ملف يرصد أوضاع النازحين في مخيمات المزرق بمديرية حرض

130 حالة فشل كلوي و 60 حالة جرب..والعديد من الحالات النفسية.. خدمات معدومة

2012-03-04 07:28:36 أعد الملف: قسم التحقيقات

  • نازحو صعدة بمخيم المزرق.. معاناة مستمرة
بعد أن غابت عنهم عدسات الكاميرات واهتمام الوسائل الإعلامية أضحى النازحون في مخيمات المزرق بمديرية حرض لقمة سائغة في متناول المتنفذين والفاسدين، ممن يصفهم النازحون بـ لصوص على مشانق الإنسانية.
الزيارة إلى مديرية حرض للاطلاع على أوضاع النازحين، مهمة إنسانية تستحق من الجميع الاهتمام، والوقوف عل معاناة (128497) نازحاً من محافظة صعدة داخل مخيمات النازحين وخارجها بحسب احصائيات إدارة المعلومات في وحدة إدارة النازحين بحرض.. نزح هؤلاء هرباً من شبح الموت خلال المواجهات المسلحة بين الجيش والحوثيين في صعدة.
على مسافات متقاربة تتواجد 3 مخيمات في منطقة المزرق شمال غربي محافظة حجة، وتوجد فوارق نوعية شاسعة في خدماتها واهتماماتها بالنازحين بين المخيمات الثلاثة، فالنازحون في المخيمين 1 و 3 أفضل حالاً ممن يعيشون في المخيم رقم 2 الذي يبدو أنه الأسوأ.. نقص حاد في المساعدات الغذائية وتدني الخدمات الصحية والتعليمية والصرف الصحي، إضافة إلى سوء معاملة القائمين على إدارة مخيمات النازحين، ذلك ما يؤكده واقع الحال، ويردده لسان حال الكثيرين في مخيمات المزرق القريب من منطقة الملاحيظ محافظة صعدة (30 كيلو متر) شرقي حرض.
(أخبار اليوم) تقصت ميدانياً أوضاع النازحين للاستماع إلى همومهم ومشاكلهم في مخيمات المزرق في هذا الملف.

البداية كانت من المخيم 1، التزاماً بالترتيب الأبجدي وإن كان العائشون فيه أوفر حظاً من غيرهم في المخيمات الأخرى.. يحتوي المخيم على (8122) نازحاً موزعين على ( 1203) أسرة، مقسمة في مربعات، لكل أسرة خيمة.. ويتراوح عدد أفراد الأسر بين (7-13) فرداً، لكنهم لا يحصلون سوى على خيمة واحدة، وفقاً لضيف الله يحيى صالح- أحد النازحين في المخيم 1، ورب أسرة مكونه من 14 شخص.
يقول ضيف الله إنه يسكن هو وزوجتيه وأولاده في خيمة واحدة، وإنه قوبل ـ بعد نزوحه من صعدة مع أسرته بعد دخولهم المخيم في 2009م ـ باهتمام بالغ من قبل المعنيين أما الآن لم يعد يهتم القائمون على المخيم بهم، فالبطانيات والفرش انتهت عليهم.
 وأوضح أن المسؤولين يعدونهم بتقديم المساعدات مع بداية العام 2012م.. وبالنسبة للمواد الغذائية قال إنه يتم صرف مواد غذائية كل شهرين.
وعبر ضيف الله عن استيائه لعدم اهتمام المسؤولين على المخيم بالتعليم، حيث يقومون بترك الطلاب يلعبون بدون تعليم، مؤكداً أن بعض أطفاله في الصف الثامن أساسي ولا يجيدون القراءة والكتابة.
موت الضمير
وخلال تجوالنا في المخيم 1 التقينا بعدد من النازحين والذين تحدثوا عن معاناتهم داخل المخيم.. وأكثر ما شد انتباهنا هو حديثهم عن أسره نزحت إلى المخيم ولم يتم تسجيل الأسرة ضمن نازحي المخيم ولم يصرف لهم المساعدات الغذائية لاسيما وأن رب الأسرة أحمد حسين المقدم (41) عاماً مصاب بمرض الفشل الكلوي ويعيل أسرة مكونه من 8 أفراد.
 يقول جيران "المقدم" إنه حصل على خيمة بعد تدخل سكان المخيم، الذي آلمهم حجم معاناته وكثر أسرته، ولكن لم تحصل هذه الأسرة ـ والمعروف عوز أهلها ـ داخل المخيم على المساعدات الغذائية ويقتاتون على ما تجود به أيادي الخيرين من سكاني المخيم.. موقف اهتزت له أفئدة من يشاركون هذه الأسرة هم النزوح والبعد عن المزارع والديار وتوخزت له ضمائر المسؤولين عن إدارة شؤون النازحين، والمتدثرين بعباءة الإنسانية.



في المخيم 2 انتهاكات
في تمام الساعة الـ11 صباحاً غادرت المخيم 1 رفقة ثلاثة نازحين على متن سيارتهم بعد أن أصروا على توصيلنا على متن سيارته إلى المخيم 2 بعد اتصالات كثيرة تلقيناها من النازحين في المخيم، بعد أن عرفوا بتواجدنا في المخيم 1.. وفي البوابة حاول أفراد الحراسة منعي من الدخول وهم أفراد من الجيش يتبعون اللواء 105.
عند وصولنا الى المخيم 2 تفاجأنا بما نداه.. لا توجد خدمات داخل المخيم.. فالعيادات الصحية مغلقة والكهرباء مقطوعة، والمياه معدومة وشبكات الصرف الصحي معطله.. ملامح المأساة ظاهرة، ومؤشرات الكارثة واردة، ضحاياها ما يزيد عن (5179) نازحاً هم عدد النازحين داخل المخيم.
فالمخيم2 كانت تديره جمعية الهلال الأحمر الإماراتي بالشراكة مع مؤسسة الصالح منذ اندلاع الحرب السادسة حتى انسحابهم في بداية شهر مارس من العام الماضي 2011م، ودفعت الجمعية مبلغ مليون دولار للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين لتسليمها لمن سيتولى إدارة المخيم خلفاً له، وانسحبت معه مؤسسة الصالح بعد أن نهب القائمون عليها كل محتويات المخيم، وتسلمته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لفترة ثلاثة أشهر لتلحق بسابقاتها لتتوقف جميع الخدمات في المخيم عن أكثر من (603) أسرة، في ظل تهاون وصمت مريب من قبل الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التي تركت المخيم مفتوحاً على مصراعيه بعد أن توقفت جميع الخدمات عنه، بحسب ما قاله النازحون داخل المخيم2و1.



زمن الكرم الإماراتي
يوضح الأخ/ إبراهيم محمد الشميري ـ وهو أحد العاملين في مخيم 2 كمشرف مياه ـ أنه خلال إدارة جمعية الهلال الأحمر الإماراتي للمخيم بالتعاون مع مؤسسة الصالح الخيرية، ما كان عليه المخيم في زمن الكرم الإماراتي وما هو عيه الآن وقال: "من الصعب أن أصف لكم الخدمات التي كان عليها المخيم في السابق وبينما هو عليه الآن تحت إشراف وحدة إغاثة النازحين في حرض، في الماضي كان النازحون في المخيم ضيوف مكرمين.. العلاج موجود والمياه متوفرة والكهرباء موجودة وكل ما نحتاجه موجود وكان ينظر إلينا نظرة رحمة.. وكأن النازح والموظف عندهم واحد، فالهلال الأحمر الإماراتي لديه اثنين مشرفين خاصين يزورون كل المربعات يومياً للاطلاع على أوضاع النازحين.. أما الآن النازحون هنا سجناء تحت رحمة سيف جلاد النازحين (الوحدة التنفيذية)".
وأضاف: " النازحون يعانون ويقفون من الصبح حتى الظهر في طوابير على خزان المياه، وكلما تواصلنا مع المنظمات قالوا هذا ليس من عملنا، وتواصلنا مع المسؤولين عن المخيمات في حرض وقالوا ما عاد نحن تبع المخيمات".
وتابع الشميري: " في الماضي كان يتم اعتماد مبلغ 2 مليون ريال لصيانة شبكات المياه والصرف الصحي، أما المياه فكان يتم اعتماد 300 لتر ماء يومياً لكل نازح داخل المخيم أو 250 لتر على الأقل، أما الآن أصبح المخصص للمخيم من المياه 90 وحده لو جينا نوزعها على خزانات المخيم ما كفت لنصف النازحين داخل المخيم.
وأضاف الشميري: لا يوجد في المخيم أي خدمات مواسير مكسرة تسيل إلى الشارع خزانات المياه مكشوفة والمياه ملوثة ولا يوجد مسؤول يتابع الوضع داخل المخيم، وقال: الريح تنقل قراطيس القمامة والأكياس من داخل البيارة إلى داخل خزان الماء، يشرب النازح وبعدها يقبض على بطنه من الألم.
وأكد الشميري أن المسؤولين إذا لم يعجلوا بحلول عاجلة، لاسيما المياه فقد يكونوا شركاء في وقوع كارثة صحية وإنسانية لا يحمد عقباها.
وعلق الشميري، على خدمات الصرف الصحي بالقول: يوجد 18 بيارة صرف صحي حول المخيم، كان في السابق يتم شفطها يومياً، أما الآن فأصبحت مكشوفة ويتجمع حولها الباعوض ما تسبب في تفشي الإمراض داخل المخيم التي ينقلها من شخص إلى آخر، إضافة إلى أن أنابيب المياه وأنابيب الصرف الصحي متقاربة وبعد خروج الإمارات من المخيم تكسرت ولم يتم صيانتها وأصبحت أنابيب المياه والصرف الصحي يهرب كلاً منهم إلى الآخر، وهو ما شاهدناه حيث أصبحت مجاري الصرف الصحي مكسرة وتسري مخرجاتها بين أوساط الخيام، فيما تتكدس أكوام القمامة في مختلف أرجاء المخيم وتتجمع عليها مختلف أنواع الحشرات والبعوض
وكشف الشميري: إنه يعمل متطوعاً في المخيم بدون راتب منذ 6 أشهر ولم يستلم أي مبلغ كراتب مقابل عملة داخل المخيم.

محاصرون

أما يحيى ربيع يحيى ـ نازح من مديرية غمر في المخيم 2 ـ قال إنه نازح داخل المخيم منذ ثلاث سنوات، تحدث عن جملة من الصعوبات والمعانات التي يعيشها النازحين في مخيم 2 وقال: تم إيقاف جميع الخدمات عن المخيم 2.. والوحدة التنفيذية لإدارة شئون المخيمات في حرض والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحاصر المخيم أشد من محاصرة إسرائيل لفلسطين، إلى درجة أنه تم سحب كل الموظفين والعاملين في المخيم، وإغلاق المرفق الصحي في المخيم، وحاولوا سحب المولدات الكهربائية التابعة للمخيم، إلا إن النازحين رفضوا إخراجها من المخيم كون المعنيين في الحكومة والمنظمات الدولية أقروا تحويل المخيم إلى تجمع سكني.
وقال ربيع: كان المخيم من أفضل المخيمات التي كانت تشرف عليه دولة الإمارات العربية وعند انسحابهم من المخيم قدموا مليون دولار للوحدة التنفيذية لإغاثة النازحين لتشغيل المخيم وتوفير الخدمات للمخيم ولم يصرف منه ريال واحد للنازحين.. مؤكداً أن المبلغ كافٍ لبناء شقق سكنية للنازحين داخل المخيم.
وأشار ربيع إلى تفشي الأمراض داخل المخيم بسسب انعدام خدمات الصرف الصحي، والمرافق الصحية مغلقة منذ 11 شهر، وأن نقطةتفتيش تابعة للشرطة العسكرية قريبة من المخيم ضبطت الكثير من العلاجات بعد أن قام المسؤولين في الوحدة التنفيذية بتهريبها من المرفق الصحي في المخيم ومحاولة تهريبها تمهيداً لبيعها في السوق السوداء، كونها علاجات ممتازة من الإمارات العربية المتحدة التي كانت تتولى الإشراف على المخيم عن طريق الهلال الأحمر الإماراتي بالتعاون مع مؤسسة الصالح الخيرية التي غادرت بعد انسحاب الهلال الأحمر الإماراتي، وقال إن الكثير من مرتادي المخيم قد أصيبوا بحالات نفسية نتيجة لسوء معاملة المعنيين بالنازحين.

امتهان للحياة
"العناية بالحياة".. شعار كتب في لافتة تحمل شعار الهلال الأحمر الإماراتي في مدخل المخيم 2 لكن ما يجري داخل المخيم هو في الحقيقة امتهان لحياة الإنسان بكل ما تحمله من معاني، فالقضية ليست مادة للاستهلاك الإعلامي إنه وضع مرهونً به حياة آلاف النازحين ممن قدر لهم العيش بعيداً عن منازلهم، وان لم يتدارك المسؤولون مسؤولياتهم وبدون تأخر فإننا سنكون شركاء فاعلين في جرائمهم.
أثناء تجوالنا في المخيم.. طوابير طويلة من أطفال النازحين ينتظرون تحت حرارة الشمس ويتدافعون على خزان الماء بغية الحصول على شربة ماء تروي ظماء أمهاتهم ممن يذهبن في الصباح على امتداد الأراضي التهامية بحثاً عن الماء والكلأ بعد أن تقطعت السبل بالرجال وأضحوا عاجزين عن توفير ما ينضج آديمهم.

وفيات في مخيم 2
وحمل مدير مخيم 2 محمد وحيش الجهات المعنية بمخيمات النازحين مسؤولية وفاة أكثر من 90 حالة في المخيم 2 أغلبهم من الأطفال نظراً لسوء التغذية انعدام الخدمات الصحية، وانتشار الأمراض والأوبئة بين النازحين والتلوث البيئي الحاصل في المخيم وتكدس أكوام القمامة، وطفح البيارات وتهشم مجاري دورات المياه، التي تتسرب إلى وسط الخيام الممزقة.
وقال وحيش إن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أوقفت جميع الخدمات عن المخيم مطالباً بسرعة إعادتها محملاً إياها المسؤولية لتصرفاتها الرعناء- حد وصفه.



عواد والسرطان
عندما تتألم وتحس بالدوار فجأة دون سابق إنذار فلن تجد داخل المخيم ما يوقفه او يسكن من المك.. تذهب إلى المركز الصحي فتجدها مغلقة وفارغة من أبسط المهدءات، مقدمة بسيطة نقف من خلالها على عدد من الحالات المرضية وبقايا أنقاض مراكز صحية في المخيم 2.
فهذا النازح يحيى عواد 55 عاماً أب لـ 9 أطفال انتابه المرض في أحد الخيام بمخيم 2 في المزرق مديرية حرض التي نزح إليها من مديرية شداء بمحافظة صعدة هارباً من شبح الحرب السادسة التي كانت شداء جزءًا من مسرح المواجهات بين الحوثيين والجيش اليمني.
أصيب بمرض السرطان قبل 12 شهراً وهو يقيم مع أولاده الـ 9 وزوجته العاشرة في خيمة واحدة منذ نزوحهم قبل ثلاث سنوات، لم يتكرم القائمون على المخيم ولو بمنح المريض خيمة أخرى يستقل بها المريض ليغيب عن عيون أولاده التسعة المقهورين ألماً وحزناً على عائلهم الوحيد.
يقول صالح يحيى عواد 15 عاما وهو الإبن الأكبر لأبيه المريض لـ (أخبار اليوم) إنه طرق أبواب المسؤولين طلباً في المساعدة لعلاج والده ولم يحصل على شيء.. وأضاف المركز الصحي في المخيم مغلق، وإنه تقدم لمن يتشدقون بالإنسانية في (المنظمات الدولية العاملة في حرض) ولم يحصل على شيء..عدا صورة تكرم بها أحد ممثلي المنظمات متعهداً بعلاجه، لكنه غادر مع الصورة ولم يعد إلى المريض، وغابت معه أحلام إخوانه التسعة.

تمييز وحالات نفسية
أما جابر شوعي بلال ـ نازح من منطقة الحصامة بمديرية الظاهر إلى مخيم 2 بالمزرق ـ قال إن أخوته (أحمد 19 عام – وفهد 29 عام ) من ضحايا مخيم 2، أصيبوا بحالات نفسية نتيجة التعامل السيئ والتمييز العنصري من قبل المسؤولين عن النازحين في حرض.
 وأوضح جابر وهو شاب في مقتبل عمره 25 عاماً إنه نزح مع إخوته الثلاثة وبقية أسرته مع اندلاع الحرب السادسة في صعدة وهم في صحة وعافية ولم يصابوا بالحالات النفسية إلا بعد انسحاب المسؤولين عن المخيم في جمعية الهلال الأحمر الإماراتي الذين استقبلوهم عند النزوح باحترام وكانوا يتعاملون معهم برحمه، وسلموا المخيم إلى الوحدة التنفيذية لإغاثة النازحين والتي تعاملت معهم بعنصريه.. وبسبب بشرتهم السوداء ينادونهم بالعبيد(أخدام) وانهم ليسوا نازحين.
يؤكد جابر أن إخوته لم يتحملوا مضايقات المسؤولين للنازحين ومعاملتهم السيئة، بعد أن فقدوا كل ما يملكون في حرب صعدة، دمرت منزلهم ونهبت كل أموالهم، وأضحوا مشردين ومذلين، فاصيبوا بحالات نفسية.
وأشار جابر: أن إلى المنظمات الدولية في حرض لم تلتفت لهم ولم تقدم لإخوته أي مساعدات، ولم يعد يملك المال لعلاجهم على نفقته الخاصة، وان إمكانياته تتحدد في الإنفاق على أسرته المكونة من 13 فرداً، لافتاً إلى أن أحد إخوته متزوج وأب لابنته الوحيدة (مريم)،التي باتت تهرب من والدها التي تقول انه تنادية بالمجنون.
وأوضح جابر إلى لجأ إلى تقييد أخوته (أحمد – وفهد) بالسلاسل نتيجة عدم قدرته على علاجهم،وهي الوسيلة يقدر عليها بعد أن كثرة شكاوي سكان المخيم من سلوكهم الذي أضحى عدوانياً.
أما متعب علي سليمان ـ رب أسرة مكونه من 7 أفراد، نازح من مديرية شداء، مقعد على سرير المرض بعد أن ابتلي في ركبته بكيس دهني وهو داخل المخيم، تسبب في عدم قدرته على التحرك والسعي وراء رزق أولادة 7، بعد أن عجز مادياً عن الوصول إلى مستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصالها الكيس الدهني ـ قال إنه ذهب إلى مستشفى "أطباء بلا حدود" في حرض ولم يقدموا له أي علاج، وقالوا إنهم لا يستطيعون علاجه.
وأضاف سليمان إنه كل يوم يتنقل بين مكاتب المنظمات الدولية في حرض رايح جاي بدون فائدة ولم يقدموا له المساعد للعلاج أو إرساله على نفقتهم إلى إحدى المستشفيات الحديثة لإجراء العملية الجراحية لاستئصال الكيس الدهني.

فشل كلوي وجرب
وفي مخيمات المزرق تتفشى الأمراض والأوبئة نتيجة لانعدام الخدمات الصحية ووسائل التوعية داخل المخيمات وعدم الاهتمام بنظافتها.
وقال مصدر في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين إنه يوجد 130 حالة مرضية مصابة بمرض الفشل الكلوي داخل مخيمات النازحين في المزرق وإنهم يعيشون وضعاً صحياً سيئاً، مشيراً إلى أن الوحدة التنفيذية تقدم مساعدات مالية لـ30 مريض بمعدل 3000 ألف ريال شهرياً لكل واحداً منهم.
وفي المخيم 3 التقينا الدكتورة/ لينا عبدالله بالعيد ـ اخصائية نساء وولادة في عيادة تشرف عليها منظمة "إيدرا" ـ قالت وهي تلخص الأمراض الذي يصيب النساء الحوامل داخل المخيم: إن معظم الحالات التي تأتي إليهم نساء حوامل لديهن اللتهابات في الحوض نتيجة عدم النظافة وعدم الاعتناء بالنفس وقلة التغذية.
وأشارت بالعيد إلى وجود أمراض أخرى معدية داخل المخيم 3كالملاريا والتيفود والجرب، أما بالنسبة للأطفال فهناك حالات تصاب الإسهال والحمى، وبالنسبة للحصبة فهي قليلة في الكبار والصغار.
وقالت إن المرض الأكثر انتشاراً داخل المخيم هو مرض الجرب (مكس مم) حيث قالت إن أكثر من 60 حالة مصابة بهذا المرض داخل المخيم، مشيرةً الى أنه يتم استقبال الكثير من المرضى الآخرين بمعدل 20-60 حالة يومياً.

خدمات غير كافية
وفي المخيم 3 يبدو النازحون هناك أوفر حظاً من المقيمن في المخيم 2 وتبدو فيه الخدمات شبه متوفر وأن كانت غير كافية، ويضم المخيم 3859 نازحاً موزعين على 540 أسرة.
يقول عبدالله دغشر علي ـ نازح في الخيم 2 ـ إن الغذاء قليل والكثير من النازحين لا يستطيعون شراء المواد الغذائية، إضافة إلى أن الخيام أصبحت مهترئة لم تعد صالحة بل إن الكثير منها ممتلئة بالفتحات.
وطالب دغشر القائمين على المخيم بسرعة متابعة الحالات الكبيرة التي تم تسجيلها باستمارة واحدة وتوفير الخيام لهم، مشيراً إلى وجود تقصير كبير في تعليم أولادهم في المدارس حيث كان المعروف في السابق أن يقرأ الطالب ويكتب وهو في الصف الرابع والخامس، أما الآن فالطالب يصل إلى السابع وهو لا يعرف القرأة والكتابة..
وعن الخدمات في المخيم قال دغشر إنها متوفرة ولكنها غير كافية نظراً لازدحام السكان في المخيم.

مخيم المدب
يقول يحيى محمد سعيد نزح من مديرية الظاهر إلى مخيم المدب ـ إن الوضع داخل مخيم المدب متدهور جداً فلا فرش ولا بطانيات لا طرابيل والخيام انتهت وتمزقت، لاسيما بعد القرار الجائر الذي اتخذته الوحدة التنفيذية لادارة مخيمات النازحين والمنظمات الدولية بتحويل المخيم الى تجمع سكاني.
وقال إن أولادهم يشتكون من إهمال المعنيين بتعليم أبنائهم، وغياب الخدمات الصحية إضافة الى نقص المواد الغذائية (كيس قمح وقليل فاصوليا)، ومع ذلك يشغلنا المسؤولين في الوحدة التنفيذية كل أسبوع وهم جايين يشتوا يسجلونا ويمسحونا وفي كل شهر يجونا ثلاث مرات، وكل مرة ومعهم مسح جديد- حد قوله.
 وقال يحيى محمد سعيد ـ وهو أحد مشائخ مديرية الظاهر ـ إن المسؤولين عن النازحين يتعاملون مع النازحين كقطيع أغنام وليس كمواطنين لهم كرامة واحترام.

هموم مشتركة
خلقت فترة النزوح الطويلة فقراً وعوزاً شديدين لدى العديد من النازحين، لا سيما بعد استنفاذ مدخراتهم ومصادر دخلهم.. وتزايدت حالة اليأس والقلق، وتصاعدت الأصوات المتذمرة من سوء التغذية وعدم الاهتمام بالرعاية الصحية والماء والمأوى وأصبحت الخيام التي تؤوي النازحين مهترئة ومهشمه وممتلئة بالفتحات التي تتسبب في تلف الكثير من كماليات ساكني الخيام خلال فترة تساقط الأمطار.
كما يشكو النازحون من سوء تعامل الوحدة التنفيذية لإغاثة النازحين والمنظمات الدولية المعنية وما تقوم به من إجراءات وصفها النازحين بالروتينية والمهينة لهم من خلال عملية المسح المستمرة التي ترافق غالباً عملية صرف المواد الغذائية،إضافة إلى تقليص حجم المساعدات للفرد إلى النصف.

مطالب النازحين
أوضح الشيخ/ حمود هشام ـ رئيس لجنة الخدمات بمديرية حيدان ـ أن النازحين من صعدة في مديرية حرض خرجوا مطلع فبراير الجاري في مسيرة احتجاجاً على تدني الوضع الصحي والتعليمي والمعيشي لنازحين داخل المخيمات وخارجها.. وقال إن خروج النازحين للتظاهر هو تعبير عن معانات صعبة هي من تدفعهم للخروج، وتعبيراً عن رفض الظلم والمطالبة بإقالة كل الفاسدين والمتنفذين في المنظمات الذين يمتهنون النازحين.
وحذر هشام من ثورة (النازحين) التي ستكون لها مردودات غير إيجابية سيتحمل مسؤوليتها كل من يعمل على التلاعب بمساعدات النازحين وعرقلتهم.
وطالب هشام ـ وهو ممثل عن النازحين في مديرية حرض ـ المسؤولين في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين والمنظمات الدولية المعنية بتحسين المستوى الصحي والتعليمي والغذائي للنازحين الذي وصفه بالمتدني، كما طالب بإعادة جميع الخدمات الى المخيم رقم "2" كبقية المخيمات، إضافة إلى الصرف للنازحين الجدد والذين تم مسحهم في العام الماضي ولم يصرف لهم شيء حتى الآن، ومساواة الأسر النازحة في الحصة الغذائية وصرف المساعدات للمرضى المصابين بمرض الفشل الكلوي وعددهم 130 مريضاَ وتم الصرف فقط لـ 30 مريضاَ غير السابقين.. إضافة الى مطالبته المجلس الدنماركي بصرف المبالغ التي اللتزم بصرفها لنازحين وسبق أن وزع قسائم على المستفيدين لاستلام مساعداتهم من مكتب بريد حرض، إلا إن ذلك لم يتم.
وعبر الشيخ/ حمود هشام عن رفضهم لأي عمليات إجرائية تتعلق بتغيير القاعدة البيانية للنازحين، تحت مسمى إعادة المسوحات التي قالوا إنه سبق في العام الماضي أن نفذت المنظمات العاملة في حرض والوحدة التنفيذية عملية مسح مشتركة، وإن الهدف من المسح الجديد هو استنفاذ واستغلال الدعم المخصص للنازحين، وإعادة المنظمات والوحدة التنفيذية في حرض كميزانية تشغيلية ومرتبات للموظفين بصورة عبثية وغير ضرورية.

توضيح
الصحيفة عرضت هموم النازحين ومعاناتهم على رئيس فرع الوحدة التنفيذية لإدارة شؤون مخيمات النازحين في مديرية حرض الأخ/ عبدالله علي الشرفي والذي أشار بدوره إلى أن (المخيم 2 والذي كثرت فيه الشكاوى ذو شجون والمخيم إنشأ من البداية وكان اهتمامه بالأسر الضعيفة والعاجزة والمعاقين واستلمته جمعية الهلال الأحمر الإماراتي واستمروا في تقديم الخدمات لنازحين وإدارة المخيم حتى مارس 2011م، ثم حاولت الإمارات أن تنسحب وبذل الأستاذ/ احمد الكحلاني كل الجهود إلا إنهم صمموا على الانسحاب.
وأضاف الشرفي: تخاطب رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة شؤون المخيمات النازحين مع المنظمات الدولية التي حاولت الاعتذار وبعد اللحاح رئيس الوحدة تم الاتفاق مع المنظمات الدولية على تسلم المخيم لمدة ثلاثة أشهر على أساس أن ليس لها علاقة بعد ذلك بحيث يتحول المخيم إلى تجمع سكاني كمخيم المدب،ولفت الشرفي إلى أنهم تابعوا منظمة اليونسف كمهتمة بالمياه والإصلاح البيئي فاستمرت في ضخ المياه حتى الآن مشيراً إلى منظمة اليونسف وافقت على إعادة تأهيل شبكة المياه داخل المخيم حيث يتم دراسة تكلفة إعادة الشبكة وإصلاحها.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد