مصافي عدن نهاية مرتقبة

2012-06-16 13:33:22 تقرير/ علي الصبيحي


في الوقت الذي كرمت فيه شركة مصافي عدن يوم أمس الأول 150 عاملاً وعاملة من العاملين في مختلف إدارتها وأقسامها ووحداتها ممن أسمتهم إدارة المصفاة (بالمبرزين خلال عام 2012ن وهو العام الذي توقفت فيه مصفاة عن عملية تكرير النفط الخام بسبب تعرض أنبوب النفط الخام القادم من محافظة مأرب للاعتداءات المتكررة والتفجيرات الإرهابية وتسبب ذلك في خسارة البلاد نحو 500 مليون دولار شهرياً.
كشفت مصادر مطلعة في شركة مصافي عدن ـ فضلت عدم ذكر اسمها ـ عن قضايا فساد مالية وإدارية وصفتها بالفضيعة والمهولة، قالت إنها ستعجل من النهاية الوشيكة للمصفاة إذا لم يتم تدارك الوضع الذي تعيشه شركة مصافي عدن- حسب قولها.
المصادر ذاتها: قدمت ملفاً مدعماً بالوثائق يحتوي على قضايا فساد مالي وإداري، "أخبار اليوم" حصلت على نسخة منه، تفيد بان محكمة فرنسية حكمت على شركة مصافي عدن غرامة مالية مقدارها 2 مليون ونصف المليون دولار أمريكي هي غرامة تأخير في الدفع وعرقلة إنتهاء عمل الشركة الرومانية من قبل متخصصين في المصفاة.
وأوضحت المصادر إن ذلك حدث عقب قيام المصفاة بالتعاقد مع شركة رومانية لتشييد مبنى مستشفى المصافي المكون من ثلاثة طوابق بتكلفة إجمالية تقديرية (3 ملايين دولار) مع العلم بان مبنى مثل هذا لا يحتاج إلا إلى مقاول مصنف من الدرجة الثالثة أو الثانية على أعلى تقدير، فالمبنى المذكور لا يحتاج إلى شركة أجنبية بحجم الشركة الرومانية التي تعاقدت مع عمال محليين لتنفيذ المشروع وبإشراف مباشر من مدير مشاريع المصفاة وبراتب شهري.
وبعد مرور ثلاث سنوات على البدء بتنفيذ المشروع والذي تعثر بسبب خلافات بين المصفاة والشركة الرومانية على مبلغ( 300 ألف دولار) لصالح الشركة الرومانية، مما أفضى بالطرفين إلى الاحتكام في فرنسا.
وأوضحت المصادر بان مستشفى المصافي الذي كان بسمعته على مدار سنوات طويلة نموذجاً للانضباط في تقديم خدمته لأكثر من 30 ألف نسمة في منطقة البريقة بشكل خاص وعدن بشكل عام، حيث وان التجهيزات التي صرفت عليه ليست بالشيء اليسير، فقد قامت المصفاة في الفترات السابقة بتوفير احدث التجهيزات من حيث الأثاث والأجهزة الطبية وتأهيل الكادر الطبي على مستوى عالي في الخارج وانتقاء افضل الفرق الطبية من الخارج لتوفير العلاج في الخارج،بينما الآن يتم إرسال ابسط الحالات للأردن ومصر واقل ما يمكن صنعاء او تعز والذي يكلف المصفاة في اليوم للمريض مع مرافقه ما بين (50 الى 100 دولار) كبدل سفر بدون مصاريف العلاج التي تفوق كل التوقعات.
فمثلاً كانت المصفاة متعاقدة مع طبيب هندي متخصص في مجال جراحة العظام والذي كان يجري أكثر من( 10 إلى 15 عملية أسبوعياً) براتب شهري (2000دولار) وتم الاستغناء عنه وتم استقطابه من قبل رجل أعمال يملك مستشفى خاص في محافظة الحديدة بعدها قامت المصفاة بالتعاقد مع هذا المستشفى لإرسال المرضى المحتاجين لإجراء عمليات العظام والمفاصل وبلغت فواتير العمليات لشهر واحد فقط عدد(15حالة )ما يساوي راتب الدكتور لمدة خمس سنوات.
تعجيل النهاية
وأشارت المصادر إلى أن هناك فساداً مالياً وإدارياً فضيعاً سيعجل من النهاية الوشيكة للمصفاة اذا لم تقم الجهات المسؤولة بتدارك الوضع الذي تعيشه المصفاة، فعلى سبيل المثال تقوم المصفاة بشراء مواد تخص الوحدات دون الرجوع إلى القانون ولو في ابسط الأمور، فالمطلع على موقع المصفاة على النت وصفحة إعلانات المشتريات يلاحظ أن المصفاة بسبب توقفها لا تحتاج لأي مواد او قطع غيار وبالتالي لا توجد إعلانات مناقصات ولكن في الحقيقة استغل المسئولون في المصفاة هذه الظروف وقاموا بتمرير الطلبات لشركات أجنبية بمبالغ تفوق الحد القانوني المسموح بالشراء "بالأمر المباشر" او حتى الإعلان عن تلك المشتريات عبر الموقع ولا نعلم ما هو سبب تحفظ القيادة على ذلك وفي مصلحة من تصب مثل هذه الممارسات، فمثلاً قامت المصفاة برفع طلب شراء لشركة رومانية بتوريد قطع غيار بـ  (500 الف يورو) ولا يوجد في الملف اي وثائق سوى عرض واحد من تلك الشركة وصورة طلب الشراء الموقع عليه من قبل مدير المشتريات الذي يتحفظ على توقيع اي طلب لشركة محلية نافست بموجب القانون وقدمت ظروف مغلفة واُرسي عليها العطاء من قبل الفنيين حتى ولو كانت قيمته لا تفوق (10000دولار)، فلا نعلم من أين اكتسب كل تلك الجرأة ليرفع طلباً مخالفاً للقانون نصاً وروحاً بمبلغ يتجاوز (750000 ألف دولار) ويمتنع عن توقيع طلب مرر بحسب القانون بــ(10000دولار)؟!
وأشارت المصادر إلى أن المصفاة تعمل منذ خمسينيات القرن المنصرم وكانت تحقق إيرادات تغطي معظم نفقات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك،ونظراً لعدم مواكبة التطورات الفنية والتقنية ظلت المصفاة تعمل بنفس الآليات والمعدات القديمة التي لم تمكنها من العمل على أي خام سوى خام مأرب بعد الوحدة مع تجاهل كل أصوات المناداة سواء كانت في القيادة أو في المعارضة أو في الشارع من فنيين ومهنيين ورؤوس أموال بضرورة تحديث المصفاة، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل رغم الإصلاحات السياسية والتوجيهات الصريحة بضرورة التحديث، الأمر الذي أوصل المصفاة إلى التوقف كلياً عن العمل وممارسة النشاط بشكل كامل عدا محطة الكهرباء التي يخشى فنيو المصفاة من توقيفها خشية عدم القدرة على تشغيلها فيما بعد اذا توفر خام مأرب مرة أخرى، الأمر الذي يكبد خزينة الدولة( 140 دولاراً) يومياً قرابة مائة طن مازون على الأقل.
وهذا الفساد سببه الرئيسي عدم تواجد قيادة المصفاة ممثلة بالمدير التنفيذي ونائبه وغيابهما لفترات طويلة تجاوزت في بعض الاحيان الشهر، مما أدى إلى انعدام دور الرقابة، فتجد الموظفين يخرجون عند الساعة 11 قبل الظهر ولا يعودوا ومن المفروض ان يعودوا ليواصلوا عملهم حتى الساعة الرابعة عصراً، لان الدوام في المصافي يختلف عن باقي الدوائر الحكومية كونها جهة إيرادية مصنعة فتجد وعلى سبيل المثال وبدون مبالغة ان معظم مدراء الدوائر ونوابهم يذهبون في فترات الغداء والاستراحة ولا يعودون لمزاولة عملهم في الفترة الثانية، متحججين "لمن نداوم مصافي واقف ومدير ونائبه غير موجودين لاتخاذ ابسط قرار".
همسة
المدير التنفيذي في يوم توقف المصفاة كان يحتفل بتكريم نادي الشعلة في فندق ميركيور.
الشاهد في الموضوع هل وصلت المصفاة إلى حالة من الترف والأرصدة التي تبحث عن أوجه للصرف مبررة وغير مبررة ؟! وأين الدور الرقابي لما يدور في أزقة المصفاة؟ 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد