منذ قرابة 12عاماً يقبع عشرات المعتقلين اليمنيين في معتقل غوانتانامو الأمريكي معظمهم اعتقلوا لمجرد الاشتباه بصلتهم بأعمال إرهابية وزج بهم خلف قضبان سجن غوانتاناموا دون أحكام قضائية أو أي إجراءات قانونية.
في غوانتانامو يقبع 10معتقلين من أبناء محافظة حضرموت تعيش معظم أسرهم في ظروف معيشية صعبة للغاية وتعاني بعضها من التشتت والدمار الأسري لغياب أبنائهم المعيلين لهم، ناهيك عن المعاناة النفسية التي تعد معاناة مشتركة لجميع الأسر وألقت بظلالها وخيمت على حياتهم لأكثر من 12عاماً جراء ما يسمعونه من انتهاكات صارخة يتعرض لها أبناؤهم هناك .
تحصلت "أخبار اليوم" على أسماء العشرة المعتقلين الحضارم وهم : سليمان عوض بن عقيل ، فهمي سالم العساني ، محمد سعيد بن سلمان ، محسن عبدالرب البعسي، عمر سعيد الديني، جلال سالم بن عمرو ،زاهر عمر بن حمدون ، احمد عبدالقادر باغويطة ،محمد عبدالله باوزير ، ايمن سعيد باطرفي.
انطلقنا نبحث عن أسرهم ونستطلع أوضاعهم الإنسانية , فوجدنا أن سنوات من المعاناة الممزوجة بالحزن قد فعلت ما فعلت بهم..آباء وأمهات ماتوا كمدا وحسرة على أبنائهم لم تتسع قلوبهم لتحمل فراق أبنائهم وانقطاع أخبارهم عنهم في ذلك المعتقل سيئ الصيت والسمعة .
فهذه أم المعتقل فهمي العساني التي تعمل كاتبة في وزارة التجارة بحضرموت تروي لنا قصة ابنها المعتقل منذ عام 2001م قائلة : كان فهمي طالباً في جامعة حضرموت كلية الحاسوب، تعرض لحادث مروري أواخر عام 1999 أصيب جراءه ببعض الكسور والرضوض، و تعالج منها، وبمرور الوقت اكتشفنا أنه مصاب بشرخ في الجمجمة بين الحاجبين يستدعي عملية باهظة الثمن لا يستطيع والده المتقاعد منذ 94 دفع تكاليفها ولا راتبي على تدبير جزء من المبلغ للعملية، بالكاد يكفينا لتدبير أمور معيشتنا.. إلى أن عرضت إحدى الجمعيات خدماتها في شهر يوليو/2001 بتسفير فهمي إلى باكستان لإجراء العملية بتكاليف أقل، ونتيجة مضمونة.. لم نكذب الخبر، وسافر فهمي في شهر أغسطس في العام نفسه إلى باكستان، وبعد شهرين وقعت أحداث الـ 11 من سبتمبر، ومن ثم
العمليات الأميركية وما رافقها من ملاحقات أميركية في باكستان، حيث جرى تسليم فهمي للأميركيين على أنه ينتمي إلى تنظيم "القاعدة"، حينها انقطعت أخباره عنا ولم نعرف أين ذهب ، حاولنا استجداء الأخبار لكن لا أثر.. إلى أن أتت رسالة عن طريق الصليب الأحمر مفادها: "أنا بخير.. وسلمني الباكستانيون للأمريكان، وأنا معتقل في "غوانتانامو" بكوبا".
باكستان باعت أبناءنا
وتابعت أم فهمي حديثها –لـ"أخبار اليوم" بصوت- يحمل عبرة الأم المكلومة: "فعلمنا أن باكستان باعت أبنائنا وسلمتهم للأمريكان.. ومنذ ذلك الوقت وعلى مدى الأعوام الماضية لم نعدم وسيلة وطرقنا كل الأبواب, بعثنا مناشدات عدة للسلطات اليمنية في أيام النظام السابق لكن دون جدوى .. معظم الدول استلمت أبنائها المعتقلين عدا اليمن استلمت مجموعة والبقية لازالوا قيد الاعتقال في المعتقل سيء الذكر .. النظام السابق رفض استلامهم بحجة طلبه مبالغ مالية لبناء مركز للتأهيل ولم يكتفي بالفترة الطويلة التي قضوها" مناشدة حكومة الوفاق بالضغط والإسراع للإفراج عنهم.
وأضافت أم فهمي: ناشدتُ الأخت حورية مشهور وزيرة حقوق الإنسان التدخل كونها أماً وتحس بحرقة الأمهات عند فقدان فلذات أكبادهن، وآملة أن تحظى مناشدتي هذه المرة بالاهتمام وتؤخذ بعين الاعتبار في ظل حكومة الوفاق .
مأساة
وروت لنا أم فهمي أخبار بعض أسر المعتقلين: محمد بن سلمان و سلمان بن عقيل وقالت: والد محمد بن سلمان توفى قبل حوالي العامين لم يقوِ على تحمل المرض وفارق الحياة وهو على أمل أن يعود ابنه محمد لعلاجه، مات الجد وخلف أحفاده بنتين وولد وعائلهم في المعتقل .
أما أسرة المعتقل سلمان بن عقيل فقالت أم فهمي إنها قد تلقت الأسبوع اتصالاً صوتياً من ابنهم بعد ترتيبه عبر إحدى المنظمات الإنسانية، إلا انه لم يستطع الكلام مع من تبقى من أسرته ماذا عساه يقول لهم بعد أن فقد والدته واثنين من إخوانه..ووالدته فارقت الحياة منذ سنوات محتضنةً لصورته على سجادتها بعد أن رفعت يداها بالدعاء له عقب صلاه فجر.
الجدير ذكره انه في سبتمبر الماضي نشرت وزارة العدل الأمريكية قائمة جزئية بأسماء 55معتقلاً حاصلين على موافقة لنقلهم من معتقل خليج جوانتانامو منهم 25معتقلاً يمنياً, بينهم 4من أبناء محافظة حضرموت إلا انه لم يتم ذلك حتى اللحظة .