أبين.. من بوابة النصر إلى دار للقهر ..

النازحون.. بين هم تأمين المعيشة وغياب صوت الحقيقة

2011-12-07 05:05:50 كتب/ شكري حسين


 (سبعة أشهر مضت والنازحون من أبين يتلمظون بنيران الأسى وحدهم إذ لا أحد ملتفتا ً لمعاناتهم أو متحسسا ً لمصائر حياتهم.. الكل على ما يبدو مستسلم للواقع ومنقاد دون رغبة للتعايش مع الوضع الحالي رغم قسوته، غير آبهين بما هو آت أو قادم بعيدين عن ديارهم وأماكن عيشهم.
سلطة محلية أو مركزية جميعها (نائمة) في العسل وإن شئت قل مقتنعة ومباركة لكل فعل أدى إلى هدم كل الأشياء الجميلة في المحافظة التي تحولت بفعل الممارسات (الدنيئة) من بوابة للنصر كما كانت تزعم سلطات المخلوع (علي صالح) إلى دار للقهر والألم.
آلاف الأسر شردت ، وبيوت هدمت ، ونفوس بريئة أزهقت ، ومصالح كثيرة للناس عطلت وبراءة طفولة غيبت ، وحرمات انتهكت وبنى تحتية دمرت وكبرياء وكرامة ذبحت في مسالخ المنتفعين والمتمصلحين وصور شتى من المعاناة والإذلال تقابلك في حلك وترحالك هذا لأنك من أبين .
ندرك أن كل (قفل) سوف يفتح وأن كل (قيد) سوف ينكسر والبعيد سوف يقرب وأن (للشدة) أو المصيبة عمرا ً كعمر الإنسان لا تتعداه، لكن أن تبقى مصائر أبناء المحافظة خاضعة لنزوة بعض المسئولين (المرتزقة) وأفعال الشواذ منهم فذاك أمر غير مقبول والحر الشريف لايقبل بحياة (الدون) ولا يرضى بالضيم.
كيف ألهونا؟
يبدو أن السلطات العليا أو المحلية أو من أرادوا لأبين أن تكون(مسرحاً) لعرض (قاذوراتهم) وميداناً تتسابق فيه مصالحهم قد نجحوا وإلى حد بعيد في إلهاء الناس وتشتيت تفكيرهم في العودة إلى منازلهم من خلال التضييق عليهم وشغلهم في البحث عن (فتات) ما تقدمه الوحدة التنفيذية للنازحين وبمعنى أدق (المهجرين)، فغدا حال الغالبية منهم إن لم يكن جميعهم منصباً فقط في كيفية الحصول على (الراشن) والبحث عن أقرب الطرق الموصلة إليه دون التفكير في العودة إلى الديار والبحث عن الحلول والمعالجات لتحقيق ذلك.
ولعل التضييق على الناس والطوابير الطويلة والوقفات (المهينة) أمام بوابات صرف المواد الغذائية وأماكن التسجيل والمراجعات يندرج في هذا الإطار.. فغابت المواقف وتاهت التحركات وتلاشت الأفكار وبقي (الهم) اليومي هو سيد الموقف!! وهنا نتساءل : أين هم أهل الفكر والتنوير والساسة والقادة والمثقفون والمشايخ والأعيان من أبناء أبين مما يدور في محافظتهم ؟؟ وأين الذين ملأت أصواتهم وبياناتهم شوارع زنجبار وجعار قبيل حلول الكارثة وصموا آذاننا بمختلف الشعارات والدعوات مما هو حاصل فيها اليوم ؟؟ لماذا أنزوت مختلف الهيئات وتوارت جميع النداءات خلف جدران (الصمت) وأسوار (الشك) وسطوة الفيد والمصالح ؟؟ لماذا لاينتفض أبناؤها اليوم ضد الواقع المفروض قسرا ً على سكانها ويثورون على الحال المقرف الذي وصلت إليه أوضاعهم ؟؟ لماذا لا تنفذ إعتصامات سلمية ووقفات يومية في الشوارع والطرقات دون الإضرار بالمصالح العامة للسكان في عدن حتى يسمع صوتهم وتتم الاستجابة لمطالبهم ويعرف العالم بمعاناتهم فليس نيل المطالب بالتمني والحقوق لاتوهب ولكن تنتزع؟!
للمعاناة وجوه كثيرة
صنوف القهر والألم على فراغ الديار وضياع الممتلكات والتشرد لم تتوقف عند هكذا أمور فحسب، بل تعدته إلى صور من الإذلال والمهانة بحثاً عن لقمة عيش تسد جوع (شيخ) كبير أو لحافا ً يغطي جسم (طفل) صغير أو فراش يحتوي جسد أم (ثكلى) فقدت وليدها في معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل.
جميل أن تقوم جهات مختلفة في تقديم ماتيسر من مساعدات للنازحين، لكن إذلال الناس بتلك الصورة المقززة ووضع العقبات (الجمة) والطوابير الطويلة وإرهاق جيوب الناس بين (الروحة والجيه) أمر ينبغي وضع الحلول والمعالجات السريعة له، إذ أنه من غير المعقول ولا المقبول أن يطوي الشهر أيامه ويدخل الذي يليه والناس تبحث عن ما هو (مقرر) للشهور السابقة.
وللتعليم نصيبه

المصائب عادة لا تأتي فرادى، فما إن يستريح المرء من (هم ٍ) حتى ينتصب أمامه هم آخر ولعل معاناة أولياء الأمور هذه الأيام في تأمين الدراسة لأبنائهم بعد الجهود المبذولة من قبل القائمين على أمر التربية والتعليم في المحافظة ومديريتي زنجبار وجعار وتفهم الإخوة في مكتب التربية والتعليم بمحافظة عدن للمسالة خشية ضياع عام دراسي على الطلاب النازحين وتسهيله للكثير من الأمور، إلا أن الإجراءات الروتينية المملة وتردد الناس يوميا ً على مكاتب العمل الخاصة بالتربية والتعليم بأبين دون مراعاة لظروف الناس وتنقلهم من مكان لآخر وأجرة المواصلات التي أثقلت كاهل الكثيرين ربما دفعت بعضهم إلى البقاء في منازلهم وحرمان أولادهم من الدراسة.
فلا تشقوا على الناس أكثر مماهم فيه من الشقاء والعناء !! وقابلوا المراجعين وطالبي الشهادات بنفوس منشرحة ووجوه مبتسمة أفضل بكثير من وجه (عابس) وحاجب معقود، فالأيام دول. 
الزوعري.. شر البلية
في الأمثال الشائعة (شر البلية مايضحك) ولطالما ضحكت كثيرا ً كلما قرأت خبراً مفاده عقد اجتماعات مختلفة لمحافظ أبين (الزوعري) مع مدراء العموم والمكاتب التنفيذية بالمحافظة ومبعث الضحك وأساس الدهشة أن معظم تلك الاجتماعات لا تعدو أن تكون مضيعة للوقت وإن شئت سمها (مسخرة)، فهي غير ذات قيمة ولا تكتسب أهمية خصوصاً ومعظم نقاشاتها تتمحور في المخصصات وما أدراك ما المخصصات!!.
أجزم يقيناً أن لا أحد يناقش كيف تم تسليم (محافظة) بكل مقومات الحياة فيها للجماعات الجهادية!! ولا يستطيع أحد شرح لغز هروب القيادات المدنية والعسكرية وقوات الأمن العام والمركزي التي طالما أفرطت في قمع المتظاهرين وسفكت دماء المسالمين من أبناء أبين !! لم يجرؤ الزوعري وغيره ويفند للناس وللصحافة كرجل مسئول عن المحافظة كيف سقطت أبين في غمضة عين ؟؟ ولماذا هم ساكتون عن الباطل الذي لحق بأهلها؟؟.. قولوا لنا يا سادة كيف عجزت (5) ألوية بكامل عدتها وعتادها معززة بسلاح الطيران والبحرية عن تحرير زنجبار حتى اللحظة ؟؟ أخبرونا لماذا الطريق إلى أبين مغلقة حتى الآن ؟؟ ولماذا يحاصر من بقي فيها ويتم حرمانهم من أبسط مقومات الحياة ؟؟ لماذا عجزت قيادات أبين بما فيها القيادات العليا في هرم الدولة عن أن تصرخ في وجه قائد المنطقة الجنوبية وتلزمه بفتح طريق العلم أم أن الهدف واحد والهم مشترك ؟؟.

إشارات عابرة

1)   نعلم أن أبين ليست مدينة صناعية كبرى ولا ذات قيمة اقتصادية ضخمة ولا أرض نفطية يسيل لها لعاب الخبرة، فجعلوها مكاناً للصراع ومساحة للتناحر وتصفية الحسابات!! لكن أليس من حق أبناءها أن يعيشوا فيها بأمن وأمان كسائر أبناء الوطن عموما ً أم أنها نبتة شيطانية ينبغي قلعها وإلقاءها من الوجود؟؟.
2)   إذا كانت الدولة بكل مقدراتها عاجزة عن تحرير أبين من الجماعات المسلحة كما تزعم فلماذا لاتعلن على الملأ عجزها وتمكن الناس من العودة إلى ديارهم وكفى الله المؤمنين شر القتال، فالمواطن العادي يستطيع العيش مع من كان؟!
3)   ياحبذا لو يتم إلزام مدراء المدارس في أبين بالدوام في المكان المحدد لمكتب التربية والتعليم بالمحافظة لتسهيل عملية الحصول على الشهادات وتعبئتها بدلا من التنقل من مكان لآخر بحثا ً عنهم.
4)   للإخوة أصحاب العقارات في عدن اعلموا أن أبناء أبين بشر فرضت عليهم الظروف القاهرة الالتجاء إليكم وإن كان هناك من (أساء) فالناس ليسوا سواء، أقول هذا بعد أن اشتكى الكثير بسبب رفض أصحاب المنازل لتأجيرها فور علمهم بانتماء المستأجر للمحافظة المغلوبة على أمرها، تذكروا أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد