حين يتشاجر أطفالنا وزملاؤهم.. التسامح أم الانتقام؟؟

2012-11-09 23:55:00 استطلاع.. غادة العبسي


حين عاد يوسف من مدرسته لاحظت الأم وجود كدمة في جبهته، وحين سألته أجابها بأنه كان يلعب مع صديقه محمد فدفعه بقوة وسقط على الأرض وأصيبت جبهته، هنا ارتفع صوت الأم تدعي على صديق طفلها، ووجهته قائلة، غدا ادفعه بقوة كما فعل معك انتقم لنفسك، سكت طفلها قليلاً ثم رد، لكنه لم يكن يقصد كنا نلعب.. ولكن الأم أصرت على طفلها أن يأخذ بثأره من صديقه..
كم منكن أيتها الأمهات وأيها الآباء وجه طفله للانتقام؟
كم منكم وجهه طفله إلى التسامح؟
"ملحق الأسرة يعرج" على هذه المسالة التربوية التي تحدث كثيراً مع أطفالنا، و تتباين فيها ردود فعل الآباء والأمهات..

ضرورة الدفاع..
" إن تعود الطفل على التسامح سيصير مضحكة، وستطاله أيدي أصدقائه وزملائه، يجب أن يتعلم الطفل الدفاع عن نفسه، بالنسبة لي أطلب من طفلي أن ينتقم لنفسه ويدافع عليها، لا أقبل أن تمتد يد إلى طفلي وتؤذيه" تقول أم أحمد..
لا أتدخل..
بالمقابل نجد أم ميمونة تتحدث بلهجة مغايرة فهي ترى أن التدخل في مشاكل الأطفال خاصة إن كانوا في نفس العمر أمراً غير محبذ..وتضيف " لطالما عادوا أطفالي من المدرسة في وجوههم خدوش أو كدمات موزعة هنا وهناك في أجسادهم، ما يهمني أن أعرفه ماذا حدث ولماذا؟
غير هذا لا يهمني الفطرة الإنسانية السليمة توجه الطفل لتقدير متى يجب أن ينتقم ويدافع عن نفسه ومتى يجب أن يسامح".
أبي يقدر..
سهير ـ طالبة جامعية ـ تتحدث عن مشاكل إخوتها الصغار أحمد ومحمد قائلة " أبي من يقدر الموقف هل هو بحاجة إلى تدخل الكبار أو عدم تدخلهم، مثلاً إن عاد أحد أخوتي الصغار إلى البيت يبكي، يسأله عن السبب فإن كان تعارك مع طفل في عمره لا تتعدى ردة فعل أبي عن قوله " ضربك اضربه وخلاص" لأن تدخل الكبار في كل كبيرة وصغيرة تسبب مشاكل بين الكبار يصعب حلها، بينما لو اعتدى عليهم شخص أكبر منهم سناً فإن أبي يتدخل وهذا طبيعي..
التسامح هو الخنوع..
" بالنسبة لي أخبر أطفالي أن لا يدعوا أحداً يعتدي عليهم أو يمد يده عليهم حتى وإن كان مزاحاً ولعباً، أعلم أبنائي أن ينتقموا وأخبرهم دائماً أن يوجوها ضربات إلى العين مباشرة، وأنا سأتحمل النتيجة، لن أعود أطفالي على الضعف والخنوع، التسامح ليس قوة هذا كلام لن ينفعهم حين يكبرون، ولن يرحمهم الناس لأن الانتقام والأخذ بالثأر يجعل الناس لا يتجرؤون علينا" هكذا يرى وائل أب لثلاثة أطفال.
التسامح لغير أبنائي..!
رجاء منصور ـ معلمة وأم ـ تتحدث عن تجربتها في هذه المشاكل الروتينية فتقول" أنا أم ومعلمة وأعرف كيف يتصرف الأطفال وكيف يجب أن نعلمهم فمن خلال تجربتي توصلت إلى قناعة أن تعليم الأطفال التسامح المطلق ليس أمراً محبذاً، لأن الطفل في عمر معين لا يستطيع التفريق بين التسامح والذل، في المدرسة حين يعتدي طفل على آخر لأول مرة فإن يفعل ذلك بدافع معرفة كيف ستكون ردة الفعل، إن وجد زميله مسالماً ومتسامحاً فإنه يعتبر ذلك خوفاً ويبدأ " يشتغل فيه " لذا أنا كأم أوجه أطفالي إلى الانتقام وعدم التسامح، وإن كنت في المدرسة أوجه طلابي إلى التسامح لأني لا أستطيع قول غير هذا..
علمته وندمت..
فيصل السنباني.. يضحك وهو يقول " لدي طفل واحد "مكرم " في الصف السادس الابتدائي ولكنه دائم المشاكل والخصام لا يعود يوماً من المدرسة ألا هو ومشاكله، وكذلك يفعل في الحارة إلى الآن لا يستطيع أن يميز بين الجد والهزل متى ينتقم ويدافع عن نفسه ومتى يسامح، لا أنكر أني من عمله ذلك حين بدأ يلعب مع الأطفال ولكني لم أتوقع أن يصير عدوانياً إلى هذه الدرجة، كنت أرغب أن يعرف كيف يدافع عن نفسه ولا يترك للآخرين فرصة لمد يدهم عليه والتجرؤ عليهن ثم يضيف وعموماً تبقى شراسته أفضل من تسامحه حين يكبر سيقدر الأمور بنفسه"
التسامح أولا..
رويدا أم " التدخل في مشاكل الأطفال يؤثر على نفسية الطفل وشخصيته هذا ما أعتقده أنا كأم، لا أنكر أني أوجه أطفالي للدفاع عن أنفسهم ولكن بلا تفريط، مثلاً أوضح لهم دائماً أن المزح يختلف عن الخصام، مثلاً في إحدى المرات عاد إلي طفلي محمد وقد أصيبت رجله بجرح وكان يبكي بشدة حين سألته ما الذي حدث عرفت أنه وصديقه المقرب كانوا يلعبون كرة قدم فدفعه صديقه في معرض التنافس على الكرة فسقط ابني على الأرض وجرحت رجله، ولكنه مع ذلك قام بدفع صديقه وأصيب أيضاً، أنا نهرته وأخبرته أن تصرفه ليس صحيحاً فهناك فرق بين المزح وبين الجد، وطلبت منه الاعتذار من صديقه في اليوم التالي، ولكني أيضاً أطلب منه أن يكون قوياً حين يعتدي عليه أحد ليؤذيه وأخبره أن لا يترك لأحد الفرصة الوصول إلى وجهه وجسمه، نعم هو الآن لا يستوعب ذلك ولكنه في المستقبل سيستطيع أن يفرق ويستطيع أن يعرف متى يكون التسامح ومتى يكون الدفاع وأخذ الحق".
شجار الأطفال..
شجار الأطفال يدل على أن الطفل لا يزال غير ناضج اجتماعياً ولا يعرف أساليب التعامل مع الآخرين
شجار الأطفال هو عبارة عن سلوك للأطفال فيما بينهم لإثبات الذات والسيطرة، وقد يتحول شجار الأطفال من مشكلة إلى وسيلة علاج وتعليم خبرات جديدة للأطفال، ويمكن أن يستغل الوالدين فرصة شجار الأطفال ويتم توجيه الأطفال في تلك الفرصة إلى مسألة وجوب احترام الآخرين وحسن التعامل معهم والتسامح والدفاع عن النفس أيضاً.
ماذا يعني شجار الأطفال؟
شجار الأطفال يدل على أن الطفل لا يزال غير ناضج اجتماعياً ولا يعرف أساليب التعامل مع الآخرين ممن حوله، وقد يقابله الوالدين بنوع من الغضب، ويوقع أحد الوالدين عقاباً على الأطفال سواء كان عقاباً بدنياً أو لفظياً إذا ما حدث شجار بينه وبين إخوته أو زملائه أو أحد أقاربه.
كيف نكوّن الصداقات؟
الأطفال هم أشخاص صغار ويختلفون في تعاملاتهم الاجتماعية عن بعضهم البعض، وبالطبع ذلك ينعكس على تكوين صداقاتهم والمحافظة عليها، ليس هناك ما تفعلينه لتجعلي من طفلك شخصاً محبوباً بين أصدقائه، أو تجبري الأطفال على صداقته، لكن يمكنك أن تعلّمي طفلك كيف يكّون الصداقات، فيمكنك إعطاؤه الأساليب وبعض السلوكيات التي تجعله يحتفظ بهم أيضاً.
شجعي طفلك بأن يصنع صداقة بين زملائه في الفصل، لكن لا تضغطي عليه حتى لا تشعريه بعدم الراحة، الأطفال سيتدبرون أمرهم في صنع الصداقات مع التشجيع، لكن كل طفل يأخذ وقته.
الاشتراك في نشاط جماعي.. اجعلي طفلك يختار نشاطاً جماعياً سواء رياضياً أو فنياً، مثل أعمال يدوية أو فرقة موسيقية، هذا النشاط سيجلعه إلى حد ما في راحة وحرية للتعامل مع زملائه، مما سيشجعه لتكوين صداقات ممن ارتاح في التعامل معهم.
مراقبة سلوكه..
راقبي كيف يتعامل طفلك مع أصدقائه وزملائه، ستعلمين الكثير عن طفلك وعن أسلوبه الاجتماعي وكيف يتعامل مع الناس خارج المنزل، حينها ستعرفين إذا ما كان هناك مشاكل في التعامل مع الآخرين وتكوين الصداقات وستساعدينه في التغلب عليها، حتى إذا كان طفلك يبلى بلاء حسناً في تكوين الصداقات فستساعدينه على المحافظة عليها وكيف يكون هو صديقاً جيداً.
القدوة..
كوني قدوة.. إذا ما رأى طفلك أهمية الأصدقاء في حياتك سيتحلى بنفس الخلق اقتداءً بكِ، إلعبي مع طفلك الألعاب التي تركز على أهمية المشاركة والصبر والتسامح والدفاع عن النفس وغيرها من والمهارات الأخرى لتكوين الصداقات.
خـطــوات تــعــزز قــيــمــة الــتـســامـــح لــدى طـــفــلــك
تعتبر مرحلة الطفولة المُبكرة المحطة الأولى لبناء الضمير الإنساني والقيم الفاضلة، علماً أن المراحل التي تليها هي عبارة عن تعزيز وتكثيف للمحطة الأولى، والوالدان يُشكلان الدور الأساسي في زراعة البذرة الأولى للأخلاق الطيبة ليتعلم الطفل التسامح مع الآخرين منذ الصغر، فالاختصاصيون النفسيون ينصحون الأمهات بإتباع الخطوات التالية التي تساعد على تعزيز قيمة التسامح مع الآخرين في نفس طفلك:
1- قبل البدء بتعليم طفلك قيمة التسامح كوني أنت له القُدوة والمثال، ومن الطبيعي أن يكون الوالدان أو الأخوة مثالاً يحتذى بهما للطفل فيقوم بتقليدهما لتواجده الدائم معهما في المنزل فكوني قُدوة لأبنائك واصفحي عمن تتخاصمين معه.
2- عززي فيه قيمة التسامح وعلميه الحُب والمُبادرة بالصفح.
3- اجعلي من نفسك حمامة سلام تُربي أطفالها على قيم الود والحب وتُعزز في داخلهم الأخلاق الحسنة.
4- لا تلزمي طفلك بالتسامح بعد شجاره مع صديقه فقد يكون حينها مشحوناً ومُنفعلاً ويحملُ في قلبه الغضب الكثير من الطرف الآخر، علما بأن إلزامك له على التسامح يُقلل من شأنه ويُهينه أمام الآخرين.
5- يرغبُ الأطفال دائماً في كسب رضى آبائهم وأمهاتهم، ولابُد أن تستغلي هذا السلوك عن طريق الثواب وليس العقاب، فقومي بإثابة طفلك فوراً عندما يعفو أو يُسامح أحد إخوته أو أصدقائه وعبري له عن تقديرك وإعجابك بتصرفه.
6- لا يخلو بيت فيه أطفال من حدوث بعض المشكلات فيما بينهم، فلا تقومي فوراً بالتدخل السريع للحل، بل تابعي من بعيد ما يحدث لتلاحظي كيف يحل الأطفال مشاكلهم بينهم ومدى قدرتهم على استيعاب بعضهم بعضاً.
7- إذا استنصر بك أحد أطفالك في مُشاجرة ما، فلا ينبغي أن تنصريه إلا إذا كان مظلوما.
8- لا تعاقبي طفلك عندما يواجهك بقول: «لقد ظلمتيني» واستقبلي هذه الكلمات برحابة صدر، وبيني له أنك لا تفعلين ذلك بل إنك تقومين بالتصرف السليم، ودللي على ذلك بما لديك من أدلة.
9- إن عدم التمييز في المعاملة بين الأطفال هو من الأمور المهمة التي تخلص طفلك من الضغينة والحقد.
10- إذا أردت أن تُصادقي طفلك فلابُد أن تعرفي أن فمه أكثر يقظة من عقله، وأن صندوق الحلوى أفضل لديه من الكتاب الجديد، وأن الثوب المُزركش أحب إليه من القوْل المُنمق، فكوني معه صديقة مُتفهمة وصبورة.
11- قد تخطئ بعض الأسر في إثارة التنافس بين أبنائها من خلال إلهاب حافز الغيرة لبعث الطفل إلى مُضاعفة جهوده، فالمقارنة بين الأطفال بعضهم بعضاً يُشكل سبباً في بذر الحقد والضغينة داخل قلب طفلك.
12- تذكري دائماً هذه العبارة «لا يستطيع الطفل أن يتعلم التسامح إلا إذا كان هناك شخصاً يُسامحه» بادري أنت أولا إلى مُسامحة طفلك ليتعلم فيما بعد مُسامحة الآخرين.
13- عودي نفسك على تخصيص وقت في اليوم للحوار مع طفلك، واجعليه يُنقي قلبه الصغير ويُصفيه من الأحداث السيئة التي مر فيها.
14- حين يرتكب طفلك خطأ ما، أوضحي له سبب غضبك ولماذا شعرت بالضيق منه، ثم ضميه إلى صدرك وقبليه حتى تصفو قلوبكما.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد