خرجت لا يمكن أن يرجع عنها وإن تسببت في دمار البلاد سواء من قبل السلطة والتي تصر على عدم العودة والتسليم وحجتها أنها منتخبة ـ حسب زعمها ـ,والمعارضة والثائرون يصرون على اللا عودة بعد التضحيات الكبيرة التي قدموها، بينما لا رجعة عما قلت أو قررت ثقافة مقيتة،وموروث سلبي ليس لها معيار ولا تخضع للعقل، والأجدر بالجميع تحكيم العقل والمنطق الذي يقر بأن مصلحة اليمن مقدمة على مصالح الأشخاص،وأن من يدير البلاد أو له نفوذ فيها ليس سوى موظف أو أشخاص ليس قدر الوطن بيدهم وليس من حقهم اضطهاد وعقاب هذا الشعب الذي أئتمنهم على ثرواته ومقدراته فسينتزعها منهم لطول معاناته وبعد يأسه في صلاحهم,فتحكيم العقل قبل أي قرار ضماناً للنجاة.

خلاصة
ويبقى أن كل ما ذكر من أسباب وعوامل تحول دون خروج آمن للحكام جميعهم وأرده حسب الواقع, ووفق دراسات علمية هادفة للإصلاح الاقتصادي,والسياسي.. لسنوات ما قبل الربيع العربي تؤكد وجود تلازم تلك العوامل بأداء الحكام العرب,وبذا فإنها غدت عوائق فعلية للخروج المشرف، أما عدم الخروج الآمن فعوامله دعمتها ممارسات الحكام منذ اندلاع الثورات في شعوبهم..فواجهوها بالقمع وإراقة الدماء ودمار الشعوب..فممارسات الحكام القمعية والدموية للشعوب بعد ثورانها وإصرارهم على حكمها بقوة الحديد والنار,وتماديهم في ذلك هي من حالت وتحول دون خروج آمن لهم..واللبيب لم نقل تكفيه الإشارة بل يقنعه الواقع ومصير من سبقوه.    
   
                 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد