في ظل ثورة أبهرت العالم..

إلى أين يتجه اليمن ؟!

2011-12-08 04:01:21 استطلاع/ علي الصبيحي


بات الكثيــر منا اليوم يتساءل: هل تعسرت ثورة التغيير بجنينها، فلم تستطع ولادة يمن جديد كما كان متوقع منها؟! وهو تساؤل تتفرع منه استفهامات عديدة: هل يعني أن ثورة الشباب فشلت وانطفأت شرارتها لتقف حائرة وسط الطريق؟! أم إنها ماضية إلى غايتها، إنما هو التريث وأخذ الحيطة والحذر للحفاظ على توازنها؟! وهل فعلاً ليست ثمة ما يشكل خطورة على مسار الثورة أو يحول بينها وبين تحقيق أهدافها؟ أم أن النظام في اليمن استطاع أن يبعثر الثورة وينجح في تفتيت وإخماد جمراتها ليبقيها فقط عبارة عن كومة من الرماد تنثره الرياح في عيون الشعب؟ ثم ما الذي حققته الثورة بعد مخاضها الطويل الذي لم يخل من الألم؟.
"أخبار اليوم" توغلت في الواقع المعاش والمتأزم لمعرفة التحديات التي تواجه الثورة والحال الذي وصلت إليه تداعيات الوضع في اليمن وأوردتها في آراء عدد من الشخصيات الوطنية في سياق هذا الاستطلاع.


دماء زكية وأرواح طاهرة، وشهداء كثر قدمهم اليمنيون الأحــرار فداءً لثورتهم منذ اندلاعها، وأثمان باهظة وهبها الشعب اليمني في سبيل التغيير، أضحى بعدها مرهقاً تعباً ضجراً من مقام طال فيه الانتظار ليوم ينعم فيه بالرخاء والاستقرار، والذي يبدو للمتمعن في المشهد السياسي اليمني أنه ما زال مبهماً ضبابياً لا تتضح الرؤية فيه، فمن جانب هناك مبادرة خليجية لا يُعلم إلى أين تتجه باليمن.. ومن جهة ثانية نظام ما زال كاتماً على أنفاس الثورة، يتمادى في غيه، يسفك الدماء ويصادر أرواح الأبرياء ويعاقب شعباً بأكمله، في الوقت الذي لم تحسم فيه الثورة الموقف بعد.. فيا ترى إلى أين يمكن أن يقودنا ذلك الواقع؟ وهل ثمة مخرج تحسم فيه الأمور ويتحقق فيه للشعب ما تمنى؟ أم أن القادم يلوح بمزيد من التعقيد؟.
× الثورة في الاتجاه الصحيح:
الشخصية الوطنية الكبيرة/ محمد بن صحران - عضو التحالف المدني لقوى الثورة الشبابية بعدن- يؤكد على أن الثورة في اليمن لم تفشل.. وأضاف: مهما حاولت بعض الأطراف احتواء الثورة سواء داخلياً أو إقليمياً أو دولياً لا يمكن أن تفشل، لأن ما يحدث هو توجه شعبي، مجتمعي، نفسي، حركي، متفاعل مع التقنية العصرية ولن توقفه أي محاولات، فقد تحرك المجتمع اليمني بكل مكوناته الحزبية والقبلية والشبابية والمدنية وترابطت خلال 9 أشهر ومن الصعب أن يكسر أو يبدد ذلك المد الثوري والثورة تسير في اتجاه صحيح وما يحدث لها مجرد خدوش، لأن هناك مصالح دولية تقف خلف الأحداث والمطلوب اليوم حكمة الشباب..
 وأردف بن صحران: فيما يتعلق بالمبادرة الخليجية أرى أن توقيع الرئيس بحد ذاته خطوة إيجابية ونجاح المبادرة يعتمد على مدى الالتزام بتنفيذ الآلية الدولية وعلى الجميع الالتزام بها ورسالتي لكل يمني سواء كان في النظام أو المعارضة هي: كن مصلحاً ولا تكن جباراً عنيداً ولا تكن منتقماً غداراً كاسراً، أما رسالتي للشباب تتمثل في: كلما أسرعوا بالخطوات الإجرائية للمبادرة ووفقاً لمبادئ وأهداف ثورتكم خففوا التصعيد وكلما تباطأت الأطراف في التنفيذ صعدوا واحذروا من محاولة التشكيك في ثورتكم أو تمييع صورتها واعلموا أنه مهما حاول النظام الانزلاق بالبلاد أمنياً واقتصادياً لن تنزلق ثورتكم، لأن وهج الثورة مستمر من دم وأضلع وأدمع الشعب، والحقيقة التي يدركها العالم أن ما هو قائم اليوم ليس صراعاً بين جبهتين وإنما بين شعب تواق للحرية ونظام مستبد سينتهي إلى الزوال بإذن الله.
حتى لا تفشل:
ويتابع بن صحران: لكي لا تطعن ثورة الشباب يجب على كل المكونات الثورية أن تتفق على مبدأ واحد، هو توزيع العدالة على الجميع، فلا تكميم ولا إقصاء ويجب الحفاظ على وحدة الصف، هذا إذا أردنا بناء دولة مدنية، لأنه لا يمكن أن تبقى اليمن مستقرة إلا بوحدتها الوطنية وليعلم كل يمني أن الثورة اليوم في اللحظات الأخيرة من المخاض وهي إلى الأمام لا إلى الخلف ولا يمكن أن يحدث لها أي ارتداد وما صمود الشباب في صنعاء وتعز إلا دليل على ثبات الثورة وأدعو كل الإخوة في الجنوب تقدير تلك الدماء والتضحيات لإخوانهم في الشمال وأقول لهم بصفتي شخص عاصر وعايش الأحداث بأن الجنوب سيظل متخلفاً ضعيفاً إذا انفصل وكذلك الشمال سيبقى متخلفاً ضعيفاً ولا خلاص لليمن إلا بتشكيل دولة مدنية تتكون من شمال وجنوب قويين.
× المبادئ الستة:
ويرى محمد بن صحران أن على شباب الثورة التمسك بمبادئ ستة وإذا ما فعلوا ذلك فإن ثورة اليمن ستحدث تغييراً مميزاً، وأول هذه المبادئ: مبدأ التكافؤ الجيوسياسي المسوغ بالسياسة القانونية الشرعية الممزوجة بالحكمة لتحقيق العدالة الاجتماعية وليس لجهة معينة.. المبدأ الثاني: المشروعية الخلاقة في النفوس بقناعات وسلوكيات تدفع الناس لديمقراطية جاذبة تزيد من ثقتهم وحبهم لوطنهم ويجب أن تكون ديمقراطية يهضمها الجميع وتكون موازية لكل الأطراف.. المبدأ الثالث: على الحكومة القادمة العمل بمبدأ الفصل بين السلطات ويعمم ذلك على الوعي العام.. المبدأ الرابع: مبدأ الجهاد السلمي وأعني به الحرية المطلقة كما وهبها ربنا سبحانه وجسدها لنا في الوعي.. المبدأ الخامس: التمسك بحرية التظاهر، لأنه مبدأ له قيمة معنوية ولا يجب التفريط فيه.. المبدأ السادس مبدأ مكافحة أي أجندة عائلية أو قبلية أو حزبية تستهدف الاستئثار بالثروة والسلطة والعبث بمقدرات الوطن وتلك هي الخطوط الوطنية الحمراء وأي استحواذ عليها من قبل فئة يعد انتهاكاً لها وللشعب والوطن.
 وفي ختام حديثه نوه بن صحران إلى ضرورة الأخذ بمبدأ التسامح، مشيراً إلى أنه كان من المفترض أن يجري شيء من الليونة بعد توقيع المبادرة الخليجية من منطلق اخفض جناح الذل لشعبك وفقاً للمثُل العليا التي ورثناها من حضارتنا اليمنية والإسلامية وهذه المثُل موسومة بأجمل العبارات على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائل "الإيمان يمان والحكمة يمانية".
الثورة المتسلحة بالعلم لن تُهزم:
أ.د. سليم النجار – أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب جامعة عدن- وصف ثورات الربيع العربي بأنها ذات أهداف نبيلة جاءت من أجل الرقي بالمجتمعات العربية التي رزحت طويلاً تحت وطأة الجهل والتخلف.. وقال النجار: لقد استطاعت الثورة في اليمن أن تحقق ما عجزت عن تحقيقه الأحزاب السياسية كلها ولقد كانت الثورة مثالاً وأنموذجاً ولقد لفت الشباب أنظار العالم وأفاقت الحكومات من سكرتها وأروع ما في هذه الثورة أن شبابنا متسلح بعلوم العصر وتقنيات التكنولوجيا المعاصرة، بل إن الشباب استطاعوا أن يستفيدوا من سحر ثلاثة مواقع إلكترونية هي "فيس بوك، تويتـر، يوتيوب" والملاحظ الذي لا يمكن أن يغفل عنه أحد أن الثورات العربية جاءت بعد استشعار الشباب لما تعانيه الشعوب العربية من بطالة وفقر وتخلف وأمية، مع أنها دول تمتلك القدرات في مختلف المجالات في الوقت الذي تكابد فيه شعوب الوطن العربي الويلات.
وأضاف النجار: كان للإعلام الحر دوره في إذكاء فتيل الثورة، فقد عمل كإعلام تفاعلي، ويتساءل النجار حول ما تمر به الثورات العربية هل هي أجندات خارجية لها أهداف خاصة؟ أم هي عباراة عن دعوات لمساندة الشباب؟ أو أن الأمر أبعد من ذلك والغرض منه الالتفاف على الثورة وطيها تحت غطاء جهات بعينها؟؟ مشيراً إلى أنه يصعب التكهن بذلك في الوقت الحالي، لكنه لا يستبعد أن يكون مخططاً لشرق أوسط جديد، ولا يخرج النجار عن دائرة التساؤل ليعود إليه لكن هذه المرة متأسفاً على دور الإعلام في الوطن العربي ومراكز البحوث، حيث قال: ماذا قدم الإعلام العربي ومراكز الدراسات والبحوث؟ "لا شيء".. لماذا انفردت قناة "الجزيرة" فقط؟ لماذا لا يكون هناك 24 قناة جزيرة؟، مشيراً إلى أن الإعلام سلاح ذو حدين فإن لم يستعمل في الخير وإرساء القيم والدفاع عن حريات الشعوب، قطعاً سوف يستخدم في الشر والتجهيل والملاحظ اليوم أنه لا يوجد إعلام متخصص في إدارة الأزمات والحراك الاجتماعي..
 وفي ختام حديثه لفت النجار إلى أن هناك تحديات جمة تواجه اليمن اليوم وثورة التغيير، مشدداً على دور المثقفين والعلماء والأكاديميين في الجامعات والمفكرين العمل على إيجاد رؤية موحدة ليس على مستوى اليمن فحسب، بل على مستوى الوحدة العربية التي تلاشت بعد رحيل جمال عبدالناصر، منوهاً إلى أنه إذا لم ينتبه الشباب والحكومة الجديدة فإن الأمور ستخرج عن السيطرة وسيحدث الانفجار الذي يحرق الجميع.
منعطف خطِر:
د. هشام السقاف – أكاديمي وناشط سياسي- خلال حديثه أشار إلى أن الثورة تمر بمنعطف خطير، لاسيما مع التصعيد الجاري في تعز.. وقال السقاف: تتعرض تعز اليوم لمذبحة حقيقية، فهناك تصميم إجرامي لقتل الناس بالجملة في تعز، لأن تعز شرارة الثورة ومعقلها..
 وأضاف: الاستمرار في التصعيد الثوري هو الضمان لبقاء الثورة، مستنكراً الصمت الدولي والإقليمي، متابعاً: المبادرة الخليجية بكل علاتها يفترض أن يكون لها مصداقية في إيقاف حمام الدم والمجزرة في تعز وعلى نائب الرئيس اتخاذ موقف فوري لوقف الإبادة الجماعية التي ينفذها النظام، لأن السكوت عن ذلك يعني المشاركة وعليه يجب أن يعلم الجميع بما فيهم الإخوة الأشقاء في الخليج أن تلك الدماء لن تسقط بالتقادم وأن مرتكبي جرائم الإنسانية لن يفلتوا من العقاب.
وشدد السقاف بأن تبدأ اللجنة العسكرية بمهامها ووقف الجرائم البشعة في تعز وغيرها وهذا ما يقودنا إلى تساؤل: هل بإمكان نائب الرئيس تنفيذ آلية المبادرة؟ حسب قول السقاف الذي أردف قائلاً: على الإخوة في المعارضة بأن لا يغتروا بالتقاسم للمناصب والسلطة، كما على المجتمع الدولي والإقليمي معرفة من الذي يريد قتل الناس وتحويل اليمن إلى دوامة عنف، لذا وجب إيقاف جرائم النظام، لافتاً إلى أن النظام مهما تمادى في جرائمه لن يستطيع قمع الشعوب، وأن صوت العقل سيغلب ولن يضيع الحق وقد سبق وأن قدم الحراك الجنوبي أكثر من ألف شهيد في سبيل عدالة وقضية الجنوب، مؤكداً بأن الوحدة التي قضى عليها النظام بعد حرب 94 كانت موجودة في ضمائر الناس قبل أن يتوحدوا على الأرض، وأن المطلوب اليوم من اليمنيين عموماً وأبناء الجنوب خصوصاً التوحد تحت مؤتمر موحد يشكل مرجعية للجميع سواء عن طريق الثورة الشبابية أو موازٍ لها، المهم معالجة القضية الجنوبية بما يرضي الجنوبيين لكن قبل ذلك لابد من وجود مرجعية عامة.. وفي ختام حديثه نصح السقاف بضرورة الإسراع للخروج من هذا الوضع المحتقن وعلى كل اليمنيين رفع أصواتهم للمطالبة بوقف المذابح الجارية في تعز والضغط على المجتمع الدولي بإيقاف العمل الوحشي الذي يقوم به النظام والذي يحاول الزج باليمن في أتون حرب أهلية، منوهاً إلى أن الشعب وحده فقط الضامن للخروج من هذه الأزمة، متى ما وحد مواقفه واصطف جنباً إلى جنب حتى تحقيق أمنه واستقراره.
لا للحماقات:
وفيما أكد أن الثورة الشبابية ماضية في طريقها بنفس العزيمة والمبادئ والأهداف التي خرجت بها بالرغم من محاولة النظام ولتطبيق سياسة الأرض المحروقة.. قال قاسم: مشروع الدمار وجر البلاد إلى الحرب محاولة يائسة، لأن شباب الثورة السلمية يدركون تماماً ما الذي يريده النظام ولن يرتكبوا أي حماقات ولو أن الشباب انطلقوا بقوة أكبر لسالت حمامات دماء، لكنهم يصعدون بقدر ما يتناسب ولا يعني هذا أن الثورة تراخت أو خارت عزائمها وإنما تتعامل مع الوضع وفقاً لمعايير الواقع والثورة اليوم أمام مشهد جديد بعد خروج علي عبدالله صالح والذي يشكل الثمرة الأولى من ثمار الثورة وهناك مراحل قادمة، حيث ستقوم بها لجنة الأمن والاستقرار بإعادة هيكلة الجيش الوطني والذي بدوره سيحمي البلاد، منوهاً إلى أن النظام يعمد خلط الأوراق، مؤكداً أن كل أزمات اليمن ستجد طريقها للحل إذا ما خرجت العائلة الحاكمة من المشهد السياسي، وأن الرهان اليوم على الداخل الذي قال إنه هو المحرك الأول إذا ما خرجت الفئة الصامتة من الشعب وانتصرت لنفسها ولمبادئ الثورة.
يجب تجاوز المشترك:
علي الأحمدي – ناشط شبابي في حركة النهضة- وصف المرحلة التي تمر بها الثورة في اليمن بأنها حرجة ومحيرة جداً.. وقال الأحمدي: نحن لا نثق أبداً في النظام الحاكم ودخول المبادرة الخليجية أعطى نوعاً من النفس وشكل مخرجاً له، لأنه كان في طور الوقوع تحت قرار مجلس الأمن وعندما شعر بنهايته وقع على المبادرة هروباً من العقوبات.
ويردف الأحمدي: ربما كانت المعارضة تؤمل في مخرج يجنب البلاد الحرب والهلاك، لكن الشباب لهم موقف آخر مخالف لما يراه السياسيون، فنحن مع التصعيد الحقيقي وعلى الشباب في جميع الساحات تصعيد مواقفهم الثورية وعليهم تجاوز اللقاء المشترك، لأن المشترك هو من حال بين التصعيد في الوقت الذي لا زالت الدماء تسيل والعدو ما زال موجوداً وهذا دليل على فشل المبادرة الخليجية والنقطة الفارقة هي يجب تجاوز اللقاء المشترك، فإذا نجح الشباب في توحيد رؤيتهم فإن الثورة ستنجح بامتياز، خصوصاً وأن المجتمع الدولي يراقب ما يجري في الساحات وأكبر دليل هو إدانة منظمة العفو الدولية إعطاء صالح الحصانة.
وفيما يتعلق بحكومة الوفاق الوطني تساءل الأحمدي: ما الجديد الذي سيأتي فيها وأبناء الرئيس وأقاربه ورموز الإجرام مازالوا فيها؟!.
//////

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد