رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الحلقة الثلاثون)

2012-08-27 23:49:00 أخبار اليوم/ خاص


د ـ الإسلام والصحة العامة
ولما كانت الأمم الناهضة في حاجة إلى هذه الجندية الفاضلة , وكان قوام هذه الجندية صحة الأبدان وقوة الأجسام , فقد أشار القرآن إلى هذا المعنى في بيان قصة أمة مجاهدة تحفزت للنهوض بعبء النضال في سبيل حريتها واستقلالها وتكوين نفسها , فاختار الله لها زعيما قوي الفكر وقوي الخلق , وجعل من أركان نهوضه بعبئه قوة بدنه , فذلك ما حكاه القرآن الكريم عن بني إسرائيل في تزكيته طالوت : (قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) (البقرة:247) .
ولقد شرح رسول الله هذا المعنى في كثير من أحاديثه , وحث المؤمنين على المحافظة على قوة أبدانهم , كما حثهم على قوة أرواحهم , فالحديث الصحيح يقول : (المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف) ويقول (إن لبدنك عليك حقا) . ولقد بين رسول الله للأمة كثيرا من قواعد الصحة العامة وبخاصة في علم الوقاية , وهو أفضل شطري الطب فقوله صلى الله عليه وسلم : (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) وتحريه فيما يشرب من ماء , وفي الحديث : (كان يستعذب الماء) , ونهيه عن البول والتبرز في المياه الراكدة , وإعلانه الحجر الصحي على البلد المطعون وأهله , فلا يتركونه ولا ينزله غيرهم , وتحذيره من العدوى وطلب الفرار من المجذوم , وأخيرا عنايته بكثير من فروع رياضة البدن كالرمي والسباحة والفروسية والعدو , وحث أمته عليها وعلى العناية بها حتى جاء في الحديث : (من تعلم الرمي ثم نسيه فليس مني) , ونهيه نهيا مشددا عن التبتل والترهب وتعذيب الجسوم وإضوائها تقربا إلى الله تبارك وتعالى , وإرشاد الأمة إلى جانب الاعتدال في ذلك كله , كل هذا ينطق بعناية الإسلام البالغة بصحة الأمة العامة وتشديده في المحافظة عليها وإفساح صدره لكل ما فيه خيرها وسعادتها من هذا الجنب الهام.
هـ ـ الإسلام والعلم
وكما تحتاج الأمم إلى القوة تحتاج كذلك إلى العلم الذي يؤازر هذه القوة ويوجهها أفضل توجيه ، ويمدها بما تحتاج إليه من مخترعات ومكتشفات ، والإسلام لا يأبى العلم ، بل يجعله فريضة من فرائضه كالقوة ويناصره ، وحسبك أن أول آية نزلت من كتاب الله تعالى :
 (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ , خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ , اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ , الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ , عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق:1-5)
وأن رسول الله قد جعل من فداء المشركين في بدر أن يعلم أحدهم من الأسرى عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة ,عملا على محو الأمية , ولم يسو الله بين العلماء وبين الجاهلين , فقال تبارك وتعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) (الزمر:9) , وقد وزن الإسلام مداد العلماء بدم الشهداء , ولازم القرآن بين العلم والقوة في الآيتين الكريمتين : (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:122-123) .
ولم يفرق القرآن بين علم الدنيا وعلم الدين ، بل أوصى بهما جميعاَ ، وجمع علوم الكون في آية واحدة ، وحث عليها وجعل العلم بها سبيل خشيته وطريق معرفته ، فذلك قول الله تعالى :
 (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وفي ذلك إشارة إلى الهيئة والفلك وارتباط السماء بالأرض , ثم قال تعالى: (فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا) وفي ذلك الإشارة إلى علم النبات وغرائبه وعجائبه وكيميائه , (وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ) وفي ذلك الإشارة إلى علم الجيولوجيا وطبقات الأرض وادوارها وأطوارها , (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ) وفيها الإشارة إلى علم البيولوجيا والحيوان بأقسامه من إنسان وحشرات وبهائم   فهل ترى هذه الآية غادرت شيئا من علوم الكون ؟ ثم يردف ذلك كله بقوله تعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر:27-28) .
أفلست ترى من هذا التركيب العجيب أن الله يأمر الناس بدراسة الكون ويحضهم على ذلك , ويجعل العارفين منهم بدقائقه وأسراره هم أهل معرفته وخشيته ؟
اللهم فقه المسلمين في دينهم .
و ـ الإسلام والخلق
والأمة الناهضة أحوج ما تكون إلى الخلق .. الخلق الفاضل القوي المتين والنفس الكبيرة العالية الطموحة ، إذ أنها ستواجه من مطالب العصر الجديد مالا تستطيع الوصول إليه إلا بالأخلاق القوية الصادقة النابعة من الإيمان العميق والثبات الراسخ والتضحية الكثيرة والاحتمال البالغ , وإنما يصوغ هذه النفس الكاملة الإسلام وحده ، هو الذي جعل صلاح النفس و تزكيتها أساس الفلاح ، فقال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:9-10) .
وجعل تغيير شئون الأمم وقفا على تغير أخلاقها وصلاح نفوسها فقال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11) .
وإنك لتسمع الآيات البالغة في مفردات الأخلاق الكريمة فتراها القوة التي لا تغالب في إصلاح النفوس وإعدادها وتزكيتها وتصفيتها , مثل قوله تعالى في الوفاء : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً , لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) (الأحزاب:23-24) .
وفي البذل والتضحية والصبر والاحتمال ومغالبة الشدائد : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة:120-121) .
وليس كالإسلام عاملا على إيقاظ الضمير وإحياء الشعور وإقامة رقيب على النفس وذلك خير الرقباء ، وبغيره لا ينتظم قانون ما إلى أعماق السرائر وخفيات الأمور
ز ـ الإسلام والاقتصاد
والأمة الناهضة أحوج ما تكون إلى تنظيم شؤونها الاقتصادية , وهي أهم الشؤون في هذه العصور , ولم يغفل الإسلام هذه الناحية بل وضع كلياتها ولم يقف أمام استكمال أمرها , وها أنت ذا تسمع قول الله تبارك وتعالى في المحافظة على المال وبيان قيمته ووجوب الاهتمام به : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء:5) .
ويقول في موازنة الإنفاق والدخل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) (الإسراء:29) .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما عال من اقتصد) وهو كما يصدق في الفرد يصدق في الأمة مع قوله صلى الله عليه وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) , وأي نظام اقتصادي فاضل يرحب به الإسلام ويدعو الأمة إلى تشجيعه ولا يقف أبدا في سبيله , والفقه الإسلامي مملوء بأحكام المعاملات المالية , وقد فصلها تفصيلا لا يدع زيادة لمستزيد .
وبعد فإن الأمة إذا توفرت لها هذه الدعائم من الأمل والوطنية والعلم والقوة والصحة والاقتصاد فهي بلا شك أقوى الأمم والمستقبل لها , ولا سيما إذا أضيف إلى ذلك أنها قد طهرت من الأثرة والعدوان والأنانية والطغيان , وأصبحت تتمنى الخير للعالم كله , وإن الإسلام قد كفل ذلك فلا حجة لأمة تريد النهوض في النكول عنه والعدول عن طريقه.
ح ـ نظم الإسلام العامة
هذه ناحية من نواحي الجمال في بعض النظم الإسلامية وهي النظم الخاصة بنهضة الأمم , على اعتبار أننا نستقبل عهد النهضة , أما كل نواحي الجمال في كل النظم الإسلامية فذك ما يحتاج إلى مجلدات ضخام وبحوث واسعة مترامية الأطراف , وحسبنا أن نقول كلمة مجملة كل الإجمال وهي : إن نظم الإسلام فيما يتعلق بالفرد أو الأسرة أو الأمة حكومتها وشعبها , أو صلة الأمم بعضها ببعض , نظم الإسلام في ذلك كله قد جمعت بين الاستيعاب والدقة وإيثار المصلحة وإيضاحها , وإنها أكمل وأنفع ما عرف الناس من النظم قديما أو حديثا . هذا حكم يؤيده لتاريخ ويثبته البحث الدقيق في كل مظاهر حياة الأمة .
ولقد كان هذا الحكم يشهد به كل منصف , وكلما تغلغل الباحثون في بحوثهم كشفوا من نواحي الجمال في هذه النظم الخالدة ما لم يكن قد خطر ببال سلفهم , وصدق الله القائل :
 (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53) .
موقف الإسلام من الأقليات والأجانب
يا صاحب ...
يظن الناس أن التمسك بالإسلام وجعله أساساً لنظام الحياة ينافي وجود أقليات غير مسلمة في الأمة المسلمة ، وينافي الوحدة بين عناصر الأمة ، وهي دعامة قوية من دعائم النهوض في هذا العصر ، ولكن الحق غير ذلك تماماً ، فإن الإسلام الذي وضعه الحكيم الخبير الذي يعلم ماضي الأمم وحاضرها ومستقبلها قد احتاط لتلك العقبة وذللها من قبل ، فلم يصدر دستوره المقدس الحكيم إلا وقد اشتمل على النص الصريح الذي لا يحتمل لبساً ولا غموضاً في حماية الأقليات ، وهل يريد الناس أصرح من هذا النص:
 (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8) .
فهذا نص لم يشتمل على الحماية فقط، بل أوصى بالبر والإحسان إليهم ، وأن الإسلام الذي قدّس الوحدة الإنسانية العامة في قوله تعالى:
 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات:13) .
ثم قدس الوحدة الدينية العامة كذلك فقضى على التعصب وفرض على أبنائه الإيمان بالرسالات السماوية جميعا في قوله :
 (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ , فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ , صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (البقرة:136-138) .
ثم قدس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة في غير صلف ولا عدوان فقال تبارك وتعالى :
 (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10) .
هذا الإسلام الذي بني على هذا المزاج المعتدل والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سببا في تمزيق وحدة متصلة , بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط .
وقد حدد الإسلام تحديدا دقيقا من يحق لنا أن نناوئهم ونقاطعهم ولا نتصل بهم فقال تعالى بعد الآية السابقة :
 (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:9) .
وليس في الدنيا منصف واحد يكره أمة من الأمم على ترضى بهذا الصنف دخيلا فيها وفسادا كبيرا بين أبنائها ونقضا لنظام شؤونها .
ذلك موقف الإسلام من الأقليات غير مسلمة , واضح لا غموض فيه ولا ظلم معه , وموقفه من الأجانب موقف سلم ورفق ما استقاموا وأخلصوا , فإن فسدت ضمائرهم وكثرت جرائمهم فقد حدد القرآن موقفنا منهم بقوله :
 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ , هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ) (آل عمران:118-119) .
وبذلك يكون الإسلام قد عالج هذه النواحي جميعا أدق العلاج وأنجحه وأصفاه .
موقف الإسلام من العلاقة مع الغرب
وقد يظن الناس كذلك أن نظم الإسلام في حياتنا الجديدة تباعد بيننا وبين الدول الغربية ، وتعكر صفو العلائق السياسية بيننا وبينها بعد أن كادت تستقر ، وهو أيضاً ظن عريق في الوهم ، فإن هذه الدول إن كانت تسيء بنا الظنون فهي لا ترضى عنا سواء تبعنا الإسلام أم غيره ، وإن كانت صادقتنا بإخلاص وتبودلت الثقة بينها وبيننا فقد صرح خطباؤها وساستها بأن كل دولة حرة في النظام الذي تسلكه في داخل أرضها ، مادام لا يمس حقوق الآخرين فعلى ساسة هذه الدول جميعاً : أن يفهموا أن شرف الإسلام الدولي هو أقدس شرف عرفه التاريخ ، وأن القواعد التي وضعها الإسلام الدولي لصيانة هذا الشرف وحفظه أرسخ القواعد وأثبتها.
فالإسلام الذي يقول في المحافظة على التعهدات وأداء الالتزامات: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الاسراء:34) ، ويقول: (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:4) , ويقول: (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) (التوبة:7) ، ويقول في إكرام اللاجئين وحسن جوار المستجير: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (التوبة:6) ، وهذا بالمشركين فكيف بالكتابيين؟
فالإسلام الذي يضع هذه القواعد ويسلك بأتباعه هذه الأساليب: يجب أن يعتبره الغربيون ضمانة أخرى ، تضمن لهم . نقول إنه من خير أوربا نفسها أن تسودها النظريات السديدة في معاملات دولها بعضها لبعض، فذلك خير لهم وأبقى .
أصول النهضة في الشرق غير الغرب
يا صاحب ...
من الأسباب التي دعت بعض الأمم الشرقية إلى الانحراف عن الإسلام واختيار تقليد الغرب دراسة قادتها للنهضة واقتناعهم بأنها لم تقم إلا على تحطيم الدين وهدم الكنائس , والتخلص من سلطة البابوية وإلجام القساوسة ورجال الكهنوت , والقضاء على كل مظاهر السلطة الدينية في الأمة , وفصل الدين عن سياسة الدولة العامة فصلا تاما , وذلك إن صح في الأمم الغربية فلا يصح أبدا بالأمم الإسلامية , لأن طبيعة التعاليم الإسلامية غير طبيعة تعاليم أي دين آخر , وسلطة رجال الدين المسلمين محصورة محدودة لا تملك تغيير الأوضاع ولا قلب النظم , مما جعل القواعد الأساسية في الإسلام على مر القرون, تساير العصور وتدعو إلى الرقي و تعضد العلم وتحمي العلماء , فما كان هناك لا يصح أن يكون هنا , وتلك بحوث واسعة وضعت فيها الكتب الكثيرة , ومهمتنا الآن أن نلم بالموضوع إلمامة قصيرة من باب التذكرة والقضاء على الشبهات , ونحن على يقين من أن كل منصف معنا في هذه القاعدة , وعلى ذلك فلا يجوز أبدا أن يكون هذا الشعور رائدنا في نهضتنا الجديدة , التي يجب أن ترتكز أول ما ترتكز على دعائم قوية من الخلق الفاضل والعلم الغزير والقوة السابغة , وهو ما يأمر به الإسلام .


رجال الدين غير الدين
ومن المبررات التي اتخذها بعض الذين سلكوا سبيل الغربيين , أنهم أخذوا يشهرون بمسلك رجال الدين المسلمين من حيث موقفهم المناوئ للنهضة الوطنية , وتجنيهم على الوطنيين وممالأتهم للغاصبين وإيثارهم المنافع الخاصة والمطامع الدنيوية على مصلحة البلد والأمة , وذلك إن صح فهو ضعف من رجال الدين أنفسهم لا في الدين ذاته , وهل يأمر الدين بهذا؟ , وهل يمليه سيرة الأجلاء الأفاضل من علماء الأمة الإسلامية الذين كانوا يقتحمون على الملوك والأمراء أبوابهم وسدودهم , فيقرعونهم ويأمرونهم وينهونهم ويرفضون أعطياتهم ويبيّنون لهم الحق ويتقدمون إليهم بمطالب الأمة , بل ويحملون السلاح في وجوه الجور والظلم , وما نسي التاريخ بعد كتيبة الفقهاء في صف ابن الأشعث في شرق الدولة الإسلامية , ولا ثورة القاضي بن يحيى الليثي المالكي في غربها .
هذه تعاليم الدين وهذا ماضي رجاله من فقهاء المسلمين فهل فيه شيء من هذا الذي يزعمون؟ وهل من الإنصاف أن يتحمل الدين تبعة رجال انحرفوا عنه؟
وعلى هذه المزاعم إن صحت في قوم فليست صحيحة للجميع , وإن وقعت لظرف خاص فليست تسار كل الظروف, وهذا تاريخ النهضات الحديثة في الشرق حافل بمواقف رجال الدين المسلمين في كل أمة من الأمم , وما موقف الأزهر في مصر والمجلس الأعلى في سوريا الجنوبية (فلسطين) وسوريا الشمالية (لبنان) ومولانا أبي الكلام وإخوانه من جلة العلماء الهند وزعماء المسلمين في إندونيسيا بمنسي ولا ببعيد , فتلك إذاً مزاعم يجب ألا تتخذ ذريعة لتحويل الأمة عن دينها باسم الوطنية المجردة , أو ليس الأنفع للأمة أن تصلح رجال الدين وتصطلح عليهم بدلا من أن تقف منهم الموقف المبيد .
على إن هذه التعبيرات التي سرت إلينا تقليدا ومنها (رجال الدين) لا تنطبق ولا تتفق مع عرفنا , فإنها إن كانت مع الغرب خاصة (بالأكليروس) , فأنها في العرف الإسلامي تشمل كل مسلم , فالمسلمون جميعا من أصغرهم لأكبرهم رجال دين .
خطوة جريئة ولكنها موفقة
يا صاحب ...
بعد كل ما تقدم لا عذر لنا إن جانبنا طريق الحق : طريق الإسلام , واتبعنا طريق الشهوات والزخارف : طرق أوربا , وفي طريق أوربا زينة وبهرج , وفيه لذائذ وترف , وفيه تحلل وإباحية , وفيه ما تهوى الأنفس من متعة , وكل ذلك إلى النفس حبيب وقد قال تعالى :
 (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (آل عمران:14) .
ولكن طريق الإسلام عزة ومنعة , وحق وقوة , وبركة واستقامة , وثبات وفضيلة ونبل , فاسلكوها بالأمة وفقكم الله :
 (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران:15) .
وإنما أهلك الأمم الترف , وإنما زلزلت أوربا المتع والمطامع :
 (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الاسراء:16) .
وإن الله تعالى قد أرسل رسوله رحمة للعالمين إلى يوم القيامة , وبعث معه كتابه الحق نورا وهدى إلى يوم القيامة , وإن زعامة الرسول صلى الله عليه وسلم باقية بسنته , وإن سلطان القرآن قوي بحجته , وإن الإنسانية صائرة إليهما لا محالة بعز عزيز أو بذل ذليل من قريب أو من بعيد حتى يتحقق قول الله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (الفتح:28) .
فكونوا أول من يتقدم باسم رسول الله بقارورة الدواء من طب القرآن لاستنقاذ العالم المعذب المريض .
إنها خطوة جريئة ولكنها موفقة إن شاء الله تعالى والله غالب على أمره : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ , بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم:4-5)
بعض خطوات الإصلاح العملي
يا صاحب ...
بعدما وضحنا ما يجب أن يسود الأمة في نهضتها الجديدة من شعور روحي , نحب أن نعرض ختاما لبعض هذه المظاهر والآثار العملية التي يجب أن يمليها هذا الشعور , وسنذكر هنا رؤوس موضوعات فقط ونحن نعلم تمام أن كل مطلب من هذه المطالب يحتاج إلى بحث فسيح واسع دقيق تتوافر فيه جهود الأخصائيين وكفايتهم , كما أننا نعلم أننا لم نستقص بعد كل حاجيات الأمة ومطالبها ومظاهر النهضة جميعا , ولسنا نعتقد أن تحقيق هذه المطالب من الهنات الهينات بحيث يتم في عشية أو ضحاها , كما أننا نعلم أن كثيرا منها أمامه من العقبات المتشعبة ما يحتاج إلى طول الأناة وعظيم الحكمة وماضي العزيمة , كل ذلك نعلمه ونقدره , ونعلم إلى جانبه أنه إذا صدق العزم وضح السبيل , وان الأمة القوية الإرادة إذا أخذت في سبيل الخير فهي لا بد واصلة إلى ما تريد إن شاء الله تعالى , فلتتوجهوا والله معكم , أما رؤوس مناحي الإصلاح المرتكز على الروح الإسلامي الصحيح فهي :
أولا : في الناحية السياسية والقضائية والإدارية :
1 – القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية في وجهة واحدة وصفّ واحد .
2 – إصلاح القانون حتى يتفق مع التشريع الإسلامي في كل فروعه .
3 – تقوية الجيش والإكثار من فرق الشباب وإلهاب حماستها على أسس من الجهاد الإسلامي.
4 – تقوية الروابط بين الأقطار الإسلامية جميعا , وبخاصة العربية منها تمهيدا للتفكير الجدي العملي في شأن الخلافة الضائعة.
5 – بث الروح الإسلامي في دواوين الحكومة بحيث يشعر الموظفون جميعا بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام .
6 – مراقبة سلوك الموظفين الشخصي وعدم الفصل بين الناحية الشخصية والناحية العملية .
7 – تقديم مواعيد العمل في الدواوين صيفا وشتاء حتى يعين ذلك على الفرائض ويقضي على السهر الكثير .
8 – القضاء على الرشوة والمحسوبية والاعتماد على الكفاية والمسوغات القانونية فقط.
9 – أن توزن كل أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلامية , فتكون نظم الحفلات والدعوات والاجتماعات الرسمية والسجون والمستشفيات بحيث لا تصطدم بقاعدة بتعاليم الإسلام , وتكون الدوريات في الأعمال على تقسيم لا يتضارب مع أوقات الصلاة.
10 – استخدام الأزهريين في الوظائف العسكرية والإدارية وتدريبهم.
ثانيا : في الناحية الاجتماعية والعلمية :
1 - تعويد الشعب احترام الآداب العامة , ووضع إرشادات معززة بحماية القانون في ذلك الشأن , وتشديد العقوبات على الجرائم الأدبية .
2 - علاج قضية المرأة علاجا يجمع بين الرقى بها والمحافظة عليها وفق تعاليم الإسلام ، حتى لا تترك هذه القضية التي هي أهم قضايا الاجتماع تحت رحمة الأقلام والآراء الشاذة من المفرطين والمفرطين.
3 - القضاء على البغاء , بنوعيه السري والعلني , واعتبار الزنا مهما كانت ظروفه جريمة منكرة يجلد فاعلها .
4 - القضاء على القمار بكل أنواعه من ألعاب ويناصيب ومسابقات وأندية .
5 - محاربة الخمر كما تحارب المخدرات , وتحرمها وتخليص الأمة من شرورها .
6 - مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون , والتشديد في ذلك بخاصة على المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن في حكمهن .
7 – إعادة النظر في مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها وبين مناهج تعليم الصبيان في كثير من مراحل التعليم .
8 – منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات , واعتبار خلوة أي رجل بامرأة لا تحل له جريمة يؤاخذان بها .
9 - تشجيع الزواج و النسل بكل الوسائل المؤدية إلى ذلك , ووضع تشريع يحمي الأسرة ويحض عليها ويحل مشكلة الزواج .
10 - إغلاق الصالات والمراقص الخليعة وتحريم الرقص وما إلى ذلك .
11 - مراقبة دور التمثيل وأفلام السينما والتشديد في اختيار الروايات والأشرطة .
12 - تهذيب الأغاني واختيارها ومراقبتها والتشديد في ذلك .
13 - حسن اختيار ما يذاع أو يعرض على الأمة من برامج ومحاضرات وأغاني وموضوعات واستخدام الإذاعة والتلفاز في تربية وطنية خلقية فاضلة .
14 - مصادرة الروايات المثيرة والكتب المشككة المفسدة والصحف التي تعمل على إشاعة الفجور وتستغل الشهوات استغلالا فاحشا .
15 - تنظيم المصايف تنظيما يقضى على الفوضى والإباحية التي تذهب بالغرض الأساسي من الاصطياف .
16 - تحديد مواعيد افتتاح وإغلاق المقاهي العامة ومراقبة ما يشتغل به رواده وإرشادهم إلى ما ينفعهم وعدم السماح لها بهذا الوقت الطويل كله .
17 - استخدام هذه المقاهي في تعليم الأميين القراءة والكتابة ويساعد على ذلك هذا الشباب المتوثب من رجال التعليم الإلزامي والطلبة
18 - مقاومة العادات الضارة اقتصاديا أو خلقيا أو غير ذلك وتحويل تيارات الجماهير عنها إلى غيرها من العادات النافعة ، أو تهذيب نفسها تهذيبا يتفق مع المصلحة وذلك كعادات الأفراح والمآتم والموالد والزار والمواسم والأعياد وما إليها ، وتكون الحكومة قدوة صالحة في ذلك .
19 - اعتبار دعوة الحسبة ومؤاخذة من يثبت عليه مخالفة شئ من تعاليم الإسلام أو الاعتداء عليه ، كالإفطار في رمضان وترك الصلاة عمدا أو سب الدين وأمثال هذه الشؤون .
20 - ضم المدارس الإلزامية في القرى و المساجد وشمولها معا بالإصلاح التام من حيث الموظفين و النظافة وتمام الرعاية , حتى يتدرب الصغار على الصلاة ويتدرب الكبار على العلم.
21 - تقرير التعليم الديني مادة أساسية في كل المدارس على اختلاف أنواعها كل بحسبه وفى الجامعة أيضا.
22 - تشجيع تحفيظ القرآن في المكاتب العامة الحرة , وجعل حفظه شرطا في نيل الإجازات العلمية التي تتصل بالناحية الدينية واللغوية , مع تقرير حفظ بعضه في كل مدرسة.
23 - وضع سياسة ثابتة للتعليم ، تنهض به وترفع مستواه , وتوحد أنواعه المتحدة الأغراض و المقاصد , وتقرب بين الثقافات المختلفة في الأمة , وتجعل المرحلة الأولى من مراحله خاصة بتربية الروح الوطني الفاضل والخلق القويم .
24 - العناية باللغة العربية في كل مراحل التعليم وإفرادها في المراحل الأولى عن غيرها من اللغات الأجنبية .
25 - العناية بالتاريخ الإسلامي والتاريخ الوطني التربية الوطنية وتاريخ حضارة الإسلام.
26 – التفكير في الوسائل المناسبة لتوحيد الأزياء في الأمة تدريجيا.
27 - القضاء على الروح الأجنبية في البيوت من حيث اللغة والعادات والأزياء والمربيات والممرضات ..الخ ، وتصحيح ذلك وبخاصة في بيوت الطبقات الراقية .
28 - توجيه الصحافة توجيها صالحا وتشجيع المؤلفين والكاتبين على طرق الموضوعات الإسلامية الشرقية.
29 - العناية بشؤون الصحة العامة , من نشر الدعاية الصحية بمختلف الطرق والإكثار من المستشفيات والأطباء والعيادات المتنقلة وتسهيل سبل العلاج .
30 - العناية بشأن القرية من حيث نظامها ونظافتها وتنقية مياهها ووسائل الثقافة والراحة والتهذيب فيها.
ثالثا : في الناحية الاقتصادية :
1 – تنظيم الزكاة دخلا ومنصرفا بحسب تعاليم الشريعة السمحة , والاستعانة به في المشروعات الخيرية التي لابد منها كملاجئ العجزة والفقراء واليتامى وتقية الجيش .
2 – تحريم الربا وتنظيم المصارف تنظيما يؤدي إلى هذه الغاية , وتكون الحكومة قدوة في ذلك بإلغاء الفوائد في مشروعاتها الخاصة بها كبنك التسليف والسلف الصناعية وغيرها .
3 – تشجيع المشروعات الاقتصادية والإكثار منها , وتشغيل العاطلين من المواطنين فيها واستخلاص ما في أيدي الأجانب منها للناحية الوطنية البحتة.
4 – حماية الجمهور من عسف الشركات المحتكرة وإلزامها حدودها والحصول على كل منفعة ممكنة للجمهور.
5 – تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم واستبقاء علاواتهم ومكافأتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار.
6 – حصر الوظائف وخصوصا الكثيرة منها , والاقتصار على الضروري , وتوزيع العمل على الموظفين توزيعا عادلا والتدقيق في ذلك.
7 – تشجيع الإرشاد الزراعي والصناعي والتجاري , والاهتمام بترقية الفلاح والصانع من الناحية الإنتاجية.
8 – العناية بشؤون العمال الفنية والاجتماعية , ورفع مستواهم في مختلف النواحي الحيوية .
9 – استغلال الموارد الطبيعية كالأرض البور والمناجم المهملة وغيرها.
10 – تقديم المشروعات الضرورية على الكماليات في الإنشاء والتنفيذ .
وبعد , فهذه رسالة الإخوان المسلمين , نتقدم بها, وإنا لنضع أنفسنا ومواهبنا وكل ما نملك تحت تصرف أي هيئة أو حكومة تريد أن تخطو بأمة إسلامية نحو الرقي والتقدم , نجيب النداء ونكون الفداء , ونرجو أن نكون قد أدينا بذلك أمانتنا وقلنا كلمتنا والدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
وحسبنا الله وكفى ... وسلام على عباده الذين اصطفى ...
حسـن البنــا
 


الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد