هل ينجح الحوار؟

2013-03-16 18:01:45 ملف خاص



 48 ساعة فقط.. يحبس فيها اليمنيون أنفاسهم لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعول عليه إنقاذ اليمن من براثن الأزمات, مترقبين النتائج التي ينشدونها من هذا المؤتمر،
وسط مخاوف كبيرة من فشل الحوار وانفجار الوضع في ظل عوامل عديدة لازالت تجعل من بؤر التوتر قائمة, الامر الذي يجعل اليمن غير مهيأة لمؤتمر الحوار الوطني, حيث أن عدداً من القوى لم تقدم قوائمها وتيارات في الحراك مازالت لم تحسم أمرها بعد، فيما النقاط العشرين لم يتم تنفيذها، وهو ماعده مراقبون بوادر فشل مبكر للحوار.
ويحذر سياسيون من خطر قادم ومستقبل كارثي في حال ظلت القوى السياسية تلهث وراء مصالح جهوية وفئوية ضيقة، بعيداً عن القضايا المحورية، فيما تقول الفورين بوليس الامريكية أن الوحدة اليمنية اصبحت على المحك، وان مارس الجاري هو الشهر الاكثر حرجاُ في عملية الانتقال السياسي في اليمن.
هل ينجح حوار اليمن؟


فكرة عن تناقضات الحوار
يومان فقط هي الفاصل.. فمنذ اللحظة يبدأ العد التنازلي للجلوس على طاولة الحوار الوطني الشامل الذي ما يزال ينتظره اليمنيون، إلا أنهم وحتى اللحظة رغم الترقب الشديد لانتظار لحظات بث جلسات الحوار على شاشات التلفزيون -كما تم الاعلان عنه- لا يعرفون ما الذي سيتم مناقشته وماهية القضايا التي سيتم مناقشتها وسط الجدل الدائر في الأوساط السياسية والشعبية.
ولن يخلُ الحوار من الخلافات السياسية وتضارب وجهات النظر بحسب ما تؤكده الخارجية البريطانية إلا أنها تشدد على ان الحوار يبقى هو الفرصة الوحيدة أمام اليمنيين على اختلاف مشاربهم من اجل الاتفاق على حل الخلافات السياسية بشكل سلمي والمشاركة جميعاً في صناعة مستقبل واعد لبلادهم، في الوقت الذي لا يرى فيه اليمنيون أي بوادر للنجاح.
الأمر في اليمن لا يختلف عن كثير من البلدان التي دارت فيها حوارات وطنية، فإحصاءات دولية تقول إن 80% من الحوارات الوطنية التي اجريت في عديد من الدول في العالم منها: لبنان والبحرين وجنوب افريقيا وتايلاند..الخ، فشلت ولم يحالفها النجاح.
وقال ستيفن داي الكاتب في مجلة الفورين بوليس الامريكية ان الوحدة اليمنية اصبحت على المحك، وان مارس الجاري هو الشهر الاكثر حرجاُ في عملية الانتقال السياسي في اليمن، التي بدأت منذ العام 2011 لإنهاء حكم الرئيس السابق، حيث من المقرر أن يـُدشن الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي مؤتمر الحوار الوطني الذي سينطلق بعد غدٍ، في محاولة لإيجاد حلول للعديد من القضايا الملحة في اليمن، "والشيء الأكثر أهمية هي الوحدة الوطنية في اليمن والتي باتت على المحك". قال ستيفن.
وبحسب ستيفن فانه قد تم الترتيب للمؤتمر بأن يُعقد على نطاق واسع ليشمل كافة الأحزاب السياسية الرئيسية والأطياف الاجتماعية من أجل إنجاح الحوار الوطني، وأردف:" ولكن تحقيق ذلك أثبت أنه صعب المنال". فقد تم تأجيل العملية أكثر من مرة بسبب رفض بعض الاحزاب القبول بعدد من المقاعد المحددة مسبقاً، بينما رفض آخرون المشاركة تحت أي ظروف كانت.
وحتى وقت ليس ببعيد، شكك العديد من المراقبين بقدرة الرئيس هادي في الانطلاق بمؤتمر الحوار الوطني. فإذا تم عقد أول اجتماع للمؤتمر، فإن ذلك سيكون بمثابة إنجاز باهر. ولكن من الغباء أن يتم تأويل اللقاء الأول كمؤشر بأن اليمن قد خرج من عُنق الزجاجة واستطاع أخيراً تجاوز مشكلاته.
"ذلك أن اليمن لديه سجل طويل من تنظيم وترتيب مؤتمرات شبيهة بمؤتمر الحوار الوطني الحالي، التي يتم فيها مناقشة مشاكل وطنية هامة بشكل مطول".. قال داي، وأردف: "صحيح أن هناك نماذج من المؤتمرات الوطنية الماضية التي انتهت بإبرام اتفاقيات ومصافحات ودية، لكنها مثلت في نهاية المطاف خلفية للاقتتال. وكان آخرها ما حدث في العام 1994 بعد أن تم توقيع "وثيقة العهد والوفاق" في العاصمة الأردنية عمان.
بوادر ومطالبات
ويتردد في الشارع اليمني عن ماهي مؤشرات نجاح الحوار الوطني، إذ ان بوادر الفشل تلوح في الافق: حوثيون يجلسون على طاولة الحوار حاملين البندقيات، حراكيون لم يُعرف حتى اللحظة ماهية مطالبهم في ظل تباين الرؤى والاختلافات بين فصائلهم، وهل سيشاركون في الحوار أم لا.
فيما ماتزال الكثير من الفئات تطالب الرئيس بإدراجها في مؤتمر الحوار ,معللين بان قضاياهم تستحق النقاش على الطاولة المرتقبة: قضية تهامة برزت على هيئة حراك يطالب بإدراجها، ولكن حتى اللحظة ليس هناك أي بوادر، وابناء صعدة يقولون إنهم هم من تضرروا من صراعات أدارها الحوثي داخل المحافظة بالقوة بمعية مليشياته المسلحة متسبباً في ستة حروب ادارها تسببت في تشريد عشرات الآلاف ومقتل وجرح الآلاف من المدنيين, ناهيك عن سقوط الآلاف من العسكريين اثناء الحروب الستة التي ظلت صعدة هي الخاسر الوحيد فيها ساحة حرب مفتوحة وابناؤها ومنازلهم غدت أهدافاً عشوائية لقذائف الهاون والمدافع والدبابات وصواريخ الكاتيوشا ورصاص القناصين، وعرضة للانتهاكات البدنية واللانسانية التي تعرضوا لها، لقد اصبحت صعدة بمثابة أرض محروقة لجماعة القتلة المدعومين ايرانياً، واللذين يجلسون بعد 48ساعة على طاولة الحوار مستقلين 35 مقعداً من أصل 565 مقعداً هو قوام المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني في الغد، لكن ليس هناك ولو مقعد واحد لأبناء صعدة التي طالتهم انتهاكات الحوثي في صعدة -والتي لم تعد محافظة يمنية بل يعتبرها الكثيرون مقاطعة ايرانية- للجلوس على طاولة الحوار ولم تشفع لهم مطالباتهم للجنة الفنية ولا فعالياتهم المناهضة لتجاهل قضيتهم ومحاباة الحوثي كممثل وحيد لصعدة.
ضبابية
الجلوس على طاولة الحوار للقضايا الجوهرية يبدو ضبابياً في ظل تجاهل ابناء صعدة الذي طالتهم اعتداءات وانتهاكات الحوثي، وفي ظل تجاهل القضية التهامية التي ظلت على مدى عقود مضت مستباحة للسطو والنهب لأراضيها وانتهاكات ابناءها دون ان يكون هناك من منصف لقضيتهم، لقد ظلت تهامة خصبة للنهب بدلاً من خصوبتها الزراعية والتي توصف بها انها سلة غذاء اليمن، لكنها لم تعد كذلك واصبحت سلة للنهب والانتهاكات ايضاً، وبحرها عرضة للقرصنة والجرف الجائر للبيئة البحرية الاكثر كرماً بدون أي مقابل، فقد جعل البحر الاحمر مسرحاً للجرائم المتتالية كل يوم من قبل سفن الصيد المصرية والصينية وغيرها وعرضة لانفجارات الديناميت لصيد الاسماك وجرفهم وعرضة لتمادي تلك السفن في الدخول لمياه الاقليمية وتدمير البيئة البحرية والشعاب المرجانية ,حيث يأوي الاسماك، التي هاجر العديد منها بسبب تلك الجرائم، فهل يحضر البحر في مؤتمر الحوار ليناقش قضيته؟؟!!


في ظل غياب ابنائها..


الحوثي كممثل وحيد لصعدة في الحوار
الاربعاء الماضي بعث ابناء صعدة برسائل واضحة الى مؤتمر الحوار الذي ما يزال يصر على تجاهل وجودهم بالجلوس على طاولته.
" الحوثي لا يمثل إلا نفسه" فحوى رسالة وجهها ملتقى أبناء صعدة إلى مؤتمر الحوار بحسب الدكتور عمر مجلي، الذي ما فتئ يؤكد أنهم ضد العنف والارهاب ومعلناً دعم ابناء صعدة للحوار الذي غيبهم.
وقال إن تمسك الحوثي بالسلاح وعدم انخراطه في اطار العمل السياسي والسلمي دليل على نواياه المبيتة تجاه الوطن، أما دخول هذه الجماعة في مؤتمر الحوار دون أن تضع البندقية من على كتفها، فهو أمر سيعمل على فضح الحوثيين كجماعة مسلحة.
" سيعري الحوثي نفسه" قال مجلي.
وجاءت تلك الرسالة من نفس المكان الذي حاول الحوثي في الـ 9 من ديسمبر الماضي ان يوجه رسالته ايضاً انه اصبح قوياً ويستطيع ممارسة طقوسه علناً ووسط العاصمة صنعاء، التي اصبحت مسرحا لشعاراته المصلوبة على الجدران والشوارع والازقة والمنازل حتى جدران المساجد ومنصات المرور وسط الشوارع، فكلها اصبحت "تصرخ" بتواطؤ من النظام السابق، ولا احد يستطيع الاقتراب منها او محاولة طمسها، حتى امانة العاصمة التي حينها اصدرت توجيهاً بازالة كل الشعارات من الشوارع والاسوار لانهال اتحمل ترخيصاً بذلك لكنها مالبثت ان تراجعت عن توجيهها ذاك في اليوم الثاني، بعدم التنفيذ، وهو الامر الذي يؤكد ان الحوثي بدا قوياً في ظهوره العلني الى لممارسة طقوسه في العاصمة صنعاء بمساندة من النظام السابق، الذي يستخدم الحوثي مرة اخرى كورقة للضغط على القوى السياسية واستمرار اعاقة المرحلة الانتقالية والحوار.
صباح الاربعاء الماضي كانت الصالة الرياضية على موعد مع أبناء صعدة في ملتقى جامع لكافة اطياف المجتمع الصعدي لمساندة القضية الصعدية بنسبة كبيرة في الحضور، وكانت رابطة ابناء صعدة وحرف سفيان والتكتلات المدنية المعبرة عن ابناء صعدة الذين يعيش أكثر من 130 الف منهم خارج المحافظة، في قائمة النازحين، يعلنون دعمهم للحوار الذي يصر على تجاهل قضيتهم بصلف.
وقال الدكتور عمر مجلي رئيس رابطة ابناء صعدة إن الرسالة الاساسية من عقد مؤتمرهم في الصالة الرياضية المغلقة موجهة للدولة ومؤتمر الحوار الوطني، للاهتمام بقضية صعدة ودعم الحوار فيما يحقق طموحات كافة اليمنيين.
وأضاف بلهجة قوية: " مازلنا حتى اللحظة منتظرين وعد الرئيس بتمثيل أبناء صعدة في الحوار بالحصة المخصصة له".
وتوقع مجلي حينها أن يتم إعلان اسماء ممثلي أبناء صعدة في الحوار عن وشك، وهو الامر الذي لم يحدث اللحظة، إلا انه عول على كل الاحزاب السياسية والقوى الوطنية تبني قضية صعدة التي يتم تجاهلها دوماً، من خلال ممثليهم في مؤتمر الحوار الوطني، لأنها قضية شائكة ومن القضايا الوطنية المعلقة، التي لاتهم أبناء صعدة فقط، بل اليمنيين جميعهم.

القضية الجنوبية مؤشر فشل الحوار
في الوقت الذي تقول اجندة الحوار ان القضية الجنوبية هي المحور الرئيسي على طاولة المؤتمر الذي بدأ اعماله بعد 48 ساعة فقط وان لها الأولوية والاهمية في نقاشات المشاركين على الطاولة، ما يزال وضع ممثلي القضية الجنوبية غامضاً في ظل تباين الرؤى والاختلافات حول المشاركة من عدمها، في الوقت الذي اعلن البعض من الحراكيين قبولهم بالمشاركة، الا ان مراقبون يرون ان اعلان اولئك قبولهم المشاركة لن يشكل فرقاً وسيعمل على اضعاف القضية في ظل غياب شخصيات مؤثرة وقوية من قيادات الحراك عن الطاولة المرتقبة.
ويرى المراقبون ان تمثيل القضية الجنوبية باشخاص بسيطين وليسوا مؤثرين أيضاً في ظل ذلك الغياب الطاغي لشخصيات ذات تاثير قوي سيضعف من اهمية الحوار وسيعمل على تعجيل بفشله على نحو سريع.

اليمن غير مهيأة للحوار

الصلاحي: نخشى أن ينتهى الحوار في اليوم الذي يبدأ فيه
يقول استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء, الدكتور/ فؤاد الصلاحي, بأن التخوف ليس من نتائج مؤتمر الحوار بل من عدم استمرار الحوار, وخشية أن ينتهي الحوار في اليوم الذي بدأ فيه, خاصة إذا لم يحسم الحوار خلال أيامه الأولى, القضية الجنوبية, كونها مفتاح الحل السياسي فيما بقية القضايا تأتي لاحقاً.
و رأى الصلاحي أنه إذا تم إقرار صيغة النظام السياسي وطبيعته وعلاقة المركز بالمحليات, سيكون هناك استمرار للحوار وأنه في حال تم إقرار رؤية أخرى وفإن مراكز قوى معينة ستكون مسيطرة وهنا يكمن التخوف وليس في النتائج التي ستأتي بعد 6 أشهر –حد قوله.
واشار الصلاحي إلى أن الدولة الفيدرالية ذات النظام البرلماني.. فكرة إذا تم الإقرار بها سيؤدي إلى خلق ثقة بين المتحاورين ومن ثم إلى القبول بإعادة النظر بمفهوم الوحدة وفق اعتماد دولة اتحادية.
وبحسب الصلاحي فإنه يتطلب في الأيام الأولى في مؤتمر الحوار الوطني إقرار الحفاظ على الدولة والوحدة بمنظور جديد "دولة اتحادية بنظام سياسي, برلماني على قاعدة فيدرالية أي متعدد الأقاليم, كما يرى استاذ العلوم السياسية.
وقال الصلاحي إنه إذا كان الناس لا يعرفون من هم المتحاورون فهم لا يعرفون على ماذا سيتحاورون متسائلاً: هل الحوار من أجل إنهاء العنف والصراع بين الأطراف على المبادرة. أم أن للحوار أجندة سياسية وطنية؟!
ويشدد أستاذ العلوم السياسية على أن يكون الحوار - خلال الشهر الأول - خاصاً بطبيعة الدولة اليمنية لإعادة الاعتبار للدولة وإكمال مؤسستها وأن تكون متسعة في التمثيل والمشاركة لكل أبناء اليمن, إذ أن هذه الدولة يجب أن تكون بمسار جديد تعتمد النظام البرلماني والإقليمي "دولة فيدرالية" وإلا فإنه لن يكون هناك اتفاق - حسب قوله.
وعرًف الصلاحي الحوار الوطني بأنه ذلك الذي يجسد مفهوم الوطن والدولة الوطنية وأولها إذا تم إقرار فكرة أو مفهوم أو مشروع بناء دولة وطنية ديمقراطية تقوم على نظام برلماني وقاعدة فيدرالية متعددة الأقاليم, هذا الأمر سيخرج اليمن من أزمة كبيرة وسيعيد الاعتبار للدولة والوحدة اليمنية.
وأشار الصلاحي إلى عدة اعتبارات أمام نجاح الحوار تمثل في أن المتحاورين لا يمثلون كل القوى والمكونات المدنية والاجتماعية والحزبية في اليمن, كما أن هناك سيطرة حقيقية من مراكز القوى على كل ترتيبات الحوار الوطني, كما أن الخطاب الطائفي والمذهبي والقبلي يأتي من مراكز القوى, إضافة إلى قوى إقليمية تدفع بجماعتها.
 ولفت الصلاحي إلى أن الحوار يشكل فرصة تاريخية لليمن المعاصر, فإما أن تخرج من الحوار بدولة وطنية ورؤية جديدة للنظام وإما أن تستمر الأزمات.
وشدد على أن يكون الحوار في أيامه الأولى حاسماً وحازماً تجاه تأسيس الدولة مدنية, على الأقل هذا هو الشعار والهدف الرئيسي لثورة 11 فبراير وهو الهدف الذي لا يمكن تحقيقه إلا بدولة تعتمد نظاماً برلمانياً وتعتمد الأقاليم ما سيسمح بتوسيع المشاركة السياسية لكل أبناء اليمن شمالاً وجنوباً – حسب قوله الدكتور الصلاحي.
من جهته حذر الباحث السياسي/ قادري أحمد حيدر من تمترس القوى السياسية والمكونات المشاركة بالحوار وراء المشاريع الصغيرة ذات الآفاق المذهبية والجهوية, معتبراً ذلك سيدخل اليمن في دوامة مفرغة وسيدفع الشعب ثمنها باهظاً.
وطالب حيدر جميع مكونات الحوار بأن تدخل المؤتمر بمنطق التنازلات وبعقلية ورؤية لا غالب ولا مغلوب" وأن يكون الالتفات للماضي كحافز لأن الوقوف أمام الماضي كثيراً سيجعل المستقبل ضبابياً – حد قوله.
وأكد الباحث السياسي على حضور جميع المكونات السياسية والوطنية في أفقها الوطني اليمني الشامل وفي مقدمتها الحراك الجنوبي بدون شروط وبدون سقف, مشيراً إلى انه خلال عملية الحوار ستتبلور الرؤى للوصول إلى سقف يوجد الجميع في إطار تسوية سياسية يمنية تاريخية.
وقال إن الانطلاق من قاعدة الحوار وفق رؤية تقر بشرعية الخلاف والتعدد والتنوع فإن اليمنيين سيصلون إلى وحدة حقيقية.
وأبدى حيدر تفاؤله بنتائج الحوار إذ أنه حتى وإن كانت هناك أبعاد طائفية وفئوية فإنها تأتي موازية لأبعاد وطنية في ذات المكون, وقال أنه يجب الاعتراف بالمكونات كما هي بما فيها ذات الأبعاد المذهبية إلا أن الباحث السياسي قادري حذر من أن تتحول الأبعاد المذهبية إلى طائفية سياسية, منوهاً إلى أن القاعدة الغالبة في التمثيل هي اتفاق سياسي وطني, مشيراً إلى أنه في حال غلب الطابع الوطني ستتراجع المشاريع ذات الاتفاق الجمهوري والطائفية.
وحذر في حال الاستمرار بعقلية التمترس والتخندق الأيدلوجي أو السياسي أو الجهوي وقال إن البلد لم تعد تتحمل أكثر مما احتمله, لافتاً إلى أنه يجري وضع اللمسات الأخيرة على النظام الداخلي لمؤتمر الحوار, وأن ثورة الشعب حولت الشارع اليمني كله إلى حالة ثورية ونقلت المجتمع إلى حالة شارع وهنا أصبح للحوار معنى أوسع واشمل بعد أن أسقط الناس كل التابوتات وكل المحرمات القديمة وكسرت حاجز الخوف وأصبح الناس ينطلقون في الحرية للمطالبة بحقوقهم أي أنهم انتقلوا إلى مرحلة جديدة.
وقال إن كثيراً من التجارب فشلت في الحوار, فالدول التي حدد لها "6" أشهر إلى سنتين ومن حدد لها سنة استغرقت 5 سنوات.
واستبعد قادري أن ينجز الحوار في الوقت المحدد له بـ 6 أشهر وقال إن تمديد الفترة الزمنية إذا كان نتيجة علاقات من داخل المكونات فأن ذلك سيكون له إثر سلبي على الحوار.
وقال إننا نعيش حالة دولة لا دولة, نظام لا نظام وقانون لا قانون وبالتالي هناك صعوبات عدة وعلى القوى اليمنية استشعار خطورة ما قد تؤول اليه الأمور, مستدركاً أن استغراق الحوار لـ 6 أشهر وبطريقة كلية وطبيعية, فهذا لا بأس به - حسب تعبيره.

الذيفاني: دخول الحوار تحت يافطة الفئات ينذر بقادم كارثي
أكد رئيس المجلس الأهلي بمحافظة تعز أن اليمن ماتزال غير مهيأة لدخول مرحلة الحوار الوطني وما يزال يتوجب عليها أن تهيئ نفسها أولاً كون للحوار متطلباته ويعول عليه الكثير في حل القضايا العالقة، هذا ما يؤكده الدكتور/ عبدالله الذيفاني رئيس مجلس تعز الاهلي.
وقال بأن الأيام القليلة المتبقية ـ والتي تفصلنا عن موعد انعقاد الحوار ـ ليست كافية، واستدرك: في حال توفرت الإرادة والحزم والقفز على التخوفات التي تعيق المضي قدماً ـ يمكن للقوى السياسية لتهيئة الحوار.
ولفت إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي هو من يعمل فرملة للخطوات نحو الحوار.. ومعالجة الأمور بدبلوماسية شديدة في الوقت الذي يفترض أن تحسم الأمور بشكل سريع تجاه الحوار ـ حسب تعبيره.
وفسر الذيفاني تصريحه ـ الذي اعتبر فيه دخول الحوار بمكونات سياسية واجتماعية ومذهبية سيشكل مخاطر على مستقبل اليمن التي تسير في هذا الاتجاه ـ فسر ذلك بأن اليمن بحاجة لحوار قضايا وليس حوار جهات كون المسألة أضرت كثيراً بالعراق ولبنان وعدد من الدول سواء على الساحة العربية أو العالمية، لافتاً إلى أن اليمن تعاني من غياب الدولة.
وقال: ليس لدينا دولة بالمعنى المتعارف عليه ويجب أن نؤسسها بمفاهيم تتجاوز التخوفات والحسابات الضيقة.
وأكد أن القوى إذا دخلت الحوار بقوائم واهتمامات الفئات فإن مؤتمر الحوار سيتحول لتلبية مطالب هذه الفئات، فيما الشعب اليمني ينشد المواطنة المتساوية، موضحاً أنه ينبغي أن يهتم الحوار بكيفية الاتفاق وبناء الدولة المدنية وكيفية توفير الأسس وتشكيل الإطار لهذه الدولة.
وقال: إن ترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية سيلبي مطالب كل الفئات ويعالج كافة القضايا العالقة، مشيراً إلى مبدأ المشاركة في القرار والإدارة وصناعة التحولات والذي يشكو الكثير من عدم وجوده وقال إنه في ظل دولة شراكة وطنية ستذهب كل هذه الشكاوى كون اليمن تفتقد للإدارة.
وبحسب الذيفاني فإن الثورة السلمية لم تقم من أجل الخصومة مع وطن، حتى نجزئه ونمزقه ونذهب بعيداً بل قامت من أجل دولة مدنية حديثة بمفاهيمها وأسسها، متسائلاً: فلماذا نداري النزعات التي تأتي من مسافات بعيدة لكي تحولنا من مجتمع متماسك إلى مجتمع فئوي، طائفي، مذهبي، نتقاتل عن أمور ما أنزل الله بها من سلطان ـ حسب تعبيره.
وقال الذيفاني: إذا كان الكل يدعي وصلاً بهذا الوطن ويخاف عليه فعلى القوى اليمنية أن تتبارى من منها يقدم أفضل لهذا الوطن، وكل الصور البائسة والسلبية والأمور التي مزقت الأفكار والقلوب يجب أن تتجه جميعها نحو دولة تحقق المساواة والشراكة وسيادة القانون وتفرض المؤسسية، معتبراً ذلك ضامناً حقيقياً لكافة الحقوق بمختلف مسمياتها ولكافة الواجبات بكل معانيها وولائها، مشيراً إلى أن الكل خرج للمشاركة في الحوار تحت يافطة الفئات وكل فئة لديها مشروع، فيما ليس للثورة سوى مشروع واحد هو الدولة المدنية الحديثة، داعياً كافة القوى إلى التنازل عن المصالح الضيقة والارتقاء بخطابها وقناعاتها إلى مستوى الوطن الذي هو الأغلى من كل الأحزاب والقوى والمشاريع الضيقة.
وأشار إلى أنه يجب طرح كل المشكلات والقضايا ومعالجتها بدولة وإدارة فالجميع ليس في خصومة مع الوطن، مشدداً على ضرورة الخروج من الحوار بدولة ضامنة لكل اليمنيين، دولة مدنية حديثة دولة المؤسسات.
ولفت إلى ضرورة تنفيذ النقاط العشرين حتى يشعر الناس بأن الخطوات جادة نحو حوار يخرج البلد من وضعه ويفضي إلى دولة مدنية حديثة.
ويرى الذيفاني أن اللجنة الفنية للحوار لم تكن موفقة في آلية الاختيار، داعياً إلى أن تتجه كل الجهود في الحوار نحو دولة مدنية حديثة وبدون هذه المسألة فإن الأمر ليس سوى تكراراً جديداً لما حدث في 94م، حيث ـ رغم الوصول لوثيقة أسست للدولة المنشودة ـ إلا أن القتال اندلع لأن مراكز القوى كانت تحتفظ بالقوة والمال والإعلام، محذراً أنه في حال تكرر سيناريو 94م، فإن الأمر يكون أكثر كارثية حيث ستكون المواجهات في المدن والإرياف وفي كل ربوع الوطن وليس في بين جيشين نظاميين كما كان إبان حرب 94م.
وقال: على الناس أن يدركوا أن الكارثة ستحل بالوطن دون تمييز وسيدفع ثمنها البسطاء والمتطلعون لمستقبل أفضل والمتاجرون بالدماء والسلاح ربما ينفذون بجلدهم، كون المجتمع الدولي لا يهمه كم سيذهب من أبناء اليمن بل كل ما يهمه أن تحفظ ومصالحه ويضمن النفوذ الذي يريده.
 


الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد