الذهب.. المصيدة الكبرى للمستثمرين

2012-04-09 02:56:50 عبدالحكيم ياسين الحميدي


المرحلة الأولى 2005م:
كتبت تقريراً عن الذهب باللغة الانجليزية في شهر فبراير 2005م بعنوان "القيادة غير التقليدية والتفكير خارج الصندوق" وكان سعر الذهب حينئذٍ 340 دولاراً للأوقية، وكان نص التقرير كالتالي:
"سعر الذهب اليوم هو 340 دولاراً للأوقية، لكنه سيرتفع وسيصل سعره إلى 620 دولاراً للأوقية، وبعد هذا الارتفاع بسنوات سوف ينهار سعره في الأسواق التعامل بالذهب كاللعب بالنار".
المرحلة الثانية في مايو ـ 2006م:
وبعد 16 شهراً من ـ التقييم ـ للحدث ـ الوضع العالمي حينها، قمت بتحديث التقييم لما كتبته سابقاً في المرحلة الأولى، وكان نصه كالتالي:
"بحسب ما ذكرته في المرحلة الأولى، فقد ارتفع سعر الذهب بسرعة فائقة من 340 إلى 620 دولاراً للأوقية، وواصل ارتفاعه في مايو 2006م إلى حوالي 618 دولاراً للأوقية؛ مما يعني أن ارتفاع سعره في مدة قصيرة جداً، وهذا لا يفي بالغرض"، ومن هذا المنطلق ذكرت أن السعر للذهب سيرتفع، وسيصل سعره إلى حوالي 1100 أو 1200 دولار للأونصة الواحدة، وفي أثناء ارتفاع سعره سيكون هناك تفرات ركود في سعر الذهب وجني الأرباح".
الأسباب التقليدية لارتفاع أسعار الذهب:
× التوترات السياسية عالمياً.
× ارتفاع أسعار البتول؛ مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم عالمياً، وكلما زادت نسبة التضخم زاد سعر الذهب، وهذا الترابط في الاقتصاد التقليدي.
× عدم توازن مديونية الدول في العالم.
× تحويل المستثمرين جزءاً من ثرواتهم إلى الذهب؛ لينوعوا استثماراتهم؛ لأنهم يعتبرون الذهب من الأصول الثابتة.
× خوفاً من إفلاس الدول.
× قيام كثير من البنوك المركزية في العالم بشراء الذهب.
النظرة غير التقليدية "الجحيم أو الهلاك"
سرعة ارتفاع الذهب في 340 ـ 681 دولاراً للأونصة، هذه الحركة تعطي ما نسميه "الصدقة" للاقتصاديين التقليديين، والمحلين الفنيين، والمستثمرين، والأفراد، والهدف من وراء هذه الصدمة هو تشجيع وجذب المستثمرين وتحويلهم للاستثمار بالذهب هي:
ـ البنوك المركزية العالمية.
ـ مدراء صناديق الاستثمارات.
ـ المعاهد المالية.
ـ المصارف.
طبقة الأثرياء.
الأفراد.
وبعد سيناريو "الصدمة للمستثمرين" لا بد أن يكون الارتفاع في سعر الذهب تدريجياً؛ ما يعني بطئاً في ارتفاع السعر "يتناسب مع المدة الزمنية" خاصة عندما يتجاوز سعر الذهب 700 دولار للأونصة؛ لأن الارتفاع السريع للسعر لن يزيد من عدد المستثمرين في الذهب؛ نظراً لسرعة الارتفاع، والعكس صحيح، فالارتفاع التدريجي والبطئ للسعر يزيد من عدد المستثمرين للاستثمار بالذهب في العالم، وبعدم أن يتم دخول جميع المستثمرين في الاستثمار بالذهب ـ يحدث سيناريو، وقد أشرت إليه باستخدام فنون التحليل للإيمان المطلق، وهو كما يلي:
سيناريو انهيار سعر الذهب ـ الذي ينتظر جميع المستثمرين:ـ
"في عطلة نهاية الأسبوع، وبعد أن تقفل الأسواق المالية التداول سيتم نشر أخبار على وسائل الإعلام، والأخبار ستصل إلى الجميع المستثمرين في العالم، وسوف تنشر على الملأ:
65% منها جيدة تصب في مصلحة الذهب، و35% منها سيئة لسعر الذهب، وهذه الأخبار ستشجع المستثمرين وتعطيهم ثقة بارتفاع سعر الذهب في ما بعد الأخبار، وبمجرد أن تفتح الأسواق بداية الأسبوع ستفتح بفجوة بانخفاض هائل في سوق الذهب، ويتراوح هذا الانخفاض من 300 ـ 400 دولار للأونصة من سعر الإغلاق.
مثلاً:
إذا كان سعر الذهب عند الإغلاق "الجمعة" 1900 دولار، وفتح بداية الأسبوع "الاثنين" على 1500 دولار، وهذا الوضع غير طبيعي ولم يحدث في أسواق التداول ولم نشهد له مثيلاً من قبل، وأيضاً ارتفاع سعر الذهب من 340 ـ 618 دولاراً كان حدثاً غير اعتيادي؛ لأن سعر الذهب كان يتداول في الأسواق لمدة طويلة تحت سعر 400 دولار أميركي للأونصة الواحدة.
ضربة المعلم
ومن هذه المصيدة نعتبر أن للنخبة العالمية مكاسب، وفرصة و"غنيمة" لمرة واحدة من هذا الجيل.
المرحلة الثالثة: مارس 2012م
ـ ارتفاع وانهيار الذهب
ـ سيناريو ارتفاع سعر الذهب بدأ من عام 2005م واستمر حتى عام 2012م، وقد كان بحسب ما ذكرته وحللته في المرحلة الأولى والثانية.
ـ ارتفاع الذهب كان سريعاً للفترة ما بين 2005م ـ 2006م.
ـ وبعد وصول سعر الذهب إلى 700 دولار للأونصة في مايو 2006م استمر سعر الذهب بالارتفاع التدريجي لمدة ست سنوات، ولهذا السبب أي "الارتفاع التدريجي" أعطى لكل المستثمرين، أرباحاً، وظل سيناريو ارتفاع حجم المستثمرين في الذهب بكل فئاتهم، وتم تشجعهم طريقة غير مباشرة على ذلك.
ـ وخلال 7 سنوات تم جمع كل المستثمرين وحتى من ليس لهم صلة بمثل هذا النوع من الاستثمار "الذهب".
لكي نصل لهذا الاستنتاج قيمنا: "الحدث ـ النشاط ـ الوضع"، وقمنا بإسقاطه على فن "التحليل للإيمان المطلق"، ووجدنا المخرجات التالية:
السيناريوهات التي كتبناها في 2005 ـ 2006م، تم تطبيقها الحرفي بنسبة 100% من قبل النخبة القيادية في العالم، على المستثمرين بالذهب في العالم.
الدليل:
تشابه ارتفاع سعر الذهب من حيث "السعر/الزمن"، فقد تطابقت 100% للمدى القريب والبعيد.
توضيح:
ـ أرتفع سعر الذهب في عام 2005 ـ 2006م من 340 ـ 681، أي أن الارتفاع كان 340 دولاراً للأونصة في سنة واحدة، وهذا الارتفاع يمثل 100% "340/340 * 100 = 100%".
ـ ارتفع سعر الذهب من عام 2006 ـ 2012 في ست سنوات إلى 1900 دولار للأونصة.
تفاصيل الارتفاع كالتالي:
× من عام 2006م إلى عام 2010م، ارتفع السعر من 700 إلى 1100، وهذا الارتفاع بطيء جداً، مقارنة مع الفترة التي ذكرناها سابقاً "2005 ـ2006م".
جاء الارتفاع التدريجي لمدة أربع سنوات، من 2006 ـ 2010م، بغرض استدراج المستثمرين للاستثمار بالذهب، وهذا أيضاً طبق من النخبة بحسب ما ذكرناه بالحرف، وبهذا تم تطبيق الخطة التي كتبتها في المرحلة الثانية 2006م.
× من عام 2010م إلى عام 2012م ارتفع السعر من 1100 إلى 1900، وهذا الارتفاع سريع جداً.
والارتفاع السريع خلال السنتين يتشابه مع بداية الارتفاع، وبهذا أصبحنا قريبين جداً من سيناريو الانهيار من الناحية الزمنية، ومن ناحية بلوغ السعر إلى الذروة لا نستطيع تحديد سعره؛ لأنها تخضع لأمور فنية بحتة لدى القوى القيادة "النخبة" في العالم.
النظرة التقليدية للعام 2012م.
ارتفاع سعر الذهب للأسباب التالية:
× بسبب ديون منطقة اليورو، والتخوف من إفلاس الدول.
× بسبب استثمار بنوك منطقة اليورو مبلغ ترليون دولار أميركي في الديون السيادية لمنطقة اليورو والخوف مع إفلاس البنوك الأوروبية.
× بسبب التخوف من ديون الولايات المتحدة الأميركية.
× بسبب إفلاس البنوك الأميركية والشركات الأميركية العالمية.
× شراء الصين الذهب للاستثمار كملاذ آمن؛ ولكي تبتعد من تجميع الدولار الأميركي.
× شراء البنوك المركزية الذهب للاستثمار كملاذ آمن.
النظرة غير التقليدية للعام 2012م
النظرة التقليدية تعزو ارتفاع سعر الذهب إلى الأزمة المالية وتخوف المستثمرين من إفلاس الدول والبنوك في العامل، وبهذه الأسباب تم توجيه وتجميع المستثمرين إلى مصيدة الاستثمار بالذهب.
غير أن الحقيقة أنه قبل 10 سنوات، صنفت الدول الصناعية الغربية الذهب في الاقتصاد الحديث باعتبارهم الأصول المجمدة التي لا تسهم في تطوير وتوسيع اقتصاد الدولة.
ولهذا قرروا رفع سعر الذهب ليتخلصوا منه ببيعه بسعر مرتفع من وقت لآخر بطريقة منظمة ومحترفة، لا يلاحظها حتى المحترفون، وبهذه الطريقة يتم تعويض الدول الصناعية عن فترة احتفاظهم الذهب.
وقد بدأت سويسرا، ثم صندوق النقد الدولي ببيع الذهب في البداية، والآن سويسرا عملت حظر خروج الذهب من داخلها، وهذا مؤشر على انتهاء الفترة الزمنية لصعود الذهب.
والآن يعتبر هذا الوضع فرصة نادرة وهائلة تجذب النخبة القيادة العالمية لاستفادة من هذه الثروات الهائلة التي تم جمعها من الاستثمار بالذهب، وهي الطريقة المثالية لتحويل الثورة من الأغلبية إلى الأقلية بطريقة قانونية في العالم.
وهذا الوضع لا يتكرر في هذا الجيل.
وطريقة هبوط سعر الذهب يأخذ أسلوب "السكتة القلبية"؛ حيث ينخفض السعر، وليس هناك من يشتري الذهب، والجميع ينتظر استقرار سعر الذهب بسعر منخفض جداً؛ لأن أغلبية المستثمرين يريدون البيع، والتخلص من الذهب لدعم السعر من الهبوط الحاد.
أيضاً ليس هناك في العالم دولة مسؤولة أو مكلفة تراقب وتحافظ على استقرار سعر الذهب.
هل سأل المستثمر لماذا اشتري الذهب؟
سلبية شراء الذهب:
× لا تعطي أرباحاً سنوية مثل أسهم الشركات.
× إذا أودعتها في البنك لا تعطي فوائد سنوية.
× الذهب لا يستخدم في القطاع الصناعي أو التكنولوجي.
× هي أصول مجمدة.
فوائد الذهب:
× تستخدم للحلي.
× الاستفادة إذا ارتفع سعر الذهب فقط.
× وثقت الناس بالذهب كثروة.
الخلاصة: التشابه بين جمع الحنطة وجمع ثورة الذهب
قام النبي يوسف "عليه السلام" بجمع الحنطة خلال 7 سنوات لإنقاذ قومه، والناس المحيطين بمجتمعهم، وهذا يعادل في عصرنا الحديث تجميع ثروات المستثمرين بكل فائتهم خلال 7 سنوات في الاستثمار بالذهب، وهذا يعادل الحنظة، وبهذه المعادلة ـ وفيما لا يدع مجال للشك ـ أجزم بأن فترة ارتفاع سعر الذهب قد انتهت، ونحن الآن في الوقت الضائع.
"جمع الحنطة أخذ 7 سنوات = جمع الثروات أخذ 7 سنوات".
ـ واستمر النبي يوسف 7 سنوات في محاربة الجوع، ومساعدة الناس، وهذا بمثابة مرحلة ما بعد انهيار سعر الذهب، والذي سيأخذ صفة "السكتة القلبية"، والتي لا تعطي لأحد فرصة للخروج من دون خسارة هائلة، وأثر هذه السكتة "ألمها، ومشاكلها" ستدوم 7 سنوات.
"الجمع أخذ 7 سنوات = أثر الخسارة الهائلة يأخذ 7 سنوات للدول والأفراد".
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد