التجارة بالعمالة أسوأ أنواع الاستغلال

2012-12-22 09:28:37 كتب/ فيصل عبد الحميد


خلال العشر سنوات الأخيرة بدأت فكرة شركات التوظيف كشركات خدمية وسيطة بين العامل والشركات التجارية تقوم بتوفير الخدمات الأمنية لها، وفي الأعوام الأخيرة بدأت تلك الشركات بتوسيع نشاطها وأصبحت تعمل على توفير السائقين والمراسلين والعدادين للبنوك إلى جانب خدمات الأمن.
وأصبحت الشركات التجارية تعتمد على تلك الشركات في توفير العمالة الرخيصة وبدون التزامات حقوقية يترتب على استقدامها، في سلوك هو الأسوأ في استغلال عمالة البشر، فلا حقوق لهم ولا تدرج وظيفي أو علاوات ولا حوافز أو مكافئات ولا إجازات، ناهيك عن أن راتبهم الضئيل قابل للخصميات والقطع، وغير قابل للزيادة، وهو ما ينطبق عليه المثل الشعبي القائل "حمار راح بكروه"، مستغلين حاجة هؤلاء إلى العمل.
يقف "أحمد" الآن في إدارة شؤون الموظفين في أحد البنوك التجارية التي بدأ العمل فيه كمراسل منذ أكثر من عشر سنوات، ثم تدرج إلى عداد في قسم الكاش في الصندوق بالبنك، حتى وصل إلى إدارة شؤون الموظفين.
 لم يكن أحمد أحد القادمين إلى البنك عبر شركة توظيف وسيطة، لكنه جاء مباشرة عبر تقديم طلب إلى البنك كعادة كل الشركات التجارية قبل شركات التوظيف، وهو الأمر الذي منحه فرصة التصاعد بما يتناسب وكفاءته وقدراته.
فيما لا يبدو "علي" -الذي يحمل مؤهل دبلوم محاسبة من المعهد الوطني للعلوم الإدارية- متفائلاً بأنه سيكون في قادم السنوات قد تغير حاله لأنه سيبقى مراسلاً في ذات البنك الذي يعمل به أحمد وبنفس الراتب الذي يصل إلى 30 ألف ريال شهريا لكنه يتسلم فقط 22 ألف ريال بعد أن تستقطع شركة التوظيف التي يتبعها 4500 نسبة لها وضرائب 1500 وتأمين 2000 ريال.
يقول "علي" إنه كل ثلاثة أشهر وأحياناً كل شهرين يتنقل من شركة إلى أخرى بحسب ما تمليه عليه شركته التي يتبعها، وهو الأمر الذي يجعل من فرصة بقائه مراسلاً تزداد قوة بدون أي تقدم.
يقول احد المسؤولين في أحد البنوك التجارية- فضل عدم الإفصاح عن اسمه- إن هذه الطريقة في استخدام العمالة تعد الأسوأ في تاريخ الشركات التجارية، حيث يتم استغلال الجنس البشري وطاقته بدون أي حوافز أو مكافئات أو حتى منحه فرصة التدرج الوظيفي.
ويؤكد أن الشركات تحرص على استقدام هذه العمالة من أجل عدم الالتزام بالحقوق لهؤلاء العاملين وعدم الالتزام تجاههم بأي التزامات سواءً كانت طبية أو خدمية، علاوة عن رواتبهم غير قابلة للزيادة لكنها قابلة للقطع، كما أن هؤلاء العمال محرومون حتى من الإجازات السنوية وربما المرضية وفي حال غيابه بسبب مرض ما فإن راتبه يتعرض للقطع مباشرة وربما يتم فصله، ولن يتم احتساب مبالغ التامين التي تستقطع من راتبه شهرياً.. " لقد أصبحت شركات التوظيف أشبه بتجارة الرقيق والنخاسة" - حد قوله.
راتب لا يتحرك
منذ ثلاث سنوات يقف أحمد ـ 31 عاماً أمام إحدى الشركات التجارية بالعاصمة منذ ثلاث سنوات، يؤدي عمله كحارس أمام البوابة بنشاط.
يقول أحمد، الحاصل على الثانوية العامة، إنه منذ ثلاث سنوات يعمل بنفس الراتب، لكنه يبدي رضاه عن عمله .. ويقول: " وين نروح ما فيش مكان يقبل نشتغل فيه وظروفي لم تسمح لي بإكمال التعليم الجامعي".
أما سيف الذي كان يعمل مراسلاً فقد تم إيقافه عن العمل وإيقاف راتبه، بسبب غيابه لمدة ثلاثة أيام توعكت صحته فيها.
يقول سيف إنه بعد أسبوع تم تحويله إلى موقع عمل آخر في شركة أخرى وبراتب أقل عن راتبه السابق.
ذوو الاختصاص
من جهته قال الخبير الاقتصادي علي الوافي إن هناك فساداً كبيراً في شركات ومكاتب التوظيف خصوصاً وإن معظمها تابعة لنافذين، حيث وأن تلك الشركات تستلم الكثير من الدولارات من قبل الشركات خصوصاً الأجنبية كشركات النفط مثلاً مقابل توفير خدمات الحراسة في حين ما يتسلم العامل الفتات من ذلك.
وأكد الوافي أن ذلك يعد استغلالاً واضحاً للعمالة المحلية الهيكلية، محملاً وزارة العمل والخدمة المدنية والبرلمان والحكومة المسؤولية في تشريع قوانين تحمي هؤلاء من الاستغلال وتضمن لهم حقوقهم في ظل الاستغلال القائم على هؤلاء العمال لدى تلك الشركات نظراً لحاجتهم إلى العمل والوضع الاقتصادي السيء الذي يعانيه شريحة كبيرة من المجتمع ونسبة البطالة المرتفعة.
وأشار الوافي إلى أن سوق العمل اليمني يفتقر إلى العمالة الفنية.. لهذا نجد أن هناك أوامر لاستقدام عمالة أجنبية من هنود وباكستانيين وجنسيات أخرى نظراً لنقص العمالة الفنية التي تتطلبها سوق العمل اليمني.
منوهاً إلى ضرورة أن تكون هناك برامج تدريب خاصة بالشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص لهذه العمالة الهيكلية لتمكينها من التدريب والتأهيل، الأمر الذي يسمح لهم بالالتحاق بوظائف تتناسب ومؤهلاتهم الفنية وتسمح لهم بالتدرج الوظيفي واكتساب حقوقهم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد