لنصرخ جميعاً:

إنهم يغتالون ذاكرة الوطن!!

2013-01-17 14:47:32 كتب/ فيصل عبد الحميد


إن ما يحصل من إرهاصات تحت طائلة نقل مركز التوثيق الإعلامي, من مبناه الحالي إلى مبنى وزارة الإعلام الجديد لايمكن وصفه بغير أنه قد يكون استهدافاً من نوع مغاير لآخر ما تبقى من ذاكرة الإرشيف الوطني الإعلامي بعد استهداف إرشيف مؤسسة الثورة قبل عقدين من الزمن, وكذلك أرشيف وكالة سبأ للأنباء قبل ما يزيد عن عام.
باختصار شديد.. فإن محاولات نقل هذا المركز لم تضع في الحسبان أية اعتبارات لما سيسببه النقل من قضاء وإتلاف لمحتوياته وناهيك عن كونه غير موضوعي ولا قانوني ولم يراع فيه خصوصية ما يحتويه من ثروة وطنية لاتقدر بثمن وبشكل يندرج ضمن أساليب العبث بالمال العام.. الخ, مما يوحي أن هناك توجهات لقتل كل ما تبقى من ذاكرة هذا الوطن الجميل.
المتعارف عليه في كل دول العالم - حتى التي تندرج ضمن ما يسمى الدول الأكثر تخلفاً - ينظر إلى أي موروث أو بالأصح يتم التعامل معه على أنه يمثل سيادة البلد, ولايجوز بتاتاً المساس به إلا في اليمن.. حيث ما يزال كثير من المسؤولين وغيرهم ينظرون إلى ما نملك من وثائق ومراكز توثيقية على أنها مجرد أكوام من الورق وما شابه, ولمجرد أفكار أفرزتها تقليعة تخزينة أو بحشامة قات يقرح الكيف, يقوم مسؤولونا بإصدار أوامرهم للتخلص منها, تحت مسمى النقل من مكان إلى آخر دون الأخذ في الحسبان أن النقل سيعرض هذه الممتلكات الوطنية والتي تحفظ ذاكرة البلد والقضاء عليها, ناهيك عن عدم معرفة ماذا يعني المكان والتلازم الذي تكون عبر الزمن بين المكان والمحتويات التي تقاسمه أريج التوهج وفلسفة التراث.
وما المحاولات العقيمة لنقل مركز التوثيق الإعلامي من مكانه في مبناه الحالي إلى غرفة في مبنى وزارة الإعلام الجديد إلا خير دليل على ذلك بكثير من الحسرة والهلع وبأكثر من التوسلات إلى الله ثم الاستجداء بقيادة البلد يقول السيد/ محمد صالح حنظل – مدير إدارة التوثيق الإعلامي, بأن مركز التوثيق الإعلامي _ أول مركز إعلامي متخصص بالجمهورية إذ يعتبر الذاكرة الإعلامية للبلد ويحوي حوالي 15 ألف مجلد تجليد لجميع الصحف المتواجدة في الساحة الوطنية بمختلف توجهاتها.. حيث يعود بعض وثائقه إلى ستينيات القرن الماضي, ويمتلك أيضاً توثيقاً إلكتروني يحوي كل المعلومات بغرض الاستفادة منها وحفظها وإخراجها في قالب لكي يستفيد منها الباحثين ويمتلك أيضاً مكتبة إعلامية متخصصة تضم أكثر من 3000 عنوان.
وأضاف بأن المركز يعاني من وضعه المالي المزري منذ أكثر من ثلاث سنوات, حيث أن إمكانياته تعد محدودة ويعمل على توثيق ذاكرة الوطن في ظل ظروف صعبة وأكد بأن المركز الآن مهدد بإتلاف الذاكرة الوطنية حين عقدت صفقة في النظام السابق – بالتحديد قبل ثلاث سنوات منذ عهد حكومة مجور.. وتم الإتفاق على تأجير مبنى وزارة الإعلام القديم - بما فيها مركز التوثيق لوزارة التعليم العالي.. بين وكيل وزارة الإعلام والتعليم العاليم.
وقال تفاجأنا بأن أدخل مركز التوثيق الإعلامي.. ضمن صفقة وصفها بالمشبوهة, وأشار بأن المركز مؤسسة مستقلة أنشئ بقرار جمهوري رقم 181 عام 199 مستقلاً بذمة مالية مستقلة.. ويعتبر المبنى أحد أصوله الثابتة.. وقال بأن عدم الإهتمام المؤسسي بالإعلام يأتي في بلد تغيب عنها الإهتمام بالمؤسسات فيها – حسب قوله – وأكد حنظل بأن الخطوات المتخذدة لتأجير المركز في صفقة مخالفة قانونياً – حد قوله – ولم يراعوا خصوصيات المركز ومقتنياته وما سيترتب عليه من إتلاف الذاكرة الوطنية.
وأضاف بأنهم وجهوا رسائل إلى كافة الجهات المعنية كـ رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ومجلس النواب وتم تشكيل وفد من منظمات المجتمع المدني لطرح قضيتهم أمام وزير الإعلام ومطالبتهم بالنزول الميداني للإطلاع على محتويات مركز التوثيق الإعلامي وطالب نقابة الصحفيين وكل المؤسسات الإعلامية رسمية وحزبية وأهلية من منبر صحيفة "أخبار اليوم" صفحة "هموم الناس" لإيقاف هذا التدمير لذاكرة الوطن.. وثروة البلد القومية.. وذاكرة اليمن الإعلامي.
الجدير ذكره بأن أرشيف صحيفة "الثورة" قد أحرق في الثمانينات وتم تدمير أرشيف وكالة سبأ مؤخراً في أحداث 2011م ولم يتبق إلا أرشيف مركز التوثيق الإعلامي اليوم الذي تسعى لتدميره فئات مجهولة.. وممارسة الضغوط لنقله للضياع, بعد أن هيئ للعناية بذكرة الوطن إعلامياً, وصرفت عليه عشرات الملايين من الخزينة العامة.. وأن وحمل حنظل وكيل وزارة الإعلام والتعليم العالي _ المسؤولية مما قد يحدث لإتلاف وثائقه.. وناشد الجميع بالوقوف معهم لحماية التوثيق والتاريخ الصحفي باليمن.
فيما عبد الباري الزبير – مدير عام مركز التوثيق الإعلامي - إستغرب مما يقوم به بعض مسؤولي الدولة من تجاوزات لا يحاسبون عليها وأشار بأنه تفاجأ بأمر التأجير – حين أتوهم من التعليم العالي – يريدونهم النقل وقال: أشعرنا الجهات المسؤولة.. والتي أكدت لهم بأن المبنى ضمن عقد الإيجار أيضاً.. وقال بأن ما قاموا به خطأ بحق موروث قومي وتاريخ بلد.
وأكد أيضاً بأنه من المتسحيل - في ظل الأوضاع والتوسع الحالي أن تحصل على مقر لمثل هذه الأعمال بعد فترة من الزمن, ومن ضمن طبيعة الوثائق من الضروري أن يكون أي مركز أو مبنى ضمن أصول المركز ذاته أو الجهة.. لأنه لايتحمل النقل والتنقيل وغيرها.. فهي وثائق معرضة للتلف.. ووصف ما يوجهه المركز بأنه بني لبنة لبنة.. وما تم فيه.. لتراكمات من الصعب السماح لأيٍ كان تفريغ المركز من محتواه.. والتجهيزات تمت خلال حوالي 15 سنة وكلفت الكثير.. فمن الصعب إهدار هذه المليارات..
وأكد بأن العقد غير ملزم لهم من جانب قانوني, كونه أخل ببنود العقود ولم يحدد فترة الإيجار فيه.. برغم أنه لم يعط لهم نسخة إلا ما لمحه من أحد موظفي التعليم العالي المختصين – حد قوله – وأضاف الزبيري بأن المركز له شخصيته الاعتبارية.. وهو ما تجاهلوه عند صياغة العقد.
وأشار بأن القضية باتت تشكل للعمال والقائمين على المركز إرباكاً في أعمالهم.. وقال بأن هناك جهات قضائية يمكن أن تلجأ إليها.. مثل محكمة القضاء الإداري أو محكمة الأموال العامة.. لكشف الحقائق وسيقيلون حسبما يقول على مضض إذا كان الأمر لصالح المستأجر وإصرار التعليم العالي على أخذ المركز للتوسعة وتأهيئته لخدمة الجمهور على حساب ذاكرة البلد..
ودعا مدير عام المركز, كافة وسائل الأعلام بما فيها الصحافة بدعم المركز بمجموعة من النسخ لتوثيقها لخدمة العامة من أبناء البلد وعلى رأس هؤلاء – الإعلاميين والصحفيين والباحثين ونظراً لشحة الإمكانيات ناشد رؤساء الصحف وجميع الإصدارات بموافاتهم بنسخ من أعمالهم للتوثيق لما فيه مصلحة الجميع.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد