بينما الوضع الإنساني يزداد خطورةً والحوثيون يواصلون القنص والحصار على دماج..

وفد المجلس الوطني في دماج يصطدم بتعسف الحوثيين وتقاعس السلطة المحلية وفرص الحل تتضاءل

2011-12-10 04:58:21 تقرير/ خاص


ما يزال الحوثيون يفرضون حصاراً أمنياً وغذائياً خطيراً على طلاب وأهالي منطقة دماج بمحافظة صعدة، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية كبيرة تهدد سكان المنطقة برمتها ،حيث يصر الحوثيون على استمرار تمركزهم في جبل البراقة وهو الجبل الذي يطل على منطقة دماج بكاملها بل ويجعل الطلاب والسكان أهدافاً سهلة لقناصي الحوثي، وكان وفد المجلس الوطني برئاسة محمد مسعد الرداعي ورشيدة القيلي، وعبدالقوي الشميري، وجميل عون، والحريبي، والزرقّة، قد تمكنوا يوم أمس الأول من فتح نقطة الخانق وإنزال لوحة كبيرة للحوثيين كتب عليها (أمريكا تصنع الإرهاب) في تحريض واضح على طلاب العلم هناك والذين لا يلتقون مع القاعدة في وجه من الوجوه، بل يكفرون تنظيم القاعدة ويعتبرونهم خوارج العصر، وقد تم رفع علم الجمهورية اليمنية عقب إنزال اللوحة، كما قام أفراد من الأمن المركزي بتسلم النقطة، لكن أهالي دماج يرون أنهم لا يزالون صيداً سهلاً للقناصة الحوثيين الذين يتمركزون وبأعداد كبيرة في جزء كبير من جبل البراقة، وكذلك استمرار تواجدهم في المنطقة إلى جوار جنود الأمن المركزي الذين تسلموا النقطة، لكن عددهم وعتادهم يجعلهم لا يمثلون مصدر أمن لأهالي دماج مقارنة بقوة الحوثيين.. حيث لا يزال الخطر قائماً ويتهدد طلاب وأهالي دماج بشكل مباشر، فهم وحتى كتابة هذا الخبر ما يزالون غير قادرين على الخروج من منازلهم ومساكنهم بسبب استمرار الحوثيين في قنصهم بالتزامن مع حملات مباغتة يتخللها قصف مدفعي عنيف يشنه الحوثيون بين الفينة والأخرى على طلاب وسكان دماج، ناهيك عن المسافة التي تفصل بين منازل ومركز دماج وبين نقطة الخانق (أصبحت خانوقاً حقيقاً) والتي تقدر بعشرة كيلو متر، وبالتالي لا يستطيع سكان دماج مغادرة منازلهم، بل وحتى الخروج منها إلى فنائها، فكيف لهم بالذهاب إلى نقطة الخانق التي لن يصلوا إليها إلا وهم جثث محمولون على الأكتاف، كون القنص والقصف يتربص بهم من كل مكان، وبالتالي لا يمثل فتح الخانق بالنسبة لأهالي دماج حلاً للمشكلة ولا جزء بسيط منها.
وأمام هكذا وضع في صعدة يصر الحجوري على تسليم جبل البراقة لقوى عسكرية لا يقل قوامها عن كتيبة، شريطة أن تكون بكامل عددها وعتادها، حتى تستطيع تأمين منطقة دماج ومركز الطلاب فيه، ورفض الشيخ الحجوري الاكتفاء بإرسال 30 جندياً فقط لحماية الجبل، كون الحوثيين يمتلكون أسلحة ثقيلة وأفرادهم بالمئات هناك، فضلاً عن أن أتباع الحوثي لا يزالون في منطقة دماج يطبقون الحصار حولها، ويتخذون من المواقع التي يسيطرون عليها - وهي كثيرة إلى جانب ما يمتلكونه من عتاد وسلاح - وسيلة للضغط على أهالي دماج وقتلهم وكذلك فرض شروطهم.
هذا وتعد نقطة الخانق المنفذ الوحيد لأهالي دماج ومع هذا لا يستطيعون المرور منها، لأن رصاصات الموت تأتيهم بمجرد الخروج من منازلهم أو من مركز الحديث.
ويتهم مراقبون وفد المجلس الوطني بإهمالهم الوضع الإنساني الذي يوصف بالمأساوي للغاية الذي يعاني منه سكان منطقة دماج، وكذلك مسألة الإغاثة الإنسانية وإخراج جثث القتلى من الطلاب والسكان، وإجلاء الجرحى، ناهيك عن اتهامهم لهم بالتحيز للطرف الأقوى وهم الحوثيون، الذين لم يعترفوا بوفد المجلس الوطني أصلاً ورفضوا استقبالهم بصفتهم يمثلون المجلس الوطني وإنما وافق الحوثي على استقبال رئيس وأعضاء الوفد بصفتهم الشخصية وليسوا كممثلين للمجلس الوطني، في الوقت الذي يعمل فيه الوفد على إلزام الطرفين بتنفيذ الاتفاق المبرم بينهما بتاريخ 24 /11/ 2011م، وإزالة نقاط التوتر والحواجز التي تعد عائقاً أمام تأمين حياة الناس في دماج، لكن الوفد وبحسب مصادر في دماج اصطدم بتعنت الحوثيين وإصرارهم على فرض شروطهم وما يرونه في صالحهم على حساب إذلال الطرف الآخر (أهالي دماج) وجعلهم تحت طائلة الاستهداف الحوثي الدائم لهم.
ويقلل مراقبون من أهمية تسليم نقطة الخانق للأمن المركزي، لأن الحوثيين لا يزالون يتواجدون وبأعداد كبيرة بالقرب من عناصر الأمن المركزي، وبإمكانهم السيطرة على النقطة في أية لحظة، فعساكر الأمن المركزي أنفسهم لا يأمنون على حياتهم من الحوثيين، ناهيك عن أن سكان مركز دماج ليس بمقدورهم نهائياً الوصول إلى النقطة، لأن الحوثيين يستهدفونهم بالقنص بمجرد أن يروهم أمام منازلهم وبالتالي فإن التسليم الشكلي من قبل الحوثيين للنقطة لا يمثل جزءاً من الحل، بل لا يعدو عن كونه مجرد تكتيك في مخطط عناصر الحوثي لاستهداف طلاب مركز دماج وأهالي دماج بشكل عام. 
هذا وتفيد المعلومات الواردة من دماج أن الحوثيين قاموا عصر الخميس باختطاف 20 طالباً ممن كانوا يحرسون المركز من الجهة الغربية لجبل البراقة ولم يعلم مصيرهم حتى اللحظة.
وعلمت (أخبار اليوم) من مصادر مطلعة أنه إلى جانب تعنت الحوثيين وعدم تجاوبهم مع جهود اللجنة، ثمة من يعمل أيضاً على إفشال مهمة وفد المجلس الوطني لإعطاء صورة سلبية عن الحكومة القادمة في حل ومعالجة القضايا، والإساءة للمجلس وللثورة كذلك.
الجدير بالذكر أن مركز دماج بصعدة والذي يضم أكثر من 30 جنسية عربية وأجنبية من الذين أتوا لطلب علم الحديث في اليمن، وإلى جواره عدداً من المنازل يعيش حالة حصار رهيبة تستدعي تدخل كافة المنظمات الإنسانية والإغاثية، ما لم فإن كارثة إنسانية وشيكة تتهدد سكان تلك المنطقة، وذلك بسبب الحصار الذي يفرضه الحوثيون منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، ناهيك عن الصعوبات والعراقيل الكبيرة التي يضعها الحوثيون أمام قوافل الإغاثة ويمنعونها من الوصول إلى منطقة دماج.. حيث تؤكد العديد من المصادر أن قافلة الصليب الأحمر هي القافلة الوحيدة التي تم وصولها إلى (دماّج) ومع هذا لم تنج من عمليات السطو والتقطع من قبل الحوثيين وتم مصادرة نصفها وتقدر بـ "300" كيس قمح ومائة اسطوانة غاز منزلي، بينما لم تتمكن أي من قوافل الإغاثة الأخرى من الدخول إلى (دماج) منذ بداية الحصار.
وقد وصل الأمر بالسكان لشدة الحصار الذي يفرضه الحوثيون عليهم أن استخدموا مخلفات الأبقار التي كانت متراكمة منذ زمن هناك كبديل لغاز الطبخ، ولكن هذه الوسيلة لم تستمر طويلاً، فقد قام الحوثيون بإطلاق رصاصات حارقة على الموقع الذي يتم فيه تجميع مخلفات المواشي وتجفيفها، ما أدى إلى احتراقها بالكامل، ولم يتمكن الأهالي من إخماد الحريق جراء عمليات القنص المستمرة من قبل الحوثيين عليهم.
هذا وكان الطرفان (الحوثيون وأهالي دماج ) قد أبرموا اتفاقاً بتاريخ 24 نوفمبر/11/ 2011م، نص على ما يلي:
1 – إنهاء التمترس من كلا الطرفين عدا حراسة أهل دماج لمركزهم ومنازلهم والمرافق التابعة لهم غير المنشآت الحكومية.
2 – النزول من الجبال المتعلقة بالخلاف من الطرفين مع بقاء عساكر في البراقة بنظر قائد عسكري يختاره الحجوري وأهل دماج وهو حسن خيران قائد المدفعية.
3- فتح نقطة الخانق وإنهاء الحصار المفروض على دماج وعلى الطرفين فتح الطرق العامة دون استثناء.
4 – التعايش السلمي بين الجميع وإعادة الأوضاع إلى حالها الطبيعي.
5 – إيقاف الحملات الإعلامية من قبل الطرفين والحرية الفكرية متاحة للجميع وكلٌ على عقيدته ومنهجه.
6 - بعد تنفيذ الاتفاق يتم رفع نقطة الخانق.
7 – الإنصاف من قبل أهل دماج فيما يدعيه الحوثيون من الاعتداء على أحد أتباعهم.
وهذا وتم الإتفاق على أن المحافظ والمشايخ ضمناء للجميع بعدم الاعتداء أو الرجوع إلى المتارس والنقاط التي تم إخلاؤها وما يحصل من خلاف جانبي مستقبلاً يتم إرجاعه إلى محافظ المحافظة وقائد محور صعدة وإلى وجيه المشايخ من همدان بن زيد وخولان بن عامر والذين يزيد عددهم على عشرة مشايخ وشاركوا في إبرام هذا الصلح والتوقيع على بنوده إلى جانب الحجوري والحوثي والضمناء.
ويمثل البند السابع نقطة خلاف إلى جانب نقاط أخرى بين الطرفين، حيث يدعي الحوثيون في هذا البند أن طفلاً من أتباعهم تم الاعتداء عليه بالضرب من قبل قرنائه بدماج ويطالب(الحوثيون) أهالي دماج بضبطه وإنصاف الحوثيين منه، وهذا ما رأى فيه أهالي دماج وفي مقدمتهم الحجوري شرطاً تعسفياً وتعجيزياً، لأن أهالي دماج لو كانوا يعلمون من هذا الطفل الذي اعتدى على أحد أتباع الحوثيين لأتوا به وقاموا بضبطه، لكنهم لا يعلمون من هو، كما أن الحادثة لا تعدو عن كونها مشكلة تحدث في كل القرى والمجتمعات لكنها لا يمكن أن تكون مبرراً لسفك الدماء وإزهاق الأرواح بالصورة التي تجري في دماج صعدة.
هذا ولم يكتف الحوثيون بتلك الممارسات وتشديد الحصار على دماج، بل عمدوا إلى فرض شعاراتهم على أصحاب المحلات والمتاجر "حتى الذين ليسوا من صعدة" وطلاب المدارس لإثبات ولائهم للحوثيين ومن يرفض ذلك فهو منافق.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد