إعلانات شفط الجيوب والعقول

2012-06-29 00:19:03 فتحية هزاع


لم أجد يوماَ في العاصمة إعلاناً عن جهاز حاسوب أو حراثة زراعية أو أجهزة طبية متقدمة، مع أننا بحاجة للحاسوب والآلة الزراعية والجهاز الطبي, وكل ما نجده إعلانات بطول الشارع لشوكلاته وحلوى وزيوت والشامبوهات, كلها مستوردة, هل هذه الأشياء هي الأساسيات والضروريات, والتي لا تقوم حياتنا إلا بها.
إن مصير المستهلكين لم يعد في جيوبهم ولا بين أيديهم إنه يلعب أمام عيونهم والتاجر المستفيد المباشر من الإعلانات التجارية يخفي وراءه المستفيد الأكبر, الشركات المنتجة وما يتصل بها من نظام سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي اخطر واقعة اجتماعية وإعلامية وثقافية وقيمية ونفسية واستهلاكية في عصرنا فقد أصبح الإعلان احد معالم المجتمع الحديث والذي لا يمكن الاستغناء عنه .
إن هذه الإعلانات حتى في البلدان المحافظة خرجت عن الضوابط الاجتماعية وتم الزج بالمرأة في الإعلانات بشكل مسف وعرض تسويقي ينحدر بقيمة المرأة كإنسان له احترامه, وفي المجتمع وفي سلع لا علاقة لها بالمرأة.
 الصين دولة تحاول أن تبقي على خصوصية المجتمع الصيني، حيث تمنع الإعلانات التي تستخدم الصور الفاضحة والنماذج الغير لائقة أو الصور التي تثير الخوف أو الرعب والألم أو الصور التي قد تكون سبباً في سلوك سيء، بالإضافة إلى منع استخدام أصحاب العرق الأبيض كموديل .
الشيء المستغرب واللافت للنظر هو الحجم الكبير من الإعلانات على المحال التجارية والمؤسسات الخدمية في بلادنا صور نساء في كل لوحة، والأغرب هو الصمت المطبق عن الحديث عن هذه الظاهرة سواء من المنظمات النسائية التي تدعي الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها وكرامتها، هذه المرأة لم تحرك ساكناً ضد هذا الاستغلال السيئ لكرامة المرأة وإنسانيتها.
والأغرب أيضاً صمت الدعاة وخطباء المساجد عن هذه الظاهرة والتي يعد السكوت عنها مؤشراً خطيراً لتنازل المجتمع عن أهم خصوصياته في حفظ كرامة المرأة وصونها من العرض التجاري والاستهلاكي على لوحات الشوارع هذه المرأة التي هي نصف المجتمع والتي تربي النصف الآخر.
إن الصور التي تغلب الآن هي صور النساء ، هناك من يقول إنها صور بالحجاب وغير الصور التي تظهر بأوروبا ونحن نقول إن المرأة هي العرض وهي الشرف، نأبى أن تعرض على جدر المحلات واللوحات الإعلانية والآن سياسة الخطوة خطوة للركب في مسلسل عرض تجاري لكرامة المجتمع المتمثل بهذه الإنسانية التي يراد تحويلها إلى سلعة محددة بمواصفات جمالية معينة وسن معين.
كما أن بعض الإعلانات يرسخ بعض السلوكيات الغير مناسبة كالرقص وحركات الوجه وتعبيرات الجسد والعيون مما يخلق بعض القيم غير الملائمة للعادات والتقاليد فتكبر مع الطفل وتصبح جزءا من سلوكه الشخصي بعد ذلك ويتضح ذلك في الإعلانات الخاصة بالسلع الغذائية والمشروبات وكذلك المنظفات والمبيدات .وكذلك الألفاظ التي أصبحت متداولة كلغة دارجة مما يؤثر على حصيلة الطفل اللغوية .
وتسهم الإعلانات في كثير من الأحيان في ترسيخ قيم غريبة على المجتمع ويحدد تأثير الإعلانات في أشكال عدة أولها: التأثير على السلوك الشرائي للطفل فينشأ لديه سلوك يتسم بالإسراف والمبالغة عن طريق غرس ثقافة الاستهلاك في الطفل وليس الإنتاج وتشجيعه على تبديد الموارد الاقتصادية في أشياء غير نافعة .
هل نشتري يوماً مصفاة نضعها على أدمغتنا لحمايتها من الإعلانات وخدعها كما تحمي النظارة الشمسية العين من أشعة الشمس؟
وهل نستطيع أن نسأل: هل نحن بحاجة لهذه السلعة؟ هل نشتري ما نحتاجه فقط وليس ما نشتهيه؟

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد