متى تحكم الحكومة قبضتها على الأمن

2012-06-30 03:18:36 المحرر


في الـ 7 من يونيو الجاري وصل الخبير الاقتصادي السيد مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق إلى صنعاء بعد دعوته ليكون مستشاراً اقتصادياً للحكومة،والاستفادة من خبرته لإنعاش الاقتصاد اليمني، ولم تدم زيارة الخبير الاقتصادي الأشهر الذي استطاع أن يجعل من ماليزيا قبلة اقتصادية طويلاً، فبعد اقل من 24 ساعة غادر صنعاء متبسماً، وقال للحكومة: إن إحداث تنمية حقيقية في اليمن يتطلب من الحكومة التركيز على تحقيق الأمن والاستقرار أولاً حتى تتاح الفرصة للمستثمرين لتنفيذ استثماراتهم وإحداث تنمية اقتصادية في هذا البلد، وشدد مهاتير على ضرورة الاهتمام ببناء الإنسان وتأهيله.. لقد أدرك السيد مهاتير ما لم تستطع الحكومة أن تدركه إلا حال مغادرته مطار صنعاء.
المحرر

الاقتصاد وكماشة الانفلات
خلال الفترة الماضية من 2012 تكبدت اليمن خسائر فادحة جراء اعتداءات طالت أنابيب النفط والغاز في مأرب، حيث تعرضت أنابيب النفط في مأرب إلى قرابة 21 اعتداء تخريبياً، فيما طالت أبراج الكهرباء خلال الفترة نفسها أكثر من 35اعتداء في مأرب ونهم مخلفة الكثير من الأضرار الاقتصادية والإنسانية أيضاً بسبب خروج المحطة الغازية عن الخدمة لتعيش الجمهورية في ظلام دامس.
ويقول وزير النفط هشام شرف في تصريحات صحفية أمس الجمعة إن اليمن يخسر مابين 10 إلى 15 مليون دولار يومياً بسبب توقف صادرات النفط من مأرب.
ولأن اليمن يعتمد كثيراً على النفط كمورد رئيسي لرفد الخزينة العامة بحوالي 88% فقد بلغت الخسارة في 2011والفترة السابقة من 2012 مليار وأكثر من 700 مليون دولار تقريباً بسبب توقف ضخ النفط من مأرب وحضرموت وشبوة، ويعزو اقتصاديون تلك الخسائر إلى الانفلات الأمني في البلد غير المستقر.
ويشير الاقتصاديون إلى أن تلك الخسائر في المورد النفطي ترتب عليه خسائر غير مباشرة جراء ارتفاع أسعار السلع وتوقف أعمال التجار والعديد من المصانع وتوقف الإنتاج.
ويؤكد مراقبون انه ما لم تحكم الحكومة قبضتها على الأمور في البلد وتعيد الأمن والاستقرار إليه فان الاقتصاد الوطني سيظل بين فكي كماشة الانفلات الأمني وانه لن تكون هناك أي بوادر انتعاش للاقتصاد.
وكان الأربعاء الماضي وقف وزير الكهرباء صالح سميع في البرلمان للرد على أسئلة النواب حول قضية الكهرباء التي ما يزال المواطنون يشكون منها حتى اللحظة، كاشفاً عن أن الوزارة تكبدت 39 مليار ريال جراء 35 اعتداء على خطوط وأبراج الكهرباء في الشهور الستة الأخيرة في نهم والجدعان، فيما تعرضت خلال العام الماضي لـ 93 اعتداء تخريبياً.
وكشف سميع عن مديونية تصل إلى 63 مليار ريال، على مسؤولين كبار لوزارة الكهرباء بينهم وزراء ونواب وشخصيات قبلية واجتماعية لم يتم تسديدها حتى اللحظة.

بدائل
اعتماد اليمن على النفط كمصدر رئيسي لرفد ميزانية الدولة جعلها أكثر ضعفاً خلال الفترة السابقة مع ارتفاع وتيرة الانفلات الأمني، ما جعلها أكثر حاجة إلى المساعدات والمنح، ويشير الخبراء الاقتصاديون إلى ضرورة تنشيط قطاعات اقتصادية مختلفة عملت على تجاهلها حكومات متعاقبة في السابق، كالنفط والسياحة والزراعة...الخ.
وتسعى حكومة الوفاق إلى وضع إستراتيجية جديدة للتعاون مع دول الجوار والمنظمات المانحة الإقليمية والدولية بهدف تعزيز اتجاهات الشراكة، حيث تبلغ تكلفة الاحتياجات الطارئة لليمن 10.4بلايين دولار خلال 2012-2013.

قوى العنف التي أجهزت على مدنية عدن..

تزايد المخاوف من انتشار السلاح والجماعات المسلحة بلغت أوجها خلال الأسبوعيين الماضيين حيث حصدت أرواح عشرة أشخاص 9منهم سقطوا وهم يؤدون أعمالهم اليومية، وعدد من المارة والنساء والأطفال في مديرية المنصورة.
ويلقي إنتشار السلاح وبروز جماعات مسلحة بعبء كبير يتهدد مستقبل المحافظة التي عاشت عقوداً طويلة خالية من السلاح.. إذ ظهر بشكل غير مسبوق، شباب ومراهقون يتمنطقون بالأسلحة النارية في عدد من الأحياء الشعبية المحيطة بمحافظة عدن، بشكل متزامن مع انطلاق ثورة الشباب السلمية في فبراير العام الماضي وسط تراخ امني واتهامات لأطراف سياسية في السلطة المحلية بتوزيع السلاح بهدف وأد الثورة في مهدها وإحباط مطالب التغيير، التي عمت أرجاء البلد يأتي في سياق ذلك استهداف وحرق ساحة الحرية بكريتر ومسيرات شبابية خلال الأشهر الماضية ليشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى تبني خيار العنف من قبل بعض القوى.
ومطلع فبراير من العام الجاري كشف مدير أمن عدن اللواء صادق حيد في إجتماع المكتب التنفيذي للمحافظة فقدان دفعتي سلاح خصصت إلى إدارة الأمن خلال عهد سابقيه "قيران"و"غازي احمد علي" محذراً ضمنياً من انهيار أمني بسبب فقدان الكثير من المعدات والأسلحة والأطقم التابعة لإدارته معظمها تم رفد الإدارة بها خلال فعاليات خليجي 20 أواخر العام 2010.
وبحسب مصادر أمنية لــ "أخبار اليوم " فان حقبة مدير الأمن السابق "غازي احمد "علي شهدت إهلاكاً كبيراً للآليات وأطقم الانتشار الأمني، حيث فقدت كثير من الأطقم التي أدت إلى أضعاف قدرات الأمن في المحافظة التي تعاني ضغوطاً مضاعفة مع تزايد النازحين من محافظة أبين بعد أن سلمت لجماعات مسلحة أصبحت تعرف بـــ " أنصار الشريعة".
وذكر مراقب أكاديمي فضل لــ "أخبار اليوم "عدم ذكر نفسه ان حالة الفلتان الأمني خلال العام الماضي 2011 م أدت إلى ظهور مجموعات اتخذت من المناطق الشعبية منطلقاً لها لتنفيذ أعمال بسط على أراض ومتنفسات والبناء عليها، إلى جانب الأزمة الخانقة للبترول والديزل في محطات المحروقات والتي أدت إلى تكوين نواة لحملة سلاح جدد يقومون بتنظيم تزويد السيارات بالوقود في المحطات التي ألزمت بتسعيرة استثنائية في محافظة عدن تحددت بـــ 1500 ريال لدبة البترول على خلاف بقية المحافظات التي تحدد بها سعر البترول بــ 3500 ريال وهو الأمر الذي أدى إلى اتجار غير مشروع وبيع في الأسواق السوداء وتكوين طبقة برجوازية جديدة من المراهقين والشباب الذين عززوا من حضورهم من خلال السلاح لفرض واقع جديد أنتجه الفراغ الأمني بحسب المصدر.
وقال عبد الاله عبد الجبار احد سكان مديرية التواهي إن مجاميع شبابية برزت بشكل مخيف متمنطقة للسلاح بسبب أزمة المحروقات، حيث بدأت لجان في معظم محطات الوقود..وأضاف شراء السلاح من قبل هذه الجماعات عزز من حضورها للقيام بأعمال سطو ونهب لسيارات عامة وخاصة شهدتها المحافظة خلال العام الماضي.
الحيازة الشخصية للسلاح ارتفعت لدى الكثير من الناس بسبب الفلتان الأمني وهو الأمر الذي قوض تاريخاً مدنياً لمدينة عدن التي عرفت على الدوام بأنها مدينة خالية من السلاح، وعلى مدى عام كامل ضبطت السلطات الأمنية أكثر من 150 متهماً بارتكاب جرائم معظمها أعمال تقطع وسطو مسلح واستهداف لنقاط أمنية وعسكرية.
 ولدى زيارة وزير الدفاع محمد ناصر احمد لأمن المحافظة مايو الماضي كشفت إحصائية أوردتها إدارة البحث الجنائي أن عدد الجرائم في محافظة عدن قد ارتفعت خلال العام الحالي بمعدل جريمة قتل في اليوم الواحد وبلغت نحو (54) جريمة قتل خلال شهرين فقط وان أعمال سرقة السيارات بلغت نحو (84) قضية.
ويوجد في محافظة عدن لاعبون سياسيون كثر، دخل إلى خط العنف الحراك المسلح وخلايا تابعة لتنظيم القاعدة وأنصار الشريع، الأخيران نفذا عدداً من الأعمال الانتحارية استهدفت نقاطاً أمنية وعسكرية.
وبرز العنف اللفظي مع انطلاق ثورة الشباب تبنته إحدى فصائل الحراك التي تؤمن بالرأي الواحد دون غيره، حيث دعا أحد الفصائل في الحراك إلى الزحف إلى مدينة عدن لتحريرها ممن تقول إنها قوات احتلال ترجمتها إلى أفعال ملموسة عدد من العناصر التي تبنت خيار الكفاح المسلح.
تحول انتشار السلاح إلى أمر مقلق للسكان في عدن تحديداً في مديريتي المنصورة والمعلا التي قطعت شوارعها الرئيسة على مدى عام قبل أن تصبح وكراً لانتشار الجماعات المسلحة لم يقتصر على الحالة النفسية التي تجرعها الأهالي بسبب لعلعات الرصاص على مدى ساعات اليوم، سيما في ساعات المساء الأخيرة وصل إلى الشعور بالاغتراب للمواطنين في مساكنهم بسبب الخوف وانشطة تلك الجماعات.
الموقف السلبي لقوى محسوبة على الحراك إزاء دخول جماعات مسلحة لمناطق ساحاتها واعتصاماتها أحرج الكثير من القيادات التي تبنت خيار النضال السلمي لرفض الظلم والتهميش منذ العام 2007م فيما استثمرت بعض القوى العنف لتحقيق مكاسب سياسية مع دخول إيران على الخط وتبنيها مساندة فصيل يقوده نائب الرئيس السابق علي سالم البيض الذي يقود احد الفصائل من بيروت تجلى بشكل كبير أثناء عملية الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير لانتخاب الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي تجلى في أماكن متفرقة بمديريات المحافظة من خلال إطلاق الرصاص واستهداف المراكز الانتخابية وإحراق صناديق الاقتراع ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم و عملية تفجير انتحارية في مقر اللجنة الأصلية بمعهد جميل غانم بينت قوى الأمن أن منفذ العملية ينتمي لأحد فصائل الحراك.
يشكل موقع محافظة عدن مركزاً مهماً ومحورياً إتخذته قوى العنف لفرض إراداتها وخياراتها عندما وجدت من شباب كثر بيئة خصبة لتجنيدهم إلى جانب استقدام مجاميع من خارج المحافظة إلى جانب قدوم خلايا نائمة لعناصر أنصار الشريعة مؤخراً مع تلقي الجماعات ضربات موجعة خلال العمليات العسكرية التي نفذها الجيش لتحرير أبين، حيث نفذت القاعدة اخطر عملياتها في استهداف اللواء سالم قطن قائد المنطقة الجنوبية العسكرية بعملية انتحارية في مديرية المنصورة قبل أسبوعين.
قبل أسابيع فتح شارع المنصورة الرئيسي الذي أغلق لأكثر من 15 شهراً و بعد جهود كبيرة بذلتها السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة استمرت قرابة شهرين، غير إن فتح الشارع لم يرق لبعض قوى الشر التي اتهمها القيادي في الحراك ناصر الطويل بأنها وجدت فرصة انتهزتها لتعمل على اغتيال من تريد في حين تلعب بالنار باتجاه الجانبين " الأمن والمدنيين " بأعمال ترتقي إلى جرائم حرب باستهداف الأطفال والنساء والشباب والمدنيين الأبرياء بدم بارد وبطرق القنص- كما أفاد.
وأكد الطويل موقف قوى الحراك السلمي الرافض للعنف وقال في تصريح لــ"أخبار اليوم" إن أحداث المنصورة " جرائم " ينبغي على المجتمع بشكل عام و كل القوى السياسية وقوى الحراك أن يلاحقوا هذه القوى ويتصدوا لها أينما كانت، داعياً السلطة المحلية بالمنصورة إلى تحمل مسئولياتها في تأمين العمارات والوقوف بحزم في مواجهة العناصر المسلحة التي تتسلل إليها والى العمارات التي مازالت هياكل خرسانية، مشدداً على إجراءات رادعة في التعامل مع كل من يتيح مجالاً للفوضى بالتعاون مع المجتمع المحلي وقال يجب أن يقف كافة الأهالي بمسئولية في منع أي مسلح من الصعود إلى أسطح العمارات، واتخاذ الإجراءات الصارمة بحق كل من يساهم في إيواء المسلحين، وشدد في حديثه قائلا "أي مواطن يتحول إلى شريك في جرائم القتل إذ لم يقم بإبلاغ الجهات الأمنية عن المسلحين ".
مازالت تعقيدات الواقع والتراكمات تزيد من ضبابية المشهد مع ضعف دور منظمات المجتمع المدني في المحافظة لرصد ضحايا السلاح والعنف، وبحسب المحامي وحيد سلام من فريق منظمة هود لرصد انتهاكات حقوق الإنسان التي تشكلت مؤخراً بعدن لـــ" أخبار اليوم " حول أحداث المنصورة الأخيرة قوله إن حالة واحدة فقط رصدت في مواجهات بين الأمن ومسلحين في المنصورة، فيما سبع حالات سقطت بنيران أسلحة خارج دائرة المواجهات بين الأمن والمسلحين استهدفت من قبل قوى خفية مسلحة بالمديرية.
وأعرب سلام عن قلقه من تزايد الاعتداءات العنصرية ضد مدنيين، مشيراً إلى رصد حالات تم عرضها على الممثل السامي الإقليمي لمفوضية حقوق الإنسان خلال زيارته لعدن.
وقال انه من بين الحالات التي رصدناها اغتصاب لشاب ينتمي لمحافظة تعز من قبل جماعة مسلحة واستهداف عنصري من خلال حرق بقالة في خور مكسر قبل أسبوع.


نائب مدير أمن عدن: كل الجرائم التي حدثت دخيلة على المجتمع العدني


قال نائب مدير أمن عدن العميد نجيب مغلس إن هناك الكثير من القضايا أصبحت ظواهر كانتشار المسلحين داخل المدينة، لكنه لم يعطي توضيحات أكثر بشان ذلك, مكتفيا في تصريحه للصحيفة أن إدارة الأمن تقوم باتخاذ الإجراءات الأمنية إزاء كل قضية في نطاق الواقع، مشيرا إلى أن هناك جرائم حدثت تصل إلى مرتبة الخطر العام.
وأكد مغلس لـ"أخبار اليوم" حدوث جرائم ذات طابع عنصري تستهدف السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، كاستهداف أبناء المحافظات الشمالية.
وعن الأسلحة وواجبات الأمن في حفظ الأمن بالمدينة ومواجهة العناصر المسلحة التي انتشرت قال انه تم ضبط كميات كبيرة من السلاح خلال عام من الأحداث التي شهدتها اليمن في محافظة عدن من جهات مختلفة وضبط عناصر مسلحة وأخرى تتبع أنصار الشريعة والقاعدة.
وأكد مغلس أن الأحداث الأخيرة ارتفعت فيها نسبة الجريمة والجريمة المنظمة في استهداف الأمن وأخرى تستهدف السلم الاجتماعي وكل الجرائم التي حدثت دخيلة على المجتمع العدني ولازال الأمل قائماً لإيجاد صحوة اجتماعية لدى أولياء الأمور والعقلاء.
وقال هناك مظاهر حصلت أيضا مؤخرا لم تشهدها عدن واجدها فرصة لنهيب بالآباء التعاون لإنهائها لأنها لا تمت للمجتمع العدني بصلة وذلك للوقوف من اجل ضبط العملية الامتحانية في مراكز الامتحانات، داعيا الجميع إلى إبلاغ الجهات الأمنية عن أي مظاهر مسلحة أو مشبوهة تستهدف الأمن والسلم الاجتماعي. 

ارتفاع أعداد ضحايا الانفلات الأمني إلى 50 ضحية خلال الأيام القليلة و38مصاباً، وفقاً لتقارير أمنية سجلت نسبة ضحايا لحوادث القتل وإطلاق النار أعلى نسبة فيها.
كما سجلت الأجهزة الأمنية في بعض محافظات الجمهورية وأمانة العامة حالات عدة لاختطافات ومحاولات تهريب سجناء، وكذلك إصابات مما يشير إلى تفاقم الوضع الأمني في البلد وجعله غامضاً دون وضوح

الانفلات الأمني.. مشكلة بحاجة لثورة جريئة

سيناريوهات الانفلات الأمني يعود من جديد ليلقي بغموضه على الساحة اليمنية معرضاً النظام الديمقراطي للخطر ـ ما لم تتحرك الحكومة لإصلاح هذا القطاع الهام.
تقارير دولية لهيئات عاملة في اليمن ترسم صورة قاتمة عن الأوضاع الراهنة في هذا البلد، مسلسل يكاد يتشابه في سيناريوهاته مع مسلسلات مرت القرن الماضي حيث تم تصفية قادة سياسيين بارزين أمثال الرئيس الشهيد/ إبراهيم الحمدي وآخرين بعد وقبل الوحدة، لكن استمرارها في الساحة اليمنية حتى الآن يؤكد ضعف قطاع الأمن، يجب على الحكومة الجديدة أن تتحرك على وجه السرعة من أجل إصلاحه ومحاسبة من قاموا بجرائم الماضي في الأمس القريب.
منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة حقوق الإنسان ومقرها نيويورك قالت: إن انتقال اليمن نحو نظام ديمقراطي معرض للخطر ما لم تتحرك الحكومة من أجل إصلاح قطاع الأمن وفرض المحاسبة على جرائم الماضي، الأمر الذي ألمح حوله مهاتير محمد لدى زيارته الأخيرة للبلد عندما سُئل كيف سيخرج اليمن من فقرها إلى تنمية شاملة.
فالاستقرار الأمني أساس كل تنمية في أي بلد.. فلا استثمار بلا أمن ولا تطور اقتصادي بلا علم. حقاً فالبلد ما تزال مقسمة إلى قطاعات تتنازعها أطراف من الجيش الذي حتى الآن لم يتم توحيده وهيكلته للقيام بدوره المطلوب، وأطراف أخرى شبه عسكرية تدعى حماية المصالح الوطنية ومكاسب الثورة الشعبية، وقوات قبلية شكلت لحماية مواطنيها وأخرى نذرت نفسها لمجابهة تدخل الحكومة لاستعادة فرض السيطرة على مناطق كانت قد خرجت على حين غرة من الأحداث التي مرت بها بلادنا مؤخراً.
فجهاز الأمن في بلادنا ما تزال تلك المنظمات والهيئات الدولية تصفه بجهاز قمعي خاصاً بـالرئيس السابق حتى الآن.
حيث تقول المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "سارة لياويتسن" أنه "بينما اتخذت الحكومة اليمنية الجديدة عدة خطوات واعدة، فإن ما وصفته ويتسن بجهاز الأمن القمعي الخاص بالرئيس السابق "صالح" مازال كما هو إلى حد بعيد.
وقالت لقد "أكد قادة مدنيون على أنهم لا يمكنهم التقدم على مسار المحاسبة وإصلاح أجهزة الأمن طالما صالح مستمراً وموجوداً في اليمن.
فمنذ انتخاب "هادي" رئيساً جديداً للبلد، لم يتحقق الكثير من بنود مبادرة الخليج خصوصاً فيما يتعلق بفرض الرئيس هيمنته الكاملة لإنقاذ اليمن من الانفلات الأمني الحاصل الآن، فما تزال العاصمة ومدن أخرى كثيرة تشهد ظهور عشرات المسلحين القبليين، الأمر الذي ينذر بخطر وقلق السكان يضاعف من معاناتهم المعيشية التي يريدون الخلاص منها.
إلى ذلك فلا يكاد يمر أسبوع أو أقل يهنأ فيه اليمنيون بعودة الكهرباء حتى تتعرض خطوط نقل الكهرباء لعملية تخريبية أخرى، أمر تلمسه في كل مكان وسط عيون المواطنين الذين ما يزالون متخوفين من أن الوضع سينفجر بأي لحظة.
هذا الجمود يلقي بظلاله الكئيبة على حالة السكان المعيشية، وأصبح هناك يأس مرافقاً للمواطن اليمني العادي حسب أراء خبراء اقتصاد في البلد.
حيث اعتبروا أن تنامي ظاهرة السطو المسلح والنهب والسلب للأراضي في العاصمة صنعاء وبعض عواصم المحافظات التي تشهدها هي الأخرى نتيجة استمرار الانفلات الأمني ـ مما أثار مخاوف مستثمرين محليين حال دون توفير بيئة استثمارية آمنة.
فعلى مدى الأيام القليلة الماضية تنامت تلك الأعمال المخلة بالأمن والاستقرار واستهدفت مواطنين في أمانة العاصمة وعدن وعمران وتعز.. ففي العاصمة أقدمت عصابة مسلحة في شارع 45 وسط العاصمة الأسبوع الماضي على مهاجمة عامل تسويق في شركة التبغ والكبريت ـ ونهبت ما يزيد عن مليون ونصف ريال كانت بحوزته وقتلته بعد تعرضه للضرب المبرح من تلك العصابة ونهب سيارته ومحتوياتها لتفيد المصادر بعد ذلك بأنه تم العثور على السيارة بعد ساعات من الجريمة في شميلة إلا أن العصابة ما تزال حرة طليقة.
أيضاً في ذات السياق في عمران أقدم شيخ قبلي ومعه مسلحون قبليون في منطقة حوث بعمران الأسبوع الماضي على اعتراض سيارة الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أ. حميد عاصم والوفد المرافق له لعملية تقطع ونهب وسلب السيارة التابعة له بقوة السلاح، الأمر الذي جعله يحمل السلطات الأمنية والجهات المختصة المسؤولية لما تعرض له في وضح النهار وفي الطريق العام الذي يربط صعده بمحافظة صنعاء.
أما في عدن التي شهدت اضطرابات أمنية في الآونة الأخيرة حيث أقدمت مجموعة مسلحة الأسبوع الماضي صباح الاثنين بمحاولة السطو على مبلغ 300 مليون ريال من أحد بنوك المحافظة واشتبكوا مع أحد حراسته أثناء ما كان موظفو البنك يستعدون لنقل المبلغ ما أدى إلى إصابة الحارس بطلق ناري في الرجل اليمنى، وفرارهم عقب وصول حملة أمنية.
وفي نفس السياق ارتفعت حالات خطف حقائب النساء في شوارع العاصمة في الآونة الأخيرة من قبل مجموعات تستقل دراجات نارية، وكان آخرها ما تعرضت له الدكتورة/ إيمان العمري الثلاثاء الماضي أثناء عودتها من عملها مما تسبب لها في كسور في اليد وإصابتها في الرأس بعد أن لاذوا بالفرار بحقيبتها.
كل هذه الظواهر تنامت مؤخراً إلى مستوى مخيف في ظل انفلات أمني ينذر بالخطر.
كذلك وما سبقها من سيناريوهات لاغتيالات لازالت يلفها الغموض كاغتيال قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء/ سالم قطن الشخصية المحورية في خطط إعادة هيكلة الجيش وتوحيده.
في عملية انتحارية تبنتها القاعدة والتي ماتزال تتوعد للقيام بعمليات مماثلة تستهدف مسئولين يمنيين بارزين خلال الأيام القادمة.
وقبلها كان البلد على موعد انفجار هز المكلا قتل فيه مدير مركز منطقة روكب العميد أحمد الحرملي في عمليات اغتيالات نفذت بدقة متناهية وسط اختلالات أمنية تحتاج لتضافر الجهود سريعة لإصلاحها.
هذه الاغتيالات وصلت حتى إلى محافظة تعز التي لا تعد بيئة خصبة لتواجد القاعدة فيها، لكنها لم تكن استثنائية حيث كان المدرس الأميركي جول شرم الذي كان يعمل نائباً لمدير المركز السويدي للغات أول ضحايا الاغتيالات لتنظيم القاعدة فيها في مارس الماضي.
وبعدها بشهر وبنفس طريقة اغتيال جول تم اغتيال العقيد في الأمن السياسي "إسماعيل باعلوي" مما يدل على عودة وتكرار سيناريوهات قديمة تتمثل في اغتيالات طالت الكثير من القادة والضباط والمواطنين خلال الفترة الماضية.
وكذلك تكرار هروب السجناء من السجون كهروب خمسة سجناء من سجن الأمن السياسي في الحديدة وقبلها بيومين هروب سبعة سجناء من سجن المنصورة بعدن وقبلها بشهر فرّ ثلاثة عشر شخصاً من نفس السجن وأغلب هؤلاء الفارين يقال من عناصر القاعدة.
كل هذه المؤشرات الخطرة ولم نسمع عن لجنة تحقيق وإن شكلت فيها لجان لم نسمع تقاريرها، فيجب أن يعلم المواطن عن نتائج هذه التحقيقات، لأن كشف هذه الجرائم وكشف أبعادها تهم كل اليمنيين مواطنين ومسؤولين، خاصة بعد أربعة أشهر من تغيير قيادة هذا البلد، والمواطن يرغب في مساهمته بدعم سلطة الرئيس الجديد بعد أن كانت محصورة في السابق بشخصه ومعاونيه فقط، وبرغم التعيينات والتعزيزات التي وجهها فخامة الرئيس "هادي" مؤخراً، والتي أتت متباطئة بعض الشيء لم يستوعبها المواطن لما فيها من تكرار لبعض القيادات الأمنية القديمة التي أثبتت فشلها مسبقاً ونقلها إلى أماكن أخرى في البلد وكان بنية هذه الأجهزة الأمنية لم تنتج إلا هؤلاء القادة التي لن يستقيم هيكلتها إلا إذا بقى هذا الفرد جزاءً من قيادتها العليا.
مع ما قام به الرئيس "هادي" خلال الأشهر الفائتة من قرارات قطع بها شوطاً لا بأس به أظهرت قدراً كبيراً من الاتزان وبدت مستوعبة إلى حد كبير معايير المصلحة الوطنية للبلد، إلا أنه بحاجة إلى إحداث ثورة في أجهزتها الأمنية حتى تعيد انتظامها لإنجاز مهام مرحلته الانتقالية، في تغيير يخرج هذه الأجهزة من حالة الفشل والشلل الذي يرى علاماتها المواطن في عمليات إرهابية مروعة، وعجز أمني عن تفادي وقوعها، وكذلك فشله في كشف ملابساتها بعد وقوعها خصوصاً بعد أن أدى الجيش مهمته بنجاح، وخاض معركته على الأرض.
لينقل الكرة إلى ملعب الأجهزة الأمنية وأصبحت المرحلة أمنية بكل المقاييس، فإذا بقيت هذه المؤسسات الأمنية في وضعها الحالي لا نستبعد نحن المواطنين عودة الإرهاب للسيطرة على مدن بلادنا وممارسة عملياتهم التي غدت كابوساً مقلقاً وخطراً محدقاً يعصف بالمواطن والوطن ولن يتعافى هذا الوطن ما دام هناك انفلات أمني شل أجهزته ليغتال رواد بنائه.
وتبقى مؤسسات البلد عائمة وغامضة دون وضوح.
فكما يقال وفقاً لخبراء بأن خسائر بلادنا في قطاع السياحة فقط كبد البلد والمواطن خسائر فادحة جراء الانفلات الأمني وحرم 80 ألف يمني من أداء العمرة، وتوقفت 1640 فيزا عمل وتوقع مراقبون محليون انخفاض عوائد السياحة لعدة أعوام قادمة، واقتصاد بلادنا متعثر وفي حاجة ماسة لعوائد السياحة والتي تأثرت لعدم تأمين شبكة المواصلات الرابطة فيما بين المحافظات اليمنية.
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد